الكوليرا وصلت إلى لبنان. حالتان جديدتان في عكار انضمتا أمس الجمعة إلى إصابة أولى سبق تسجيلها في 5 تشرين الأول الجاري.
الاصابات بحسب مصادر طبية لبنانية لـ”أساس” مصدرها سوريا بعد تفشي الوباء فيها وتسجيل 39 حالة وفاة وفقاً لتقرير وزارة الصحة السورية.
حالة الهلع الصحية التي سادت في لبنان ما دفع المدارس الى ارسال نشرات الكترونية لذوي الطلاب، رافقها سلسلة من التساؤلات حول ضرورة ضبط الحدود مع سوريا أو اقفالها وإعلان حالة طوارئ طبية لمنع تفشي الوباء.
الصحّة: المرض يتفشّى بسرعة
تُشير مصادر وزارة الصحة لـ”أساس” إلى أنّه “كان متوقّعاً تسجيل إصابات بالكوليرا، لأنّ هذا المرض يتفشّى بسرعة عبر المياه والبراز، فلبنان يُعاني مشكلة في المحافظة على نظافة المياه وفي التخلّص من البراز، وتزداد الخطورة في مناطق معيّنة يُكثر أهاليها من زيارة سوريا واستقبال عائدين منها”، لافتةً إلى أنّ “الكوليرا متفشّية في كلّ المقاطعات هناك، والانتشار في لبنان متوقّع. والخطة التي وضعها وزير الصحة ستساعد قدر الإمكان على الحدّ من الانتشار”.
تُشير مصادر وزارة الصحة لـ”أساس” إلى أنّه “كان متوقّعاً تسجيل إصابات بالكوليرا، لأنّ هذا المرض يتفشّى بسرعة عبر المياه
وتضيف المصادر: “المشهد ليس سوداويّاً كما يظنّ البعض، وهناك جهوزيّة تامّة في وزارة الصحة، والأدوية والأمصال اللازمة متوفّرة، وقد اعتُمدت 8 مستشفيات مرجعيّة”.
الوضع الصحّيّ في عكّار
من جهته يؤكّد محافظ عكار المحامي عماد اللبكي لـ”أساس” أنّه بوشر العمل بخطّة طارئة لتكثيف معالجة الحفر الصحية في مئات مخيمات النزوح المنتشرة في محافظة عكار، وأنّ البحث جارٍ لزيادة كميّة المياه التي تُزوَّد بها هذه المخيّمات للاستخدام المنزلي لضمان النظافة الشخصية، وأنّه ستُطلق حملة توعية مكثّفة في هذا الإطار في المخيّمات والمجتمعات المحليّة المضيفة.
ويتابع: “الأمور ما زالت تحت السيطرة حتى الآن، والمطلوب عدم إهمال هذا الواقع الصحّي المستجدّ، والتعاطي معه بجدّية تامّة، والوعي لعدم الاختلاط مع أيّ مريض محتمل أن يكون مصاباً بالكوليرا، وإبلاغ المراجع الصحية عن أيّ حالة للتعاطي معها بالشكل الملائم، وضرورة التقيّد بالإرشادات الصحّية التي أعلنتها وزارة الصحة للحدّ من تفشّي الوباء”.
دبيبو: لا يمكننا مواجهة الواقع الوبائيّ
في المقابل، يؤكّد رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية المعدية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، والمستشار في لجنة “منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط” البروفسور غسان دبيبو لـ”أساس” أنّنا “لا نستطيع مواجهة الواقع الوبائي بسهولة لأنّ لدينا أرضيّة خصبة وجاهزة لانتشار الكوليرا بسبب مشاكل كبرى تتعلّق بالمياه في لبنان، خصوصاً أنّ أسبابها مرتبطة بالكهرباء. فمن الضروري وجود مراكز تجميع للمجاري الصحية، ويجب أن لا تصبّ في الطبيعة والبحر والأنهر. فكلّها تحمل جرثومة الكوليرا وتنقلها إلى المنازل. ومن المتوقّع انتشار الكوليرا بسرعة كبيرة”.
أمّا عن مدى توافر اللقاح في لبنان فيجيب دبيبو: “اللقاح موجود لكنّه غير متوافر في لبنان بل في مخزون منظمة الصحة العالمية، وفي حال حصل الانتشار فمن المتوقّع أن تعطينا المنظمة اللقاح لنخفّف من انتشار المرض”.
ويتابع: “هناك مسؤوليّة شخصيّة توجب على كلّ فرد الانتباه جيّداً وعدم تناول الطّعام في محالٍّ غير موثوق بها، مع التّشديد على أهمّيّة غسل اليدين والحفاظ على النّظافة الشخصيّة، والتأكّد من نظافة المياه المُستخدَمة”.
