صمت داخل الجيش: قهوجي وفاضل وخميس إلى التحقيق

2020-08-24

صمت داخل الجيش: قهوجي وفاضل وخميس إلى التحقيق


تتشابك المسؤوليات بشكل كبير على أرض المرفأ في سياق التحقيق المفتوح في تفجير مرفأ بيروت لمحاسبة المقصّرين والمهملين… وربما المخرّبين. وهذه الفرضية الأخيرة، وفق تأكيدات مصادر أمنية موثوقة، يرجّح حتّى الآن عدم صحّتها بحيث تقتصر المسؤوليات على “الإهمال المريع”.

في المقابل، هي المرّة الأولى منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 التي توضع فيها مسؤوليات الأجهزة الأمنية دفعة واحدة على الطاولة!

إقرأ أيضاً: جديد التحقيق (2): الطيران الاسرائيلي على بعد 26 ميلاً من الانفجار؟

لكن بسبب أكثر من معطى سياسي ومن ضمن سياق ما يتعرّض له الجيش مؤخراً رصدت محاولات للتركيز على دوره ووضعه في دائرة الاتهام بتجاهله لخطورة مواد نيترات الأمونيوم، والتصرّف على أساس أنّها “بضاعة غير خطرة”. وهنا تؤكّد المعلومات أن هناك فوارق في التقارير التي أعدّت من قبل مديرية المخابرات من جهة، وبين شعبة المعلومات من جهة أخرى، في تحديد المسؤوليات خصوصاً بشقّها الأمني. وخلاصة هذه التقارير، باتت اليوم بعهدة المحقّق العدلي. 

اليوم بحكم حالة الطوارئ المعلنة في بيروت يخضع الدخول والخروج إلى المرفأ بالكامل لسلطة الجيش. كما يشمل عمل الجيش، وفق المطلعين، إعادة العمل تدريجاً في بعض أقسام المرفأ

المواكبون لمسار التحقيق، يتكئون على قانون تنظيم المرافئ الذي يفرض على الجيش وضع يده على المواد الخطرة، وبأنّ نيترات الأمونيوم من المواد المتفجّرة التي تخضع لرقابة الجيش عند دخولها الى لبنان.

وفيما كان لافتاً منذ حصول الانفجار وتوالي الحديث عن مسؤولية الأجهزة الأمنية والعسكرية عدم صدور أيّ بيان رسمي عن قيادة الجيش، تشير مصادر عسكرية إلى أنّ “الأمر متروك للجنة التحقيق والتحقيق القضائي، ونحن ننتظر النتائج. مع العلم أنّ الجيش سبق له مع تفريغ الباخرة أن كشف على العنبر رقم 12، وأعدّ التقارير، ورفعها إلى الجهات المعنيّة، كما طلب تحليل عيّنات منها”. وتشير المصادر إلى أنّ “الشرطة العسكرية تولّت التحقيقات الأوّلية التي هي اليوم بعهدة المحقّق العدلي”.

واليوم بحكم حالة الطوارئ المعلنة في بيروت يخضع الدخول والخروج إلى المرفأ بالكامل لسلطة الجيش. كما يشمل عمل الجيش، وفق المطلعين، إعادة العمل تدريجاً في بعض أقسام المرفأ. وهي مهمّة ستستغرق وقتاً طويلاً بسبب الدمار الشامل الذي لحق بمساحة كبيرة منه.

العميد طوني سلوم رئيس مكتب مديرية المخابرات في المرفأ، لا يزال يتلقّى العلاج من جراء الإصابات التي تعرّض لها يوم الانفجار، والذي أدّى أيضاً إلى اصابة مرافقه اصابة بالغة حيث لا يزال في العناية الفائقة. ووفق المعلومات، كان سلّوم قد غادر مكتبه في المرفأ بعد الظهر، ومع وصوله إلى منطقة الجميزة علم بأمر الحريق، فعاد أدراجه ليستطلع الوضع ما أدّى إلى إصابته مع حصول الانفجار الكبير. وهو اليوم من ضمن لائحة المُدّعى عليهم من قبل المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، إضافة إلى ضباط وعسكريين من كافة الأجهزة، وسيمثل قريباً أمام المحقّق العدلي لأخذ إفادته.

مع العلم أنّ أوساط أمن الدولة تشير إلى أنّها أبلغت العميد سلّوم بمضمون التحقيق الذي فتح في القضية في بداية شهر حزيران الفائت بناءً على إشارة القاضي عويدات، تماماً كما تمّ إبلاغ باقي الأجهزة الأمنية وإفادة المجلس الأعلى للدفاع. وفي إفادته، يقول مسؤول مكتب أمن الدولة في المرفأ الرائد جوزف النداف أنّه حين تواصل مع العميد سلوم، طلب منه الأخير العودة إلى رئيس المانيفيست نعمة البراكس (الموقوف حالياً).

