لا داعي للقراءة في الفنجان. المطلوب فقط، تسقط الأنباء كي يتمّ التأكّد من صحة الكلام عن قرب التوصل الى إتفاق في فيينا، لإعادة إحياء الاتفاق النوويّ”5 زائد واحد” مع إيران. وقد ذهبت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية ، إلى حدّ القول، أنّ هذا الاتفاق، مرجّح “خلال يوميّن” كما توقعت الصحيفة يوم الثلاثاء هذا الأسبوع. ولا ضيّر لو أنّ هذيّن اليوميّن، كانا ثلاثة أو أسبوع، ففي النهاية، نحن أمام تطور هو الأوّل من نوعه منذ العام 2018، بعد خروج الولايات المتحدة من هذا الاتفاق بقرار من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
إذاً، الأنظار متّجهة الآن، إلى الجولة الثامنة في العاصمة النمساوية والتي تشهد مفاوضات أميركية – إيرانية غير مباشرة، والتي ستكون هي الحاسمة. لكن قبل أن تصل هذه المفاوضات إلى المرحلة الحاسمة، كان هناك لقاء بعيداً عن الأضواء في عاصمة خليجية، على مستوى أمنيّ بين وفديّن من الولايات المتحدة وإيران، ما أعاد إلى الاذهان القناة السرية من المفاوضات بين واشنطن وطهران، ما أدّى إلى ولادة الاتفاق عام 2015، أيّ في العام الأخير من ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما.
أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الاثنين هذا الأسبوع، استعداد بلاده لتقديم المساعدة للتوصّل إلى “حلّ مقبول لجميع الأطراف” لإحياء الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران
ماذا عن “اللقاء السريّ” الجديد بين الأميركيين والإيرانيين؟ وفق معلومات أوساط صحافية في بيروت قريبة من “حزب الله”، فقد تمّ اللقاء أخيراً في الدوحة العاصمة القطرية، على غرار اللقاء المماثل عشية ولادة الاتفاق عام 2015 وكان ذلك في مسقط عاصمة سلطنة عمان. وفي اللقاء الجديد، جرى التفاهم على أن يكون إحياء الاتفاق السابق على مرحلتيّن: الأولى، تمتد لثلاثة أشهر، يتم خلالها تبادل الافراج عن السجناء لكلّ من البلديّن، على أن يتمّ أيضاً الافراج عن بعض الأرصدة المجمّدة العائدة لإيران والناتجة عن مبيعات النفط، ثمّ الشروع برفع العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة على الجمهورية الإسلامية.
أمّا في المرحلة الثانية، فهي وفق هذه الأوساط، فستكون الدائمة، والتي يتمّ خلالها العودة إلى الوضع السابق الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2016، أيّ من دون عقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس ترامب قبل أربعة أعوام.
في موازاة “اللقاء السريّ” الجديد، أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الاثنين هذا الأسبوع، استعداد بلاده لتقديم المساعدة للتوصّل إلى “حلّ مقبول لجميع الأطراف” لإحياء الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران. وقد جاء موقف أمير قطر في مؤتمر صحافي جمعه بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي يقوم بزيارة رسمية للدوحة للمشاركة في قمة الدّول المصدّرة للغاز.
وأضاف: “إطّلعت على ما وصلت إليه مفاوضات فيينا مع الغرب (…) نأمل التوصل لاتفاق عاجل يُرضي كل الأطراف”، معلناً استعداد دولة قطر تقديم أيّ “مساعدة ممكنة لتذليل الصعوبات.” أما رئيسي، فقال في المؤتمر الصحافي المشترك، إنه يتعيّن على الولايات المتحدة أن تثبت أنّها سترفع العقوبات المفروضة على طهران خلال المحادثات غير المباشرة الجارية لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وفي هذا الصدد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية أنّ وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قام بزيارة غير معلنة لإيران، بعد زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لواشنطن نهاية الشهر الماضي.
كشف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال جلسة حوارية في مؤتمر ميونيخ للأمن، ما يمكن إعتباره “سرّ” ما يمكن وصفه بـ”التطوّرات الايجابية” في مفاوضات فيينا
وأضافت الوكالة أنّ زيارة وزير خارجية قطر غير المعلنة لإيران تضمّنت مباحثات مع الرئيس الإيراني ووزير الخارجية.
بالعودة إلى “الوول ستريت جورنال” ، فكتب لورانس نورمان الثلاثاء، أنّه يمكن الانتهاء من “إنجاز إتفاق في وقت مبكر اليومين المقبلين، على رغم أنّ المسؤولين يقولون، أنّه لا تزال هناك بعض الخلافات”. وقال: “إيران والولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى تقترب من التوصّل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، على الرغم من أنّ هذه الدول، لا تزال تناقش المطالب نهائية من طهران، بما في ذلك نطاق تخفيف العقوبات”. ويحتاج أيّ اتفاق إلى توقيع نهائي من قبل قادة الدول المعنية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا وإيران. ولعلّ أهم القضايا التي لم يتمّ حلّها حتى الآن، هو عدد العقوبات الأميركية التي سيتم رفعها، بما في ذلك تلك المفروضة على المكتب المرشد الأعلى الإيراني خامنئي وقادة الحرس الثوري الإيراني .
وبدا من الأنباء الواردة من طهران، أنّ المسؤولين هناك يعيشون حالة ترقب قبل صعود الدخان الأبيض من فيينا. ووفق ما أوردته وكالة (إرنا) الرسمية، فقد أعلن مصدر مطّلع، إنه ليس لوزير الخارجية “حسين امير عبد اللهيان” برنامج لزيارة فيينا. وأوردت الوكالة ما قال وزير الخارجية، خلال اللقاء مع نظيره الاسباني خوسيه مانويل ألباريس في ميونيخ الأحد الماضي: “أنه نظراً لمفاوضات فيينا التي بلغت مرحلة اتخاذ القرارات السياسية من جانب الغرب، فإنّه يتعيّن على فرنسا وألمانيا وبريطانيا باعتبارها من الدول الاعضاء في الاتفاق النووي، أن تبذل الجهود لضمان حقوق ومصالح إيران المشروعة”.
في المقابل، كشف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال جلسة حوارية في مؤتمر ميونيخ للأمن، ما يمكن إعتباره “سرّ” ما يمكن وصفه بـ”التطوّرات الايجابية” في مفاوضات فيينا. فهو قال: “على رغم تأكيد إدارة بايدن أنّ المفاوضات مع إيران، ستركّز على أن يكون الاتفاق أوسع وأشمل، فإنّ الإدارة تخلّت عن هذا المطلب سريعاً خشية من انسحاب إيران من المفاوضات”. لكنه أضاف: “لو نجحت المفاوضات الجارية في فيينا مع إيران بإعادة إحياء الاتفاق النووي، لوجِب أن يكون هذا نقطة البداية وليس النهاية”، مشيراً لضرورة إكمال المفاوضات مع إيران لتتناول دورها في المنطقة.
إقرأ أيضاً: محاكاة دولية لمستقبل لبنان بعد فيينا: الحزب سيزداد قوّةً
لا بد من الإشارة هنا إلى أنّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي نفى في الدوحة رداً على سؤال صحافي انعقاد محادثات مباشرة بين الإيرانيين والأميركيين.
في الخلاصة، سيكون هناك بعض الفالس الذي سيتصاعد من فيينا، لكن الموسيقى الفعلية كانت في الدوحة.