تجربة زينة عكر (2/2): العرب حضن الجيش… والسفراء مظلومون

مدة القراءة 6 د

لم يتمتّع منصب نائب رئيس مجلس الوزراء في لبنان يوماً بصلاحيّات، فكان غالباً مركزاً “شرفيّاً” للطائفة الأرثوذكسية. ليس لهذا المركز مراسيم تنظيمية، إلا أنّه تحوّل إلى عمل يوميّ ومضنٍ لوزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة زينة عكر، التي تخصّص له الكثير من الوقت.

بتكليف من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وبتنسيق تامّ مع رئاسة الحكومة، انخرطت عكر في عمل اللجان الموجودة من أجل تفعيل العمل مع المجتمع الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. “نجري محادثات مع الجميع، ونعمل بتنسيق تامّ من أجل توفير المساعدات للبنان على المستويات المختلفة”.

جابت الوزيرة زينة عكر في فترة قصيرة بلداناً عدّة. حضرت اجتماع وزراء الخارجية العرب في قطر كأوّل اجتماع رسمي لها خارج لبنان، ثمّ جالت وزيرةً للخارجية والمغتربين بالوكالة في اليونان والأردن وإيطاليا وقبرص وألمانيا

إلى جانب تولّيها وزارة الدفاع ونيابة رئاسة الحكومة، تولّت عكر وزارة الخارجية بالوكالة خلفاً للوزير المستقيل شربل وهبه، وذلك في 19 أيار 2021. لكنّ تولّي هذه الوزارة الرئيسية، في ظلّ حكومة تصريف الأعمال إثر استقالة حكومة دياب بعد انفجار مرفأ بيروت في آب 2020، لم يكن بالأمر السهل.

رأست عكر أخيراً أوّل وفد لبناني رسمي رفيع إلى سوريا بعد قطيعة دامت 10 أعوام. نسألها: ما انطباعك كأوّل مسؤولة لبنانية رفيعة تكسر الحصار على سوريا بعد 10 أعوام؟ وهل صحيح أنّ الإيعاز أميركيّ؟

تجيب: “سوريا دولة عربية شقيقة، ولنا معها تاريخ من العلاقات الثنائية، وهذه الزيارة أتت للبحث في موضوع تقنيّ في ظلّ أزمة الكهرباء التي يعاني منها لبنان واللبنانيون. وكانت المحادثات إيجابية بين الوفد الوزاري اللبناني والمسؤولين السوريين بشأن استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا. وقد رحّب الجانب السوري بطلب لبنان، مؤكّداً استعداد سوريا لتلبيته. ونحن نشكر لهم تعاونهم معنا”.

على الرغم من عملها في ظلّ حكومة تصريف أعمال، انكبّت الوزيرة عكر على تطوير الإدارة المركزية، وتحسين الوضع الإداري قدر المستطاع وسط شحٍّ كبيرٍ في موازنة وزارة الخارجية، ولا سيّما أنّ الجبايات قليلة جدّاً.

فور تسلّم مهامّها في وزارة الخارجية عملت عكر على قرار زيادة الرسوم القنصلية، الذي تجري حالياً مراجعته مع وزارة المال للتوصّل إلى الصيغة النهائية. تواصلها مع سفراء لبنان في الخارج عبر النقاش وتبادل الآراء. باشرت العمل على إجراء انتخابات المغتربين. تقول لـ”أساس”: “كان يفترض أن نبدأ في 20 أيلول الجاري بتسجيل لوائح المغتربين في الخارج. كنّا ندفع قُدُماً باتجاه الانتخابات، وأوجدنا تنسيقاً وثيقاً مع وزارة الداخلية والبلديات من أجل فتح باب التسجيل قبل 20 أيلول، وكان يفترض يتمّ إطلاق الرابط الإلكتروني بين الداخل والخارج في هذا التاريخ”.

تخفيض رواتب السفراء؟

سرت أخبار عن أنّ الوزيرة عكر اقترحت خفض رواتب السفراء وبدلات الاغتراب وموازنة وزارة الخارجية والمغتربين عبر خفض عديد البعثات الدبلوماسية؟

 تجيب: “كيف يمكنني أن أعمل على خفض الموازنة وأنا بعثت بمراسلة إلى وزير المال من أجل زيادة موازنة الخارجية لأنّها شبه معدومة. فنحن بالكاد نشتري المازوت لتسيير الأعمال”.

تضيف: “في ما يخصّ بعثاتنا في الخارج، ونظراً إلى أنّنا ندفع بالعملة الصعبة أي الدولار، طُلِب منّي خفض الرواتب. لذا، وانطلاقاً من ذلك، اشتغلنا بشكل كبير على زيادة الواردات القنصلية التي من شأنها زيادة الموازنة وليس خفضها. عملنا على إعادة البحث في خفض الإيجارات العالية للمباني والسفارات ومنازل السفراء. وثمّة دراسة متكاملة هي قيد الإعداد لِما يمكن فعله. وتحتاج إلى بحث مع وزارة المال ومصرف لبنان لتوفير المبالغ التي سنتوصّل إليها. بالنسبة إلى خفض البعثات المتروك للمرحلة النهائية، لكنّ أولويّتي كانت للإيجارات والمباني السكنيّة والسفارات”.

