الحزب للعروض السياسيّة: الكلمة للميدان.. والتكنولوجيا

مدة القراءة 5 د


من غزة إلى جنوب لبنان ساحتا حرب مفتوحتان على كلّ الاحتمالات. لا هدنة طويلة أو قصيرة. وكما حماس كذلك الحزب يصرّان على مواصلة التصدّي لإسرائيل والاستعداد دائماً للأسوأ. ولأنّ الكلمة للميدان فإنّ أيّ حديث عن حلول سياسية مرتقبة أو صفقة تبادل لن يكون مصيباً.
تشهد ساحة جنوب لبنان حرباً حقيقية تتكشّف خلالها إمكانيات الحزب المتطوّرة. وهو الذي لا يزال يحتفظ بعنصر المفاجأة. في حرب الجنوب الدائرة على الحدود يمكن الحديث عن حرب تكنولوجيا لم تعد تشكّل المسيّرات إلا جزءاً صغيراً منها، وعن تجنيد مخبرين تتكشّف روايتهم يوماً بعد يوم، وإن آثر الحزب التكتّم.
أظهرت جبهة الجنوب أنّ الحزب ليس محصّناً بالكامل ضمن بيئته التي دخلت عليها عناصر جديدة أضرّت به وألحقت به خسائر بالجملة. فتطوّر إسرائيل التكنولوجي لم يكن لينجح في جعل أرض الجنوب ساحة مكشوفة أمام إسرائيل لولا وجود إحداثيات عبر تواصل مباشر مع إسرائيل يقوم به أفراد وجماعات لم تغادر، كما الأهالي، وبقيت مرابضة في القرى المحاذية على الرغم من ضراوة المواجهات، علاوة على وسائل التواصل التي هي بمتناول السكّان والتي عمّم الحزب عليهم عدم استخدامها، لا سيّما الأهالي المقيمين عند الحدود المحاذية مباشرة.
وسط هذه الأجواء يصعب الحديث عن حلّ سياسي قريب أو هدنة على الحدود وداخل غزّة. وكما ترفض حماس أيّ حلّ لا يتضمّن وقفاً لإطلاق النار وتحرير كامل الأسرى من سجون الاحتلال، كذلك يعتبر الحزب أنّ من “المعيب” الشروع في بحث أيّ صيغة تتعلّق بتطبيق القرار 1701 قبل نهاية الحرب على غزة.

لا وقف للحرب قبل انتصار إسرائيل
لكنّ هذه الحرب، على ما تؤكّد مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة، ستستمرّ إلى أن تسجّل إسرائيل مكسباً يعيد ترميم صورتها أمام الرأي العام، مدعومةً من أميركا المصرّة على معارضة أيّ صيغة قرار توقف إطلاق النار أو تحقّق هدنة طويلة لحرب إسرائيل على غزة.

أكثر من خمس جلسات فشل خلالها مجلس الأمن في التصويت على قرار بوقف إطلاق النار أو على إقرار هدنة طويلة الأمد

أميركا ذاتها جدّدت الفترة الزمنية لإسرائيل للاستمرار بعدوانها، وبعدما كانت منحتها حتى آخر كانون الأول الجاري صار بإمكان إسرائيل الاستمرار بعدوانها شهراً إضافياً. وهي لا تريد من مجلس الأمن أبعد من هُدن لأيام معدودات لا تنطبق عليها شروط الهدنة بالمفهوم العسكري كي تتسنّى لإسرائيل إعادة تركيز أهدافها.

فشل مجلس الأمن
أكثر من خمس جلسات فشل خلالها مجلس الأمن في التصويت على قرار بوقف إطلاق النار أو على إقرار هدنة طويلة الأمد. والسبب هو معارضة أميركا والغرب لقرار كهذا كانت تولّت مصر صياغته وتقدّمت به الإمارات.
طوال تلك الفترة كان نصّ البيان يتعرّض لتغيير في الصياغة ويجري التحايل على العبارات فيه وشطب ما من شأنه أن يكون حجّة لفيتو أميركي حتى تحوّل إلى صيغة هزيلة وضعيفة. ومع ذلك لم ينجح مجلس الأمن في الاتفاق على قرار يسمح بأبعد من إدخال مساعدات إنسانية.
كما هو حال غزة كذلك الوضع جنوباً حيث لا وقف للمواجهات بين الحزب وإسرائيل. فمنذ بداية الحرب وانطلاق العمليات كانت جبهة الشمال ولا تزال الهمّ الشاغل لمندوبي الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وتحدّثت أميركا عن تطبيق القرار 1701 وفتحت النقاش بشأنه، وتلتها فرنسا من دون تقديم أيّ عرض جدّي سوى محاولات.
أيّ حديث بشأن الوضع جنوباً ويتعلّق بالقرار الدولي مجمّد لدى الحزب ما دامت حرب إسرائيل على غزة متواصلة. يؤكّد الحزب متانة هذه الجبهة، وعلى الرغم من أنّ أيّ حرب لا تخلو من المفاجآت إلا أنّ المقاومة خطت خطوات متقدّمة عسكرياً وتكنولوجيّاً بدأت تكشف عن بعض جوانبها.

