كيف أثّر الانسحاب الأميركي من أفغانستان على حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وعلى أوروبا وشعوبها؟ تلك التي يتعيّن على مسؤوليها أن يأخذوا آراء المواطنين بعين الاعتبار، في وقت يبحثون تداعيات الانسحاب على الحلف. وعليهم أن يقلقوا من تأثير الرأي العام على الحلف أيضاً.
الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية هنري أولسن، وهو الباحث في “مركز الأخلاقيات والسياسات العامة”، شدّد على أهمّية استطلاعات الرأي التي أُجريت بدءاً من عام 2020 حتى بداية عام 2021 في أوروبا، والتي لا بدّ من أن تكون محطّ اهتمام المسؤولين الأميركيين والأوروبيين على حدّ سواء، خصوصاً أنّها أظهرت آراء متفرّقة فيما يتعلّق بالمصالح الأميركية الرئيسية وبإشراك جيوش دولهم في النزاعات المسلّحة.
في هذا الإطار، أشار الكاتب إلى النتائج التي خلص إليها مركز بيو للأبحاث في حزيران 2021، والتي كشفت أنّ 61% من الأوروبيين أعربوا عن آراء إيجابية عندما سُئلوا عن الناتو، باستثناء اليونان، وأعرب أكثر من 55% من سكان كل دولة أوروبية عن رأي إيجابي في الولايات المتحدة. لكنّ المشكلة تتكشّف كلّما أُجرِي استطلاع بشكل معمّق أكثر.
فقد تبيّن أنّ معظم مواطني الدول الأوروبية يعارضون استخدام قواتهم لمساعدة أحد حلفاء الناتو. وبدا ذلك جليّاً من خلال بحث لـ”بيو”، سُئل خلاله مواطنون من 16 دولة يتألّف منها “الناتو”، هل يجب على كلّ دولة استخدام القوة العسكرية للدفاع عن حليف في الناتو في صراع عسكري خطير مع روسيا. فأجاب معظم المشاركين في الاستطلاع من خمس دول فقط، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وهولندا وليتوانيا، بـ”نعم”، فيما عارض معظم المشاركين الآخرين هذا الطرح، الذي بلغت نسبة معارضته 60% بين الألمان.
على خطٍّ موازٍ، أظهر استطلاع للرأي أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في كانون الثاني 2021 أنّ 60% من الأوروبيين يرغبون بأن تبقى دولتهم محايدة في أيّ صراع قد ينشأ بين الصين والولايات المتحدة. ووجد الاستطلاع أنّ 59% من المشاركين يعتقدون أنّ الصين ستكون أقوى من الولايات المتحدة خلال عقد من الزمن، مقابل 19% فقط يعتقدون باستمرار التفوّق الأميركي.
وقال 67% إنّ أوروبا لا يمكنها أن تعتمد باستمرار على واشنطن. وتشير الأرقام السابقة إلى أنّ الناخبين لن يدعموا الولايات المتحدة في الصراعات، بحسب الكاتب الذي أوضح في نهاية المقال أنّ القادة الأوروبيين سيواصلون ترضية ناخبيهم، وتقليل الاستثمار في الدفاع، وتجنّب المواقف القوية المناهضة للصين التي يريدها الأميركيون.