عمرو موسى لـ”أساس”: معظم السياسيين اللبنانيين فشلوا والخلاف مع إيران عمره ألف عام

مدة القراءة 23 د

دخل المصوّر الفوتوغرافي القاعة بسرعة ورهبة بادية. آلة التصوير بين يديه. والتماع غريب في عينيه.

قبل أن يجهّز آلته، أو يستعدّ لتنفيذ مهمّته وترتيب مقتضياتها، ويعرف أو يتعرّف إلى الحاضرين أو المناسبة، نظر إليه بشيء من تهيّب، ثمّ بادره بالكلام: “العفو من حضرتك. لكن هل يمكن أن أطرح عليكم سؤالاً قبل التصوير؟”. وتابع: “أريد أن أعرف رأي حضرتكم في ما أُثير أخيراً عن قناة السويس. أنا أثق برأيكم. وأعرف تماماً أنّ لديكم الجرأة والشجاعة على قول الحقّ”.

كانت التحيّة المهنيّة من مصوّر مصريّ إلى عمرو موسى، يوم السبت الماضي في النادي الدبلوماسي في القاهرة.

تحيّة تختصر كلّ كلام التقديم: مصر أوّلاً دولة وطنية كاملة. ينبض إنسانها، مثل مصوّرنا، انتماءً وهويّة. مسارعته إلى الخروج عن مهمّته وطرح قضيّته الوطنية قبل أيّ شيء آخر. وهو في ذلك خير ممثّل لمئة مليون. وفي أنّ عمرو موسى واحد من آخر كبار مصر تلك. أو حتى من آخر كبار المنطقة. كِبرٌ يدفع مواطناً لا يعرفه، إلى التطفّل عليه. لأنّه يثق برأيه. ويثق بشجاعته في قول الرأي.

عمرو موسى، لم نصدّق بعد ساعات الكلام الثلاث، وبعد البحث على محرّك غوغل، أنّ عمره 86 عاماً. بنية جسدية في منتصف العمر لا أكثر. وبنية ذهنية وعقلية تغرف من كلّ المواضي، مشدودة بدقّة إلى قراءة الحاضر وترقّب المستقبل.

هو يعرف مصره غيباً. حتى ولو غاب عن مسؤوليّاتها كافّة، كما يحرص على التنويه. يبحث فيها عن حكم رشيد. يحاذر بدقّة توجيه أيّ سلبيّة، أو تقديم أيّ شهادة أو إشادة. لكنّه يكتفي بإشارة معبّرة إلى مدى ارتياحه لوجود “نبضات ديمقراطية”. في انتخابات النوادي والنقابات ومؤسّسات أهليّة.

 

كانوا يريدون اختفاء الرئيس رفيق الحريري، ولو كان موجوداً لتغيّرت أمور كثيرة

يعرف المنطقة كمن يتصفّح موسوعة إلكترونية بعينين من ذكاء اصطناعي. يرسم مناطق نفوذ تركيا وإيران وإسرائيل، ويرتّب أولويّاتها ومخاطرها على هذه المنطقة… قبل أن يخلص إلى وصيّة، أو وصفة، هي قاعدة ضرورية لصناعة مستقبلها وصونه: قيام المحور المصري – السعودي وتصليبه وتعميمه.

يعرف العالم بدقائقه، من حرب أوكرانيا وصعود الصين، إلى زمن ما بعد كورونا وتحيّزه في مونديال قطر.

عمرو موسى اختاره موقع “أساس” لحوار العام، في نقاش عن أحوال أوطاننا ومنطقتنا والعالم. وهو لم يبخل بالقراءات والخفايا والأسرار. مع اليقين بأنّ في جعبته الكثير الكثير.

قلتم في مقابلة صحافية إنّ مصر منذ عهد الملك فاروق حتى الرئيس محمد مرسي لم تعرف الحكم الرشيد، وتعيش اليوم حال اكتئاب. أما زلنا في هذا الوضع؟ وكيف العلاج؟

أوّلاً أنا سعيد بمجيئكم إلى القاهرة. هذه المنطقة لم تعرف الحكم الرشيد بالمعنى الحقيقي لهذا التعبير. عرفت درجات منه. لكنّ الحكم الرشيد بالمعنى الشامل يتطلّب من مواطني العالم العربي العمل على مناقشة هذا الموضوع. الحكم الرشيد يعني سيادة القانون، ليس من أعلى، بل أن يعرف المواطن حدوده في إطار القانون. هذه مسألة غير موجودة. كذلك كلمة الدستور، بما هو وثيقة يجب احترامها.

في مصر مثلاً مرجعيّتنا الدستور وسيادة القانون وحسن تطبيقه، وعناصر أخرى مثل نشر التعليم المعرفة. لو كان هناك حكم رشيد حقيقي، لَما كانت ثورات أو انتفاضات العام 2011، ولَما نجحت التدخّلات والخطط التي بُنيت على أنّ الشارع سوف يتحرّك.

