التمديد للشعار ينذر بانقسام دار “فتوى” الشمال

مدة القراءة 5 د


مع اقتراب نهاية ولاية مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار يرتفع منسوب التوتر وتزداد الأصوات الرافضة لكسر قرار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بتولّي أمين الفتوى الشيخ محمد إمام أعمال المفتي، تمهيداً لإجراء انتخاباتٍ توصل فيها الهيئةُ الناخبة مفتياً شرعياً يواكب التحوّلات الكبرى التي يشهدها لبنان.

وبينما تتقاطع المعلومات عن تمسّك المفتي دريان بقراره، وردت معلومات خاصة بـ”أساس”، تفيد بأنّ أعضاء المجلس الشرعي الإسلاميّ الأعلى في طرابلس باشروا تحرّكاً عاجلاً لتطويق تداعيات الأزمة المتفاقمة وما قد ينتج عنها من مفاعيل على مستوى المؤسّسة الدينية وعلى العلاقة بين القيادات السنية بشكلٍ عام. وفي هذا الإطار، من المقرّر أن يلتقي عددٌ من الأعضاء نائب رئيس المجلس الوزير السابق عمر مسقاوي اليوم الخميس، للتباحث معه في الموقف الواجب اتخاذه، ولوضعه في صورة الأوضاع المتوتّرة السائدة بسبب الإصرار على التمديد للشيخ الشعار، وما يمكن اتخاذه من خطوات لمنع هذا التمديد، لأنّ ما بعده سيؤدّي إلى حالة انقسامٍ لا تُحمد عقباها.

إقرأ أيضاً: الحريري يريد التمديد للشعار.. وميقاتي يهدّد بمقاطعة “نادي الرؤساء”

عضو المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى، نائب رئيس ومقرّر لجنة الطعون والتأديب في المجلس، الحاج أحمد الأمين، دعا عبر “أساس” المفتي الشعار إلى “التخلّي عن السعي للتمديد من خلال المراجع السياسية فهو أكبر من أن يستجدي كرسياً لأيام قليلة لن تقدّم ولن تؤخّر”، مذكّراً إياه بأنّ “سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية كان قد أصدر قراراً من بنود ثلاثة، البند الأول: التمديد الثاني لسماحة المفتي الشعار ينتهي بـ31 من شهر أيار الجاري. البند الثاني: تكليف سماحة أمين الفتوى بمتابعة أعمال الإفتاء بعد المدة الممدّدة للمفتي الشعار. البند الثالث: تحضير ما يلزم من اللوائح والآليات لانتخاب مفتٍ جديد لطرابلس والشمال”.

وتابع: “نريد من الساسة في لبنان عدم التدخّل والضغط لكسر قرار سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية. ونريد من مفتي الجمهورية عدم التراجع عن القرار للحفاظ على هيبة الدار والموقع. ونريد من أمين الفتوى عدم الاعتذار عن هذا التكليف أو التجاوب مع أيّ ضغوط أو طلب”.

وختم الأمين بالقول: “نريد انتخابات لمنصب المفتي في جميع المناطق، وأنا لا أرى أيّ عائق لذلكK وكفى تجاذبات لا تخدم صالح أهل السنة في أوقات حرجة”.

ليس صحيحاً أنّ التمديد هو الأصل وأنّ الرفض هو الاستثناء. إنّما الصحيح أنّ الانتخاب هو الأصل، وأنّ التمديد هو استثناء لا يتوسّع به ولا يتكرّر، فإنّ تكراره وبدون مبرِّرات مقبولة شرعاً وقانوناً، تجعل النصوصَ لاغيةً بقوة النفوذ السياسي لا بقوّة الحقّ التشريعي.

رئيس جامعة طرابلس الإسلامية الدكتور رأفت ميقاتي وجّه كتاباً مفتوحاً إلى الرئيس سعد الحريري قال فيه: “لقد أُنهكَ اللبنانيون بصورة عامة والمسلمون بصورة خاصة من الانقسامات والتدابر والتقاطع والتنافر والتحاسد والتكايد، ما يوجب علينا جميعاً العمل على توحيد الصفوف وتصفية النفوس وتضافر الجهود للحفاظ على كياننا ومؤسساتنا وتمكين المؤسسة الدينية الأم من أداء دورها المنوط بها على أحسن وجه، وإخراجها من محنتها الطويلة، وصونها من التجاذبات السياسية المقيتة التي استنزفتها وحمّلتها ما لا يُحتمل”.

وأضاف: “لقد ثبت من خلال التمديدين السابقين الوجيزين لسماحة مفتي طرابلس والشمال أن إثمهما أكبر من نفعهما، فلا التمديد كان شرعياً ولا كان قانونياً، لعدم وجود مانع من إجراء الانتخاب خلفاً لسماحته. ولا مشاهد الرفض للتمديد في الشارع كانت مقبولة أو مستساغة. ولا سماحته شعر بالاستقرار، ولا استطاع أن يتجاوز العلاقة المأزومة مع مقام إفتاء الجمهورية منذ سنوات، وكذا مع كثير من قيادات طرابلس، وهو ما انعكس على المشهد الوقفي والكثير من القضايا الإسلامية والوطنية وللأسف”.

وأكّد ميقاتي أنّه “ليس صحيحاً أنّ التمديد هو الأصل وأنّ الرفض هو الاستثناء. إنّما الصحيح أنّ الانتخاب هو الأصل، وأنّ التمديد هو استثناء لا يتوسّع به ولا يتكرّر، فإنّ تكراره وبدون مبرِّرات مقبولة شرعاً وقانوناً، تجعل النصوصَ لاغيةً بقوة النفوذ السياسي لا بقوّة الحقّ التشريعي. وهو ما يشكّل سابقةً تبُنى عليها في المستقبل ممارساتٌ غير مقبولة، وخاصّة إذا ما تغيّر صاحبُ النفوذ يوماً في زمن التغيّر السريع في موازين القوى محلياً وإقليمياً ودولياً”.

وختم الدكتور ميقاتي نداءه بدعوة الرئيس الحريري “إلى أخذ هذه المنطلقات بعين الاعتبار، حفاظاً على المصلحة العليا للمسلمين، وصوناً لكرامة هذا المنصب الديني ومن فيه، في الحال والمآل، وتمكيناً وتسهيلاً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لانتخاب مفتٍ جديد يجتمع عليه المسلمون في هذا الوقت العصيب، وتبرئةً للذّمة أمام الله تعالى، ودرءاً لاستفحال الآثار السلبية المؤسفة جداً على هذا المقام الديني الرفيع في زمن الانهيار الشامل”.

لعلّ أخطر ما في مقاربة الرئيس الحريري لهذه القضية، هو التجاهل التامّ لكلّ الآراء الرافضة للتمديد، وما يمكن أن تحمله من تداعيات على الساحة في طرابلس.

 

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…