غانتس يفرك عينيّه: المسيّرات الإيرانية تُربك إسرائيل

مدة القراءة 6 د

يوماً بعد آخر، ترتفع المخاوف الإسرائيلية من المسيّرات الإيرانية التي تُستخدمها روسيا بفعالية ضد الأهداف الأوكرانية . حصول موسكو على هذه الطائرات من دون طيار من إيران يزيد “حساسية” تل أبيب من تعاون الدولتين بدءاً من دمسق وصولاً إلى كييف. وتنامي الإحراج الإسرائيلي من هذا الأمر متصل بخشيتين: الأولى، مردها إلى الحذر مما تخلفه هذه المسيّرات وانعكاس ذلك على الجمهور الإسرائيلي. اما الثاني، فتتصل بطبيعة ونوع العلاقة المتداخلة مع موسكو في سوريا. 

 

إسرائيل بين روسيا وأوكرانيا

وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس استهزأ بروسيا بحضور سفراء الاتحاد الأوروبي قائلاً: “عندما أرى أنّ روسيا تتلقّى أسلحة ومسيَّرات من إيران، أفرك عينيّ، هل يمكن أن يحدث شيء كهذا؟ وكذلك عندما ترى حجم الخسائر التي تكبّدها الجيش الروسي… روسيا كشفت للعالم قوّتها الحقيقية”.

الحكومة الأوكرانية كانت قد طلبت رسمياً من تل أبيب، عقب استخدام روسيا للطائرات من دون طيّار لاستهداف البنية التحتية المدنية، تزويدها بأنظمة صواريخ “باراك 8” و”حيتس”، وأنظمة الدفاع الجوّي التي تسمّى “القبّة الحديدية”.

تواصل إسرائيل رفض تزويد كييف بهذه الأنظمة، خشية أن تؤثّر على آليّة تفادي التضارب مع موسكو في سوريا، وعلى التنسيق بين الجيشين الروسي والإسرائيلي. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية على لسان غانتس عدم تقديم أيّ مساعدات عسكرية هجومية لكييف بسبب مجموعة من الاعتبارات العمليّاتيّة والإقليمية، مضيفاً “سنواصل دعم أوكرانيا في حدود قيودنا، كما فعلنا في الماضي”.

تواصل إسرائيل رفض تزويد كييف بهذه الأنظمة، خشية أن تؤثّر على آليّة تفادي التضارب مع موسكو في سوريا، وعلى التنسيق بين الجيشين الروسي والإسرائيلي

الخدمات الأمنية الاسرائيلية

اكتفت تل أبيب بتقديم معلومات استخباراتية لإسقاط الطائرات الإيرانية بدون طيّار، فإسرائيل لديها معلومات كثيرة عن المسيّرات الإيرانية، وتمتلك الإمكانيات العسكرية لإسقاط هذا النوع من الطائرات، ولديها منظومات مضادّة للطائرات المسيّرة (anti-drone) قادرة على اعتراض عمل طائرات مسيّرة قتالية والتشويش عليها. غير أنّها غير قادرة على إرسال هذا النوع من الأنظمة التي يمكنها إسقاط هذا النوع من المسيّرات.

لذا عرضت تل أبيب على كييف بدلاً من ذلك نقل أنظمة إنذار إلى أوكرانيا ستساعد في مواجهة التهديدات الجويّة، واقترحت على أوكرانيا منظومة “لون أحمر” (تيسفع أدوم) التي تطلق صافرات الإنذار للتحذير من سقوط الصواريخ والقذائف الصاروخية، غير أنّ كييف تصرّ على منظومات الدفاع الجوّي الإسرائيلية.

 

الجمهور الاسرائيلي لا يعلم

لقد شكّلت المسيّرات الإيرانية التي استخدمتها روسيا في أوكرانيا قلقاً إسرائيلياً بالغاً عبّر عنه المسؤولون الإسرائيليون الذين حذّروا من أنّ خطر استخدام هذه المسيّرات يتزايد وقد يشكّل تهديداً عالمياً. ودفع هذا الأمر الأوساط العسكرية الإسرائيلية إلى تفحّص الأضرار الهائلة لهذه الهجمات لأنّها تعطي لمحة عن الوضع الذي سينشأ إثر إطلاق إيران هذه الطائرات بدون طيّار بكميّات كبيرة على المدن الإسرائيلية. وأشار الخبير العسكري في مجلّة “يسرائيل ديفينس” إلى أنّ صور المسيّرات الإيرانية في أوكرانيا تُقلق إسرائيل، وصور المباني المحترقة في كييف لا يريد سلاح الجوّ إظهارها للجمهور الإسرائيلي كي لا يُصاب بالصدمة من سيناريو هجمات طائرات إيرانية بدون طيار، في حال اندلع صراع عسكري مع طهران.

 

المسيّرات والحرب المستقبلية

في هذا السياق، سيبحث الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال زيارته واشنطن الموضوع الإيراني والحرب في أوكرانيا، والاستخدام المتزايد لوسائل قتالية من إنتاج إيراني في أوكرانيا. وقال موقع “والاه” الإسرائيلي إنّ “إسرائيل تتابع عن كثب المسيّرات التي ستؤثّر في أيّ حرب مستقبلية ضدّ إيران أو حلفائها في المنطقة”. ونقل الموقع عن الخبير في معهد الأبحاث الأميركي “سي إن إي”، صامويل بندت، قوله إنّ “الفائدة الأساسية من استخدام مسيّرات شاهد-136 تكمن في أنّها تطير في مجموعات كبيرة، ويمكنها تضليل أنظمة الدفاع”. وأوضح بندت أنّ “كلّ ما هو مطلوب هو أن تتسلّل واحدة أو اثنتان من هذه المسيّرات التي يمكنها أن تعرِّض الخدمات اللوجستية وخطوط التجميع والاتصالات والمخازن للخطر”.

