بايدن يحاكم لبناني… بتهمة “التسويق للإمارات”

مدة القراءة 6 د

استأثرت ولا تزال قضية الملياردير الأميركي اللبناني الأصل توم براك باهتمام إعلاميّ واسع النطاق في الولايات المتحدة والعالم. فالرجل وصل إلى أن يكون رئيس لجنة تنصيب الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب عام 2016. واليوم تلاحقه محكمة في نيويورك بـ”تهمة استخدام علاقته بترامب لتعزيز المصالح الإمارتية خلسة”، حسب ما ورد في الادّعاء.

ترامب يتهم

في إطلالته الأولى على منصّة التواصل الاجتماعي بداية هذا الأسبوع، بعد أن حظره “تويتر”، كتب الرئيس ترامب يقول: “توم براك رجل أعمال يحظى باحترام كبير، وكان حلمه أن يرى السلام في الشرق الأوسط. إنّه أمر جيّد ونبيل للغاية. ومع ذلك اتّهمته وزارة العدل، التي تحوّلت إلى سلاح خطير، بأنّه عميل أجنبي لدولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا ما لا أعتقد أنّه صحيح، وإلا فهذا يعني أنّ هنتر بايدن عميل أجنبي لبلدان عدة. لم يتحدّث (براك) معي أبداً عن الخطب التي كان يلقيها، وعن رأيي في هذا الموضوع أو ذاك. إنّه يتعرّض للاضطهاد بشكل غير عادل، فقط لأنّه مؤيّد لترامب”.

في إطلالته الأولى على منصّة التواصل الاجتماعي بداية هذا الأسبوع، بعد أن حظره “تويتر”، كتب الرئيس ترامب يقول: توم براك رجل أعمال يحظى باحترام كبير، وكان حلمه أن يرى السلام في الشرق الأوسط

يُذكر أنّ هنتر بايدن، هو الابن الثاني للرئيس الأميركي جو بايدن الذي أعلن في كانون الأول عام 2020 عن خضوعه لتحقيق ضريبي من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب شكوك في تلقّيه أموالاً من روسيا والصين أثناء إدارته شركة “غاز بوريسما” الأوكرانية.

تهم متبادلة

في تموز 2021 أُلقي القبض على توم براك في كاليفورنيا، ونال بعد توقيفه إفراجاً بكفالة بلغت 250 مليون دولار، وهي من بين الأعلى من نوعها في تاريخ القضاء الأميركي. وينتظر براك قرار محكمة نيويورك في نهاية الشهر الجاري.

من أحدث المتابعات الإعلامية لقضيّة الملياردير الأميركي، ما نشرته “نيويورك تايمز”. فقد جاء في مقال منشور في العشرين من الجاري أنّ “توماس براك يواجه اتّهامات بالعمل سرّاً لصالح الإماراتيين”.

وفي مقال للزميل محمد قواص على موقع “سكاي نيوز العربية” حمل عنوان “بايدن – ترامب.. معركة مبكرة بلا محرّمات”، ونُشر في 22 الجاري، كتب يقول: “تصف أوساط أميركية القضية المرفوعة ضدّ براك بأنّها هراءٌ لسياسي”.

ووصفت جريدة “لو فيغارو” الفرنسية التهمة بـ”الدعاية الهزليّة” لأنّ اتّهامه بـ”قيادة لوبي لتطوير العلاقات الخليجية – الأميركية، وهي في الأساس علاقات تحالف تاريخي استراتيجي متين لا يحتاج إلى خدمات مؤسّسات الضغط والعلاقات العامّة”.

وفي مقال نشره موقع “مشهد العالم” الإلكتروني في فرنسا للكاتب الياس مسنونجي أنّ محاكمة براك في نيويورك “لا تخلو من دوافع خفيّة”. وجاء في المقال الذي نُشر في 14 تشرين الأول الجاري أنّ “المجموعة التي يقودها السيد براك، وتدعى “مستعمرة الاستثمارات” Capital Colony، معروفة في فرنسا بأنّها أنقذت في عام 2004 كونسورتيوم “Le Fouquet’s قبل بيعه في عام 2009 إلى مجموعة Accor”.

إلى ذلك قال وزير الخزانة الأميركية السابق ستيفن منوشين أمام هيئة محلّفين اتحادية الأسبوع الماضي إنّه يعرف توماس باراك جونيور “اجتماعياً ومن خلال الأعمال التجارية منذ حوالي 15 عاماً”. وقال منوشين (شغل منصب وزير الخزانة في إدارة ترامب طوال فترة ولايته الرئاسية) إنّه قضى حوالي نصف وقته منشغلاً بقضايا الأمن القومي. وعندما سأل المدّعون العامّون منوشين عمّا إذا كانت صناديق الثروة السيادية، ومنها الإماراتية، قد استثمرت في صندوق براك، أجاب ببساطة: “نعم”.

