أيّها اللبنانيّون: استعدّوا لفقدان الدواء

مدة القراءة 5 د

تشير تقديرات بحثية وتحليلات اقتصادية – اجتماعية، وفقاً لبحث أجراه “مرصد الأزمة” بالجامعة الأميركية في بيروت، إلى أنّ “وضع لبنان يتّجه إلى مزيد من التأزّم في المرحلة المقبلة، خصوصاً في النصف المتبقّي من عام 2021 وما بعده. وستتأزّم قطاعات محدّدة، كالصحّة والتربية، مهدِّدةً الأمن الاجتماعي للمواطنين. في حين يُتوقّع ارتفاع أكبر في معدّلات البطالة والفقر، المرتفعة أصلاً، والتي ستؤدّي حكماً إلى ارتفاع معدّلات العنف والجريمة والتوتّر الأمني”.

“بعد شهرٍ من الآن، سنفقد سريعاً الأدوية، وستقفل الصيدليات قسريّاً، إن لم تتوافر خطة بديلة”، بهذه الكلمات نبّه نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين إلى خطورة الوضع الحالي، مشيراً إلى أنّ “الأمن الدوائي للمواطن أصبح على المحكّ”، وأنّ “البحث عن دواء قد يتطلّب جولةً على الصيدليات? ساعات وساعات، ويبقى احتمال أن لا تجده. أكثر من 700 صيدلية أقفلت أبوابها. فيما حاكم ?مصرف لبنان? ?رياض سلامة? أبلغ المعنيين أنّه لن يستطيع الاستمرار في الدعم، بالمبالغ المتوافرة لديه، إلى ما بعد أواخر أيار… وهنا يبقى السؤال: هل يُرفع الدعم بشكل كامل عن الدواء؟ وهل تتّجه الأمور إلى مزيد من التأزّم؟ ما هي الخطة البديلة لتفادي الكارثة؟”.

نقيب الصيادلة: الأمن الدوائيّ بخطر

وقد أوضح نقيب الصيادلة غسان الأمين في حديث لـ”أساس” أنّ “القطاع اليوم في أزمة تجمع بين عاملين متناقضين، فمن جهة “بدك دوا”، ومن جهة أخرى “ما في مصاري”. وما يجري هو كباش بين حكومة تريد إبقاء الدعم للدواء من دون خطّة، وبين مصرف لبنان الذي أعلن نفاد الأموال المخصّصة للدعم”. واعتبر الأمين أنّه “يستحيل التقاء الخيارين، ومن الضّروري، لا بل من الواجب، البحث عن خيارات بديلة”.

“بعد شهرٍ من الآن، سنفقد سريعاً الأدوية، وستقفل الصيدليات قسريّاً، إن لم تتوافر خطة بديلة”، بهذه الكلمات نبّه نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين إلى خطورة الوضع الحالي

ودعا إلى “توفير البديل من خلال خطّة طارئة تُجمع عليها كلّ الوزارات المعنيّة والجهات الضّامنة والاختصاصيّون في ملفّ الدواء، بالإضافة الى المصرف المركزي”. وكشف أنّ “وزارة الصحة بمفردها لا تملك القدرة على إيجاد الحلّ. فالخطّة يجب أن تبحث عن مصادر أخرى للدّواء (أدوية بديلة) من شركات عالميّة، ومنها أدوية “الجينيريك”، لأنّها تجمع بين الفعالية المطلوبة والأسعار التنافسية التي يمكن أن تكون أقلّ بنحو 30 في المئة من تلك المعتمدة في السوق، ولأن “أدوية البراند” الموجودة على لوائح الجهات الضّامنة أصبحت غير متوافرة، مع العلم أنّ هذه الجهات تُغطّي حوالي 63 في المئة من الشعب اللبناني”.

ودعا الأمين إلى “عقد اجتماع طارئ، في أسرع وقت ممكن، بين الوزارات المعنية وبين حاكم مصرف لبنان للوصول إلى خطة تواكب التّدهور الحاصل. أمّا استمرار الأوضاع على حالها فيعني أنّنا نسير بأقدامنا إلى مزيد من التّأزيم الّذي سيوصل في نهاية المطاف إلى إقفال الصّيدليّات في ظلّ عدم توافر الدّواء. وفي الفترة الماضية، أقفل عدد كبير من الصّيدليّات أبوابه، وهذا الواقع سيؤدي حتماً إلى فتح السوق أمام أدوية غير فعّالة أو مزوّرة لتسدّ الفراغ الحاصل”.

وطمأن الأمين إلى أنّ “استيراد أدوية أرخص لن يؤثّر على نوعيّة هذه الأدوية وجودتها لأنّه سيكون من دول لها خبرتها في موضوع الدّواء كأميركا والدول الأوروبية. وما أطرحه ليس خطّة متكاملة، بل هو إطار عامّ يجب أن تناقشه الوزارات المعنيّة في ما بينها، وأن يشارك فيه الاختصاصيّون”.