عدم انحياز جديد

كيف ترى المشهد في مصر في ظلّ حالة اللايقين؟

هذه الحالة منتشرة في العالم كلّه. الكلّ يتحدّث عن عدم اليقين. وكلمة “uncertainty” الإنكليزية حاضرة في أحاديث صالونات العالم. هل تظلّ الولايات المتحدة المتصرّف الأول والأكبر في مصير العالم؟ هل ترتفع الصين فعلاً إلى مستوى تحدّي أميركا وتستطيع هزيمتها، وتصبح الدولة الرئيسية؟

معنى الدولة العظمى الأولى أن تكون مسيطرة ثقافياً واقتصادياً وسياسياً وأمنيّاً، وقادرة على التصرّف في أكثر من مكان وقارّة. ومن الأسئلة المطروحة: هل نحن ذاهبون إلى حرب باردة أو إلى أكثر من حرب باردة: حرب باردة بين الغرب وروسيا، وأخرى بين أميركا والصين؟ وهل هما متماثلتان أم لهما مساران مختلفان؟ وكيف سنتصرّف في هذا؟ ومن نحن؟ وهل نستطيع أم لا؟

هذا يثير تساؤلاً: هل آن الأوان لحركة مشابهة لعدم الانحياز؟ أو لحركة تكون استمرارية لحركة عدم الانحياز؟ لا، لا يمكن العودة إلى حركة عدم انحياز مثلما كانت في الخمسينيات والستّينيات.

 

لكن من سيقود هذه الحركة؟

لا يوجد اليوم مثل نهرو وعبد الناصر. لكن لولا دا سيلفا عاد من جديد لقيادة البرازيل. هو واحد من هذه الشخصيات المحورية في العالم الثالث. سألتقي به أو بمستشاره للأمن القومي الذي كان وزيراً للخارجية. لولا اسم كبير ويستطيع.

 

حروب باردة قوميّة

هل تعتقد أنّ الحرب الباردة بين دولتين أكثر ممّا هي بين كتلتين؟ وماذا عن تركُّز الحروب حاليّاً في المجال الاقتصادي؟

لا، الحرب الباردة هي في النهاية بين كتلتين. الفكر الغربي الرأسمالي القائم على الديمقراطية، هو الذي يجمع الغرب. لا شيء آخر يجمع الغرب. حتى المصالح الاقتصادية متعارضة. لكنّ المحور الاقتصادي ليس اقتصادياً فقط. فهو جيوسياسي ويتعلّق بالتشكيل الذهني والأيديولوجي. في القومية الجديدة الصاعدة، لا تحضر الرأسمالية والشيوعية، بل القومية. الحدّة القومية لها مظاهرها في المجتمعات الأوروبية الغربية والولايات المتحدة الأميركية، حيث يقولون: نحن نمثّل الديمقراطية وحقوق الإنسان، والباقون يمثّلون الضدّ. هكذا يقولون. إذاً نحن أمام صراع بين ثقافتين.

أخطأنا في الوثوق بمن لا يستحقّ الوثوق به. لا بدّ من التركيز على بناء المجتمع

من المرشّح في منطقتنا لأن يكون محاوِر البرازيل في ظلّ لولا؟

نحن يجب أن نكون معاً. مصر تستطيع محادثة لولا. ودعته إلى حضور مؤتمر شرم الشيخ. لكن لا بدّ أن يتحدّث العالم العربي بصوت واحد. لا يمكن أن نتجاهل دور السعودية المهمّ، وإسهام الخليج والمغرب العربي والجنوب العربي. يجب أن نكون معاً لنمثّل العالم العربي.لا يمكن تجاهل حقيقة وجود عالم عربي.

ما حدث في تونس في كانون الأول 2010 في قرية نائية ربّما لم يعلم به التوانسة أنفسهم. وحدث ما حدث. قامت التظاهرات هناك. وفي ظرف ساعات قامت تظاهرات في القاهرة ثم في دمشق وعمّان. وكانت بيروت حاضرة. ماذا يعني هذا؟ يعني أنّ هناك عالماً عربياً، وتفاعلاً عربياً. في مونديال قطر حارس المرمى المغربي بونو لم يقبل إلا أن يتحدّث بالعربية. ما معنى ذلك؟ هذه أمثلة على أنّ هناك عالماً عربياً فيه كرده وأمازيغه ومسلموه ومسيحيّوه وبعض يهوده. يجب أن نبحث في العالم العربي كيف نكون على مستوى القرن الحادي والعشرين.

