السويد والقرآن: تطرّف الجهاديّين واليمين… يُربك الدولة

مدة القراءة 5 د


تدهور الوضع الأمنيّ في السويد أخيراً، وقد بدأ يشهد مزيداً من التدهور بسبب الغضب العالمي والإسلامي نتيجة إحراق نسخ من المصحف الشريف. وقد تصبح العواقب أكثر خطورة في حال نفّذ حزب اليمين المتطرّف تهديده بالتصويت ضدّ مشروع مراجعة قانون النظام العامّ، الذي تعمل عليه الحكومة لوقف منح التصريحات التي قد تحمل مخاطر أمنيّة على السويد، بحجّة التمسّك بالحرّيات.

ترافق تحرُّك الحكومة مع جهود المعارضة لإقالة اليميني المتطرّف ريتشارد يومسهوف، رئيس لجنة العدالة في البرلمان السويدي، من منصبه بسبب تعليقاته العلنية المهينة للإسلام، إن لم تكن تحريضية ضدّه، خصوصاً في هذا الوقت الحسّاس للغاية بالنسبة للسويد على الصعيدين الوطني والدولي.

الحزب اليميني المتطرّف هو المحرّض الأساسي على تأجيج هذه الأزمة في السويد لاستغلاله مناصب رسمية رئاسية وجعلها منصّة لأيديولوجية الحزب، بهدف تقويض موقف السويد الدولي وتعليق طلبها الخاص بالناتو.

تدهور الوضع الأمنيّ في السويد أخيراً، وقد بدأ يشهد مزيداً من التدهور بسبب الغضب العالمي والإسلامي نتيجة إحراق نسخ من المصحف الشريف

يساهم قانون السويد العلماني لدرجة التطرّف في تصاعد التهديد ضدّ البلاد، إلى جانب التحدّيات التي يفرضها كلّ من اليمين المتطرّف والفصائل الجهادية. لكنّ الجانب الأكثر تحدّياً بالنسبة للسويد يكمن في ضرورة الكشف عن الإرهابيين المنفردين في الوقت المناسب لأنّه غالباً ما يتأثّر الشباب بالدعوة والدعاية عبر الإنترنت، وينفّذون هجمات باستخدام أدوات بدائية مثل السكاكين والمركبات.

الجهاديّون واليمين المتطرّف

نتيجة حرق نسخ من المصحف الشريف واستفزاز المسلمين أكثر من مرّة، تعرّضت السويد لدعوات انتقامية من الحزب في لبنان ومن حركة الشباب الصومالية، وتطوّر التحريض إلى هجوم على سفارتَي السويد في بغداد وبيروت.

تصاعدت التهديدات إلى أن أعلن أمس تنظيم القاعدة “الحرب” على السويد والدانمارك. وأمس الأوّل، أُضيف إليه تحذير بريطانيّ من هجمات إرهابية محتملة جدّاً على الأراضي السويدية. الأمر الذي يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنيّة واضطرابها في السويد منذ بدء الصراع مع الفكر الراديكالي وتوتّر العلاقات مع روسيا وإيران.

لكنّ لهذا التوتر المتصاعد “سيرة” لا بدّ من ملاحقتها:

1- أثّرت أعمال حرق نسخ من المصحف الشريف بشكل كبير على صورة السويد في العالم الإسلامي. وعُطفت تلك الصورة على الشائعات التي كانت تستهدف مؤسّسات السويد منذ عام 2019 عندما دخل جهاز الأمن السويدي “سابو” في صراع مع الفكر الراديكالي نتيجة كشف الحكومة السويدية في عام 2014 عن مدى توغّل فكر تنظيم داعش داخل السويد ورصدها خطابات تحريضية من أئمّة مساجد تدعو إلى الانضمام إلى التنظيم في سوريا والعراق.

2- في عام 2019، بعد إصدار مصلحة الهجرة السويدية قراراً بترحيل خمسة من أصل ستّة أئمّة كان جهاز الأمن السويدي (سابو) قد وجّه إليهم، عند اعتقالهم في ربيع نفس العام، تهمة ما سمّاه “الميول السلفية والتشدّد الإسلامي”، أصبحت السويد في مرمى الإسلاميين الراديكاليين وبدأوا بحملات تستهدف سمعة السويد.

3- إلى عام 2021، حين حذّر رئيس المخابرات السويدية حينها، كلاس فريبيري، من أنّ روسيا وإيران تشكّلان أكبر التهديدات الأمنيّة للسويد وتستخدمان جميع الوسائل المتاحة في تحقيق أهدافهما. يعود هذا التحذير إلى توتّر العلاقات بين السويد من جهة وإيران وروسيا من جهة أخرى. والتوتّر الإيراني السويدي بدأ تحديداً في عام 2019، إثر اعتقال السلطات السويدية المسؤول الإيراني السابق حميد نوري، فور وصوله إلى مطار أرلاندا في استوكهولم وفق مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يتيح محاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة بغضّ النظر عن مكان وجودهم. وحكمت عليه بعد عام بالسجن المؤبّد لمشاركته في إعدام سجناء سياسيين في إيران عام 1988.

على مدى عامين، حاولت السلطات الإيرانية الضغط على السويد لإطلاق سراح حميد نوري، المقرّب من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حتى إنّها قامت في طهران في نيسان 2022 باعتقال مواطن سويدي يتولّى مسؤولية كبيرة في منظمة إنسانية دولية، لمبادلته مع نوري. وبعد أشهر أعلن سفير إيران في استوكهولم استعداد بلاده للتفاوض مع السلطات السويدية حول صفقة تبادل السجناء. لكنّ محكمة الاستئناف الخاصّة بحميد نوري رفضت إطلاق سراحه في الجلسة التي عقدتها في حزيران الفائت معلنة جلسة أخرى في أيلول المقبل. وتزامنت الجلسة مع قيام طالب اللجوء العراقي، المنتمي إلى الحزب اليميني المتطرّف في السويد سلوان موميكا، بسلسلة من الاستفزازات من استوكهولم طالت المسلمين بحرق نسخ من المصحف الشريف والعراقيين بحرق علم بلادهم، وبتهديد قيادات شيعية من أمام مبنى السفارة العراقية.

إقرأ أيضاً: هاكان فيدان يعيد الأمل للسويد بالانضمام للناتو؟

4- جرى كلّ هذا بالتزامن مع صعود اليمين المتطرّف في السويد وارتباط قياداته بروسيا التي تهدّد السويد بمواجهة مباشرة في حال انضمّت إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). ولا يخفى أنّ من بدأ بحرق نسخ من القرآن في السويد هو راسموس بالودان، زعيم حزب “هارد لاين” اليميني المتطرّف الدانماركي، في احتجاج مناهض للإسلام وردّاً على ما سمّاه “محاولة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التأثير على حرّية التعبير في السويد”. إلى اليوم، تحذّر السويد من موجة معلومات مضلّلة تستهدفها في وسائل إعلام روسية ناطقة باللغة العربية وتصف السويد بـ”الدولة المعادية للإسلام”. وهي فرصة للكرملين للتأثير على جهود السويد للانضمام إلى حلف الناتو إذا لم تقُم السويد بتدارك خطورة الوضع.

مواضيع ذات صلة

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…

فرنجيّة وجنبلاط: هل لاحت “كلمة السّرّ” الرّئاسيّة دوليّاً؟

أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام…