وعدنا وزير الطاقة الجديد ريمون غجر بعدم الوعد بتأمين الكهرباء 24 على 24 وحسناً فعل. شو بدو بهالشغلة لأن وعود الكهرباء كانت دائمًا على الوعد يا … فيول!!
سمعنا البيان الوزاري وسمعنا مداخلات معظم النواب حول الكهرباء وعجبنا. كلن يعني كلن بيفهموا كهربا بس ما بتجي عنا الكهربا.
البيان الوزاري تطرق إلى موضوع الكهرباء والنفط والغاز والطاقات المتجدّدة والمياه، ووضع جدولاً زمنياً من 100 يوم إلى ثلاث سنوات لتنفيذ مشاريع الوزيرة السابقة ندى بستاني والقيام بالتعيينات والعمل على تعديل القوانين ورشة كبيرة… واليد قصيرة وقولوا إن شاء لله.
في قرأتنا لما قدم في البيان الوزاري في موضوع الطاقة لا نرى أي جديد أو أي رؤية واضحة لمستقبل الطاقة في لبنان بل استكمال لمشاريع سابقة لأن وضع البلد استثنائي فليكن!
أولاً في الكهرباء
اعترفت الحكومة الجديدة أنها تتبنى خطة الوزير بستاني وتركت لنفسها خيار إدخال تعديلات على الخطة دون ذكر ما هي التعديلات أو متى تنوي إدخال هذه التعديلات!
واللافت كان أن حلفاء هذه الحكومة من الأحزاب السياسية التي كانت في حكومة الرئيس سعد الحريري التي أقرت خطة بستاني انتقدوا الخطة المقدّمة في البيان… دق المي مي!! قد يكون الانتقاد سببه رغبة حلفاء حكومة دياب بالحصول على البعض من التعيينات في إدارة كهرباء لبنان والهيئة الناظمة للكهرباء وهيئة إدارة قطاع البترول.
نقرأ في الخطة نية الحكومة تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، وهذه إدارة مؤلفة من 6 أعضاء واللافت التأكيد على الشفافية في الاختيار، ولكن المشكلة ليست في الشفافية فقط بل في الاستقلالية وكذلك الأمر بالنسبة لتعيين الهيئة الناظمة للكهرباء. الأعضاء المستقلون والاستقلالية في العمل وفي تنفيذ خطط الحكومة هي المفتاح لقطاع كهرباء خالٍ من المحاصصة والفساد. ولو افترضنا أنهم اتفقوا على الشفافية والاستقلالية ولكن متى ستتم هذه التعيينات؟ هل الأموال مرصودة للموظفين الجدد في موازنة 2020؟ إذا كان الجواب لا، فهذا يعني أن لا مجلس إدارة ولا هيئة ناظمة قبل 2021! وإن شاء الله خير!
إذا غيّرت الحكومة التوجه في هذا الملف، فذلك يعني أن المناقصة قد تعاد وقد تحتاج إلى أشهر أقله 6 أشهر للإرساء على عرض مربح، وهذا يعني أنه لن يكون هناك باخرة تغويز قبل 2022
وبالإضافة إلى ذلك، نقرأ أن الحكومة تريد تعديل قانون تنظيم قطاع الكهرباء، ولكن متى سيتم تعديل القانون؟ ونحن نعرف كل التجاذبات داخل البرلمان واللجان وخصوصاً في موضوع الكهرباء وبالتالي هل نتوقع تعديلاً قانونياً بسرعة قياسية وخصوصاً أن رئيس مجلس النواب لا يبدو مقتنعاً بفكرة تعديل القانون قبل تنفيذه؟ تريدون تغيير القانون؟ افعلوا لكن أعطوا الهيئة الصلاحية الكاملة والاستقلالية بإدارة القطاع وارفعوا شهواتكم عنها، وإن شاء الله خير.
وفي المرتبة الأولى في مشاريع هذه الحكومة، يأتي موضوع تلزيم مشروع استقدام الغاز الطبيعي عبر المنصّات العائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي (FSRU) وكانت المناقصة أفضت إلى تقديم العروض من قبل عدة شركات، وكانت اللجنة الوزارية المختصة برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري تدرس العروض قبل إعلان القرار النهائي. والمناقصة كانت على ثلاث بواخر في البداوي وسلعاتا والزهراني مع العلم أن هناك دراسات تؤكد أن لبنان لا يحتاج إلى أكثر من باخرة خصوصاً لسوق صغير كالسوق اللبناني. اليوم لا ندري موقف حكومة الرئيس حسان دياب من هذا الموضوع، وليس واضحاً في البيان الاتجاه الذي ستسلكه الحكومة، ولا ندري إذا انتهت صلاحية العروض المقدّمة من الشركات أصلاً. إذا غيّرت الحكومة التوجه في هذا الملف، فذلك يعني أن المناقصة قد تعاد وقد تحتاج إلى أشهر أقله 6 أشهر للإرساء على عرض مربح، وهذا يعني أنه لن يكون هناك باخرة تغويز قبل 2022 ولن نستطيع تأمين الغاز للمحطات قبل ذلك التاريخ وستظل الكهرباء على الفيول تكلّفنا غالياً!
وعلى أمل أن تكون انطلقت عملية بناء المعامل الدائمة قبل 2022! ومن يدري لم يذكر البيان المعامل! قولوا إن شاء الله.