 

كيف ترى مآل التأجّج في العالم العربي؟

الأزمة الفلسطينية موضوع مهمّ جداً. المشاكل كبيرة. خلقها المستعمرون التقليديون. وأخطأنا في الوثوق بمن لا يستحقّ الوثوق به. لا بدّ من التركيز على بناء المجتمع، بناء الناس، ليس بالصياح واستخدام الميكروفون وخلق الزعامات على أساس الكلام الكبير. نحن أخطأنا عندما لم يكن الحكم رشيداً ولا المجتمعات. فلنحاول معالجة المشاكل، وتحديداً الموضوع الفلسطيني والعراقي. هناك تقارب عراقي – مصري – أردني – سعودي. وهناك محاولة لإنقاذ العراق الذي يشهد صحوة ما. هناك صحوة عربية. يجب أن نتعامل مع العراق، ونكون أحد عناصر إعادته إلى صحّته. العراق تعرّض لغياب مستمرّ للحكم الرشيد، سواء من الحكام العراقيين أو من التدخّلات الخارجية، وقمّتها كان الغزو.

 

عداوة العرب مع إيران عمرها ألف عام

ما رأيك في الدور الإيراني في العراق؟

الدور الإيراني خارجي في العراق، وكلّ تدخّل خارجي مردوده سلبي. استخدام موضوع الشيعة والسنّة والنزاع بينهما، والعرب والكرد والنزاع بينهما، لم يكن مصدره داخلياً، بقدر ما دُفع المجتمع إلى التركيز عليه واستثماره سلبياً. إذا كانت إيران تقدّم نفسها دولةً شيعية أو فارسية، فهذا موضوع في معظمه سلبي. وأنا أتحدّث كعربي مصري. ونحن في مصر ليس لدينا موضوع الشيعة والسُّنّة. حدث في تاريخنا أنّ إمبراطور إيران الشيعي تزوّج الأميرة المصرية فوزية، وشيخ الأزهر عقد الزواج. وكان المذهب الشيعي الرئيسي الاثنا عشريّ جزءاً من التعليم في الأزهر. وسوف يعود الآن.

استخدام المذهبية في العلاقات داخل الهلال الخصيب أضرّ جداً باستقراره. إيران أخطأت استراتيجياً وتاريخياً. قادة الحرس الثوري يقولون إنّ إيران هي المتصرّفة والمتحكّمة. هذا أمر مرفوض من جانب كلّ عربي.

 

من أين لإيران هذه القوّة لو لم يكن الصراع المذهبي في الداخل؟

في العالم العربي نواجه تحدّيات ثلاثة: من إيران، من تركيا، ومن إسرائيل.

التحدّي التركي هو تحدّي دولة تعتبر نفسها كبيرة وتملك إطاراً ثقافياً غير أيديولوجي. هي لا تتصرّف كدولة سنّيّة إزاء دولة شيعية. الحسابات في تركيا مختلفة عن تلك القائمة في إيران. منطلق إيران الأساسي هو الشيعيّة، وربّما الفارسيّة. والتنافس على هذا الأساس بائد. تركيا تتصرّف بمقتضيات القرن الحادي والعشرين. إيران منطلقاتها من القرن الثاني أو الثالث الهجري. يمكن أن نختلف مع الأتراك، لكنّنا لا نستطيع أن نقبل الطرح الإيراني. فلا يصحّ أن نقبل العودة إلى القرون الثاني أو الثالث أو الرابع الهجرية.

أمّا إسرائيل فليس بيننا وبينها إلا موضوع فلسطين. وهو موضوع عمره ثمانون عاماً. لكنّ إيران بيننا وبينها ألف عام تقريباً. على إيران أن تعيد النظر، ليس فقط في سياستها، بل في أقوالها وتصرّفاتها. ما نشاهده في لبنان لا يمكن أن نهضمه. وما شاهدناه في العراق لا يُهضم بسهولة. إيران دولة في هذه المنطقة. هي دولة إسلامية كبيرة. ولديها حضارة معترَف بها. وسائلها وطرقها وسياستها غير مقبولة. نختلف مع تركيا في ليبيا. لكن لا نختلف معها هذا الخلاف التاريخي لأنّها لم تطرح عثمانية جديدة. أمّا إسرائيل فبيننا وبينها موضوع الأراضي المحتلّة، بما فيها الأراضي السورية.

العرب بين تركيا وإيران

في مُذكّراتكَ ركّزتَ على تركيا والتطرّف الإسلاميّ، ما هي قراءتك ماضياً وحاضراً؟

كنت سأجيب عن هذا السؤال بأنّنا نتحدّث عن الرّئيس رجب طيب إردوغان وليس عن تركيا. في الحالة الإيرانية نتحدّث عن الحكم الذي بدأ عام 1979. الحالة الإيرانية أكثر تجذّراً في الحكم من حالة إردوغان الذي يواجه انتخابات بعد أربعة أشهر، وقد يفقد الحكم.

