إسرائيل مرعوبة: مليون أفريقي يريدون التسلّل إلينا

مدة القراءة 5 د


بدأت حكومة بنيامين نتنياهو إجراءات بناء سياج حدودي مع الأردن “لمنع مليون أفريقي من التسلّل”، بحسب رئيس الوزراء، الذي أعلن عبر منصّة X: “لقد أقمنا سياجاً على حدودنا الجنوبية مع مصر وأوقفنا التسلّل من هناك إلى إسرائيل، وبذلك أوقفنا أكثر من مليون متسلّل من إفريقيا. والآن سنقوم ببناء سياج على حدودنا الشرقية مع الأردن لنضمن عدم التسلّل من هناك أيضاً”، لأنّ الهجرة غير القانونية من إفريقيا تشكّل “تهديداً حقيقياً لمستقبل إسرائيل”، داعياً إلى إعداد خطة لإخراج جميع المتسلّلين من البلاد.

لاحقاً شكّلت حكومته لجنة وزارية خاصة للنظر في اتخاذ إجراءات، من بينها طرد من وصفتهم بـ”مثيري الشغب”، بعد احتجاجات نظّمها طالبو لجوء إريتريون في مدينة تل أبيب، اعتبروها “ترويجاً” لنظام حكم الرئيس الديكتاتوري الإريتري أسياس أفورقي الذي فرّوا منه.

وصلت علاقة إريتريا والاحتلال إلى مستويات متقدّمة بنسجهما علاقات أمنيّة وإقامة قواعد عسكرية للاحتلال في إريتريا تشمل محطة تنصّت على جبل أمبا سوارا لأغراض مراقبة النشاط البحري والجوّي في البحر الأحمر

بدأت الأحداث بعراك بين إريتريين مؤيّدين لرئيس النظام في بلادهم، أسياس أفورقي، وطالبي لجوء إريتريين معارضين للنظام حاولوا منع تنظيم حفل في السفارة الإريترية في تل أبيب. وسرعان ما تحوّل إلى مواجهات بين طالبي اللجوء والشرطة الإسرائيلية، وألقى المتظاهرون الحجارة على الشرطة وهشّموا نوافذ محالّ تجارية، فردّت بقنابل الغاز المسيّلة للدموع والرصاص المطاطي والحيّ، فأصيب 140 من طالبي اللجوء الإريتريين، بينهم 12 حالتهم خطيرة، إضافة إلى 27 شرطياً.

كشفت صحيفة هآرتس عن خيارات حدّدتها الحكومة الإسرائيلية للمهاجرين الإريتريين “من غياهب أرشيف الاختراعات التي أوجدتها إسرائيل كي تتخلّص من الأشخاص غير المرغوب فيهم”. وأضافت الصحيفة في افتتاحيّتها أنّ الدولة “امتشقت العودة الطوعية كوسيلة لطرد مواطنين إريتريين فرّوا إلى هنا أو سيكون عليهم البقاء في السجن ثلاث سنوات”. واعتبرت أنّه “لا يوجد تشويه أخلاقي أكبر من هذا العرض الوحشي، الذي يتنكّر لميثاق الأمم المتحدة المتعلّق بحقوق اللاجئين، الذي وقّعت عليه إسرائيل”.

كذلك شبّهت التوقيع على نموذج “العودة الطوعية” بأنّه مثل “الهجرة الطوعية” التي مورست ضدّ الفلسطينيين الذين أرادت إسرائيل طردهم: “فهي تلقي ظاهراً بالمسؤولية على اللاجئ وتعفي نفسها من المسؤولية وتخرج نظيفة اليدين”.

من جهته، نقل موقع “واللا” الإلكتروني عن رئيس جمعية “أمل جديد” لطالبي اللجوء، برهانا نغاسي، قوله إنّ “بإمكان نتانياهو أن يقول ما يشاء، لكن يوجد قانون دولي. وإذا أراد أن يكون صديقاً لديكتاتور إريتريا فليستمرّ في سياسته”.