خطّة وزارة الصحّة
تشمل الخطّة التي أعلنها وزير الصحة فراس الأبيض في مؤتمر صحافي:
– تعزيز تقصّي الحالات عبر زيارات ميدانية للمناطق اللبنانية كافّة، ولا سيّما المناطق التي من المرجّح أن ترتفع فيها أعداد الحالات، بالتنسيق مع وزارة الطاقة والمياه، للكشف على مصادر المياه وشبكات الصرف الصحي وإجراء الفحوص الجرثومية المطلوبة.
– إصدار تعاميم للمستشفيات والمراكز الصحية والعاملين الصحّيين لضرورة إبلاغ الوزارة بأيّ حالة مصابة أو موضع شكّ بالإصابة.
– توفير مخزون أوّلي من الأمصال والأدوية المطلوبة لمعالجة الإصابات.
– تفعيل مختبرات فحص المياه في تسعة مستشفيات ومختبرات في مرحلة أولى إفساحاً في المجال لإنجاز الفحوص ليس فقط في العاصمة بيروت، بل في مختلف المناطق اللبنانية، وكذلك بالنسبة إلى توفير الفحوص لتحديد الحالات وضمان حصول تشخيص سريع.
– تجهيز مستشفيات ومراكز عزل للتأكّد من حصر الوباء.
– التعاون مع نقابات الأطباء والممرّضين والجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية لتنظيم دورات تدريبية للعاملين الصحّيين تتعلّق بالمعالجات تحسّباً لاحتمال ارتفاع عدد الإصابات.
– تشكيل خليّة أزمة بالتنسيق مع الوزارات المعنيّة، ولا سيّما الطاقة والمياه والداخلية والبلديات والبيئة، والشركاء الدوليين من أجل العمل على توفير مصادر مياه سليمة ومراقبة الصرف الصحّي والمضيّ قدماً بالإجراءات التي تُتَّخذ للتأكّد من جودة المياه وسلامتها.
– متابعة لجنة الأمراض المعدية في وزارة الصحّة العامة اجتماعاتها الدورية لمراقبة تطوّر الحالات.
الوقاية من الكوليرا
أوصت وزارة الصحّة بـ”عدم شرب أو استعمال مياه غير مأمونة، وينصح بشرب المياه من قوارير مياه معبّأة مقفلة مضمونة المصدر، وعدم الشرب والأكل من الأواني نفسها مع الآخرين، وغسل اليدين بالماء والصابون على نحو منتظم قبل إعداد الأطعمة أو تناولها، وبعد استعمال المرحاض، والحفاظ على النظافة الشخصية ونظافة الأغذية، وطهو الطعام بشكل جيّد جدّاً وتناوله مباشرة بعد طهوه، ومراجعة الطبيب فوراً في حال ظهور إسهال مائيّ غزير”. وتضع وزارة الصحة الخطّ الساخن 1787 في تصرّف المواطنين للاستفسار والحصول على المعلومات.
تمتدّ فترة حضانة المرض من يومين إلى 5 أيام. وتشمل العوارض إسهالاً مائيّاً غزيراً قد يسبّب مضاعفات تؤدّي إلى الوفاة في حال عدم المعالجة.
أعراض مرض الكوليرا
تستغرق أعراض مرض الكوليرا فترة تراوح بين 12 ساعة و5 أيام. معظم من يصابون بعدوى المرض يبدون أعراضاً خفيفة أو معتدلة، بينما تصاب أقليّة منهم بإسهال مائي حادّ مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبّب ذلك الوفاة إذا تُرك من دون علاج.
وتشمل أعراض الكوليرا في حال ظهورها:
– قيئاً وإسهالاً مائياً مفاجئاً وغير مؤلم.
– عدم وجود حمّى عادة لدى الأشخاص الذين يعانون من المرض.
– شدّة في الإسهال والقيء تراوح بين الخفيف والشديد.
– برازاً رماديّاً يحتوي على أشرطة من المخاط، ويوصف ببراز ماء الأرز.
إقرأ أيضاً: فيروس جديد يضرب الأطفال: هل نقلق في لبنان؟
الكوليرا يتفشّى في سوريا
الجدير بالذكر أنّه سُجّل تفشٍّ للكوليرا في سوريا منذ الشهر الماضي، وقد توفّي جرّاءه 39 شخصاً على الأقلّ، وفق حصيلة جديدة لوزارة الصحّة السورية، في وقت حذّرت منظمة الصحّة العالمية من تفاقم الوضع بشكل مقلق.