تركيا هي إحدى الدول القليلة القادرة على الحديث مع موسكو وواشنطن في الوقت نفسه بالحرّيّة نفسها. تتعاون عسكرياً مع واشنطن والحلف الأطلسي ومع الروس. وهي قادرة أن تلعب دوراً في الدّول السّوفيتيّة السابقة التي تتحدّث اللغة التركية. بالتالي لديها حالة من الانتشار المعرفي غير السلبي. لها مجال واسع في محيطها وفي آسيا الوسطى، وتدخّلت في الحرب بين أذربيجان وأرمينيا ففرضت أوضاعاً جديدة، وكذلكَ في البحرَيْن الأسود والمتوسّط. لها علاقة بأوروبا وإفريقيا.

إضافة إلى السلبيات التي ذكرتها، فقد تشعل إيران مرّة أخرى جذور التّنافس السنّيّ – الشيعي. على سبيل المثال عندما تنتشر يميناً في أفغانستان ولا تقدّم حلولاً جديدة.

في اجتماع في أبو ظبي، كان هناك مسؤولون هنود. في حديث جانبي معهم تحدّثنا عن إيران ورفض العرب ممارساتها. أجابوا: “هناك فرقٌ بين ما ترونه من سلبيات إيران، وما نراه من إيجابياتها”. في آسيا دور إيران كبير، ولا سيّما في أفغانستان ولدى قبائل جنوب آسيا. وقالوا: “نحتاج إلى مُساهمة إيجابيّة من إيران. ولم يبدُ لنا حتى الآن أنّ هناك إسهاماً سلبياً”. أجبتهم: “لا ترون أن هناك إسهاماً سلبياً عندكم، لكنّ الأمر مختلف عندنا”.

هذا الحوار أوضح لي أنّ لإيران بعداً آخر غير البعد العربي. ولكلّ من تركيا وإيران أبعاد جيوسياسية من شمال آسيا إلى جنوبها. لكنّ تصرّفات وسياسات وعلاقات تركيا تعتمد على معطيات القرنَيْن العشرين والحادي والعشرين، فيما إيران تعتمد على معطيات القرون السابقة. وقد لا يكون لها مكان في القرن الحادي والعشرين.

إيران أخطأت استراتيجياً وتاريخياً. قادة الحرس الثوري يقولون إنّ إيران هي المتصرّفة والمتحكّمة

بعد الحرب الأوكرانية، تخوّفتم أن تتّجِهَ أميركا إلى تفاهمات مع تركيا وإيران وإسرائيل. هل يمكن إيضاح ذلك؟

كان هذا قائماً قبل حرب أوكرانيا. هناك مدرسة تقول إنّ الغرب يفضّل أن يتعامل مع إيران على أن يتعامل مع العرب ككلّ، لأنّ لإيران عنواناً واحداً، فيما للعالم العربي عناوين مُختلفة. حينَ كنت أميناً عامّاً للجامعة العربية، حاولتُ أن أجعل الجامعة العنوان كي يستطيعوا التحدّث معنا. نجح ذلك لأنّ وزير الخارجية السّعوديّ حينذاك الأمير سعود الفيصل أيّدني في ذلك. لكنّ مصر لم تؤيّد توجّهي. لاحظت أنّ اجتماعات قمّة السبعة تدعو الاتحاد الإفريقي ومنظمات إقليمية أخرى ولا تدعو الجامعة العربية. فصمّمت على أنّه لا بدّ من دعوة الجامعة. ونجحت في ذلك.

حضرت في 2010 قمّة الدّول السّبع في فرنسا. دخلت قاعة صغيرة جدّاً. كان فيها كلّ من له كلمة في إدارة العالم. سألني أوباما: “هل ستتحدّث عن إسرائيل؟”. قلت له: “طبعاً”. فردّ: “سأردّ عليك”. قلت له: “تفضّل. إنّك رئيس الولايات المتحدة”. وفعلاً تحدّثت عن ذلك وردّ عليّ. من الضروري أن نعمل على تكرار هذا الوجود.

كان لدى إيران وتركيا نفوذ قبل حرب أوكرانيا. وجاءت الحرب فأعطت لتركيا فرصةً لتطرح نفسها دولةً لها كلمة في أكثر من منطقة، ومن بينها البحران المتوسط والأسود وشمال آسيا والقوقاز وإفريقيا.

