أبلغ الرئيس اللبناني ميشال عون الوفد الأميركي، الذي زاره مساء السبت، بأنّ لبنان يتطلّع إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة بشأن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وينتظر عودة الموفد الأميركي أموس هوكشتاين لاستكمال المحادثات التي بدأت بهدف الوصول إلى اتفاق يضمن حقّ لبنان باستثمار موارده الطبيعية في حقول النفط والغاز الحدودية. وأكّد عون في خطاب الاستقلال أنّ موقف لبنان “لا يزال التفاوض غير المباشر لترسيم حدودنا”، كاشفاً أنّ “إشارات إيجابية بدأت تلوح للتوصّل إلى اتفاق يضمن مصلحة لبنان وسيادته على مياهه وثرواته الطبيعية، ويؤدّي إلى استئناف عملية التنقيب عن النفط والغاز”.
تشير مصادر معنية إلى أنّ الانتقال من التفاوض حول الخطوط إلى الحقول يستدعي مقاربة قانونية جديدة ورسم خطوط جديدة، يتردّد أنّها باتت جاهزة لوضعها على طاولة التفاوض غير المباشر إذا ما وافق الطرف اللبناني على الطرح الذي سيحمله هوكشتاين
في الواقع، فقد حطّ مستشار وزير الخارجية الأميركي لشؤون الطاقة والوسيط في المفاوضات غير المباشرة للترسيم البحري أموس هوكشتاين، في 19 تشرين الأول في بيروت، ضمن جولة شملت تل أبيب، فيما الوضع في لبنان في أسوأ حالاته، على أثر توقّف المفاوضات في شهر أيار الماضي، ليعيد بذلك ملفّ الترسيم إلى الواجهة، بعدما حجب ملفّ التحقيقات القضائية في انفجار المرفأ غيره من القضايا الأساسية، وبينها النزاع البحري، في ظلّ حكومة “خارج الخدمة” حتى إشعار آخر.
وقد أكّدت جولة الموفد الأميركي أنّ الملفّ غير موضوع على رفّ الإدارة الأميركية، لا بل أثبتت أنّها مهتمّة بالتوصّل إلى حلّ نهائي لهذا النزاع، فيما تجاهل لبنان، وتحديداً حكومته الجديدة، إعادة طرح تعديل المرسوم 6433 واستبدال الخط 23 بالخط 29 الذي يرفع المساحة الخاصّة بلبنان من 860 كلم مربّعاً (الخطّ 23) إلى 2290 كلم مربّعاً، قبل فوات الأوان وقبل بدء إسرائيل استخراج النفط والغاز من حقل كاريش.
يعتبر المتحمّسون لتعديل المرسوم أنّ هذا المسار هو بمنزلة ورقة ضغط على شركة “إنرجين” التي تعمل في الحقل الإسرائيلي، والتي بدورها ستضغط على إسرائيل للوصول إلى حلّ عادل يسمح لها بمتابعة العمل في كاريش ويسمح للبنان ببدء العمل في حقل قانا.
فهل ثمّة إشارات جديدة تشي بإمكانية استئناف المفاوضات في ظلّ الحديث عن حلّ توافقي بين الخطّين 23 و29 يقضي بتعديل بنود التفاوض ليصير على حقول النفط بدل الخطوط، فتحصل إسرائيل على حقل كاريش الذي بدأت التنقيب فيه، مقابل حصول لبنان على حقل قانا الذي يمرّ بالخطّ الـ23؟
تشير المصادر إلى أنّ ثمّة سيناريو عن اتفاق محتمل قبل شهر آذار المقبل، ولذلك يمكن أن يكون هوكشتاين في بيروت خلال أسابيع قليلة، والأرجح سيحطّ في بيروت قبل نهاية هذا العام
في مواقف رئيس الجمهورية ما يوحي بأنّ الأجواء إيجابية، لكنّ المحيطين به يؤكّدون أنّه لا يمكن الجزم بوجود تطوّر نوعي إذا لم تحطّ طائرة هوكشتاين في بيروت من جديد. وإذا ما فعلها فيعني ذلك أنّ المفاوض الأميركي يحمل طرحاً جديداً من إسرائيل التي صار لها حكومة جديدة. ويلفت هؤلاء إلى أنّ الاتصالات مع الجانب الأميركي، والتصريحات العلنيّة التي يطلقها المفاوض الأميركي، تشيران إلى عودة مرتقبة تعني بدورها أنّ تطوراً جديداً قد حدث، لكن لا يمكن البناء عليه إلا بعد الاطّلاع عليه.
وفي هذا السياق، تشير مصادر معنية إلى أنّ الانتقال من التفاوض حول الخطوط إلى الحقول يستدعي مقاربة قانونية جديدة ورسم خطوط جديدة، يتردّد أنّها باتت جاهزة لوضعها على طاولة التفاوض غير المباشر إذا ما وافق الطرف اللبناني على الطرح الذي سيحمله هوكشتاين.
وتقول المصادر إنّ الطرف الإسرائيلي يبدي استعجاله للاتفاق على ترسيم الحدود ذلك لأنّ شركة “إنرجين” التي تعمل في حقل كاريش سترسل في شهر آذار المقبل سفينة للإنتاج تُعرَف باسم FPSO، وهو استحقاق بالغ الأهمية بالنسبة للإسرائيلي لأنّ الشركات العاملة في هذا المجال تتجنّب عادة العمل في مناطق متنازع عليها أو غير مستقرّة أمنيّاً. ولهذا تحرص إسرائيل على إنجاز الاتفاق قبل الربيع المقبل لكي تكون سفينة الإنتاج في مياهها الإقليمية بلا أيّ مخاطر معرقلة.
وتشير المصادر إلى أنّ ثمّة سيناريو عن اتفاق محتمل قبل شهر آذار المقبل، ولذلك يمكن أن يكون هوكشتاين في بيروت خلال أسابيع قليلة، والأرجح سيحطّ في بيروت قبل نهاية هذا العام، مؤكّدة أنّ المؤشّرات تدلّ على أنّ الإسرائيلي بات يميل إلى حلّ يكون مقبولاً من مختلف الأطراف اللبنانية بعدما بات واثقاً أنّ الخطّ 23 لا يلاقي إجماعاً من القوى اللبنانية. وهذا ما فتح الباب أمام خطّ وسطيّ بين 23 و29 يحمي حقل قانا، وهو الهدف الذي كان يصبو إليه الوفد العسكري المفاوض (لا يزال برئاسة العميد المتقاعد بسام ياسين) الذي رفع السقف إلى الخطّ 29، لكن في باله حماية حقل قانا.
إقرأ أيضاً: نولاند في بيروت: الترسيم أوّلاً.. واستثناء من “قيصر”
إلا أنّ العرقلة، وفق المصادر، تأتي من تصريحات بعض المسؤولين اللبنانيين الذين لا يتوانون عن الإشارة إلى موافقة لبنان على الخطّ 23، وهو ما يُعتبر تنازلاً أمام الجانب الإسرائيلي قد يدفعه إلى التراجع عن الحلّ الوسطيّ.