شكّلت المسيّرات الإيرانية التي استخدمتها روسيا في أوكرانيا قلقاً إسرائيلياً بالغاً عبّر عنه المسؤولون الإسرائيليون

من ناحيته، بيّن موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنّ “المسيّرة “شاهد-136 تُعتبر أكثر فاعليّة وخطورة، خاصةً ضدّ الأهداف المدنية الثابتة وغير المحميّة، وهي طائرة صغيرة وخفيفة لكن محمّلة بالوقود وعشرات الكيلوغرامات من المتفجّرات الشديدة التدمير”، لافتاً إلى أنّ هذه المسيّرة مبرمجة للانتقال إلى هدفها لمسافة تصل إلى 1,000 كلم أو أكثر باستخدام جهاز GPS، ثمّ الانفجار فيه. وبحسب “يديعوت أحرونوت” : في ساحة المعركة، يمكن تشغيل شاهد-136 بإحدى طريقتين: إحداهما أن تكون محمّلة بعشرات الكيلوغرامات من المتفجّرات ويتمّ توجيهها مسبقاً لكي تحطّم هدفاً معروفاً موقعه. أمّا الطريقة الثانية فهي أن تكون بمنزلة سلاح متجوّل، بحيث يتمّ إرسال شاهد-136 إلى منطقة القتال حيث تحدّد بنفسها وعبر استخدام جهاز استشعار أو كاميرا مثبتة عليها هدفاً تكون مبرمجة مسبقاً لتحديد موقعه وتدميره، وعندما تكتشف المستشعرات مثل هذا الهدف، على سبيل المثال إشعاع الرادار لبطارية مضادّة للطائرات، تغوص الطائرة إلى هدفها حتى تمسّ به وتنفجر به.

 

إستئناف الضربات في سوريا

بعد توقّف لمدّة شهر تقريباً، عاود بالأمس سلاح الجوّ الإسرائيلي قصف دمشق عبر إطلاق رشقات من الصواريخ من فوق شمال شرق بحيرة طبرية مستهدفاً مطار دمشق الدولي وشحنات أسلحة من إيران.

كان توقُّف القصف الإسرائيلي على سوريا قد أثار تكهّنات المحلّلين، فمنهم من اعتبر أنّه إثر التصعيد العلني وغير المسبوق بين موسكو وتل أبيب ووقوف تل أبيب مع كييف والغرب ضدّ موسكو.

وإزاء نيّة إسرائيل تزويد أوكرانيا بالأسلحة، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف إسرائيل من تداعيات تزويد أوكرانيا بالأسلحة، قائلاً إنّ أيّ خطوة تصبّ في إطار دعم القوات الأوكرانية ستضرّ بشدّة بالعلاقات الثنائية. وبكلمات أخرى، كان هناك خشية إسرائيلية من موقف روسي شرس يهدّد سلاح الطيران الإسرائيلي في سوريا من خلال تفعيل منظومات دفاعية روسية متطوّرة وتزويد الجيش السوري بمعدّات عسكرية مهمّة مثل منظومتَيْ الصواريخ “إس 300″ و”إس 400”.

إقرأ أيضاً: “عرين الأسود” لهيب يمتد إلى إسرائيل

إلى ذلك، نبّه محلّلون إسرائيليون من تبعات الأزمة بين إسرائيل وروسيا على الآليّة التي جرى إخراجها بين موسكو وتل أبيب لتفادي التضارب العسكري بينهما، ومنع الاحتكاك غير الضروري أثناء عمليات الطائرات الإسرائيلية في سوريا. وقال يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، إنّ “أحد مخاوفنا من الخلاف بين إسرائيل وروسيا أن لا تكون لدى إسرائيل القدرة الكافية للعمل في سوريا مع استمرار تصاعد الخلافات”.

مواضيع ذات صلة

“دوخة” نيابيّة: جلسة من دون فرنجيّة وجعجع!

“الوضع بدوّخ. المعطيات مُتضاربة ومُتغيّرة كالبورصة. ولا توافق سياسيّاً بالحدّ الأدنى حتى الآن على أيّ اسم لرئاسة الجمهورية”. هي حصيلة مختصرة للمداولات الرئاسية في الأيّام…

جعجع في عين التّينة لإنضاج الرّئاسة؟!

عاثرٌ جدّاً حظّ سليمان فرنجية. مرةً، واثنتيْن وثلاث مرّات، بلغت الرئاسة حلقه، لتُسحب في اللحظات الأخيرة، فيقف على أعتاب القصر عاجزاً عن دخوله، ويعود أدراجه…

يومٌ في دمشق: فرحٌ ممزوج بالقلق

مرّت 14 سنة بالتّمام والكمال عن المرّة الأخيرة التي زُرتُ فيها العاصمة السّوريّة دِمشق، في كانون الأوّل من عام 2010، أي قبل 4 أشهر من…

برّي والرّئاسة: Now or Never

ما كادت تمرّ أيّام قليلة على الإطاحة بالنظام السوري، حتى ظهرت أوّل تداعيات “الانقلاب الكبير” على الرقعة اللبنانية، في شقّها الرئاسي: انقلبت أدوار القوى السياسية،…