840 مصنعاً مسجّلاً ومنتسباً إلى “جمعية الصناعيين” في لبنان. لكن الإحصاءات تشير إلى أكثر من 5500 مصنع توظّف 195 ألف عامل. مجموع إنتاجها يقدّر بـ13 مليار دولار، ويحتاج القطاع إلى مواد أوّلية بـ3 مليار دولار سنوياً لتصنيعها، ويصدّر منها ما قيمته 3 مليارات، فيما يستهلك اللبنانيون ما قيمته 10 مليارات.
قبل أيام، أفرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن 100 مليون دولار، من أموال الصناعيين في المصارف، للسماح لهم باستيراد مواد أوّلية ضرورية لصناعاتهم. لكنّها لا تكفي أكثر من 15 يوماً، بحسب رئيس “جمعية الصناعيين” الدكتور فادي الجميّل، الذي يأمل ويثق في “قدرة وزارة الصناعة على إنشاء آلية شفّافة وعادلة لتوزيع المبلغ بطريقة عادلة”.
إقرأ أيضاً: لحماية الزراعة والصناعة: تثبيت سعر الصرف أيّاً كان
بالطبع 100 مليون دولار هو مبلغ غير كافٍ، على الإطلاق، لكنّه يسدّ رمقاً صغيراً، وسيحرّك قليلاً عجلة الإنتاج لبعض الوقت. فقلّة قليلة فقط من الصناعيين استطاعت تأمين عائدات بالعملات الأجنبية، نقداً (Fresh money) من خلال تصدير بضائعهم إلى الخارج في الأشهر الأخيرة. أما الآخرون فتوجّهوا إلى سوق الصيرفة، بحسب الجميّل، ليشتروا دولارات وصلت قيمتها إلى أكثر من 4 آلاف ليرة.
هذا “الإفراج” هو حصيلة جولات وصولات من الصناعيين على سياسيين وحاكم مصرف لبنان، فكانت النتجية في تعميم رقمه 13228/2020، الذي سمح بتوفير دولارات تعادل 90 في المئة من قيمة المواد الأوّلية الصناعية المستوردة. هذا بعد امتناع المصارف اللبنانية عن تحويل أيّ مبالغ إلى الخارج من أموال الصناعيين، لشراء المواد الأوّلية، ما شكّل عائقاً كبيراً وعمّق الازمة لدى الصناعيين.
لاقت هذه الخطوة أصداء إيجابية لدى جميعة الصناعيين، عبّر عنها الجميل في حديث لـ”أساس”، مكرّراً أنّ “المبلغ صغير ولا يكفي لسدّ حاجات الصناعة الوطنية لفترة تزيد عن 15 يوماً، لكنّه رسالة إيجابية من الدولة مع مطالبنا، ومدخلاً لصندوق الأوكسيجين الذي تعمل على صناعته جمعية الصناعيين، بالتعاون مع مصرف لبنان، ويتوقّع أن يشكّل حلّاً مستداماً عبر تأمين 600 إلى 700 مليون دولار سنوياً للقطاع”.
يأمل الجميّل أن تزيد نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي من 10 إلى 12 في المئة، ما قد يفتح سوق العمل المقفل تماماً
وكان حاكم مصرف لبنان أعلن في آذار الماضي عن إنشاء منصّة تعاون بين صندوق مخصّص للتسهيلات الائتمانية وبين شركة FinTech للتكنولوجيا المالية، لتوفير تسهيلات قصيرة الأجل للمستوردين والمصدّرين بالشراكة مع المصارف اللبنانية المحلية وبالتنسيق مع جمعية الصناعيين اللبنانيين ووزارة الصناعة. ويعتبر هذا الإجراء حلّاً دائماً عبر برنامج إقراض مستدام وقابل للتطوير لمساعدة صغار الصناعيين ومتوسّطي الحجم منهم، على تمويل صناعاتهم بما يقارب 3 مليارات دولار أميركي سنوياً.
ويرى الجميل في هذا القرار خطوة أولى وأساسية تعكس التزام المسؤولين بالقطاع الصناعي ودوره الاستراتيجي في المرحلة المقبلة. رغم أنّ جائحة كورونا تكاتفت مع أزمة الدولار، لتقفل مصانع كثيرة، وأخرى عملت بجهد لتأمين المواد الغذائية والمطهّرات والمعقّمات وأدوات التنظيف في ظلّ ارتفاع أسعار السلع الآتية من الخارج، بسبب الفارق في سعر صرف الليرة والدولار. وهنالك صناعات استجدّت، مثل صناعة الكمّامات والألبسة المخصّصة لكلّ من يتعامل مباشرة مع المصابين بالكورونا. كما بدأ 3 مصانع في تصنيع أجهزة تنفّس اصطناعي.
يأمل الجميّل أن تزيد نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي من 10 إلى 12 في المئة، ما قد يفتح سوق العمل المقفل تماماً، شاكراً حاكم مصرف لبنان وجميع المسؤولين الذين عملوا لإصداره، وفي مقدّمهم وزير الصناعة عماد حب الله وفريق عمله، ووزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة.