بسبب تغيّبه يوميْ الجمعة والسبت، وعدم حضوره إلى مكتبه في وزارة العدل، لم يتبلّغ المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار دعوى الردّ المقامة ضده من جانب النائب نهاد المشنوق في قضية انفجار المرفأ.
وبخلاف دعوى الارتياب المشروع المقدّمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس أمام محكمة التمييز الجزائية، تُكفّ يد البيطار فور تبلّغه بدعوى الردّ بحقّه أمام محكمة الاستئناف ويُنقَل الملفّ إلى قاضٍ آخر. وهو ما يُتوقَّع حدوثه اليوم إلا إذا تخلّف المحقّق العدلي أيضاً عن الحضور، وهو أمر مستبعد.
سيتمّ التبليغ بالدعويين المقدّمتين من جانب فنيانوس (تمّ التبليغ) والمشنوق بحسب القواعد العاديّة لتبليغ الفرقاء. وقبول دعوى واحدة من هذه الدعاوى يؤدّي فوراً إلى ردّ الدعاوى الأخرى لكونها “أصبحت من دون موضوع”
والدعويان، وما يُنتظر من دعاوى أخرى من جانب رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، تخضع لأصول خاصّة لجهة المفاعيل والإجراءات والمهل.
وسيتمّ التبليغ بالدعويين المقدّمتين من جانب فنيانوس (تمّ التبليغ) والمشنوق بحسب القواعد العاديّة لتبليغ الفرقاء. وقبول دعوى واحدة من هذه الدعاوى يؤدّي فوراً إلى ردّ الدعاوى الأخرى لكونها “أصبحت من دون موضوع”.
وسيسبق تبلّغُ البيطار بدعوى الردّ من جانب المشنوق أيَّ إجراء قد يتّخذه الأخير بحقّ أيّ مدّعى عليه أو استكمال التحقيق مع الموقوفين والشهود. مع العلم أنّ الرئيس دياب (حُدِّدت جلسته في 4 أيلول) والنواب، الذين حدّد البيطار جلسات لاستجوابهم في 30 أيلول لخليل، و1 تشرين الثاني للمشنوق وزعيتر، لم يتبلّغوا بعد بالطرق الرسمية بالحضور أمام المحقّق العدلي.
وقد عاكَسَ وزير الداخلية بسام المولوي مساراً سابقاً اُعتُمد في التبليغات، حيث أبلغ الأمانة العامّة لمجلس الوزراء والأمانة العامّة لمجلس النواب والنيابة العامّة التمييزية قراره بعدم تبليغ دياب وفنيانوس وخليل وزعيتر والمشنوق بالاستدعاءات بواسطة قوى الأمن الداخلي، لأنّ التبليغات يجب أن تُسلّم من القضاء مباشرة.
هذا المسار القانوني والبديهي للمدّعى عليهم أمام الانحراف الذي شهده التحقيق في قضية لا تحتمل الخطأ في الاتّهام بـ”الاحتمال القصدي بالقتل”، وتحميل مسؤولية الدم لِمَن لا مسؤولية عليهم، سيضع ملفّ التحقيقات في انفجار المرفأ أمام مفترق حاسم.
سيسبق تبلّغُ البيطار بدعوى الردّ من جانب المشنوق أيَّ إجراء قد يتّخذه الأخير بحقّ أيّ مدّعى عليه أو استكمال التحقيق مع الموقوفين والشهود
منذ الآن بدأت تُطرَح التساؤلات عن مرحلة ما بعد طارق البيطار في حال تمّ قبول أيٍّ من هذه الدعاوى، وعن “الفدائي” الجديد الذي سيتحمّل عبء التحقيق في قضية هي الأكثر إيلاماً للّبنانيين منذ انتهاء الحرب الأهلية، ولا تحتمل هامش خطأ يبلغ واحداً في المئة بحقّ مَن لا مسؤولية عليه، فيما محاسبة المسؤولين الفعليين هو الهدف الأسمى في هذه القضية.