ومعروف أنّ التشكيلات الدبلوماسية مؤجّلة لأنّها تحتاج إلى التئام مجلس الوزراء، ويوجد شغور هائل في البعثات الخارجية يصل إلى 40 في المئة. تشير في هذا الخصوص إلى إمكانية “حلّ هذا الأمر عبر إرسال دبلوماسيين بمهامّ خاصة، لكنّ الأمر صعب بسبب إلزامية الدفع لهؤلاء بالدولار. وبحثنا خطة متكاملة تشمل مَن يعملون في الإدارة المركزية، إذ يُظلَم السفراء الذين يعملون في الداخل لأنّهم يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية فيما نظراؤهم في الخارج يقبضون بالدولار”.

وتكشف عكر أنّها أرسلت إلى البعثات اللبنانية في الخارج، سواء السفير أو نائبه، تعميماً بدفع جزء من رواتبهم بين مئة ومئتيْ دولار (بشكل اختياري) لنظرائهم في الإدارة المركزية. “وتمّ تشكيل لجنة لتلقّي هذه الأموال ثمّ توزيعها على الموظفين المحليين. وقد لبّت البعثات الطلب بإرسال المساعدات، وهم مشكورون على ذلك”.

وبعدما دمّر انفجار مرفأ بيروت “قصر بسترس”، القصر التاريخي للدبلوماسية اللبنانية في الأشرفية، كشفت عكر لـ”أساس” أنّ وزير خارجية اليونان “سيرسل وفداً في أيلول الجاري من أجل تقويم تكلفته ودراستها ولحظ إمكان القيام بالترميم. وهو مشروع لا يزال قيد الدرس”.

على الرغم من عملها في ظلّ حكومة تصريف أعمال، انكبّت الوزيرة عكر على تطوير الإدارة المركزية، وتحسين الوضع الإداري قدر المستطاع وسط شحٍّ كبيرٍ في موازنة وزارة الخارجية، ولا سيّما أنّ الجبايات قليلة جدّاً

العرب حضن الجيش

جابت الوزيرة زينة عكر في فترة قصيرة بلداناً عدّة. حضرت اجتماع وزراء الخارجية العرب في قطر كأوّل اجتماع رسمي لها خارج لبنان، ثمّ جالت وزيرةً للخارجية والمغتربين بالوكالة في اليونان والأردن وإيطاليا وقبرص وألمانيا.

“اللقاءات الشخصية مع المسؤولين الدوليين تكتسي أهميّة خاصّة، إذ تسهّل التواصل لاحقاً، وقد أبدى جميع مَن التقيتهم الاهتمام بلبنان، وأجمع معظمهم على العبارة ذاتها: ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم”.

يقال إنّ العلاقة مع الدول الخليجية هي مفتاح الحلّ للبنان، فهل سعت عكر إلى إصلاح هذه العلاقة؟ تجيب: “لم تترك الدول العربية لبنان يوماً، وطالما دعمته ودفعت مبالغ طائلة في سبيل ذلك. أتفهّم إعرابهم عن عدم الرضا، وتساؤلهم عن وجهة صرف الأموال التي استثمروها في لبنان. نحن بدأنا التواصل مع الدول العربية، والتقيت عدداً من وزراء الخارجية والمسؤولين العرب في قطر وإيطاليا، وكان على جدول أعمالي زيارة إلى مصر قبل تشكيل الحكومة الجديدة”.

إقرأ أيضاً: تجربة زينة عكر (1/2): أوّل وزيرة دفاع عربيّة تستمع للعسكر كما الضبّاط

تنفي عكر تماماً ما تردّد عن رفضها طلب بعض السفراء وضعهم بالاستيداع لمدّة عام: “بالعكس سمحتُ بذلك، ولم أوقف طلب أحد، لأنّني رأيت أن أوافق للجميع أو لا أوافق لأحد. إنّ العدد الذي طلب الاستيداع في غضون عام ونصف عام لا يُذكَر ولا يتجاوز خمسة”.

وفي الأيام القليلة المقبلة، ستسلّم حمولاتها الوزارية إلى الوزراء الجدد، ومعها أمانات ما فعلته في وزارتيْها.

مواضيع ذات صلة

حكاية دقدوق: من السّجن في العراق إلى الاغتيال في دمشق! (1/2)

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…

فتح الله غولن: داعية… هزّ عرش إردوغان

ثمّة شخصيات إسلامية كثيرة في التاريخ توافَق الناس على تقديرها واحترامها، مع ظهور أصوات قليلة معترضة على نهجها أو سلوكها أو آرائها، لكنّها لم تتمكّن…

مصرع السنوار في مشهد لا يحبّه نتنياهو

مات يحيى السنوار، رئيس حركة حماس منذ اغتيال سلفه إسماعيل هنية في 31 تموز الماضي، وهو يقاتل الجيش الإسرائيلي، في إحدى أسخن جبهات القتال في…

الحزب بعد “السّيّد”: الرأي الآخر… ومشروع الدّولة

هنا محاولة لرسم بورتريه للأمين العامّ للحزب، بقلم كاتب عراقي، التقاه أكثر من مرّة، ويحاول في هذا النصّ أن يرسم عنه صورةً تبرز بعضاً من…