تتركّز الجهود في الكواليس على حلّ عقدة التعيينات العسكرية العالقة بالتزامن مع تعيين وزير جديد مكان وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي.
أتى ذلك بعدما أفرج رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عن اسم زياد مكاري لتعيينه وزيراً في الحكومة “التي قد تستمرّ طويلاً في وضعية تصريف الأعمال في حال لم تحصل الانتخابات الرئاسية في موعدها”، كما قال.
وعَلِم “أساس” أنّه لحظة أعلن فرنجية عدم رغبته بتعيين بديل عن القرداحي في حال استقالته من الحكومة، بدأ رئيس الجمهورية ميشال عون الترويج لاسم المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا لتعيينه وزيراً للإعلام مكان قرداحي.
تؤكّد المعطيات أنّه يتمّ العمل في الكواليس على صيغة “حسّاسة” لحلّ أزمة التعيينات العسكرية التي قد تشمل مواقع أخرى إدارية
لاحقاً نقل ميقاتي رغبة رئيس الجمهورية إلى فرنجية، وكان الردّ عبر تراجع رئيس تيار المردة عن قرار عدم التسمية طارحاً اسم صديق النائب طوني فرنجية وحليفه في السياسة زياد مكاري. وقد أشار سليمان فرنجية نفسه إلى الدور الذي لعبه نجله طوني في دفعه إلى تغيير رأيه واقتراح التسمية.
وفق المعلومات العقدة تكمن لدى رئاسة الجمهورية، ومن خلفها النائب جبران باسيل الذي لم يعطِ موافقته بعد، خصوصاً أنّ المهندس زياد مكاري حليف سياسي وانتخابي قديم لآل فرنجية في زغرتا أحد أقضية دائرة الشمال الثالثة. وقد سحب مكاري عام 2018 ترشيحه إلى الانتخابات النيابية معلناً دعمه للائحة “معاً للشمال ولبنان” برئاسة طوني فرنجية.
يُذكر أنّ تعيين الوزراء يصدر بمرسوم عادي يوقّعه كلّ من رئيسيْ الجمهورية والحكومة، لكنّ فرنجية يطلب حصول مداورة بحيث يتولّى مكاري حقيبة الشباب والرياضة محلّ الوزير الحالي جورج كلاس الذي ستُعهد إليه حقيبة الإعلام.
في السياق نفسه عبّر وزير التربية ووزير الإعلام بالوكالة عباس الحلبي مراراً عن عدم قدرته على التوفيق في مهامّه بين الوزارتين، طالباً تعيين وزير أصيل في أقرب وقت.
تعيينات المجلس العسكريّ
منذ جلسة التعيينات المُلتبِسة في 11 شباط الماضي لم يطرأ أيّ تقدّم يُخرج هذه التعيينات من بازار شدّ الحبال بين رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي.
التعيينات الثلاثيّة التي هبطت على الوزراء من خارج جدول الأعمال لا تزال عالقة بسبب عدم توقيع وزير المال يوسف خليل عليها بإيعاز من رئيس مجلس النواب نبيه بري. وهي تضمّ تعيين المدير العام لمصلحة السكك الحديد زياد نصر في منصب مفوّض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار (موقع درزي)، وتعيين عضويْ المجلس العسكري العميد محمد المصطفى في منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع (سنّي) والعميد بيار صعب لملء شغور مقعد العضو الكاثوليكي في المجلس.
عمليّاً، أدّت أزمة التوقيع والاعتراض على التعيين إلى بقاء موقع نائب المدير العام لأمن الدولة (منصب شيعي) شاغراً بعد إحالة العميد سمير سنان إلى التقاعد.
وفق العارفين فإنّ اسم الضابط الذي سيخلف العميد سنان جاهز، والقرار الحاسم فيه يعود لرئيس حركة أمل نبيه بري، لكنّ التعيين دونه عقبة صدور المراسيم ونشرها في الجريدة الرسمية، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن. وقبل ذلك توجد عقدة تعطيل الثنائي لمسار التعيينات على اختلاف فئاتها.
لذلك لا يزال الضابطان المعيّنان يشغلان موقعيْهما الحاليّيْن ولا يستطيعان المشاركة في اجتماعات المجلس العسكري.
تؤكّد المعطيات أنّه يتمّ العمل في الكواليس على صيغة “حسّاسة” لحلّ أزمة التعيينات العسكرية التي قد تشمل مواقع أخرى إدارية.
