ردّا على موقع “القوات”: ناقل الكفر ليس بكافر

مدة القراءة 4 د


رغم أنّ التهكّم ليس من أساليب التخاطب المعتادة بين الزملاء، وبعيداً عن الخفّة الواضحة في الكثير من مقاطع المقال المعنون: “جعجع الثابت الوحيد… ثقف نفسك يا بركات”، المنشور في موقع “القوات اللبنانية”، ردّا على مقالتي بعنوان “نيو جعجع: تحييد حزب الله ومعابره العسكرية.. وعون”. إلا أنّني سأردّ بكثير من الاحترام، للقوات أوّلاً، وللزملاء والأصدقاء، أنطوانيت وجورج وميشال وشارل وغيرهم.

شكراً أوّلا للزميل أمين القصيفي، لأنّه أعاد تأكيد ما نشرته في مقالي. فأنا نقلت بأمانة شديدة عن لسان الدكتور جعجع. لكن ما فاجأني في مقاله هو تعبيره عن حجم الغضب القواتي من مقالي في “أساس”.

هذا رغم أنّ الأصدقاء لم يطلبوا عدم نشر أيّ فكرة أو معلومة، بل كان لقاءً مفتوحاً، وحضره بين 20 و30 زميلةً وزميلاً، كانوا شهوداً على ما قاله الدكتور جعجع، وهو ما لم ينفِهِ موقع “القوات”. وأنا التزمت أصول اللياقات المهنية والأخلاقية في نقلي كلام جعجع.

إقرأ أيضاً: “نيو” جعجع: تحييد حزب الله ومعابره العسكرية.. وعون   

أما مقال الزميل القصّيفي، الذي يفترض أنّه “ردٌّ” على مقالي، فهو في الحقيقة ردٌّ على الدكتور جعجع نفسه. إذ أنّ القصيفي أعاد نشر وتأكيد ما سبق ونشرته، لكنّه أضاف معلومات وآراء لم يقلها جعجع في مؤتمره الصحافي. ربما نسي، وربما فعلاً كنّا أمام جعجع جديد، يهادن حزب الله.

كتب القصيفي التالي: “القاصي والداني يدرك أن جعجع كان ولا يزال شبه وحيد في المواجهة السياسية مع حزب الله، حيث يجب وكما يجب”. واعتراضاً على نقلي عن جعجع قوله: “موضوع حزب الله غميق ومعقّد والأولوية حالياً للموضوع الاقتصادي”، يردّ عليّ القصيفي بالتالي: “تفضّل وجهّز حجافلك وخلّص اللبنانيين من سلاح حزب الله ونحن نشدّ على يدك وسنصفّق لك بحرارة شاكرين”.

زميلي العزيز، في أصول المهنة، أن أنقل كلام الدكتور جعجع، لا يعني أنّني أوافق عليه أو أرفضه. ولا يوجد في المقال ما يدعو إلى الشكّ بأنّني اعترضت على “نيو جعجع”. فأنتم لكم الحقّ في مهادنة حزب الله، وفي تحييده. وقولي إنّ جعجع حيّده بهذه الجملة، لا يعني أنّه عليّ أن أجهّز جحافل لأنزع سلاح حزب الله. ولا أعرف في أيّ كلية أو جامعة إعلامية درستَ، لكن الصحافي الذي ينقل خبر انسحاب قواتٍ من مكان ما، ليس مطالباً بالحلول محلّها.

إقرأ أيضاً: موقع “القوات” يرد على محمد بركات

جعجع نفسه خاطب أحد الزملاء بهذه الطريقة، والزميل هو طوني بولس من موقع “الإندبندنت عربية”، وهو حيّ يرزق. وبالتالي يبدو أنّ هذا منطق “القوات” الجديد. فكلّما قال لهم أحدنا: “أنتم تحيّدون حزب الله”. يردّون: “إذهبوا وقاتلوهم”.

الزميل القصيفي يعيد هذا المنطق في مقطع آخر، إذ كتب التالي: “إذهب يا زميلنا “أنت وربك وقاتِلا” وأقفل معابر حزب الله العسكرية، ودعك من جعجع الذي يريد انطلاقاً من الأولوية الداهمة وإفلاس الدولة وتوفير مئات ملايين الدولارات لخزينة الدولة، تركها إلى مرحلة لاحقة..”.

لا يا زميلي العزيز، ليس مطلوباً منّي قتال حزب الله، لمجرّد أنّني نقلت ما قاله زعيمكَ. رغم أنّني أحد القلائل القلائل، من الذين يعارضون حزب الله، منذ العام 2001، وكنتُ لمّا أزل مراهقاً على صفحات جريدة “النهار”. وعليك بـ”غوغل” لتجد مقالاتي وتخبركَ عن مواجهتي السياسية لـ”حزب الله” منذ 20 عاماً. أضف أنّني من مؤسّسي موقع “جنوبية”، ومؤسس موقع “مختار”، وكلاهما نالا نصيبهما من حزب الله، قولاً وفعلاً.

شكراً للزميل القصيفي على مقاله الذي أكّد صحّة الكثير ممّا نقلته، خصوصاً في قوله التالي: “أما قولك إن جعجع الجديد متمسّك بميشال عون رئيساً، فيا زميلنا تفضل قدِّم بديلك عن عون في هذه اللحظة لنناقشه بمنطق ومنهج علمي، أما ذر الشعارات فوق الصفحات فلا يُسمن ولا يُغني ويذهب هباء منثوراً”.

زميلي العزيز، ختاماً، فإنّ مواجهة السلاح غير الشرعي لا تكون بتحييده. ولا ترتبكوا من موقفكم الجديد، ما دامت الأولويات فعلاً تغيّرت بين الودائع والكورونا. لكنّ المشكلة ليست في من نقل الخبر. فناقل الكفر ليس بكافر.

وختاماً أقول لكَ إنّ موقفنا الثابت في موقع “أساس” من الدكتور سمير جعجع ليس أقلّ مما كتبتَ أنتَ عنه.

مواضيع ذات صلة

انتخابات أميركا: بين السّيّئ.. والأسوأ

واشنطن   أصعب، وأسوأ، وأسخن انتخابات رئاسية في العصر الحديث هي التي سوف تحدّد من هو الرئيس رقم 47 للولايات المتحدة الأميركية. في الوقت ذاته…

قراءة سياسيّة في أزمة النّزوح… التي ستطول

حرب عامي 2023 و2024 لا تشبه حرب عام 2006 في العديد من الأمور، ومنها الحكومة القائمة وقتها، والحماسة العربية والدولية للبنان، والحجم الأقلّ للحرب وخسائرها….

رعب أوروبا من تقاطع ترامب وبوتين فوق سمائها

قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع، لا تخفي عواصم في أوروبا قلقها من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ولا يقوم ذلك القلق على شكّ…

“الميدان” الذي ننتظر “كلمته” يتمدّد من الخيام إلى إيران

“الكلمة للميدان” هي اللازمة التي تردّدها قيادة الحزب في تعليقها على جهود وقف النار في لبنان وشروط إسرائيل. بين ما يرمي إليه استخدام هذه العبارة…