خليفة عن كورونا: لا فائدة من الإقفال التام… عراجي: إهمال اللبنانيين يتسبّب بتفشّي الوباء

2020-05-19

خليفة عن كورونا: لا فائدة من الإقفال التام… عراجي: إهمال اللبنانيين يتسبّب بتفشّي الوباء


“في ظلّ غياب اللقاح والمناعة حول العالم كله، فالخطر يبقى قائماً، والإقفال التام ما عاد مجدياً ولا فائدة منه، كون حضانة الفيروس في الجسم قد تستمرّ 14 يوماً. والتفكير بالوصول إلى صفر إصابات هو مجرّد حلم وخيال، ولا قاعدة أكاديمية أو علمية له”، هكذا يحسم وزير الصحة الأسبق محمد جواد خليفة، مؤكّدا في حديث لـ”أساس” أنّه “لا يجوز كلما ارتفعت أعداد الإصابات 10 إلى 15 حالة أن نقفل البلد، وعوداً على بدء. فلا يمكن التعامل مع الأزمة بهذه الطريقة لأنّها أشبه بدوّامة ويمكن أن تستمر لسنتين”.

بحسب خليفة فإنّ “الحجر إلى ما لا نهاية غير مجدٍ، وجميع الدول التي تلقّت صدمات، وكان فيها أعداد كبيرة من الوفيات، لاحظت ضرورة العودة إلى الحياة الطبيعية مع زيادة مستوى الوعي وتغيير نمط الحياة الاجتماعي، بعد عملية التقويم والمعلومات التي توفّرت عن الأزمة التي تجاوز عمرها الـ5 أشهر حول العالم”. برأي خليفة أنّه “لا يمكن للعلاج أن يكون مكلفاً أكثر من الداء بحدّ ذاته، وإجراءات التعبئة العامة كانت جداً مهمة في المرحلة الأولى. وكانت الفترة كافية لنتعرّف إلى الفيروس وطريقة انتشاره ووسائل الانتشار، وخطورته، وعلى بعض أساليب الوقاية. لكن اليوم هي إجراءات غير قابلة للحياة”.

إقرأ أيضاً: لبنان دخل موجة كورونا الثانية: أوقفوا رحلات المغتربين فوراً

لكن رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي يكشف عن “بحث جدي حول استمرار التعبئة العامة نتيجة ظاهرة عدم الالتزام التي نشهدها في الشارع اللبناني، لا سيما في المناطق، وكأن كلّ هذه المرحلة لم تكن كافية ليغير اللبناني ثقافته تجاه الفيروس والوقاية منه”.

ويتوافق عراجي وخليفة على “كلفة التعبئة العامة”، لكن عراجي في حديثه لـ”أساس” يعتبر أنّ “الكلفة الاقتصادية أصبحت مرتفعة جداً، وزادت معها الأعباء المالية على بلد اقتصاده مهترئ في الأساس، ولا يمكن تخفيضها إلا مع إعادة فتح البلاد”، ويضع لبنان “أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن نلتزم ويُصار إلى فتح البلد بشكل تدريجي، وإما أن نكون أمام تفشّي الوباء وتكون كلفته البشرية والصحية عالية جداً ولا يمكن للبنان تحمّلها”.

ويعتبر عراجي أنّ “المسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن، والمشكلة تكمن في ثقافة المجتمع اللبناني الذي يرفض بجزء ليس بقليل منه الالتزام بتدابير السلامة العامة الواجب اتباعها للوقاية من الفيروس، وفي تطبيق ومراقبة هذا الالتزام من قبل الدولة، فلا بدّ أن نكون أمام صرامة أكبر في تطبيق الالتزام ومعاقبة المخالفين”. ولا ينكر بأن التمديد عاجز عن معالجة إحدى المشكلتين، ليبقى الهدف من التعبئة العامة تخفيف سرعة انتشار الفيروس لا أكثر ولا أقل، على أمل الوصول إلى مناعة أكبر في المجتمع اللبناني ضد الفيروس”.

أما خليفة فيدعو عبر “أساس” إلى “تغيير ذهنية إدارة الأزمة واستراتيجيتها، في ظلّ جائحة عالمية سيكون لكلّ الدول نصيب منها بطرق وأوقات مختلفة، ولا يمكن أن تدّعي أيّ دولة اختفاء الوباء عن أراضيها، بينما هو موجود في بلد آخر، قبل الوصول إلى اللقاح. وهناك فارق بين القرارات وبين ترجمتها على الصحة الاجتماعية، فلا يمكن أن نطبّق في المجتمع كلّ ما نقرأه في الكتاب أو نجرّبه في المختبر”.

