بايدن في المنطقة: لبنان ليس على جدول أعماله

2022-07-09

بايدن في المنطقة: لبنان ليس على جدول أعماله

يكثر الحديث عن أنّ زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة ستنعكس على لبنان بشكل مباشر. غير أنّ لبنان هذه الأيام غير موجود ضمن أولويات المنطقة المتشعّبة من أمن الخليج بالنسبة إلى العرب، وصولاً إلى أمن الطاقة بالنسبة لأوروبا وأميركا.

ليس لبنان حاضراً إلا من بوابة الحدود الجنوبية وترسيم الحدود بينه وبين إسرائيل، ومن بوابة الحرص على أمنه الداخلي، وسط وجود القنبلة الموقوتة المتمثّلة باللاجئين السوريين، التي قد تنفجر على شواطىء أوروبا إذا “فرَط” الأمن وتكاثرت مراكب الهجرة غير الشرعية. أمّا حزب الله فهو شأن آخر مرتبط بسياق تفاهمات أو مواجهات المنطقة، بين فيينا والدوحة، وبين العراق وإيران والسعودية، والحوارات الممُعلّقة على المجهول.

غير أنّ غياب لبنان من سلّم أولويات لقاءات بايدن النوعية في المنطقة لا يعني أنّه لن يتأثّر بتداعيات هذه اللقاءات:

– في 13 تموز يزور بايدن إسرائيل المعنيّة مباشرة بملفّ الحدود مع لبنان، وملف الطاقة مع الخليج، والملف النووي مع إيران.

– ثمّ يزور في اليوم التالي رام الله المعنيّة بكلّ سياق تفاهمات المنطقة، بعدما أصبحت قضية فلسطين قضية ثانوية لا تحضر إلا من بوابة الكلام عن قطار التطبيع والسلام في المنطقة.

لبنان غائب تماماً حتّى موعد الاستحقاق الرئاسي. بعد انتخاب الرئيس المقبل ستُدار عجلات البلاد مجدّداً

– في 15 و16 تموز يحطّ في السعودية، في زيارة تزيد من قوّة وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يخطو بثبات في سياسته الداخلية والخارجية، وفي العلاقة مع الولايات المتحدة والصين وروسيا وتركيا على حدّ سواء .

للقمّة الأميركية الخليجية أبعاد ستظهر معالمها في آب المقبل مع ما ستحمله من نتائج عملية للتعاون الأميركي الخليجي على مستوى ملفّ النفط وما يمكن أن يتبعه من التقاء منظومات الدفاع الجوي مع إسرائيل بمواجهة إيران. والجدير ذكره أنّ القمّة تحضرها السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، الأردن، مصر، والعراق.

 

رصّ صفوف محور إيران

في المقابل، يبدو المحور الآخر مستعدّاً للمواجهة مع توحيد صفوفه، بدءاً من المصالحة التي رعاها حزب الله بين حماس وسوريا.

يستعدّ الكلّ للمواجهة من دون أن يكون أحد متحمّساً لها. ليست مسيّرات حزب الله في الجنوب فوق “كاريش” دليل حماسة الحزب للحرب، بل هي رسالة قد تتخطّى كاريش والمفاوضات اللبنانية غير المباشرة مع إسرائيل. وهي رسالة ليست منفصلة عن كيفية مواجهة التعاون الأمني بين الخليج وإسرائيل بعد سلسلة ضربات واغتيالات تعرّض لها هذا المحور. ولذلك تأتي رسالة مسيّرات الحزب لتعلن عن رغبتها وسعيها إلى اختراق أيّ منظومة دفاع مشتركة متى دعت الحاجة إلى ذلك.

رسائل متبادلة لكنّها لا تأتي إلا في سياق تثبيت موازين القوى في المنطقة. وانطلاقاً من توازن القوى المستجدّ بعد استدراج بن سلمان القوى الفاعلة إلى المملكة، وانطلاقاً من قرار التهدئة بين القوى الأكثر نفوذاً. وفي المعلومات أنّه تنشط الاتصالات واللقاءات خلف الكواليس لإرساء استاتيكو جديد في المنطقة سنشهد نضوجه في الأيام المقبلة.

لبنان غائب تماماً حتّى موعد الاستحقاق الرئاسي. بعد انتخاب الرئيس المقبل ستُدار عجلات البلاد مجدّداً. وفي الطريق إلى الاستحقاق سقطت أسماء كثيرة بفعل كلام قيل أكثر من مرّة. سقط جبران باسيل وسمير جعجع وحتّى سليمان فرنجية من لائحة الأسماء المرشّحة بشكل جدّي.

يبدو قائد الجيش جوزيف متقدّماً في السباق، لكنّ ذلك ليس نهائياً لأنّ الكواليس تضجّ بالبحث عن اسم قد لا يعرفه أحد لكن سيكون رئيساً مقبلاً في بعبدا بشروط دولية وإقليمية وداخلية تحفظ كلّ التوازنات وتطلق قطار الإصلاحات.

 

ما هي الخيارات الرئاسية؟

فريق حزب الله يتحضر لأكثر من سيناريو:

– في حال التوافق على اسم الرئيس فلا داعي للمواجهة.

– في حال الاضطرار للذهاب إلى انتخابات وسط الانقسام، يتحضّر هذا الفريق لرصّ الصفوف.

في هذا السياق زار النائب فريد هيكل الخازن دارة باسيل في اللقلوق حيث دام لقاؤهما طويلاً، وجمعتهما مأدبة غداء. اللقاء الذي يتكتم الجميع عما دار خلاله، تشير مصادر متابعة إلى أنّه يدخل في سياق “التقارب” بين تيار المرده والتيار، تحضيراً لمعركة الرئاسة التي يصرّ سليمان فرنجية على خوضها.

في المقابل، للقوات اللبنانية شكوك حول مدى القدرة على الاتفاق بين القوى المعارضة على اسم للرئيس. وبالتالي لا تزال هذه القوى مشتّتة في هذه المواجهة.

إقرأ أيضاً: سياسة بايدن تجاه لبنان والمنطقة: لا داعي لـ «المقامرة»…

تُسأل القوات عن كيفية مواجهتها لسيناريو يشبه سيناريو انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، فتُجيب بأنّها في طور دراسة خياراتها. نسألها عن إمكانية أن تبادر إلى تعطيل النصاب البرلماني في حال فشل المعارضة بالاتفاق على اسم رئيس، فتفضّل عدم الإجابة في الوقت الراهن، لأدراكها بأنّ المشهد الإقليمي والدولي سيكون أفضل من المشهد المحلي، حين يأتي أوان استحقاق الرئاسة.

بالانتظار سيكون لبنان في موت سريريّ تحكمه حكومة تصريف أعمال على رأسها نجيب ميقاتي العائد، على أغلب الظنّ، في العهد الجديد أيضاً.

مواضيع ذات صلة

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…

الكويت والعراق.. “طاح الحطب” شعبيّاً

ليل السبت 7 أيلول الحالي، عبَرَت سيارة عراقية الحدود مع الكويت آتية عبر البصرة في جنوب بلاد الرافدين، لتطوي 34 سنة من المنع منذ قام…