عَلِم “أساس” أنّه لحظة أعلن فرنجية عدم رغبته بتعيين بديل عن القرداحي في حال استقالته من الحكومة، بدأ رئيس الجمهورية ميشال عون الترويج لاسم المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا لتعيينه وزيراً للإعلام مكان قرداحي
المجلس العسكريّ معطّل
في واقع الحال، دخل المجلس العسكري منذ 20 شباط الماضي مدار التعطيل إثر إحالة الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع محمود الأسمر إلى التقاعد، وقبله كان اللواء الياس شامية قد أحيل إلى التقاعد في كانون الأول الماضي بعد التمديد له ستة أشهر خلال حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب.
وقد تصدّى الثنائي الشيعي لرغبة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتمرير تعيين الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع عشيّة الانتخابات النيابية بعدما كان قد قال صراحة في حديث إعلامي: “إذا كانت التعيينات لتسديد فواتير انتخابية، فلن أسمح لها بالمرور”، قاصداً فريق رئيس الجمهورية، لكنّه تحدّث عن “تعيينات في مراكز أساسية وحسّاسة سأسير بها حتماً”.
بذلك لن يستطيع المجلس العسكري استئناف اجتماعاته إلا بعد نشر قرار التعيين الصادر عن مجلس الوزراء في الجريدة الرسمية مرفقاً بتوقيع وزير المال، وبمرسوم ترقيتهما إلى رتبة لواء.
سابقة جميل السيّد
هناك سابقة حصلت أيام قائد الجيش الأسبق إميل لحود حين اعترض رئيس الحكومة رفيق الحريري على توقيع مرسوم ترقية ضباط من رتبة عقيد إلى عميد يتضمّن اسم الضابط جميل السيد، فتجمّد صدور المرسوم. عندئذٍ عمد لحود إلى إصدار مذكّرة داخلية تسمح بتعليق الرتبة قبل صدور المرسوم ونشره في الجريدة الرسمية.
لكنّ سابقة الأمس لا تبدو قابلة للتكرار في مرحلة لا تسعى خلالها قيادة الجيش إلى اشتباك مع السلطة السياسة أو رموزها. والنتيجة أنّ المجلس العسكري فاقد للنصاب وعاجز عن الالتئام وأخذ القرارات في مرحلة بالغة الخطورة.
صلاحيات المجلس العسكري واسعة جدّاً، وقد حدّدتها المادة 27 من قانون الدفاع. من بينها موافقة المجلس على تنظيم جميع المؤسسات الرئيسية التابعة لوزارة الدفاع والتشكيلات وفصل الضباط وترقيتهم ومنح الأقدميّات وإحالة ضباط إلى المجلس التأديبي والعديد من المهامّ الإدارية.
يضع المجلس العسكري التعليمات الدائمة المنصوص عليها في قانون الدفاع الوطني والتي يراها المجلس ضرورية لحسن سير العمل في المؤسسات الرئيسية، ويدقّق في الصفقات وينظر في دفاتر الشروط الخاصة، وله الحقّ في أن يوافق عليها كما وردت أو أن يعدّلها أو أن يرفضها. ويرفع المجلس العسكري إلى وزير الدفاع الوطني توصياته بشأن مشروع موازنة وزارة الدفاع وتسمية الملحقين العسكريين، ويعاون قائد الجيش في مهمّاته. ومع الشغور الحاصل في المجلس العسكري اليوم فإنّ جميع صلاحياته تناط بقائد الجيش.
في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس يُفترض أن تناقش الحكومة تقرير اللجنة الوزارية المتعلّق بالميغاسنتر في ضوء الدراسة التي قدّمها وزير الداخلية، ولم يُعرف حتى الآن هل تُطرح مسألة التعيينات العالقة في الجلسة أو الجلسات التي ستليها.
إقرأ أيضاً: المرّ أحرَجَ الطاشناق… وروكز مع نحّاس في المتن؟!
تفيد المعطيات في هذا السياق بأنّ “الثنائي الشيعي قد يستثني من التعيينات ما يمكن أن يصنّفه ضمن إطار “الضرورة” فقط. ويحرص على أن لا يأتي تعيين نائب للمدير العام لأمن الدولة وكأنّه ضمن سلّة محاصصة تلي تعيينات المجلس العسكري”.
ويقول مصدر مطّلع إنّ “التعيينات العسكرية التي أقرّها مجلس الوزراء ستتحرّر قريباً، وستتزامن مع تعيين وزير مكان الوزير المستقيل جورج قرداحي بمرسوم عادي صادر عن رئيسيْ الجمهورية والحكومة بعد حصول المداورة بين حقيبتيْ الشباب والرياضة والإعلام”.