ويشدّد على أنّ “كلّ ما يحصل الآن بغياب اللقاح يمكن أن يتكرّر كثيراً في الفترة المقبلة، وفي الشتاء المقبل. والتحدّي اليوم هو كيف نعيش ونستمر ونتّقي من هذا المرض وهذه مسؤولية صاحب القرار، الدولة، من ناحية، ومسؤولية المواطن من ناحية أخرى”.

وعلى لبنان أيضاً، أن يحذو حذو باقي الدول، ويلجأ إلى عملية الفتح الجزئي بحسب أهمية القطاعات لاسيما الإنتاجية منها الزراعية والصناعية، بشكل مبرمج وتدريجي مع الاستمرار بإجراء الفحوصات، والالتزام بمعايير السلامة العامة: “الأزمة دمّرت 25 % من اقتصاد الدول القوية، فما بالك ببلد مفلس، غير قادر على تأمين مستلزمات العيش لمواطنيه. فالدول التي اتخذت هذه القرارت مثل أميركا مثلاً، ضخّت 30 تريليون دولار خلال 3 أشهر”.

آخر الإحصاءات التقييمية الصادرة تقول إنّ 25 % من الوفيات هم من المصابين بمرض السكري، و 30 إلى 40 % ممن يعانون من السُمنة، التي عادة ما تترافق مع أمراض عديدة منها أمراض القلب وضغط الدم، أي إنّ أكثر من 50 % من المتوفين بكورونا هم من المعروفين بمعاناتهم من مشاكل طبية متطورة

وعن عودة لبنان إلى نقطة الصفر، يؤكد الوزير خليفة أنّ “الدولة قامت بأعمال لوجستية جداً مهمة بالنسبة لعودة المغتربين من الخارج، لكن تبيّن أنّ الرهان على الوعي الفردي لم يكن كافياً، لأنه بالطبيعة الانسانية، هناك من هو مستهتر ومن هو واعٍ ويتصرّف بمسؤولية، والحلّ بالحجر الإلزامي على العائدين. العائلات التي لديها منازل مستقلة تطبّق الحجر في منزلها لمدة 14 يوماً. وتتولّى البلدية تنفيذ الأمر وتأمين مستلزمات هذه العائلات. أما العائدون وليس لديهم منازل مستقلة، فهؤلاء يجب حجرهم إلزامياً وبإشراف الدولة بشكل مدروس في أماكن محدّدة لفترة 14 يوماً”.

أما الدراسات التي تتحدّث عن تطوّر الفيروس إلى حالة أقل شراسة، فلا يرى فيها خليفة شيئاً مؤكداً حتّى الآن. فالمؤكد فقط أنّ “الفيروس يتنقّل بشكل متفاوت بين الدول. ونحن معرّضون لموجات جديدة، إلى أن نصل لاكتشاف لقاح ولتطوير مناعة ضدّ الفيروس حول العالم. والمعروف أنّ الفيروس يطوّر نفسه، وأحياناً يتطوّر نحو الأفضل وليس للأسوأ، وأحياناً العكس”.

فروسيا مثلاً عدد إصاباتها اليوم يقارب عدد إصابات الولايات المتحدة الأميركية، رغم أنّها أبقت إصاباتها شهراً كاملاً تحت السيطرة. ونيجيريا وأفريقيا لم تكن تضمّ أيّ إصابة عندما كانت أميركا وأوروبا تغرق بالإصابات. أما اليوم فدول أفريقيا هي البؤرة، وفي الأساس كان الفيروس غير شرس في الشرق الأوسط، ولبنان سجل عدد وفيات 3 % من أصل عدد الإصابات.

ويكشف خليفة عن أنّ “آخر الإحصاءات التقييمية الصادرة تقول إنّ 25 % من الوفيات هم من المصابين بمرض السكري، و 30 إلى 40 % ممن يعانون من السُمنة، التي عادة ما تترافق مع أمراض عديدة منها أمراض القلب وضغط الدم، أي إنّ أكثر من 50 % من المتوفين بكورونا هم من المعروفين بمعاناتهم من مشاكل طبية متطورة”.

فهل سنكون أمام استراتيجية جديدة في معالجة الأزمة، مع جدية في معالجة عودة المغتربين، أم أن الحجر المصحوب بمجاعة محتمة سيكون مصير اللبنانيين إلى ما شاء الله؟

سننتظر لنعرف إذا كنّا سنذهب باتجاه إقفال تام في السابع من الشهر المقبل.

 

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…