طلب “مشبوه” عن تحويلات “مشبوهة”

مدة القراءة 3 د


وجّه النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أمس، طلب “مساعدة قضائية” إلى القضاء السويسري وهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، لإيداعه معلومات عن صحّة إجراء تحويلات مصرفية مالية “مشبوهة” من لبنان إلى الخارج قام بها سياسيون في الآونة الأخيرة.

إستعمال عويدات لمصطلح “مشبوهة” خلق “شُبهة” حول فعالية الطلب نفسه. مصدر مصرفي رفيع قال لموقع “أساس” إنّ القاضي عويدات “فتح ثغرة كبيرة للمصارف قد تستخدمها بحنكة للتهرّب من طلبه”. إضافة مصطلح “مشبوهة” إلى الطلب يحرّر المصارف من تقديم أي معلومة، لأنّ طلبه بذلك يكون غير واضح ولا منطقي: “فهل يُسلّم أي مصرف لبناني أو سويسري رقبته للقضاء من خلال الاعتراف الضمني بأنّه قام بعملية مشبوهة مخالفة للقانون؟”.

وبعد اعتبار المصدر أنّ مصطلح مشبوهة “نزع الطبخة كلها”، أكّد أنه كان يُفترض بالقاضي عويدات المطالبة بجداول التحويلات التي نُفّذت داخل المصارف العاملة في لبنان من الفترة كذا إلى الفترة كذا، أو تحديد اليوم على سبيل المثال، لمعرفة حجم هذه التحويلات من دون “تعطيرها” بمصطلح “مشبوهة” لأنّه لم يتهم أحداً حتّى يحدّد إن كانت “مشبوهة” أو “غير مشبوهة”. كما أنّ الاستنتاجات المتداولة في الاعلام تطرح المزيد من الشكوك حول النوايا الجدية في الوصول إلى الحقيقة، لأنّ “التحويلات المالية غير مشبوهة ولا يحظرها القانون” هو كلام غير دقيق، خصوصاً إذا كانت المبالغ كبيرة وتخصّ سياسيين مصنفين PEP أو اشخاص معرضين للملاحقة سياسياً (Politically exposed person).   

كّل سياسي يقوم بتحويل أموال إلى الخارج لا تتناسب مع حجم دخله “الرسمي” هي محطّ شبهة، أكانت العملية التحويل سليمة أو غير سليمة، بخلاف ما يحاول الاعلام الإيحاء به.

على ما يبدو، فإنّ المصارف لن تجيب على هذا الطلب لأنّه إدانة صريحة لها بالتواطؤ مع “مشبوهين”. كما أنّ طلب عويدات “سيعطي انطباعاً للخارج بعدم جدية السلطات القضائية اللبنانية في إجراء أي عمليّة إصلاح أو مكافحة فساد”.

أوساط هيئة الرقابة على المصارف ذكرت في حديث لـ”أساس”، أنّ الشبهة “ليست بالتحويلات عادة وإنّما في مصدر هذه الأموال. المصارف المحلية يُفترض أن تبلّغ هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان إذا لاحظت أمراً غير طبيعي”، معتبراً أنّه “لا يجوز كسر السرية المصرفية من خلال طلب معرفة الأسماء المحوّلين”. معلومات الأوساط لم تسعفها كثيراً في الدفاع عن هذه الفكرة للسبب نفسه، وهو أنّ المصرف لن يدين نفسه باعترافه أن الحساب مشبوه وأنّه سكت عنه عمداً طوال هذه المدة، أو لم يعطِ المعلومات المتعلقة به إلى “هيئة التحقيق” إلا عندما وصله طلب القاضي عويدات.

كان على القاضي عويدات الامتناع عن إطلاق حكم مسبق قبل التحقيق، من خلال إرفاق طلبه بمصطلح “مشبوهة”. كان يكفي أن يطلب عويدات من المصارف إخبار لجنة التحقيق الخاصة بعدد تحويلات الدولار الى الخارج، ضمن مدة زمنية محددة، وحجمها ووجهتها من دون الكشف عن أصحابها بصورة أولية، وهذا لا يُعدّ خرقاً للسرية المصرفية، لأن الهيئة مخوّلة بذلك ضمن القانون. وبعدها يمكن أن يتوسّع في التحقيق إذا لاحظ حركة تحويلات “مشبوهة”.

مواضيع ذات صلة

إسرائيل تضرب حيّ السّلّم للمرّة الأولى: هل تستعيده الدّولة؟

بقي حيّ السلّم على “العتبة”، كما وصفه عالم الاجتماع وضّاح شرارة ذات مرّة في كتابه “دولة حزب الله”. فلا هو خرج من مجتمع الأهل كليّاً…

أمن الحزب: حرب معلومات تُترجم باغتيالات (2/2)

لا يوجد رقم رسمي لمجموع شهداء الحزب في حرب تموز 2006، لكن بحسب إعلان نعي الشهداء بشكل متتالٍ فقد تجاوز عددهم 300 شهيد، واليوم بحسب…

أمن الحزب: ما هو الخرق الذي سهّل مقتل العاروري؟ (2/1)

سلسلة من الاغتيالات طالت قيادات من الحزب وحركة حماس منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على وجه التحديد توّجت باغتيالين كبيرين. الأوّل اغتيال نائب رئيس…

النزوح السوريّ (3): النظام لا يريد أبناءه

12 سنة مرّت على وصول أوّل نازح سوري قادم من تلكلخ إلى عكار في لبنان. يومها اعتقدت الدولة اللبنانية أنّها أزمة أشهر، أو سنة كأبعد…