أين مصر في هذه التقلّبات؟

مصر تتعامل مع تركيا اليوم بحذرٍ. ليست هناك قطيعة. وشاهدنا مصافحة بين الرئيسيْن عبد الفتاح السّيسي وإردوغان على هامش افتتاح المونديال. أمّا إيران فليست لدينا عقدة دينية أو مذهبية حيالها، بل يوجد خلافٌ على مسار سياستها الإقليمية. السياسة المصرية في المنطقة عربية. مصر والسعودية هما الأساس، ومعهما عدد من الدول التي تمثّل العالم العربي. نحن من يجب أن ندرس معاً الشكل والمضمون اللذين يجب أن تكون عليهما العلاقات العربية مع تركيا وإيران. نطرح استعدادنا للتحدّث معهما، حتى نبني المنطقة من جديد. وإلا فستُبنى المنطقة بشكل لن يتماشى مع مصالحنا. الأداءان التركيّ والإيرانيّ يوجِدان أوضاعاً سياسية تتطلّب التفاهم معهما. هذا كان واضحاً عند توقيع الاتفاق النووي 2015. لم يطلب الغرب من إيران أن تغيّر سلوكها، ولم يُطلِع العرب على تقدُّم المُفاوضات معها. لا بدّ أن نفرض وجودنا بالتّفاهُمِ معاً على خطوط استراتيجية نطرحها، لا أن ننتظر أن تُطرَح علينا. أنا من دُعاة التنسيق الاستراتيجي بين مصر والسعودية، على أن يضمّ عدداً من الدول العربية.

أؤيد بشدة “عصرنة” الحركة الدينية السعودية

كيف تنظر إلى السعوديّة الآن؟

هناك مظاهر وملامح “سعودية” جديدة واضحة. هناك تفسير عصري للحركة الدينية. تعامل الملك سلمان ووليّ عهده الأمير محمّد بن سلمان معها بطريقة عصرية. أُعِيدَ النّظَر في كلّ ما كان يُستند إليه من تفسيرات مُتشدّدة للدين، وفي دور المرأة. أنا أؤيّد هذه الولادة الجديدة بشدّة.

سياسة الجوار العربيّ

أين أصبحَ الحوار مع دول الجوار العربيّ الذي دُعيت إليه؟

طرحت الموضوع، وقدّمت مقترحاً بشأن الجوار العربي مثل باكستان وإثيوبيا ودول البحر المتوسط والدول الإفريقية المحيطة. كان الهدف من ذلك أن نصبح 44 دولة في الجامعة العربية بدلاً من أن نكون 22 دولة. كان طرحي علنيّاً، فالدنيا تتغيّر. وتحيط بنا دول معظمها صديقة. وهناك دول توجد تأثيرات أجنبية عليها. لا بدّ أن نكون السبّاقين إلى فتح أبواب الفرص معها. وبالتالي اقترحتُ أن تكون هناك سياسة اسمها “سياسة الجوار العربي”، تقوم على خلق المصالح المشتركة مع الدول المحيطة.

هذا مهمّ جداً على الصعيد الاستراتيجي. لكنّ اقتراحي لاقى اعتراضات. حاولت أن أفتح الباب لمسار جديد مع “الجوار العربي”، الذي يشمل إثيوبيا. قلت للرئيس مبارك حينذاك: “ستكون هناك مشكلة مع إثيوبيا، لم يكن سدّ النّهضة وقتئذٍ بهذا الحجم، سآتي إليكَ بإثيوبيا إلى هنا كلّ ثلاثة أو أربعة أشهر وتجلس في الجامعة العربية، ونتحدّث معها”. لكنّه رفض. حاولت أن أنشىء منتدىً يجمع كلّ هذه الدول. لم يحدث ذلك لأنّني لم ألقَ التأييد الكامل.

سياسات الإسلام السُّنّيّ

هل ترى تماثلاً بين تداخل الإسلام السياسي السنّيّ، عبر حركة الإخوان، مع تركيا وبين تداخل الإسلام السياسي الشيعي مع إيران؟

تحضرني حادثة طريفة. كنّا في زيارة لتركيا مع الرئيس مبارك سنة 1998. كان الرئيس سليمان ديميريل رئيساً للجمهورية. وكان رئيس الوزراء الإسلاميّ نجم الدين أربكان. كان واضحاً أنّه على وشك الخروج من الحكم. كان مستبعداً من كلّ مراسم الزيارة. جاء ليقوم بزيارة تحيّة للرئيس مبارك، وكان أوّل ما قاله باللغة العربية: “أهلاً وسهلاً سيادة الرئيس. نحن سعداء بوجودك. ولي طلب”. أجابه مبارك: “تفضّل”. قال: “أن تفرج عن موقوفي الإخوان في مصر”. قال الرئيس مبارك: “ماذا تقول؟ ما شأنكم؟ إن كنتم تريدون الإخوان فأرسل طلباً رسمياً وخذوهم. سأرسلهم كلّهم”.

هذا يوضح مدى ارتباط الإسلام السياسي في تركيا بدور الإخوان. يُقال إنّ الكثير من قادة حزب الرفاه، وربّما “العدالة والتنمية”، هم من الإخوان. هذا هو السبب في دعم إردوغان للحركة.