ويصرّ المتابعون لملفّ التحقيقات على أنّ ما حدث في المرفأ “هو الوجه الأبشع للتراخي والإهمال والفساد، وبالإمكان حصر المسؤولية عنه بأطرافٍ مسؤوليّاتُها محدّدة وواضحة حياله، لكنّ المحقّق العدليّ سلك طريقاً يتماهى مع ما يطلبه الشارع لا مقتضيات الحقيقة. وهو نفسه مَن سَمَح لنفسه باستقبال أهالي شهداء المرفأ من دون حضور فريق المدّعى عليهم في مخالفة صريحة ونافرة لأصول التحقيق”.
بين صفا والبيطار
وأمام ما أُثير من غبار في شأن اجتماع مسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا، إلى قضاة، في مكاتب قصر العدل، وتلقّي البيطار تهديدات بالواسطة من صفا، فقد علم موقع “أساس” أنّ فحوى اجتماعات صفا بشكل منفصل مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، ومدّعي عامّ التمييز القاضي غسان عويدات، والمحامي العامّ التمييزي القاضي غسان الخوري، ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، تركّزت على ما سُرِّب عن استدعاء رئيس مجلس إدارة مرفأ بيروت السابق حسن قريطم مجدّداً إلى التحقيق، وتغيير إفادته بحيث يُحمِّل حزب الله مسؤوليّة تخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت. وهو السبب الأساس الذي دفع صفا إلى التوجّه إلى قصر العدل. وتمّ التطرّق أيضاً إلى ملفّ “نيترات البقاع” الذي بدوره يشكّل مصدر قلق لحزب الله.
وفق المعلومات، كان جواب رئيس مجلس القضاء الأعلى لصفا مقتضباً، وجاء فيه: “أنا بحكم موقعي كرئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المجلس العدلي لا أستطيع أن أتحدّث مع المحقّق العدلي في القضية. لقد استمعنا إلى وجهة نظرك. وإذا كنتم تريدون قضاءً مستقلّاً في لبنان، فالقضاة يقومون بواجباتهم كما يجب”.
وقد عكس نائب حزب الله حسن فضل الله هاجس حزب الله من قضية نيترات البقاع عبر إعلانه أمس أنّ “الاستمرار في إخفاء المعطيات الحقيقية عن مصدر نيترات البقاع، وطريقة دخولها إلى لبنان وتخزينها خلافاً للقانون، يطرح علامات استفهام كبيرة عن الخلفيّات والجهات التي تحاول طمس هذه القضية المحوريّة”، معتبراً أنّ “الكشف عن خيوطها سيؤدّي إلى معرفة أمورٍ كثيرة، منها كيفيّة إدخال النيترات إلى لبنان، ومنها نيترات المرفأ، والجهات التي قامت بذلك.”
وتساءل: “مَن هي الجهات التي أتت بهذه النيترات؟ ومِن أين؟ وكيف أدخلتها؟ ومَن سهّل لها؟ ولأيّ غرض حقيقي؟ وهل تمّ التحقيق مع جميع المشتبه بهم؟ وأيّ علاقة لذلك كلّه بنيترات المرفأ؟”.
وقال: “ما يزيد من هذه الشكوك، ويثير الريبة، هو التشابه بين محاولات طمس الحقائق في هذه القضية وبين ما يجري في تحقيقات كارثة انفجار المرفأ، في مقابل التركيز بدلاً من ذلك على الخلل الإداري.”
إقرأ أيضاً: لماذا غاب البيطار عن قصر العدل..؟
وبدا لافتاً طرحُ حزب الله هذه التساؤلات علناً مع انتقال ملفّ التحقيق من شعبة المعلومات إلى استخبارات الجيش، بالتزامن مع عدم طلب المحقّق العدلي ضمّ ملفّ نيترات البقاع إلى ملفّ المرفأ.
ويقول مطّلعون إنّ “مواقف الحزب من تحقيقات البيطار بلغت سقفها الأعلى مع المواقف المعلنة من الأمين العامّ للحزب السيد حسن نصرالله. وليس من حاجة أبداً إلى إطلاق تهديدات على لسان مسؤول حزبي التقى إعلاميّةً بالصدفة لدى خروجه من مكتب “الريّس عبود”، وأكّد لها أنّ هناك مساراً قانونيّاً سيتمّ اللجوء إليه لردّ القاضي البيطار بسبب سلسلة أخطاء ارتكبها”.