ولكن في الوقت عينه نقرأ أن الحكومة تعهدت بشراء المحروقات لمؤسسة كهرباء لبنان بأفضل الأسعار وأعلى المعايير الشفّافة، مما يدفعنا إلى التشكيك بأن العقود الحالية مع شركتي “صوناطراق” الجزائرية والشركة الوطني الكويتية تشوبها شائبة. ولا شك أن الوقت حان أن يتم نشر العقود الموقّعة بين الدولة اللبنانية والشركتين المملوكتين من الدولتين الجزائرية والكويتية. ولا شك أن الوقت حان لتوضيح الأمر بحال كان هناك أي وسطاء في هذه العقود. حينها نتكلم على أعلى معايير الشفافية فقط. وإذا اقتضى بنا الأمر إلى فسخ العقود أو عدم التجديد، فليكن هذا الأمر ولتجرِ مناقصات علنية وشفافة وتنافسية مع نشر كل دفاتر الشروط وعرضها على المواطنين قبل الإقرار بها. ومن هنا يبدأ التغيير في النهج الكهربائي.
ثانياً في النفط والغاز
نتعجب من وجود بند يتكلم على تجديد ولاية هيئة إدارة قطاع البترول أو تعيين مجلس إدارة جديد لها، وكانت الحكومة السابقة اتخذت القرار بإعادة تعيين الأعضاء الست لمدة ست سنوات جديدة. ولكن يبدو أن ما اتفق في الجلسة الأخيرة لحكومة الحريري طار مع استقالة الحكومة. وما من شيء عجيب في هذا البلد. نفذ القرار وفورًا على لور سليمان ولم ينفذ على أعضاء هذه الهيئة. لننتظر القرار وأعتقد أن هذا الأمر يجب أن يبت في أسرع وقت وفي أقرب اجتماع لمجلس الوزراء. يكفي التعطيل في التعيينات بسبب المناكفات السياسية. ولكن الأهم من ذلك، أنه يجب العمل على إعطاء هذه الهيئة الاستقلالية كما الهيئات الأخرى كالكهرباء والاتصالات. ولكن مما لا شك فيه أن الأفعل بين الهيئات هي هذه التي عملت منذ اليوم الأول على تشكيلها في 2012 على التحضير لجولة التراخيص الأولى التي أفضت إلى منح ائتلاف شركات توتال وإيني ونوفاتيك الحق في الاستثمار في البلوكين 4 و9. إن شاء الله لا تدخل السياسة في التعيينات!
هذا القطاع مهم، لأنه المثال الأنجح للشراكة بين العام والخاص، ويدفع بالمشاريع الأخرى لتبني الشراكة بين القطاعين
النقطة الثانية في موضوع النفط والغاز هي نية الإسراع في إجراء دورة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز وكما نعلم فقط تم تأجيل موعد تقديم العروض من كانون الثاني الى اخر نيسان 2020 وبالتالي إذا تقدّمت شركات بعروض على البلوكات المفتوحة (1 و2 و5 و8 و10) بالوقت المحدد قد يكون بإمكان الحكومة منح العقود الجديدة في صيف 2020. على أمل أن تكون الشركات العالمية متحمسة للاستثمار في بلد مفلس ومسؤوليه فيه أقل ما يقال عنهم إنهم غير مسؤولين!
أما بالنسبة لموضوع متابعة إقرار الصّندوق السّيادي، فقد أصبح هذا الأمر في ملعب البرلمان حيث هناك ثلاث اقتراحات قوانين من ثلاث كتل نيابية مختلفة – التنمية والتحرير، لبنان القوي، واللقاء الديموقراطي. هل الوقت مناسب اليوم لدرس قانون الصندوق؟ من المفضل انتظار نتائج الحفر الاول في البلوك 4 لنتأكد من وجود كميات تجارية والأكيد أنه من المفضل أن لا يتعاطى هذا البرلمان المشكوك بشرعيته الشعبية بعد ثورة 17 تشرين بهذا الملف الذي لديه تأثير في مستقبل العائدات النفطية ومستقبل البلد ككل.
اما التأكيد على إقرار مرسومي شركات التعاقد الثانوية والسجل البترولي وملكية المنتفع فلم يجد له مكاناً في البيان الوزاري رغم أن هذين المرسومين أساسيان لترسيخ مبدأ الشفافية في هذا القطاع، وكنا وُعدنا بهذين المرسومين منذ سنوات ولكن الصبر مفتاح الفرج، إن شاء الله خير.
ثالثاً الطاقة المتجدّدة
أما بما خص الطاقات المتجدّدة، نرى أن تطوير هذا القطاع ليس في الأولويات الملحّة للحكومة الجديدة للأسف. وأتت جملة قصيرة لتؤكد على تعزيز وتسويق الطاقة المتجدّدة من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. مع العلم أن التركيز على الطاقة المتجدّدة من الشمس والهواء يجب أن يكون من أركان الأساس في وزارة الطاقة لتوليد الكهرباء باستعمال الطاقة النظيفة والإسراع في تطوير هذا القطاع خصوصاً أن المؤسسات المالية العالمية تتجه إلى الاستثمار بكثافة في هذه الطاقات، وقد يستفيد لبنان من هذا الزخم. وأيضاً هذا القطاع مهم، لأنه المثال الأنجح للشراكة بين العام والخاص، ويدفع بالمشاريع الأخرى لتبني الشراكة بين القطاعين. ولكن الأهم أن لا يكون الخاص صديق العام وينتهي بنا أن تتحول الطاقات المتجدّدة وهي المصدر النظيف للطاقة إلى طاقة تفوح منها روائح الفساد وإ ن شاء الله خير.
في النهاية، لا يسعنا سوى وصف هذه الحكومة ووعودها بحكومة “إن شاء الله خير”، ونحن نعدها أننا سوف نكون لها في المرصاد، ونترقّب عملها وخصوصاً عمل وزارة الطاقة ونتمنى التوفيق للمواطنين وإن شاء الله خير!