ذهبنا إلى تركيا بعد هذه الأزمة في شهر رمضان عام 2013، أنا وإياد علاوي وفؤاد السنيورة وطاهر المصري، ومحمد جاسم الصقر مقرّر المجموعة. بدأ علاوي الحديث مخاطباً إردوغان. قال: “كما تعرف أنا رئيس وزراء العراق السابق. ومعنا عمرو موسى. إنّما أنا سأتكلّم عن مصر وليس عمرو موسى”. وتابع: “سيادة الرئيس. تقتضي المصلحة أن تعود المياه إلى مجاريها بين تركيا ومصر. وأنت عندما تكون مع مصر فستمثّلان قوة كبيرة في العالم الإسلامي. أمّا أن تحالِف منظّمة في مصر فهذا لا يليق بتركيا”. لم يردّ عليه إردوغان، وتوجّه إليّ وقال: “لقد أخطأنا”.

هناك مظاهر وملامح “سعودية” جديدة واضحة. هناك تفسير عصري للحركة الدينية. تعامل الملك سلمان ووليّ عهده الأمير محمّد بن سلمان معها بطريقة عصرية

قابلنا في ذلك اليوم عبدالله غول وأحمد داود أوغلو. كان الحديث مُهمّاً جدّاً. من ضمن ما قاله: “الديمقراطية”… وما إلى ذلك. رددنا أنّنا نُرحّب بالديمقراطية. وقلنا إنّ “تدمير الدول والانقلاب على الأنظمة والحكم المختلط دينياً وسياسياً، تقوّض هدف الحكم الرّشيد”. لم يقتنع لأنّه يعتقد أنّ الدين والسياسة أمرٌ واحدٌ. كان طرح غول سلساً، إنّما الجوهر واحد. أمّا طرح إردوغان فكانَ قاسياً جداً، فيما كان طرح داود أوغلو بين الاثنين.

 

هل يَئسَ إردوغان من مشروعه؟

البشر يتطوّرون، ومن بينهم الحكّام لأنّهم، بالممارسة، يرون نتائج سياستهم، ويسمعون أكثر، وينظرون إلى الصورة بمنظارٍ أوسع. إردوغان اليوم ليس نفسه سنة 2011.

نصرالله ولبنان واليأس

يوم كنت أميناً عامّاً للجامعة العربية كان دورك كبيراً ومباشراً. ما الذي يمكنك أن ترويه عن هذا الدور؟ وكيف يمكن أن يتصرّف المحور السعودي المصري مع الأزمة اللبنانية؟

آنذاك كانت نهاية حكم الرئيس إميل لحّود، وبدأ الحديث عن الرئيس المقبل. وقد تحدّثت مع زعماء عمّا قرأته وسمعته من أنّ هناك توجّهاً للاتفاق على قائد الجيش ميشال سليمان. عرفت ميشال سليمان رجلاً عاقلاً ومحترماً. ووضعت طرحاً عربياً يؤيّده العرب واللبنانيون لنصل إلى نقطة مشتركة.

 

هل بدأ هذا المسعى لبنانيّاً داخليّاً أم عربيّاً خارجيّاً؟

بدأ لبنانياً داخلياً. وتحرّكنا في هذا الإطار. وحدث تفاهم وتوافق. زرت الشيخ حسن نصر الله، وقد حرت هل أستخدم لقب “الشيخ” أم “السيّد”. بعث لي سيارة فيها ستائر تفصلنا عن السائق، كسيارات الموتى. وتنقّلنا بين سيارات وكاراجات كثيرة. واستقبلنا نصرالله على باب مصعد. عقدت معه جلسات عدّة. كان يستمع جيّداً. كي تهدّىء الأجواء تستطيع أن تقول له إنّك تحمل رسالة من فلان. كان متعاوناً في الحقيقة. أذكر أنّ جلساتي معه كانت من أفضل الجلسات السياسية في الأخذ والردّ. كذلك مع ميشال عون.

على الرغم من تأزّم لبنان آنذاك كان الجوّ أفضل بكثير ممّا هو اليوم. لم يكن يسود اليأس والإفلاس والاتّهامات المتبادلة بين الأطراف. لم تكن الطبقة الحاكمة أو الناس يتعاملون من منطلق اليأس. اليوم اليأس هو المسيطر ويخلق أوضاعاً مختلفة.

الدور العربيّ

هل يدفع الوضع اليوم باتّجاه دور عربيّ إضافي.. أو العكس؟ وهل ترى انكفاءً سعوديّاً في الملف اللبناني مقابل حضور فرنسي؟

ما معنى انكفاء؟ لا أعتقد ذلك. ربّما أرادت الدول العربية أن تتحدّث مع اللبنانيين أوّلاً قبل أن تتحدّث مع (الرئيس إيمانويل) ماكرون. ونشاط السفير السعودي كبير جداً في لبنان، ولقاءاته بالزعامات والمرجعيات تشير إلى دور السعودية. وحين كنت منشغلاً بالمسألة اللبنانية كان تأييد السعودية واضحاً. وزير الخارجية آنذاك الأمير سعود الفيصل كان داعماً ويردّ على أيّ انتقادات.

