رواية “محطّة دمشق”: أدب الاستخبارات.. والسياسة والتطبيع

مدة القراءة 5 د

بينما تهتمّ الصحف العالميّة بالتقارب العربي مع النظام السوري، بدأ الترويج لرواية “محطّة دمشق” التي ألّفها محلّل وكالة الاستخبارات المركزية السابق (CIA) ديفيد مكلوسكي، والتي يقدّم فيها أحداثاً وقعت في سوريا ممزوجةً بالعناصر الاستخباريّة، إضافةً إلى الأدب الخيالي الذي يصوِّر سوريا والربيع العربي.

في هذه الرواية يقدّم مكلوسكي بطله باسم “سام جوزيف”، ويصوّره بشكلٍ واضحٍ كما لو أنّه شخص حقيقيّ. يقول سام في الرواية: “أن تحمي عميلك، فهذا هو المهمّ”، ويذكِّر بطل الرواية بهذه العبارة، وسط الكثير من الأزمات الشخصيّة والمهنيّة، وفيما تتعرّض حياة الآلاف من الأبرياء للخطر.

بينما تهتمّ الصحف العالميّة بالتقارب العربي مع النظام السوري، بدأ الترويج لرواية “محطّة دمشق” التي ألّفها محلّل وكالة الاستخبارات المركزية السابق (CIA) ديفيد مكلوسكي

يسأل الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية دوغلاس لندن: “هل كان من الممكن أن تُنقَذ سوريا”، وذلك في مقالٍ نشرته مجلة “فورين بوليسي“، رأى فيه أنّ المراقبين في منطقة الشرق الأوسط سيكتشفون كيف نسجَ كاتب الرواية ثقافة المنطقة وتاريخها وأبرز مشاهد وروائح وأذواق ومشاعر دمشق، إحدى أقدم مدن العالم، ليجعل منها “شخصيّة” في الرواية.

وعلى الرغم من عدم وضوح الجدول الزمنيّ للرواية، يعرض الكاتب انطلاق الربيع العربي، وما شهدته سوريا عام 2011، وصولاً إلى إغلاق السفارة الأميركية في دمشق في شباط 2012، وغير ذلك من الأحداث. وإضافةً إلى رسم بعض الأحداث في روايته، يعرّج الكاتب على بعض الأحداث، مثل مقتل مدير مكتب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في بيروت، وهو عمل نُفِّذ بهدف جمع المعلومات الاستخبارية وإرسال رسالة أيضاً مفادها أنّ القواعد قد تغيّرت.

ولمّح كاتب الرواية أيضاً إلى اختفاء الصحافي الأميركي المستقلّ أوستن تايس في ضواحي دمشق في 13 آب 2012، ويُرجَّح أن تكون القوات الموالية للنظام هي الجهة الخاطفة. وهنا يوضح لندن أنّ قضية الصحافي تحوّلت إلى أداة سياسية استفادت منها إدارة ترامب ما بين العامين 2018 و2020، لتعلن أنّها تبذل جهوداً من أجل تحريره، وكذلك فعلت الإدارة الأميركية الجديدة في قضيّة تايس، إلا أنّها تركّز على تحديد مصيره.

ويضيف دوغلاس: “لم يكن مفاجئاً ظهور الرئيس السوري بشار الأسد كإحدى شخصيّات الرواية، ويبدو مرتبطاً بقوّة بحياة السوريّين. وكعمل روائيّ خياليّ، تقدِّم رواية مكلوسكي بديلاً عن تخلّي الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عن “الخطّ الأحمر” الأميركي، الذي وضعه مهدّداً باستخدام القوة العسكرية إذا لجأ الأسد إلى استخدام أسلحة كيمياوية”.

ويختم دوغلاس قراءته للرواية، ويستنتج أنّ “الولايات المتحدة فتحت الباب أمام مشاركة روسيّة وإيرانيّة أكبر عزّزت سيطرة الأسد، ولم تعُد التهديدات الأميركية تتمتّع بصدقيّة”.

أشار مسؤول كبير في إدارة بايدن إلى أنّ التقارب أو “الدفء” في العلاقات بدأ في ظلّ إدارة ترامب، قائلاً: “نذكّرهم بأنّهم قد يتعرّضون لخطر العقوبات الأميركية، ونحن لم نُطبّع مع بشار الأسد”

“عودة” الأسد

بعيداً من الرواية، بدأت الدول العربية تستأنف علاقاتها مع سوريا، مدفوعةً بقلق من النفوذ الإيراني والتركي، إضافةً إلى المخاوف الاقتصادية والأمنيّة، وفقاً لِما وردَ في صحيفة “فايننشال تايمز“، وذلك بعد عقدٍ من تعليق عضويّة سوريا في جامعة الدول العربية.

وقد شهدت الأسابيع الأخيرة اتصالاً هاتفياً بين الرئيس السوري والعاهل الأردني الملك عبد الله. ثم تلقّى وليّ عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، اتصالاً هاتفياً من الأسد الأسبوع الماضي. والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري نظيره السوري فيصل المقداد.

تأتي هذه التطوّرات بعد إعادة فتح الإمارات سفارتها في سوريا في أواخر 2018، والبحرين في عام 2019، وتعيين سلطنة عُمان سفيراً جديداً في عام 2020، واستقبال جناح خاصّ بسوريا في “إكسبو دبي” أخيراً.

تعليقاً على ما سبق ذكره، أشار مسؤول كبير في إدارة بايدن إلى أنّ التقارب أو “الدفء” في العلاقات بدأ في ظلّ إدارة ترامب، قائلاً: “نذكّرهم بأنّهم قد يتعرّضون لخطر العقوبات الأميركية، ونحن لم نُطبّع مع بشار الأسد”.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ بعض المراقبين يرون فكّ الارتباط مع الأسد بمنزلة “خطأ استراتيجي”. إذ ابتعدت القوى الخليجية العربية والغربية عن سوريا، فيما وسّعت إيران وروسيا مجال نفوذهما من خلال تقديم الدعم العسكري والماليّ للنظام السوري.

من جهتها، قالت محلّلة الشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية، دارين خليفة، إنّ “تطبيع بعض الدول العربية هو حركة سياسيّة ردّاً على المخاوف من زيادة النفوذ الإيراني والتركي، فضلاً عن القضايا الاقتصادية والأمنيّة الإقليمية”.

إقرأ أيضاً: لماذا يستعجل العرب على “أسد” بلا أنياب؟

وقد عزّز الانسحاب الأميركي من أفغانستان الفكرة السائدة في الدول العربيّة أنّ الولايات المتحدة عازمة على فكّ ارتباطها بالمنطقة.

على خطٍّ موازٍ، يلفت مراقبون إلى أنّ المملكة العربيّة السعودية لن تمنع عودة سوريا إلى الجامعة العربية. وعلّق محلّل مقيم في الإمارات العربية المتحدة بالقول: “تبحث الرياض فقط عن مبادرة حسن نيّة من دمشق، مثل تخلية سبيل بعض السجناء”.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…