عبد الغني سلامة لـ”أساس”: القارّة السمراء كانت وما تزال جزءاً أساسياً ومهمّاً من المخطّطات الصهيونية، ويأتي تركيز إسرائيل على منطقتَي القرن الإفريقي والبحر الأحمر باعتبارهما المخرج الجنوبي الوحيد لها

تاريخ العلاقة مع أريتريا

أعادت المواجهات بين طالبي اللجوء الإريتريين وقوات الشرطة الإسرائيلية تسليط الضوء على علاقة دولة الاحتلال الدبلوماسية مع إريتريا، وعلى العلاقات الأمنية شبه السرّية بين إسرائيل وإريتريا اللتين أقامتا علاقات دبلوماسية في أيار 1993، لكنّها امتازت بالتعقيد بسبب دعم إسرائيل لإثيوبيا خلال حرب الاستقلال الإريترية. وقد رأت إسرائيل أنّ القوات المتمرّدة في إريتريا امتداد للعالم العربي لأنّها مدعومة منه، وخشيت أن تقوم بعد استقلالها بمنع السفن الإسرائيلية من المرور عبر البحر الأحمر، ولهذا السبب عقدت إسرائيل تحالفاً مع إثيوبيا للاستفادة من الشريط الساحلي الطويل لإريتريا الممتدّ على مسافة 1,080 كيلومتراً.

لقد وصلت علاقة إريتريا والاحتلال إلى مستويات متقدّمة بنسجهما علاقات أمنيّة وإقامة قواعد عسكرية للاحتلال في إريتريا تشمل محطة تنصّت على جبل أمبا سوارا لأغراض مراقبة النشاط البحري والجوّي في البحر الأحمر، خاصة نشاط الإيرانيين، ومراسي في جزر دالاك في البحر الأحمر.

في هذا السياق، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية، في عام 2019، التماساً طالب بالكشف عن وثيقة أعدّتها وزارة الخارجية عن وضع حقوق الإنسان في إريتريا. وكان من شأن هذه الوثيقة أن تشكّل أساساً للنظر في طلبات اللجوء، لكنّ قضاة المحكمة قالوا إنّهم اقتنعوا بموقف الحكومة وإنّ كشف الوثيقة سيلحق ضرراً كبيراً بعلاقات إسرائيل الخارجية. ويُعتبر القرار العليا تلميحاً نادراً إلى العلاقات شبه السرّية بين إسرائيل والنظام الدموي في إريتريا. وكانت تقارير عالمية قد أفادت بأنّ لإسرائيل قاعدة استخبارية في إريتريا على ساحل البحر الأحمر تضمّ غوّاصات تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي الذي ينفّذ عمليات في المياه الإقليمية الإريترية في البحر الأحمر.

إقرأ أيضاً: انتفاضة الرئيس عبّاس: إقالات بالجملة

يرى الكاتب الفلسطيني المختصّ بالشأن الإسرائيلي عبد الغني سلامة في حديث لـ”أساس” أنّ القارّة السمراء كانت وما تزال جزءاً أساسياً ومهمّاً من المخطّطات الصهيونية، ويأتي تركيز إسرائيل على منطقتَي القرن الإفريقي والبحر الأحمر باعتبارهما المخرج الجنوبي الوحيد لها الذي يصلها بجنوب وشرق الكرة الأرضية، وباعتبارهما منطقة استراتيجية من الناحية الأمنية والعسكرية والاقتصادية، ولذا سعت إسرائيل إلى إيجاد نفوذ لها على طول الساحل عبر علاقتها المتميّزة مع إثيوبيا التي كانت تحتلّ إريتريا في زمن “هيلاسيلاسي”، ونجحت في إنشاء مراكز عسكرية لها في جزر فاطمة ودهلك وحالب على الساحل الإريتري، حيث احتفظت بمراكز رصد معلومات وقوات كوماندوس وقطع بحرية صغيرة. ومع استقلال إريتريا عام 1993 وابتعادها عن النظام العربي، استطاعت إسرائيل، في ظلّ هذا الوضع، أن تضمن تلبية مطالبها الأمنية الخاصة في هذه المنطقة الحسّاسة، وما تزال تفرض سيطرة عسكرية على جزر البحر الأحمر قبالة السواحل السعودية والمصرية واليمنية”.

مواضيع ذات صلة

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…

“اليوم التّالي” مطعّم بنكهة سعوديّة؟

لم يعد خافياً ارتفاع منسوب اهتمام المملكة العربية السعودية بالملفّ اللبناني. باتت المؤشّرات كثيرة، وتشي بأنّ مرحلة جديدة ستطبع العلاقات الثنائية بين البلدين. الأرجح أنّ…

مخالفات على خطّ اليرزة-السّراي

ضمن سياق الظروف الاستثنائية التي تملي على المسؤولين تجاوز بعض الشكليّات القانونية تأخذ رئاسة الحكومة على وزير الدفاع موريس سليم ارتكابه مخالفة جرى التطنيش حكوميّاً…

“الفرصة الأخيرة” وسط الألغام

قبل ساعات من وصول الموفد الأميركي آموس هوكستين تقصّد العدوّ الإسرائيلي كما الحزب رفع مستوى الضغط الميداني إلى حدّه الأقصى: إسرائيل تكرّر قصف عمق العاصمة…