يحاول التيار الوطني الحرّ إحكام سيطرته على الإدارات والمديريات والمؤسسات العامة التي تحاصَص مناصبها الإدارية أيّام العزّ مع شركاء التسوية الرئاسية، ووزّعها على محازبيه الأوفياء. فها هو اليوم يجابه رفض شركائه في الحكومة إتمام التعيينات الإدارية، ويحاول إطالة عمر هذه السيطرة قدر المستطاع، وإن كان من خلال مخالفات صارخة للقانون.
في تاريخ 29 حزيران 2022 انتهت الولاية الثانية للمدير العام لمؤسّسة الإسكان روني لحود، الذي يستمرّ اليوم بممارسة مهامّه في انتظار التجديد الثالث، بحجّة المادة 6 من المرسوم رقم 4517 الصادر في 13 كانون الأول سنة 1972 المتعلّق بالنظام العامّ للمؤسسات العامة، لكنّ رأياً قانونيّاً آخر يؤكّد في هذا الإطار وجود مخالفة بمظلّة سياسية من التيار الوطني الحر الحريص على عدم التفريط بهذا المنصب، في هذا الوقت، وفي هذه المرحلة.
اللعب بالقانون
على هذا الصعيد، علم “أساس” أنّ التيار حاول تمرير مرسوم تجديد تعيين لحّود لولاية جديدة ثالثة في مجلس الوزراء في وقت سابق، لكن لم يمرّ بسبب عدم الاتفاق على التعيينات الإدارية، وفي الأساس تجديد التعيين هو بمنزلة تعيين جدّي. وبينما يستمرّ لحود بممارسة مهامّه، تمّ إعداد مطالعة قانونية تؤكّد عدم سريان المادة 6 من المرسوم رقم 4517 على حالة مؤسّسة الإسكان، ووجوب تطبيق أنظمة المؤسسة لتعيين البديل.
فماذا يقول القانون؟ وكيف تقارب المطالعة الوضع الراهن في منصب رئيس مجلس إدارة
المؤسسة العامة للإسكان ومديرها العام بعد انتهاء ولايته؟
علم “أساس” أنّ التيار حاول تمرير مرسوم تجديد تعيين لحّود لولاية جديدة ثالثة في مجلس الوزراء في وقت سابق، لكن لم يمرّ بسبب عدم الاتفاق على التعيينات الإدارية
المادة 6 من أحكام المرسوم رقم 4517 الصادر في 13 كانون الأول سنة 1972 المتعلّق بالنظام العام للمؤسسات العامة وولاية مجلس الإدارة، التي يتلطّى خلفها العونيون للاستمرار بمخالفة القانون، تنصّ على ما يلي:
– يُعيّن رئيس مجلس الإدارة وأعضاؤه لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد أو التمديد.
– على سلطة الوصاية، قبل انتهاء ولاية مجلس الإدارة بشهرين على الأقلّ، أن ترفع إلى مجلس الوزراء اقتراحاً بتأليف مجلس إدارة جديد.
– يستمرّ مجلس الإدارة القائم بمتابعة أعماله حتى تعيين المجلس الجديد.
– لا يجوز أن يعيّن أحد رئيساً أو عضواً في مجلس إدارة لأكثر من مؤسّسة عامّة واحدة.
بينما تؤكّد خلاصة المطالعة التي حصل عليها “أساس” أنّ أحكام المادة 6 من المرسوم رقم 4517 لا تُطبّق على المؤسّسة العامّة للإسكان لجهة استمرارية ولاية أعضاء مجلس الإدارة، بل تُطبّق عليها أحكام القانون 539 تاريخ 1996/7/24 (إنشاء المؤسسة العامة للإسكان)، خاصة أنّ المؤسسة المذكورة قد أُنشئت بقانون ولم تُنشأ بمرسوم كسائر المؤسسات العامة المنصوص عليها في المرسوم رقم 4517.
إقرأ أيضاً: الطاقة الشمسية: نصف مليار $… لـ7 آلاف منزل فقط
تنصّ المادة 3 من القانون 539 تاريخ 1996/7/24 (إنشاء المؤسسة العامة للإسكان) على أن يكون للمؤسسة أنظمة إدارية وماليّة خاصة يضعها المجلس وتُصدَّق بمراسيم تُتّخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير، وحيث إنّه قد صدر المرسوم رقم 10451 تاريخ 1997/06/19 المتّصل بتصديق النظام الإداري للمؤسسة العامة للإسكان، فإنّه يكون واجب التطبيق. وفي حالة انتهاء ولاية الرئيس/ المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان تُطبّق أحكام المادة السادسة من المرسوم رقم 10451 تاريخ 1997/06/19 المرتبط بتصديق النظام الإداري للمؤسسة العامة للإسكان، التي ترعى أحكام الشغور وتنصّ على أن “يحلّ محلّ الرئيس في حال شغور مركزه: في رئاسة المجلس كسلطة تقريرية أكبر أعضاء المجلس سنّاً، وفي رئاسة السلطة التنفيذية أكبر المستخدَمين فئة ورتبة، وفي حال التساوي أكبرهم سنّاً”.
لكن هذا ما لا يحصل في المؤسسة العامة للإسكان اليوم، فالتيار الوطني الحرّ يقوم بوضع اليد على معظم المناصب الإدارية التي يحتكرها، واستطاع تجاوز رفض التعيينات من خلال سيطرة محازبيه على الإدارات بقرارات تكليف مخالِفة للقانون، إذ سلّم جان جبران مؤسسة مياه البقاع إلى جانب مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، وسلّم أورور فغالي مديرية الاستثمار والموارد المائية إلى جانب مديرية النفط، ومن قبلها إدارة المنشآت، فمن يضع حدّاً لكلّ هذه المخالفات؟