 

في مذكّراتك تقول إنّ اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان جزءاً من ترتيبات للمنطقة. هل ما يحدث في لبنان الآن استكمال لهذه الترتيبات؟

كانوا يريدون اختفاء الرئيس رفيق الحريري، ولو كان موجوداً لتغيّرت أمور كثيرة. أنتم تعرفون مَن تتوجّه إليه أصابع الاتّهام. المصلحة تقتضي ألّا نتحدّث الآن في هذا الشأن. حبّي لرفيق الحريري وثقتي بذكائه وحسن إدارته السياسية تجعلني أعتقد أنّه كان يمكن أن يكون دوره كبيراً جداً في هذا الوقت، وربّما لم نكن لنصل إلى المشهد الحالي.

توجُّه إسرائيليّ مدمّر

ما أفق الوضع السوريّ برأيك؟

لست أدري. ومن قال “لا أدري” فقد أفتى.

 

لنذهب إلى الملف الدولي: المثلّث الكبير أميركا والصين وروسيا. وهناك الهند واليابان وألمانيا… كيف تقرأ القوى الثلاث على الخريطة؟

أبدأ بمنطقتنا. الجديد هو التوجّه الإسرائيلي في الحكم. إنّه توجّه خطير جدّاً. يتماهى مع اليمين الأقصى في أوروبا، وتيار المحافظين في أميركا. وقد يؤثّر على الموقف العام من الغرب وروسيا، وفي استقرار المنطقة ومنطقة البحر المتوسط.

علينا أن ننتبه إلى مدى ترابط التوجّه الإسرائيلي الجديد مع اليمين الصاعد في أوروبا ومع المحافظين الجدد في أميركا. ضاعفوا الضغط والتعذيب والوقاحة والدموية مع الفلسطينيين. كيف سيكون ردّ الفعل الفلسطيني؟ وكيف يجب أن يكون ردّ فعل العرب؟ هذا ما يجب ألّا يفوتنا ويجب أن يكون لنا دور فيه.

الاتفاق الابراهيمي تسمية غريبة..

بعد السلام المصري – الإسرائيلي اغتال التطرّف الاسلامي الرئيس أنور السادات عام 1981، ولاحقاً اغتال اليمين المتطرّف إسحق رابين خريف العام 1995 عقب الاتفاق مع الفلسطينيين، واغتال الإسلام المتطرّف الرئيس أنور السادات. وبعدما طبّعت أربع دول عربية، وصعد اليمين المتطرّف، ما هو ردّ فعل الدول التي قامت بالتطبيع؟

هذا سؤال مهمّ جداً. ومتروك لهم الإجابة عليه. والإجابة المنطقية: لا يمكن أن يقبلوا هذا الكلام. أرجو أن أكون مُصيباً. أتصوّر أنَّ هذا الموضوع على طاولات البحث في العواصم الأساسية والمعنيّة.

ما سُمّي “الاتفاق الإبراهيمي”، وهذه تسمية عجيبة غريبة لا معنى لها، ينطبق فقط على الإمارات ومعها البحرين. أمّا في المغرب فالأمر كان صفقة. طلبوا من الأميركيين الموافقة على الموقف المغربي من الصحراء، فوافق الأميركيون مقابل التطبيع. لا شيء اسمه إبراهيمي. السودان أيضاً لديه مطالب: استعادة أمواله. أُعطي بعضها ووُعد بحلّ هذا الموضوع. إذاً كانت هناك صفقة ما أميركية – سودانية تمّ بناءً عليها التطبيع.

 

هل لفت نظركم الاتّفاق اللبنانيّ – الإسرائيليّ؟

بالطبع. لبنان في وضع اليائس. من الضروري أن يبحث عن أيّ باب يأتي منه أيّ دخل. ولذلك لا يمكن أن تلوم اللبنانيين.

 

ألا ترى أنّ هناك شيئاً ما أميركيّاً – إيرانيّاً خلف هذا الاتّفاق؟

لا، هناك شيء إيراني. حزب الله يتلقّى التعليمات من إيران. الأميركيون يفضّلون التفاهم مع إيران لأنّ هناك عنواناً واحداً فقط.

 

كيف هو الوضع اللبناني من خلال زياراتك؟

هناك حالة من اللوم موجهة إلى اللبنانيين.. وبصفة خاصة إلى الساسة في لبنان.. الساسة في لبنان  معظمهم فشل هناك حالة غضب.. ليس فقط بين الشعب اللبناني  وإنما أيضاً بين من يتعاملون مع لبنان ويفهمون الشرق الأوسط.. إن الساسة اللبنانيون لم يكونوا على مستوى التحدي الموجود في لبنان..

