كيف ينظر الفلسطينيون إلى اليوم التالي للعدوان الإسرائيلي على غزّة والضفة الغربية؟
تساؤل حاولت قيادات فلسطينية من كافة الفصائل الإجابة عليه في ورش عمل متعددة من مدينة اسطنبول التركية وصولاً إلى العاصمة اللبنانية بيروت تحت عنوان “الرؤية الفلسطينية لليوم التالي”.
بين بيروت واسطنبول
لقد شهدت مدينة إسطنبول قبل أسبوعين مؤتمراً مهمّاً شاركت فيه قيادات من حركة حماس وحركة فتح وحركة الجهاد الإسلامي وشخصيات عربية وفلسطينية وإسلامية، وقدّم خلاله رئيس مركز القدس للدراسات السياسية الباحث عريب الرينتاوي مشروعاً سياسياً متكاملاً حول كيفية توحيد الرؤية الفلسطينية، ولقي المشروع ترحيباً من قيادة حركة حماس وبعض القياديين في حركة فتح، ويؤكّد المشروع الذي حظي أيضاً بدعم من حوالي 600 شخصية عربية وإسلامية، على أهمية الحوار بين القوى الفلسطينية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات جديدة والتوافق لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة تتولّى مهامّ الإعمار في قطاع غزة.
بموازاة ذلك تجري قيادتا حركة حماس والجهاد الإسلامي في بيروت سلسلة لقاءات مع مختلف القيادات اللبنانية ومع عدد من الإعلاميين والباحثين السياسيين، وذلك بهدف عرض آخر التطوّرات في غزة وأفق المفاوضات الجارية حول وقف إطلاق النار ورؤية الحركتين لمستقبل الأوضاع في فلسطين. ومن خلال الاطّلاع على أجواء هذه اللقاءات يتبيّن أنّ القيادات الفلسطينية المقاومة تظهر الكثير من الواقعية والعملانية في مقاربة الأوضاع على الصعيد الفلسطيني والعربي والدولي، وأنّها حريصة على الوحدة الفلسطينية وتطوير الأداء السياسي والإعلامي في المرحلة المقبلة والتعاطي بإيجابية مع المتغيّرات الحاصلة.
اعتبر المشاركون أنّ ثمّة فرصاً قويّة أن تعزّز قوى المقاومة وقوى العمل الوطني حضورها الشعبي والسياسي والمؤسّسي، بما يمنع محاولات عزل المقاومة وتهميشها
السيناريوهات الأربعة
في الإطار نفسه أقام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ندوة بعنوان “المسارات المتوقّعة لقضية فلسطين في سنة 2024 في ضوء معركة طوفان الأقصى”، بمشاركة عشرات الخبراء والمتخصّصين في الشأن الفلسطيني. وتضمّنت الورشة قراءات متنوّعة حول التطوّرات الفلسطينية والمسارات المختلفة فلسطينياً وعربياً ودولياً. وتهدف هذه الندوة إلى وضع تصوّر فلسطيني متكامل حول اليوم التالي لما بعد الحرب على قطاع غزة. وقُدّمت خلالها عدّة سيناريوهات للوضع الفلسطيني الداخلي:
1- استمرار الوضع القائم من حيث الافتراق بين حركتَي حماس وفتح على ما هو عليه، وهذا الاحتمال وإن أضعفته الحرب، فإنّه يبقى قائماً.
2- حصول اتفاق وطني على إدارة مرحلة ما بعد الحرب، بغرض إنهاء الانقسام، ورفع الحصار وإعادة الإعمار، والتهيئة لانتخابات شاملة، وهذا غالباً متعلّق بالشكل الذي ستنتهي إليه الحرب.
3- أن تنتهي الحرب بانتصار واضح للمقاومة، وفي طليعتها حركة حماس، وهو ما سيوفّر موقعاً أفضل لحماس وفرصة أكبر لفرض شروطها على المستويات كلّها، بما في ذلك الوضع الداخلي الفلسطيني.
4- أن يتمكّن الاحتلال من السيطرة على قطاع غزة، وتحقيق ولو جزءاً من أهدافه في ضرب أو إضعاف العمل المقاوم، وهو ما يفتح المستقبل الفلسطيني برمّته على واقع مختلف تماماً.
شهدت مدينة إسطنبول قبل أسبوعين مؤتمراً شاركت فيه قيادات من حماس وفتح والجهاد الإسلامي لبحث “اليوم التالي”، وفي بيروت سلسلة لقاءات مشابهة
واعتبر المشاركون أنّ ثمّة فرصاً قويّة أن تعزّز قوى المقاومة وقوى العمل الوطني حضورها الشعبي والسياسي والمؤسّسي، بما يمنع محاولات عزل المقاومة وتهميشها.
وأوضح المشاركون أنّ معركة طوفان الأقصى أعادت الاهتمام العالمي إلى القضية الفلسطينية بعدما تراجعت مكانتها، ونتيجة المعركة سوف تنعكس على مسار التسوية في المرحلة المقبلة، وأنّ هدف طرح حلّ الدولتين في هذه الفترة بقوة يعود إلى الشعور العالمي بخطورة الأوضاع، وأنّ تجاهل القضية الفلسطينية سيتسبّب بمزيد من الانفجارات في المنطقة، وأنّه لا يمكن تجاوز الشعب الفلسطيني ومعاناته. كما أنّ طرح حلّ الدولتين هو من الناحية الأميركية يهدف إلى امتصاص الاحتقان، ومحاولة نفخ الروح في مسار التسوية وعملية التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني.
إقرأ أيضاً: ورش عسكرية وسياسية وإعلامية داخل الحزب
أهمّية هذه الطروحات أنّها تؤكّد أنّ القوى الفلسطينية يمكن لها أن تقدّم مشروعها السياسي للمرحلة المقبلة ولا تنتظر ما يخطّط لها الآخرون، وأنّ هناك فرصة مهمّة لتوحيد الموقف الفلسطيني والاستفادة من نتائج معركة طوفان الأقصى لفتح مسارات جديدة على صعيد القضية الفلسطينية بما يحقّق آمال الشعب الفلسطيني وطموحاته.
لمتابعة الكاتب على تويتر: KassirKassem@