حفلت مسيرة طوني جريج أو “الكابتن جريج” الكروية بالإنجازات الكثيرة والألقاب الشخصية التي لا تعدّ ولا تحصى، فاعتبر واحداً من أفضل لاعبي خط الوسط المهاجمين الذين مرّوا بتاريخ كرة القدم المحلية في السبعينات والثمانينات.
صانع أهداف ذكي، ومسجّلها في كثير من الأوقات، مراوغ من الطراز النادر، حتى إنّ صيته وشهرته تخطيا حدود لبنان. لكنّ ظروف الحرب القاهرة منعته من تحقيق أحلامه. وبدون أدنى شك، كان جريج لاعباً مهارياً يتمتع بمقومات صانع الألعاب والهدّاف في آن واحد.
يقول جريج لـ”أساس” إنّه لم يحصل على فرصته كاملة في زمن أنهكته معارك الحرب الأهلية، وقضت على آمال جيل كامل كان يعجّ بالمواهب الكروية النادرة.
واعتبر جريج أنّ الراسينغ كان منتخباً كاملاً في فريق، لا سيما أنّه كان يضمّ نخبة من النجوم في مختلف المراكز. وكان اللعب مع الراسينغ حلماً بالنسبة لكثير من اللاعبين اللبنانيين.
حفلت مسيرة طوني جريج أو “الكابتن جريج” الكروية بالإنجازات الكثيرة والألقاب الشخصية التي لا تعدّ ولا تحصى
ويعتبر “الكابتن” أنّ كرة القدم اللبنانية تراجعت كثيراً على الرغم من انتهاء الحرب، واستقرار الوضع الأمني، لأنّ الأزمات الاقتصادية والحياتية أثّرت بشكل سلبي في الاهتمامات الرياضية بحيث أضحت في آخر سلّم أولويات الدولة والمسؤولين.
يقول إنّ الراسينغ كان يملك جمهوراً عريضاً من كافة شرائح الوطن، ولم يكن فريق منطقة معيّنة: “كنّا نمتلك لاعبين من عكار إلى الجنوب والبقاع بالإضافة إلى نتائج حفّزت الجماهير لمتابعة مبارياتنا خصوصاً في ظلّ الصراع التقليدي مع النجمة الذي كان يشكّل بدوره عصباً لكرة القدم اللبنانية في أيام استمتع بها جمهور الكرة المحلي على الرغم من قساوتها ومن خوض المباريات تحت أزيز الرصاص والقذائف في بعض الأحيان”.
الفضل الأكبر في إنجازات ونجاح الراسينغ بالنسبة له يعود إلى العرّاب التاريخي جوزف أبو مراد الذي شكّل مع غابي مراد وإيلي كوبلي “ثالوثاً ديناميكياً” ونادرا على مستوى الإدارة الرياضية في لبنان.
ويلفت جريج إلى أنّه لم يترك ولم يهجر كرة القدم بل هو يعمل كمدرّب لأكثر من 200 تلميذ في مدرسة “المون لاسال” الكروية منذ 2010، وأنّ نجله فادي يلعب أيضاً ضمن فريق جونية لكرة الصالات، وقدّم مستويات جيدة خلال مباريات كاس لبنان الأخيرة حيث حاز فريقه على المركز الثاني.
يعتبر جريج أنّ عام 1979 كان من أبرز محطات مسيرته، حين شارك مع المنتخب في تصفيات كأس آسيا في أبو ظبي، واختير كأفضل لاعب وسط مهاجم على الرغم من انسحاب لبنان أمام سوريا، بعدما ألغى الحكم هدف طوني رستم بلا مبرّر. ويومها اضطربت الأجواء في المدينة التي أغلقتها السلطات الإماراتية لمدة ثلاثة أيام خوفًا من اصطدام الجاليتين السورية واللبنانية. ويذكر جريج أنّ المدرّب الإنكليزي الشهير دون ريفي، الذي كان يُشرف على المنتخب الإماراتي، نصحه بالانتقال إلى صفوف فريق “النصر دبي”، لكنّ إدارة الراسينغ رفضت منحه كتاب الاستغناء.
يلفت جريج إلى أنّه لم يترك ولم يهجر كرة القدم بل هو يعمل كمدرّب لأكثر من 200 تلميذ في مدرسة “المون لاسال” الكروية منذ 2010
برأيه أنّ أحد الأسباب الحقيقية لتراجع نادي الراسينغ اليوم، هو عدم وجود ملعب خاص بالنادي، ما يضطرّه للتنقل من ملعب إلىآخر من أجل القيام بالتمارين اليومية.
ينصح جريج المسؤولين الحاليين عن النادي “أن يهتمّوا بقطاع الفئات العمرية، وأن يعتمد النادي في المستقبل على أبنائه. وهذا أمر يحتاج لدراسة وتخطيط سليم كي يأتي التطبيق على قدر آمال طموحات جمهور “القلعة البيضاء” الذي يتوق لاستعادة النادي لأمجاده وعهده الذهبي”.
إقرأ أيضاً: أبو طالب لـ”أساس”: كرة القدم اللبنانية انتهت
لقب بطولة الدوري اللبناني لموسم 2020-2021 سينحصر بين الأنصار أو النجمة أو العهد، كما يرى “الكابتن”، من دون إغفال الدور الذي يؤدّيه فريقا شباب الساحل والإخاء: “فهما فريقان مكافحان، وبإمكانهما لعب دور بارز في تحديد مسار حامل اللقب”.
لمع جريج في سنّ مبكّرة ب منطقة سن الفيل، وسرعان ما لفت الأنظار بمهاراته وفنياته العالية، لينضمّ بعدها رسمياً العام 1970 إلى نادي الاستقلال، وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره. فخاض أوّل مباراة رسمية أمام الأنصار على ملعب بيروت. وبعد موسمَين، انتقل إلى نادي الراسينغ واستمر معه حتى اعتزاله العام 1990، لكنّه عاد عنه بعد سنتين ليلعب تحت إدارة فريق الاستقلال مجدّداً بطلب من زوجته فاطمة، لاعبة المنتخب الوطني لكرة السلة.
دافع جريج عن ألوان المنتخب لسنواتٍ طويلة، وتسلّم شارة القائد مراراً، كما حملها لأكثر من 10 سنوات مع الراسينغ.
مباريات كثيرة لا تزال عالقة في ذاكرة جريج، أبرزها فوز الراسينغ على نادي “ستيوا بوخارست”، بطل أوروبا ورومانيا، بهدفين حملا توقيعه، كذلك المباراة المهمة أمام منتخب البرازيل الأولمبي على ملعب برج حمود.