أوهام بوتين

لنعد إلى الأوضاع الدوليّة: كيف ترون الخريطة الدولية الآن؟

بنى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحليله على ردّ الفعل الغربي على ما فعله في القرم: بعض العقوبات ومواقف ومقاطعات، ويُقرّون بالأمر الواقع. لكن حدث العكس، لأنّ القرم كانت الحدود التي يمكن أن يقف عندها. وجاء ردّ الفعل الغربي الهائل: دعم بمليارات الدولارات وأسلحة وتدريب و8 ملايين لاجئ. كان هناك تساؤل عن مدى فاعلية قيادة الرئيس الأميركي جو بايدن لحلف الناتو. وكان سائداً أنّ الناتو قد يكون من الماضي. لكن حصل العكس: بايدن يقود العالم الغربي الذي اجتمع وتقبّل الخسائر التي أصابته بسبب أسعار البترول وفقدان الغاز. والناتو استعاد عافيته، وبعدما كان 30 دولة أصبح 32 دولة، بعد طلب انضمام فنلندا والسويد. لكن هل يريد الغرب فعلاً كسر روسيا؟ مستحيل. فهي دولة عريقة في التاريخ والثقافة وغنيّة بالموارد الطبيعية. وهل ينجو الغرب إذا أُسقط بوتين؟ ألا يفترض البعض أن تعمّ الفوضى؟ والفوضى تعني لاجئين. لذلك لا بدّ من الحذر في كيفية إنهاء الحرب.

أُنهكت روسيا ودُمّرت أوكرانيا، ولا يمكن القول إنّ أوكرانيا ستغيّر النظام في روسيا. إذاً لا بدّ من تفاهمات. هنا نأتي إلى الخوف من روسيا. وقد برزت علامة استفهام حول أداء الجيش الروسي.

التطوير والفنّ

 ماذا عن أعمال التطوير الجارية في مصر؟

يُفترض بالدول أن تجدّد مدنها، وتضيف مدناً وقرى وتجمّعات جديدة. ولا بدّ من الموازنة بين احتياجاتنا وإمكانات التمويل. وهذا ما يفتح نقاشاً لا بأس به في مصر.

شاركت أخيراً في وقفة احتجاجية على بناء كاراج على النيل في حيّ الزمالك. ذهبت ووقفت مع الناس. وأرجو أن يؤدّي ذلك إلى نتيجة. هناك في مصر نبضات ديمقراطية مهمّة.

إقرأ أيضاً: محمّد بن سلمان: ثورة حتى “العصر” الحديث..

هل تابعت المونديال؟

طبعاً. وشجّعت الفرق العربية والمغرب. كنت سعيداً جدّاً بتقدّمه. وهو الدولة الرابعة بين 32 دولة. وهذا ما يجعلنا نسأل: هل يتمكّن العرب أن يبنوا على ذلك ويدخلوا بقوّة في ما هو آتٍ؟

 

في الفنّ، من تحبّ الاستماع إلى موسيقاه؟

من بين موسيقيّينا أحبّ محمد عبد الوهاب وأستمع إليه بشغف وأعتبره ناظر المدرسة الموسيقية الحديثة في العالم العربي، من دون مساس بقدر أمّ كلثوم وفيروز وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وصباح فخري. أستمع أيضاً بشغف إلى الموسيقى الكلاسيكية. هي شيء آخر غير الطرب. تشبعك بالأناقة وحسن الأداء.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: JeanAziz1@  / @Almoslemani

مواضيع ذات صلة

شينكر لـ”أساس”: الحزب قد “يَقتُل”.. عون هو الرئيس وبايدن أساء للسعودية

حاضر دائماً في التفاصيل اللبنانية. داخل الادارة الاميركية أو خارجها يبقى فاعلاً ومؤثراً إنّه ديفيد شينكر المُساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى. يعرفُ…

عام المرأة الإيرانية… ثورة نساء إيران: من الخميني إلى أدونيس والأسد

في نهاية عام 2022 يكون قد مرّ أكثر من مئة يوم على ثورة “المرأة، الحياة، الحرّية” المستمرّة في إيران. صحف، مجلّات، ومواقع صحافية إلكترونية عالمية…

فرنسا 2022: الفشل الكبير في “لبنان الكبير”

الفشل الفرنسي الكبير هو في “لبنان الكبير”. وهو فشل ملازم للسياسات الفرنسيّة منذ سنوات. فهي لا تحمل العصا، ولا تملك الجزرة. لنبدأ من الآخر. 1-…

رحلة الدولار مستمرّة صعوداً: 75 ألفاً نهاية 2023؟

تُظهر العودة إلى أرقام سعر الصرف في السنوات الثلاث المنصرمة أنّ الدولار كان يقفز كلّ سنة بين 17 و20 ألفاً، وهذا يعني أنّ وصول الدولار…