هذه المواد كانت من صلاحية الجمارك وعليها إشارة قضائية، فيما تقتصر مهمّة الجيش على مراقبة دخول وخروج البضائع من المعابر والموانئ، والتأكّد من عدم وجود مواد مهرّبة أو ممنوعة. ومواد نيترات الأمونيوم ليست أيّ دولة ممنوعة من إدخالها

صمتٌ تام في المؤسسة العسكرية حيال التحقيقات ونتائجها المحتملة. لكن ثمّة تسريبات عن احتمال استدعاء المحقّق العدلي ضباطاً كبار أُحيلوا إلى التقاعد لأخذ إفادتهم كشهود أمام المحقّق العدلي من ضمنهم قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، ومدير المخابرات السابق العميد إدمون فاضل، ومدير المخابرات السباق العميد كميل ضاهر، ورئيس فرع مخابرات بيروت العميد السابق جورج خميس الذي كان المرفأ آنذاك ضمن صلاحياته. ثم عاد وسُحِب ملف المرفأ منه، وربط مباشرة بمديرية المخابرات قبل وقت من إحالته الى التقاعد.

ويقول مطلعون على موقف الجيش إنّ “هذه المواد كانت من صلاحية الجمارك وعليها إشارة قضائية، فيما تقتصر مهمّة الجيش على مراقبة دخول وخروج البضائع من المعابر والموانئ، والتأكّد من عدم وجود مواد مهرّبة أو ممنوعة. ومواد نيترات الأمونيوم ليست أيّ دولة ممنوعة من إدخالها”.

ويشير المطلعون إلى أنّ حدود دور الجيش يتركّز على مرحلتين: الأولى من خلال ردّ رئيس أركان الجيش السابق اللواء وليد سلمان، بالنيابة عن قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، على مراسلة للمدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي في نيسان 2016 تحت عنوان: “إبداء الرأي حول الحاجة لمادة نيترات الأمونيوم”، جاء فيه بأنّ “قيادة الجيش تحيطكم علماً بأنها ليست بحاجة لكمية نيترات الأمونيوم كمية 2755.5 طناُ الموجودة داخل العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، التي تحتوي نسبة 34.7 بالمئة من الآزوت (النيتروجين)، ويمكن التواصل مع الشركة اللبنانية للمتفجرات – مجيد الشماس، لتبيان إمكانية الإستفادة من المادة المذكورة. وفي حال عدم رغبتها بذلك، إعادة تصديرها إلى بلد المنشأ، وعلى نفقة مستورديها”.

والمرحلة الثانية في حزيران الماضي حين أُعلِم القاضي عويدات بقضية العنبر رقم 12 طالباً فتح تحقيق ومقترحاً وضع نيترات الأمونيوم بعهدة الجيش، فكرّر الأخير موقفه لجهة عدم حاجته لهذه المواد وصعوبة تلفها بسبب كميتها الكبيرة مقترحاً إعادة تصديرها.

وقد سبق هذه الوثيقة توجيه شفيق مرعي لوزارة الدفاع كتاباً مرفقاً بتقرير للخبيرة الكيميائية في مكنب البحوث الصناعية ميراي مكرزل تقول فيه الأخيرة إنّه “لم يتمّ عدّ الأكياس بسبب وضعها بصورة غير منظّمة”، وأنّ “عددها وفقاً لبوليصة الشحن، هو 2750 كيساً، منها 1950 كيساً ممزّقاً، وفق قسيمة الإدخال”، وأنّ “هذه المادة تستعمل كأسمدة، ومن الممكن استعمالها في صناعة المتفجرات”.

كما أشار الكتاب إلى أنه “إذا كانت المادة الموجودة داخل الأكياس غير الممزّقة صالحة للاستعمال، إذ تبقى صالحة إن لم تمتصّ رطوبة، وبهدف التأكد من ذلك، يجب إعادة فحصها، إلا أنّ الجهة المستدعية رفضت ذلك (الجمارك)”. واستخلصت أنّ “المواد الموجودة في الاكياس الممزّقة، يجب التخلّص منها وفقاً للأنظمة المتعلّقة بالرقابة البيئية المحلية”.

 

مواضيع ذات صلة

لا حرب… ولا سقف لقواعد الاشتباك!

بعد 24 ساعة بالتمام والكمال ردّ العدو الإسرائيلي على الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله الذي رفع السقف عالياً في خطابه الأول بعد مجزرتّي…

حدثان مرتقبان: زيارة لودريان ولقاء الخماسية في نيويورك

حدثان مهمّان يترقبهما لبنان الأسبوع المقبل، بعد هجوم غير  تقليدي وغير مسبوق استهدف جهاز اتصالات الحزب، وقع ضحيته ما يقارب الـ 4000 شخص ما بين…

لبنان بالخيار: حرب مفتوحة أم فصل المسارات؟

هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت. في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ…

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…