في تموز 2021 أُلقي القبض على توم براك في كاليفورنيا، ونال بعد توقيفه إفراجاً بكفالة بلغت 250 مليون دولار، وهي من بين الأعلى من نوعها في تاريخ القضاء الأميركي. وينتظر براك قرار محكمة نيويورك في نهاية الشهر الجاري

محاكمة سياسية

في المقابل، ومن بين الردود التي أدلى بها براك على الاتّهامات، التي سيقت ضدّه على خلفيّة علاقاته مع الرئيس الأميركي السابق، أنّه كان “شريكاً لترامب لمدّة ثلاثين عاماً”.

وقالت أوساط الدفاع عن براك إنّ “رجل الأعمال اللبناني – الأميركي لديه ثروة كبيرة من الأموال والأعمال في الشرق الأوسط،  وهو جمعها قبل تولّي ترامب سدّة الرئاسة”. وأضافت أنّ “الادّعاء في قضية براك قد شوّه أو حاول تشويه صورة الإمارات العربية بوصفها بلداً غير حليف للولايات المتحدة الأميركية، وذلك لإلصاق بالسيّد براك صفة الجاسوس لدولة معادية. وهذا يناقض بطبيعة الحال العلاقات التاريخية بين البلدين”. ومضت هذه الأوساط إلى القول إنّ “السيّد براك قد حاول تقريب وجهات النظر بين البلدين لِما في ذلك من مصالح استراتيجية، مستعيناً بخبرته في منطقة الشرق الأوسط لأنّه لبناني الأصل ولديه الخبرة والدراية بالثقافة العربية والخليجية تحديداً”.

ورأت أوساط الدفاع عن براك أنّ “محاكمته هي محاكمة سياسية بامتياز، طرفاها التياران الديمقراطي والجمهوري”. وتساءلت: “هل الإمارات العربية، كما يقول الادّعاء، هي فعلاً دولة معادية؟ وهل تقبل الإدارة الأميركية الحالية بالوصف الذي أطلقه الادّعاء على دولة الإمارات؟ وما النتائج السياسية والاقتصادية التي قد تترتب على إدانة باراك واعتبار أنّ الإمارات العربية هي دولة معادية؟”.

وخلصت أوساط الدفاع إلى القول: “إذا أُدين براك تكون الولايات المتحدة الأميركية قد صنّفت الإمارات العربية دولة معادية لا حليفة. أمّا في حال الحكم ببراءة براك، فتكون الولايات المتحدة قد صنّفت الإمارات العربية دولة حليفة لا معادية”.

براك اللبناني

ماذا عن الجانب اللبناني من حياة توم براك؟

عندما هاجر أجداده في بداية القرن العشرين إلى الولايات المتحدة الأميركية، لم يدُر في خلدهم أنّ أحد أحفادهم سيصبح مليارديراً، وسيكون رئيساً للجنة تنصيب الرئيس ترامب عام 2016. ويتحدّر جدّا براك من بلدة زحلة في سهل البقاع، وهما استقرّا منذ العام 1900 في ولاية كاليفورنيا وأسّسا أسرة أحد أبنائها توم الذي نال درجة البكالوريوس في عام 1969 من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، حيث كان نجماً في الفريق الوطني للرُكبي، ثمّ التحق بكليّة الحقوق بجامعة كاليفورنيا الجنوبية في عام 1972، وكان رئيس تحرير مجلّة Law Review.

إقرأ أيضاً: الحزب “عضو شرف” في الحزب الديمقراطيّ الأميركيّ؟

من خلال عمله في القطاع العقاري، أسّس براك شركة كولوني كابيتال Capital Colony، وأصبح رئيس مجلس إدارتها ورئيسها التنفيذي، فكانت الشركة التي جعلته مليارديراً. بعد ذلك استقال براك من منصب الرئيس التنفيذي لشركة Colony في عام 2020، فتغير اسم الشركة إلى Digital Bridge Group Inc. وفي مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ في تموز عام 2020، قال باراك إنّه أنشأ مكتباً عائلياً جديداً للعمل مع مستثمرين في الإمارات والسعودية وقطر.

*استعاد توم باراك وأولاده جنسيتهم اللبنانية في العام 1918

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…