أين ذهبت الـ83 مليار دولار من الدعم الأميركي للجيش الأفغاني؟

مدة القراءة 5 د

يستمرّ زحف “حركة طالبان” وتقدّم مقاتليها مع السيطرة على مدن كثيرة في أفغانستان، في وقت غادر الرئيس الأفغاني أشرف غني “لتجنب إراقة الدماء مع دخول الحركة القصر الرئاسي في كابول”، بحسب ما أوضحه في منشور على فيسبوك.

وقد أثارت هذه التطورات حفيظة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي انتهز الفرصة لانتقاد خلفه جو بايدن، حيث دعاه للاستقالة بعد النصر الذي حققته “طالبان”، واصفاً ما قام به بايدن بالأسطوريّ، وأنّه “سيُصبح من أعظم الهزائم في التاريخ الأميركي!”.

 في هذا الإطار، أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إلى أنّ أفغانستان وقعت بقبضة “طالبان”، كذلك كان سقوط العاصمة كابول أسرع ممّا كان متوقعاً. وأضافت الصحيفة أنّ واشنطن تعمل على إجلاء دبلوماسييها ورعاياها من أفغانستان، بعدما تجمعوا في المطار.

وإذ ذكّرت الصحيفة أنّ “طالبان” استهلّت هجومها في أيار، مع بدء سحب القوات الأميركية، وما لبثت أن تغلبت على الجيش الأفغاني، الذي أنفقت عليه الولايات المتحدة أكثر من 83 مليار دولار لدعمه خلال العشرين عاماً الماضية، انتقد الكاتب في شبكةسي إن إن ستيفين كولينسون الانسحاب الأميركي “الفوضوي” والفشل الذي اقترفه بايدن والهزيمة التي مُنيَت بها واشنطن، واعتبر أنّ ما حصل بمثابة “كارثة سياسية” للرئيس الأميركي، وشدّد الكاتب على حجم الأزمة الحقيقي الذي يتمثّل بالمأساة الإنسانية للشعب الأفغاني الذي يواجه اضطهاد “حركة طالبان” مرّة جديدة.

ولفت الكاتب إلى أنّ الولايات المتحدة قادت غزو أفغانستان قبل 20 عاماً، في أعقاب هجمات 11 أيلول، وأسفرت الحرب عن مقتل عدد كبير من الأميركيين، كما أنفقت الولايات المتحدة في تلك الحرب تريليون دولار، لتأتي خاتمتها مفاجئة وصادمة.

وبينما أشارت صحيفة “واشنطن بوست” إلى المشاهد التي أظهرت دخول مقاتلي “طالبان” إلى القصر الرئاسي، رأى الباحث في مركز ويلسون للأبحاث بواشنطن مايكل كوجلمان أنّ “هذه الصور ستبقى مثالاً للقوة الأميركية المحدودة، خلال السنوات المقبلة، وسيتم الاستشهاد بها كمثال واقعيّ على عدم قدرة الولايات المتحدة على خوض الحروب بفعالية أو على إنهائها بشروط مناسبة”.

توازياً، سألت شبكةإي بي سي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن الانسحاب الأميركي من فيتنام في العام 1975 ومقارنته بالسيناريو الأفغاني، فردّ بالقول “هذه ليست سايغون”، في إشارةٍ إلى  العاصمة السابقة لجمهورية فيتنام الجنوبية. كما دافع الوزير الأميركي في مقابلة أخرى مع شبكةإن بي سي عن قرار بايدن بسحب القوات الأميركية من أفغانستان، معتبراً أنّ “طالبان” كانت ستنفّذ هجومها، حتى لو بقيت القوات الأميركية في أفغانستان.

وفي الوقت الذي يعيش فيه ثلاثة ملايين أفغاني في إيران، نشر موقع “ميدل إيست آي” مقالاً تطرّق إلى المواقف الإيرانية والروسية من التطورات الراهنة في أفغانستان، فهما الدولتان “الأكثر قلقاً بشأن الوضع الحالي” في أفغانستان. وكشف الموقع أنّ طهران وموسكو استبقتا ما يحصل الآن، وأجرتا اتصالات دبلوماسية مع “طالبان” قبل أشهر، في محاولة لدفعها إلى وقف حملتها العسكرية ضد القوات الحكومية وعدم جرّ البلاد إلى حرب أهلية. وبحسب ما ورد في المقال، فقد صبّت الجهود الإيرانية والروسية على جلب الحركة والحكومة الأفغانية إلى طاولة المفاوضات من أجل تشكيل حكومة جديدة، لكنّ “طالبان” بقيت مصمّمة على اجتياح أفغانستان، تاركةً الجهود الدولية بدون جدوى.

أمّا بالنسبة للصين التي تتقاسم حدوداً بطول 76 كيلومتراً مع أفغانستان، فهي تراقب ما يجري في العاصمة الأفغانية وترى أنّ المخاطر أكثر من الفرص، بحسب ما وردَ في تقرير نشرته شبكةسي إن إن، وذلك على الرغم من الحديث الذي أعقب إعلان بايدن سحب قواته من أفغانستان، عن أنّ الصين قد تغتنم الفرصة والفراغ الذي ستتركه أميركا من أجل توسيع نفوذها. لكن يتضح اليوم أنّ التحديات الأمنية التي تفرضها عودة “طالبان” هي أكثر إلحاحاً من المصالح الإستراتيجية في المستقبل.

إقرأ أيضاً: حكاية الأيام الأخيرة قبل سقوط كابول

كما نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالاً تطرّقت فيه إلى ممر واخان، وهو عبارة عن مساحة من الأرض تمتد من شمال شرق أفغانستان وتقع بين دول طاجيكستان وباكستان والصين. ولفتت المجلة إلى أنّ الممرّ الذي تتجه الأنظار نحوه، تتشاطره أفغانستان والصين بقسم حدودي، وكان قد نجم عن مفاوضات روسية بريطانية في عام 1895.

من جهته، رأى المحلل السياسي في “هآرتس” تسفي برئيل أنّ التقدّم الذي أحرزته “طالبان” سيُلزم إيران بالبحث عن استراتيجية دفاعيّة جديدة، ولا سيما أنّ الجبهة القريبة من إيران تُشكّل تهديداً لأمنها. وذكّر بنهاية آب الجاري، أي الموعد المحدد لانتهاء الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

ورأت صحيفة “جيروزاليم بوست” أنّ “حركة طالبان” التي كانت عام 2001 ليست نفسها الموجودة اليوم، وشبّهت الصحيفة الانسحاب الأميركي بالانسحاب الإسرائيلي من لبنان وغزة، والسيناريوهات التي أعقبته.

 

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…