تحذيرات وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من سباق تسلّح نووي في المنطقة في حال امتلكت إيران قدرات عسكرية نووية، أعاد الملفّ النووي الإيراني إلى الواجهة وألغى حصرية إسرائيل في مواجهة إيران بخصوص برنامجها النووي.
أعاد بن سلمان تصويب الجدل في ما يخصّ امتلاك القدرات النووية إلى التحدّي الحقيقي بعدما انطلق جدل في الولايات المتحدة وإسرائيل يعارض بناء معامل تخصيب نووية في السعودية مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل مخافة أن يؤدّي ذلك إلى انتشار واسع للتكنولوجيا النووية ووصولها إلى منظمات إرهابية.
الأمن وموازنة القوى
صرّح وليّ العهد السعودي في مقابلة تلفزيونية مع “فوكس نيوز” بشكل واضح بأنّ المملكة ستسعى إلى امتلاك سلاح نووي في حال حصلت إيران عليه وذلك لأسباب تتعلّق “بالأمن وموازنة القوى” في المنطقة. أنهت هذه التصريحات حصرية إسرائيل في مواجهة المشروع النووي الإيراني الذي تعتبر إسرائيل أنّه يشكّل خطراً وجودياً عليها، فبرزت للمرّة الأولى بشكل علني وواضح اعتبارات خليجية عربية تعارض امتلاك إيران قدرات نووية عسكرية لأنّ من شأن ذلك أن يضرب موازين القوى في المنطقة ويطلق سباق تسلّح غير مسبوق في المنطقة.
برزت تصريحات بن سلمان في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الأميركية الإيرانية حالة من تخفيف التوتّر بين البلدين بعد صفقة تبادل السجناء مقابل الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمّدة، وهو ما عزّز المخاوف من أنّ إيران مستمرّة برفع تخصيب اليورانيوم إلى معدّلات تقرّبها من تجاوز العتبة النووية لأغراض عسكرية في ظلّ عدم رغبة لدى إدارة الرئيس بايدن بالتصعيد مع طهران وتفضيلها سياسة “لا أزمة لا اتفاق” بعد الفشل في التوصّل إلى اتفاق مع طهران حول برنامجها النووي.
تتمثّل المخاوف الغربية في أنّ إيران أصبحت تمتلك المعرفة والخبرة في التخصيب ووصلت إلى مرحلة اللارجوع، وأنّ السبيل الوحيد هو إقناع إيران بعدم الانتقال إلى تطوير قدرات عسكرية
أطلق جدلاً في إسرائيل وواشنطن تقريرٌ عن مطالبة الرياض بالحصول على دعم أميركي لإطلاق برنامج نووي مدني كأحد أهمّ شروط الرياض للتطبيع مع إسرائيل الذي تسعى إدارة بايدن إلى إنجازه في سنة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
هذه هي المرّة الأولى التي تطالب دولة عربية بتعزيز أمنها الإقليمي مقابل التطبيع مع إسرائيل بعدما اعتادت إسرائيل وضع شروط اقتصادية وعسكرية على الولايات المتحدة مقابل تقديم تنازلات في مفاوضات السلام.
مع ارتفاع فرص التوصّل إلى اتفاق بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل برزت أصوات تعارض التجاوب مع المطلب السعودي. فقد أرسلت مجموعة تضمّ أكثر من عشرين خبيراً في الشؤون النووية والشرق الأوسط رسالة إلى الرئيس بايدن تحثّه فيها على عدم السماح للمملكة العربية السعودية بتطوير برنامج لتخصيب اليورانيوم على أراضيها.
يؤكّد الخبراء الـ27 الذين وقّعوا على الرسالة التي كشف عنها موقع “أكسيوس” أنّهم يدعمون العلاقات الطيّبة، لكن يعتقدون أنّ المملكة لا تحتاج إلى تخصيب اليورانيوم لإنتاج طاقة نووية سلمية.
يقول هؤلاء الخبراء إنّ تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية قد يقرّب المملكة من حافة امتلاك أسلحة نووية، وهو أمر يجب أن تمنع حدوثه السياسة الأميركية.
الموقّعون على الرسالة يشملون عدّة مسؤولين أميركيين سابقين تناوبوا على الخدمة تحت إدارات جمهورية وديمقراطية، وعملوا على قضايا نووية وملفّات في الشرق الأوسط.
ليست المعارضة فقط من الخبراء الذين أرسلوا رسالة، لكن أيضاً من المعارضة الإسرائيلية.
اقتراحات نوويّة بعيداً عن الأضواء
تتمثّل المخاوف الغربية في أنّ إيران أصبحت تمتلك المعرفة والخبرة في التخصيب ووصلت إلى مرحلة اللارجوع، وأنّ السبيل الوحيد هو إقناع إيران بعدم الانتقال إلى تطوير قدرات عسكرية. وتخشى إسرائيل أن يتعزّز طرح بعيد عن الأضواء في واشنطن وبعض العواصم الغربية يقضي بإمكانية التعايش مع برنامج إيراني نووي متقدّم شرط أن لا تطوِّر إيران قدرات عسكرية. وتختلف التقديرات حول الوقت الذي تريده إيران للانتقال من برنامج مدني نووي إلى تطوير قدرات عسكرية والوقت المسموح به غربياً وإسرائيلياً.
لقد برزت أخيراً جهود بعيدة عن الأضواء تروّج لمظلّة نووية دفاعية تُعرَض على دول المنطقة على غرار ما كان في أثناء الحرب الباردة في حال أصبح التهديد الإيراني النووي واقعاً.
إقرأ أيضاً: انتفاضة.. لكن في صفوف الديمقراطيّين
كان هذا سائداً خلال الحرب الباردة حين مدّدت الولايات المتحدة مظلّتها الدفاعية النووية لحلفائها في الناتو ودول أخرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية كجزء من سياستها لاحتواء الاتحاد السوفيتي. وقد يكون الردّ الأميركي على الدول الصديقة للولايات المتحدة التي ستسعى إلى اقتناء أسلحة نووية من أجل الحفاظ على التوازن في المستقبل، عبر طرح مظلّة نووية دفاعية لدول المنطقة شرط أن تكون مموَّلة من هذه الدول.
لمتابعة الكاتب على تويتر: mouafac@