وكشف الأمين أنّ “في لبنان 3500 دواء، ومن الممكن تقليص عددها إلى 1500، وتوفير بدائل لها بسعر أدنى. وبهذه الطّريقة يستطيع مصرف لبنان أن يدعمها لفترة أطول”، معتبراً أنّه “لو اعتُمِدت سياسة ترشيد الدّعم قبل 7 أشهر لَما وصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم”. أمّا عن حليب الأطفال فقال “وزارة الصّحة تسعِّره، وله أهمية الدّواء عينها، ويواجه مشاكل الاستيراد نفسها”.

من جهة أخرى، بيّن الأمين أنّ “وزير الصحة حمد حسن تعهّد في وقت سابق بمساعدة ?القطاع الصيدلي على الاستمرار، وبمنع انهياره عبر تقديم الدّعم. وقد نفّذ وعده من خلال إعطاء الصّيادلة الحوافز على بعض الأدوية الرّخيصة، لكنّ هذه الخطوة تصلح في ظروف معيّنة. فما هو مهمّ اليوم للصّيدلي هو توافر الدّواء. ففقدان الأدوية يعني إقفال الصيدليات. وبكلّ أسف هذا الأمر سيدفع ثمنه المواطن قبل الصّيدلي”.

دعا الأمين إلى عقد اجتماع طارئ، في أسرع وقت ممكن، بين الوزارات المعنية وبين حاكم مصرف لبنان للوصول إلى خطة تواكب التّدهور الحاصل

وفي الختام، أسف الأمين لحوادث العنف? الّتي يتعرّض لها الصّيادلة نتيجة فقدان الأدوية، وقال: “العنف الّذي كنّا نحذّر منه في السّابق أصبح أمراً واقعاً. وهو مرشّح للتّصاعد في المرحلة المقبلة، وهذا يُنذر بعواقب وخيمة. وأناشد، عبر منبركم، الرئيس حسان دياب تحمّل المسؤوليّة والتكيّف مع الجوّ العامّ ضمن إمكانات مصرف لبنان، والوصول إلى الخطّة المطلوبة حفاظاً على الأمن الدوائي للشعب اللبناني، لأنّ وجود الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال لا يُعفيها من مسؤوليّاتها تجاه شعبها، بل على العكس هذا الملف هو من صلب واجباتها”.

إقرأ أيضاً: نوافذ أمل طبية: أسابيع لإثبات تجارب أدوية كورونا

أسبابٌ أخرى للأزمة

أحد الصيادلة، وقد طلب عدم نشر اسمه، قال إنّ “هناك أسباباً إضافية لانقطاع الدواء ليست لها علاقة بأزمة المعاملات المتوقّفة في مصرف لبنان، ومنها تهافت المواطنين غير المسبوق على تخزين بعض الأدوية خوفاً من انقطاعها. أمّا السبب الآخر فهو هبوط أسعار بعض الأدوية بسبب التسعيرة الجديدة التي نتجت عن انخفاض سعر صرف الليرة، إذ دفع هذا الهبوط في الأسعار المستوردين إلى عدم استيرادها لأنّها لم تعد مربحة. إلى ذلك، تضاف مشكلة الأدوية “الفرداوية”، وهي التي لا بدائل لها. فعندما تنقطع هذه الأخيرة تحدث بلبلة لعدم وجود بدائل، ومنها دواء لازيكس (Lasix)، الذي بات نادراً وجودُه في الصيدليات”.

مواضيع ذات صلة

إسرائيل تتوغّل جنوباً: هذه هي حرّيّة الحركة!

بعد انقضاء نصف مهلة الستّين يوماً، الواردة في اتّفاق وقف إطلاق النار، ها هي القوّات الإسرائيلية تدخل وادي الحجير. ذلك الوادي الذي كان في عام…

الموقوفون الإسلاميّون… ملفّ أسود حان وقت إقفاله

عاد ملفّ الموقوفين الإسلاميين إلى الواجهة من جديد، على وقع التحرّكات الشعبية المطالبة بإقرار (العفو العام) عفو عامّ لحلّ هذا الملفّ، الذي طالت مأساته على…

الجماعة الإسلامية: انقلاب يقوده الأيّوبيّ ومشعل

إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في “الجماعة الإسلامية”، فعليك أن تعرف ماذا يجري في حركة حماس،  وعلاقة الفرع اللبناني بالتحوّلات التي تشهدها حركة حماس……

لا تعهّد إسرائيليّاً بالانسحاب

قابل مسؤولون إسرائيليون الشكاوى اللبنانية من الخروقات المتمادية لقرار وقف إطلاق النار، بسرديّة مُضلّلة حول “الانتشار البطيء للجيش اللبناني في جنوب الليطاني، بشكل مغاير لما…