عبّود لـ “أساس”: مطالب القضاة محقّة ونعمل على تحقيقها

مدة القراءة 5 د


“مطالب القضاة محقة ونعمل على تحقيقها”. بهذه الكلمات كان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود حاسماً في الإصرار على حلّ أزمة إعلان أكثر من 100 قاضٍ يوم الجمعة الماضي الإضراب احتجاجاً على عجز الدولة عن تغطية كلفة الرعاية الصحّية والتعليم لهم ولعائلاتهم وأبنائهم، وربطوا العودة إلى العمل بتوافر مقوّمات العيش والعمل بكرامة.
وقد أتى قرار 111 قاضياً التوقّف القسري عن العمل مفاجئاً، خاصة أنّه جاء قبيل انطلاقة السنة القضائية الجديدة (في 16 أيلول الجاري)، وباتت قرارات الاعتكافات المتكرّرة مقلقة لكلّ المحامين والمتقاضين، الذين يعيشون هاجس تجميد ملفّاتهم، خاصة بعدما استمرّ إضراب القضاة في الفترة الماضية قرابة ستّة أشهر.

عبود: لن نقبل بإقفال العدليّة
القاضي سهيل عبود، أكّد في تصريخ خاص لـ”أساس” أنّه مقتنع تماماً بأحقّيّة المطالب التي يُنادي بها القضاة على كلّ الصعد، وقال إنّ “مجلس القضاء الأعلى يسعى بالتنسيق مع وزير العدل ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس صندوق تعاضد القضاة وكلّ المعنيين، إلى إيجاد الحلول التي تخفّف من معاناة القضاة المعنوية والاجتماعية والمادّية”. وشدّد على أنّه “إذا كانت المطالب أكثر من محقّة، فلا يعني ذلك التفرّد بإقفال قصور العدل والمحاكم والدوائر القضائية”. وقال القاضي عبود لـ “أساس”: “نعم القضاء يعاني والقضاة لهم حقوق لا بدّ من تحقيقها، لكن للأسف البلد في حالة انهيار، والمؤسّسات كلّها تعاني، والناس وصلت إلى مرحلة اليأس، ومن واجبنا العمل على بقاء السلطة القضائية وتوفير مستلزمات صمودها، فهي التي تُمثّل الملاذ الأخير للناس والضمانة لبقاء الوطن”. وأضاف رئيس مجلس القضاء الأعلى  أنّ “المجلس قرّر عقد جمعية عمومية للقضاة في بداية السنة القضائية الجديدة لعرض الواقع القضائي وما تحقّق وما لم يتحقّق بعد، مع النتائج الملازمة للواقع القائم، وذلك إيماناً منّا ببقاء الدولة ودور القضاء في المحافظة على الحقوق وتحقيق العدالة”.

القاضي سهيل عبود، أكّد في تصريخ خاص لـ”أساس” أنّه مقتنع تماماً بأحقّيّة المطالب التي يُنادي بها القضاة على كلّ الصعد

صرخة القضاة للعيش بكرامة
لقد خسر قضاة لبنان في السنوات الثلاث الأخيرة نحو 95 في المئة من قيمة رواتبهم جرّاء انهيار قيمة العملة الوطنية ودولرة الأسعار في معظم القطاعات، وأكّد أحد القضاة المعتكفين لـ “أساس” أنّ “الهدف من التوقّف القسري عن العمل، إطلاق صرخة بوجه المسؤولين بأنّ الواقع القضائي لم يعد محتملاً وينذر بتعطيل السنة القضائية إن لم تتمّ معالجته”. وقال القاضي، الذي رفض ذكر اسمه، إنّ “ظروف العمل اللائقة بالكرامة البشرية باتت شبه معدومة في قصور العدل مع الانقطاع شبه الدائم للكهرباء والمياه، فالقاضي يعمل في العتمة ويضطرّ إلى إجراء التحقيق في ضوء هاتفه، والبحث في الملفّات المكدّسة على مكتبه، ناهيك عن غياب النظافة وفقدان القرطاسية وأدنى مقوّمات العمل الإداري في المحاكم ودوائر التحقيق”، وختم القاضي سائلاً: “هل يستطيع أيّ مواطن أن يعيش بكرامة وهو يتقاضى أقلّ من 500 دولار، هل يستطيع تسديد أقساط أولاده المدرسية وفاتورة الاستشفاء واشتراك المولّد الكهربائي التي باتت بالفريش دولار؟”.

لامبالاة من السلطة السياسيّة
بالمقابل، علّق مصدر قضائي بارز مواكب لتحرّكات القضاة لـ “أساس” قائلاً إنّ “قضاة لبنان يعيشون أزمة حقيقية سببها لامبالاة السلطة السياسية بهم”، متسائلاً: “كيف يمكن للقاضي أن يُحقّق في قضية أمامه أو أن يحكم بعدل وهو محروم من أبسط مقوّمات العيش ومن التقديمات الطبّية والتعليمية لأبنائه”، وأضاف: “هذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على أنّ الواقع القضائي غير سليم ويتطلّب معالجة جذرية”، مشيراً إلى أن لا خوف على السنة القضائية الجديدة وأنّ هناك مسعىً جديّاً لحلّ تلك القضية المحقّة، “ونحن نسعى إلى تحقيق بعض المطالب لنبقي على انتظام سير العدالة، ويجري التنسيق الدائم مع مجلس القضاء الأعلى والمراجع القضائية لتعود الأمور إلى طبيعتها وليحصل القضاة على مستحقّاتهم المادّية والتقديمات الطبّية والتعليمية لهم ولأبنائهم ولتحسين ظروف عملهم”.
يبلغ عدد القضاة العدليين والماليّين والإداريين في لبنان نحو 560 قاضياً، ومنذ اعتكاف القضاة العام الماضي، يناوب القضاة في لبنان بمعدّل يومين في الأسبوع، وهم ينكبّون على التخفيف من اكتظاظ الملفّات التي خلّفها إضراب نصف العام، الذي راكم آلاف الدعاوى، وانسحب هذا الأمر على السجون ومراكز التوقيف التي تختنق بالسجناء في ظلّ تأخّر بتّ إخلاءات السبيل.

إقرأ أيضاً: عويدات لـ”أساس”: سأحيل “التدقيق الجنائيّ” إلى المجلس العدليّ

كان قد جرى سابقاً اتفاق شفهيّ بين حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة ورئيس مجلس إدارة صندوق تعاضد القضاة على تقديم منحة مالية شهرية بـ”الفريش دولار” للقاضي، كلّ حسب درجته، وهذه المساعدة قد تنخفض لأنّ صندوق تعاضد القضاة يعطي الأولوية للمساعدة المرضيّة، بحيث إذا اضطرّ قاضٍ إلى دخول مستشفى فإنّ كلفة العلاج تُقتطع من المبلغ الإجمالي العائد لكلّ القضاة.
لا يبدو أنّ القضاة سيتراجعون عن إضرابهم بانتظار بدء السنة القضائية وانعقاد الجمعية العمومية والاطّلاع على مواقف المرجعيات القضائية والاتصالات المتسارعة لاحتواء الأزمة.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…