تأثيرات العامل التركيّ على المنطقة..

مدة القراءة 4 د

أربعة أحداث إقليمية سوف تُحدّد شكل ومنسوب الاستقرار أو الصراع في منطقتنا.

هذه الأحداث هي:

1- صحّة المرشد الأعلى الإيراني وهويّة من يخلفه في حال خلوّ منصبه.

2- انتقال السلطة بالمداورة من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى شريكه في الائتلاف يائير لابيد، وأثر ذلك على توجّهات الحكم.

3- التداعيات الاقتصادية المؤلمة للحرب الأوكرانية-الروسيّة على بعض الدول غير النفطية في العالم العربي، وتأثير ذلك على حالة الاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي.

4- المستقبل السياسي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحزبه الحاكم.

تبدو المعارضة التركيّة هذه المرّة أكثر تنظيماً وتماسكاً. فهي موحّدة (ائتلاف 6 أحزاب معارضة) ولديها برنامج أهداف متّفق عليه، ولديها خيار مفاضلة بين شخصين يمكن لأحدهما أن يقود المعركة باسمها أمام إردوغان

هذا العامل التركي، في رأيي المتواضع، سيكون حاسماً جدّاً بالنسبة إلى استقرار عدّة دوائر متداخلة متقاطعة، وهي:

1- الوجود التركي في ليبيا، العراق وسوريا.

2- علاقات أنقرة بتل أبيب وأبوظبي والرياض والدوحة.

3- مستقبل احتمالات المصالحة مع مصر وتونس والبحرين.

4- العلاقة الشائكة بين أنقرة وموسكو وطهران، وهي علاقة ثلاثيّة تطوّرت على مرّ عشر سنوات حتى الآن.

5- أطماع أنقرة في غاز شرق البحر المتوسط، والتحرّش البحري الذي تقوم به البحرية التركية قبالة سواحل اليونان وقبرص.

6- علاقة أنقرة المعقّدة مع الاتحاد الأوروبي، والدور الفعّال لتركيا داخل الحلف الأطلسي.

7- السلوك التركي السياسي عقب عودة السيادة الكاملة على منفذَيْ البوسفور والدردنيل بعد مرور مئة سنة على المعاهدة الشهيرة.

يتمّ كلّ ذلك في ظلّ وضع دولي مرتبك وأوروبا منقسمة واتحاد أوروبي لديه إشكاليّات عميقة مع حماقات إردوغان السابقة.

يتمّ كلّ ذلك في ظلّ تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية على أوروبا واقتصاداتها.

أخطر عنصر من عناصر التأثير المباشر على مستقبل إردوغان السياسي هو الوضع الاقتصادي الصعب جدّاً.

في العام الماضي 2021 فقدت العملة التركية 44 في المئة من قيمتها، وحتّى الشهر الماضي (منذ كانون الثاني 2022 حتى تاريخه) فقدت 12 في المئة إضافية. ووصل معدّل التضخّم منذ بداية العام إلى 14 في المئة، حسب الأرقام الرسمية.

 

تقول الإحصاءات والاستطلاعات إنّ 72 في المئة من المواطنين البالغين يؤمنون بأنّ حال الاقتصاد ليس جيّداً. ويؤمن 66 في المئة من الناخبين، المقيّدين في جداول الانتخابات، بأنّ الحكومة الحالية غير قادرة على حلّ المشاكل الاقتصادية، وليس لديها برنامج يمكن الاطمئنان إلى نتائجه.

يُعتبر الاقتصاد التركي مصدر القلق الأوّل، بلا منازع، في قائمة اهتمامات المواطن التركي، سواء كان من الموالاة أو المعارضة.

يُلقي ذلك كلّه بظلال متشائمة على مستقبل إردوغان وحزبه في حال حدوث الانتخابات في موعدها أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

تبدو المعارضة التركيّة هذه المرّة أكثر تنظيماً وتماسكاً. فهي موحّدة (ائتلاف 6 أحزاب معارضة) ولديها برنامج أهداف متّفق عليه، ولديها خيار مفاضلة بين شخصين يمكن لأحدهما أن يقود المعركة باسمها أمام إردوغان.

الشخصية الأولى هي إمام أوغلو عمدة إسطنبول، والثانية هي منصور باقاش، عمدة أنقرة.

حتّى الآن لم يتمّ حسم الخيار النهائي، لكن من المتوقّع أن يدعم المرشّح غير المختار، المرشّح الأكثر تفضيلاً، حتى تستطيع المعارضة، هذه المرّة، أن تهزم تحالفات إردوغان الذي كان يعتمد على انقساماتها التاريخية.

ما يُسمّى بالعامل التركي أمر بالغ الأهميّة لأنّه رباعيّ التأثير: تركيّاً، أوروبيّاً، عسكرياً وعربياً.

من هنا يمكن فهم سعي إردوغان المحموم إلى ترميم “حماقاته” السياسية السابقة مع أبوظبي والرياض والقاهرة.

إقرأ أيضاً: العدوّ الحقيقيّ بالمفهوم الإيرانيّ: عربيّ أم إسرائيليّ؟

من هنا أيضاً يمكن فهم مراجعة تركيا لمواقفها التصعيدية ضدّ تل أبيب وأثينا.

ومن هنا يمكن فهم الحوار المكتوم بين إردوغان والمؤسّسة العسكرية حول الوجود العسكري التركي في العراق وسوريا وليبيا.

يستدعي هذا كلّه الفهم العميق من جانب دول الاعتدال العربي لِما هو حادث في تركيا، ومحاولة الوجود بشكل إيجابي وفعّال في صناعة مستقبل الحكم في تركيا.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…