سباق بين سقوط الحكومة وسقوط “الخلوي”!

مدة القراءة 4 د


ماذا يحصل في قطاع الخلوي؟ كيف أضحى هذا القطاع الذي كان يبيض ذهباً، هيكلاً مهدّداً بالسقوط؟ كل ذلك بين ليلة وضحاها.

كان يفترض أن يكون استرداد الإدارة من جانب الدولة بعد انتهاء عقديّ “زين” و”أوراسكوم” فرصة لإثبات قدرات الدولة على أن تكون مديراً جيداً. خصوصاً أنّ العاملين في هذا القطاع يجزمون أنّ وجود شركتين مشغّلتين على رأس “ألفا” و”تاش” ليس سوى واجهة يقودها عدد محدّد من الموظفين التابعين لهاتين الشركتين، بينما الفعل هو لموظفين تابعين للشركتين من اللبنانيين، أي “الفا” و”تاتش”. وبالتالي فانتقال الادارة إلى الدولة، لم يكن ليشكل تحدياً صعباً أو مستحيلاً… إلا اذا كان ثمة قطبة مخفية. وهذا ما تبيّنه التطوّرات.

إقرأ أيضاً: وزراء في حكومة دياب: “هيك ما فينا نكمّل”

في الرابع من حزيران الماضي وجّه وزير الاتصالات طلال حواط كتاباً خطياً إلى شركتي “زين” و”أوراسكوم” يطلب على نحوٍ رسمي  تسليم المستندات لبدء إجراءات التسليم والتسلّم التي كان يفترض أن تستمر أسبوعين، تتحوّل بعدهما الدولة بواسطة مجلسي إدارة جديدين، إلى المدير الجديد للشركتين. وفي الخامس من حزيران سمّي مجلسي الإدارة الجديدين، وكان يجب أن تبادر “زين” و”أوراسكوم” إلى دعوة الجمعيات العمومية للمصادقة على التعيين وتفويض مجلسي الإدارة الجديدين الصلاحيات.

وها هو شهر يمرّ فيما الأمور لا تزال على حالها. لا بل تقول المعلومات إنّ وزير الاتصالات انتظر أسابيع قبل تعيين لجنة التسليم والتسلّم. وفي الأول من تموز الجاري سمّى لجنة أوكل اليها مهمة إتمام إجراءات التسلّم والتسليم وتضمّ المهندس ناجي عبود، المحامي إلياس شديد، المحامية نسرين حرب، المهندس خالد مواس، المهندس مازن عسيران، والعميد جوزيف نصار.

تضيف المعلومات أنّ الموظفين في ألفا” و”تاتش” أنهوا تحضير كلّ الوثائق التي يفترض أن تستلمها هذه اللجنة وينتظر أن تنتهي شركة التدقيق من عملها يوم الاثنين المقبل ليكون كلّ شيء جاهزاً على الطاولة لإنهاء مرحلة التسليم والتسلم.

ثمة قطبة مخفية وهذا ما تبيّنه التطوّرات

حسناً: كلّ الأمور جيدة حتى الآن ولو أنّ هذه المماطلة غير مفهومة من جانب كبار الموظفين الذين يقولون إنّ هذه الإجراءات كان يفترض أن تنتهي بعد أسبوعين فقط من إعلان الوزير قرار الاسترداد، والذي صار عمره أكثر من شهرين!

المفاجأة – الصاعقة وقعت يوم الجمعة الماضية، أي قبل يومين. كان من المقرّر أن تعقد شركة “ألفا” جمعيتها العمومية لمصادقة تعيين أعضاء مجلس الوزراء الذي سمّاهم وزير الاتصالات وتفويض المجلس الجديد صلاحية التوقيع لإنهاء مرحلة الشغور الإداري الذي أدخل القطاع في مرحلة “الهرهرة”. ما دفع إلى نقل غالونات الفيول من محطة إرسال إلى آخرى… إلا أنّ جلسة الجمعية العمومية طارت، كما طارت قبلها بساعات الجمعية العمومية الاستثنائية التي كانت “تاتش” ستعقدها يوم الخميس!

تقول المعلومات إنّ موعد الجمعية العمومية لـ”ألفا” كان صباحاً إلا أنّ “بنك فرنسبنك” المساهم الأكبر في الشركة لم يحضر الجلسة، فحصلت تدخلات لإقناع المصرف بالحضور، فتمّ تأجيل الجلسة إلى ما بعد الظهر، وتحديداً عند الخامسة عصراً، والتأمت الجمعية لمدّة خمس دقائق وسرعان ما طار نصاب الاجتماع سريعاً لأسباب لم تُعرف بعد.

لا بل أكثر من ذلك، سُئل أحد المعينين في مجلس الإدارة عن مصير الجلسة، فنفى علمه بما حصل مؤكدا أنّه لم يتمّ تبليغه بأنّه تمّت المصادقة على تعيينه.

ماذا يعني هذا السيناريو؟

يقول كبار الموظفني إنّ ما كان يتردّد في شركة “ألفا” عن نية أحد كبار موظفي “أوراسكوم” تعطيل النصاب لكسب مزيد من الوقت، أخذت طريقها للتنفيذ.

المماطلة غير مفهومة من جانب كبار الموظفين الذين يقولون إنّ هذه الإجراءات كان يفترض أن تنتهي بعد أسبوعين فقط من إعلان الوزير قرار الاسترداد

بالنتيجة، ستكسب “أوراسكوم” مزيداً من الوقت وتحديداً حوالي شهر من الزمن لكي تحدّد موعداً جديداً للجمعية، كونها ستلتزم القانون في توجيه الدعوة قبل عشرين يوماً من موعدها… على أن يخلق الله ما لا يعلمون بعد هذا الوقت. بينما حدّدت “زين” موعد السابع والعشرين من تموز موعداً لجمعيتها العمومية.

النقطة العالقة تكمن إلى الآن في إصرار “زين” و”اورسكوم” على الحصول على براءات ذمة قبل مغادرتهما لبنان رغم كلّ الفضائح التي أثيرت خلال السنوات الماضية في إدارة القطاع.

فهل ستحقّق أمنيات البعض بسقوط الحكومة قبل مغادرة “زين” و”أوراسكوم”؟

مواضيع ذات صلة

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…

استراتيجية متماسكة لضمان الاستقرار النّقديّ (2/2)

مع انتقالنا إلى بناء إطار موحّد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سنستعرض الإصلاحات الهيكلية التي تتطلّبها البيئة التنظيمية المجزّأة في لبنان. إنّ توحيد الجهود وتحسين…

الإصلاحات الماليّة الضروريّة للخروج من الخراب (1/2)

مع إقتراب لبنان من وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة الملحّة إلى إنشاء إطار متين وفعّال للامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تواجه البلاد لحظة محورية،…

لبنان “البريكس” ليس حلاً.. (2/2)

على الرغم من الفوائد المحتملة للشراكة مع بريكس، تواجه هذه المسارات عدداً من التحدّيات التي تستوجب دراسة معمّقة. من التحديات المالية إلى القيود السياسية، يجد…