تكتّم إسرائيل على خسائرها
على الرغم من اتساع حجم الجبهة وارتفاع وتيرة الاشتباك فإنّ إسرائيل تسير على الحافة في ردّها وتتجنّب توسيع رقعة الاعتداء على الرغم من تهديداتها المتواصلة. في الحالة الطبيعية وبالنظر إلى طبيعتها، فإنّ إسرائيل كانت لتوسّع نطاق اعتداءاتها على لبنان ردّاً على الإصابات التي تقع من ناحيتها. وهذا ما يفسّره الحزب بأنّه نجاح لمعادلة الردع التي أرساها.

على جبهة غزة فتؤكّد مصادر حماس استعدادها للصمود في جبهة القتال لأشهر إضافية، بدليل رفض جناحها السياسي عرضاً إسرائيلياً بالانسحاب من بعض المناطق وإطلاق سراح 150 أسيراً فلسطينياً

تحيط إسرائيل بالتكتّم الخسائرَ التي تتكبّدها بالأرواح والممتلكات نتيجة عمليات الحزب كي لا تمسّ بمعنويّات جيشها. وهو التكتّم ذاته الذي تمارسه حيال ما يلحق بها نتيجة جبهة الجنوب اللبناني.
مع كلّ ما حصل ويحصل فإنّ الحزب يجزم أنّه لم يستخدم كامل قدراته بعد ولم يكشف عن مستوى تقنيّاته العسكرية وأنواع الأسلحة التي يملكها. ولم يأتِ وقت الحديث عمّا تفعله الجبهة في مواجهة إسرائيل، التي استنفرت قوات النخبة في جيشها على الحدود ولم تشركها في الحرب على غزة.
أمّا على جبهة غزة فتؤكّد مصادر حماس استعدادها للصمود في جبهة القتال لأشهر إضافية، بدليل رفض جناحها السياسي عرضاً إسرائيلياً بالانسحاب من بعض المناطق وإطلاق سراح 150 أسيراً فلسطينياً بينهم قادة، مقابل هدنة لعشرة أيام. فكان قرار يحيى السنوار أنّهم على أعلى مستوى من الاستعداد لمواصلة المقاومة، وأنّ عرضاً كهذا غير مناسب لأنّ المطلوب هو انسحاب إسرائيل بالكامل من قطاع غزة.
الكلمة للميدان ولا بحث في أثمان سياسية لم يحِن أوانها بعد. وتمديد أميركا الوقت لإسرائيل كي تخرج بإنجاز سيكون من شأنه أن يعقّد أيّ مسعى سياسي ويرفع وتيرة المواجهات خلال فترة الأعياد وسط فشل مساعٍ عربية للتوصّل إلى هدنة، أقلّه خلال الأعياد.

إقرأ أيضاً: مصادر الحزب: لا اتصالات مع أحد.. والسيناريوهات متخيّلة

لا توسيع لنطاق العمليات جنوباً وأميركا تضغط على إسرائيل التي تسعى إلى توجيه ضربة للحزب في لبنان لولا الضغوط الأميركية التي تمارس عليها وقد تبلغت أميركا من إيران أنّ أي ضربة للجنوب ستقابل بالمثل في إسرائيل أياً كان حجمها ونطاقها.

مواضيع ذات صلة

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…

فرنجيّة وجنبلاط: هل لاحت “كلمة السّرّ” الرّئاسيّة دوليّاً؟

أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام…

قنوات مفتوحة بين قائد الجيش و”الثّنائيّ الشّيعيّ”

في آخر موقف رسمي من الانتهاكات الإسرائيلية اليومية والفاضحة لقرار وقف إطلاق النار تكرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “لفت نظر” لجنة المراقبة لوجوب وقف هذه…