الجامعة الأميركيّة: 13 ملاحظة وثغرة في مشروع الموازنة

مدة القراءة 5 د


وضعت كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية 13 ملاحظة وتوصية على مشروع الموازنة العامّة لعام 2024 الذي قدّمته حكومة تصريف الأعمال أمام المجلس النيابي.

ملاحظات وتوصيات الجامعة الأميركية جاءت بعد طاولة مستديرة استضافتها الجامعة مطلع هذا الأسبوع وشارك فيها كوكبة من المتخصّصين وأهل الشأن الاقتصادي وقطاع الأعمال، وبُحث من خلالها في المشروع. وقد استطاع المشاركون الإضاءة على جانب واسع من الثغرات التي تعتري مشروع الموازنة.

من بين المشاركين في اللقاء، إلى جانب عميد الكلية الدكتور يوسف صيداني، ممثّلون عن القطاع العامّ، وخبراء اقتصاديون، وممثّلون عن منظمات دولية مثل صندوق النقد الدولي، ورجال أعمال وباحثين، على رأسهم المدير العامّ لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، وكبير الباحثين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل، والخبير في المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي، وكبير الاقتصاديين في اتحاد المصارف العربية الدكتور علي عودة، بالإضافة إلى نقيب أصحاب السوبرماركت في لبنان الدكتور نبيل فهد، والدكتور باسم بواب، وشخصيّات أخرى.

وضعت كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية 13 ملاحظة وتوصية على مشروع الموازنة العامّة لعام 2024 الذي قدّمته حكومة تصريف الأعمال أمام المجلس النيابي

أهميّة الطاولة أنّها جمعت حولها شخصيات وازنة من مختلف التخصّصات، وهو ما جعل الملاحظات الصادرة عنها، وكذلك التوصيات، شاملةً لكلّ الجوانب ومُصوَّبةً باتجاه ثغرات لم تأتِ النقاشات الدائرة في الإعلام على تناولها.

 

وجاءت النقاط الـ13 على الشكل التالي:

1- هي المرّة الأولى منذ عقود، التي تحترم فيها الحكومة المُهل الدستورية، فتُصدر مشروع الموازنة في موعده المحدّد، لكن على الرغم من ذلك فإنّها قامت بواجبها، وهذا لا يشكّل، ولا بأيّ شكل، مبرّراً للثناء أو الترحيب.

2- تغيب عن مشروع الموازنة الرؤية الاقتصادية بشكل كامل، إذ إنّ 90 في المئة من الموازنة عبارة عن مصاريف تشغيلية: قرابة 50% رواتب وأجوراً، 15% منها للقوى الأمنيّة، 10% لوزارة الصحّة، 10% للقطاع التربوي. كما أنّ 35% من قيمة إيراداتها مُدرجة تحت بند “احتياطات الموازنة”، وهو ما يؤكّد أن لا رؤية اقتصادية فيها.

3- الفائض في منسوب الضرائب بالموازنة يساهم في زيادة التهرّب الضريبي ولا يزيد الإيرادات كما هو متوقّع، وسيؤدّي مع الوقت إلى زيادة معدّلات هجرة اللبنانيين، نتيجة تراجع الأعمال وزيادة الأعباء على مؤسّسات القطاع الخاصّ، التي ستكون مهدّدة بالإفلاس والإقفال.

4- بما أنّ مالية الدولة تعاني من ثلاثة “عجوزات”، هي: عجز في ميزان المدفوعات، وعجز في الميزان التجاري، وعجز في الموازنة، فهذا يعني أنّ زيادة الضرائب ستنعكس بشكل سلبي جداً على الأداء الاقتصادي، وبالتالي فإنّ المطلوب فعل العكس.

5- تغيب عن مشروع الموازنة الأرقام البديهية، إذ يفترض أن تكون مبنيّة على أداء العام الماضي (2023)، لكن لغاية اليوم لم تنشر وزارة المالية تلك الأرقام، بسبب الإضرابات وغياب الموظفين.

6- بما أنّ المصرف المركزي يرفض تمويل الدولة بشكل قاطع (وهذا أمر جيّد)، فإنّ الموازنة لا بدّ من أن تكون ذات عجز صفريّ. لكنّ هذا لم يحصل في المشروع المعروض. فالموازنة فيها عجز بقيمة 17 تريليون ليرة (190 مليون دولار) وتضمّ بنوداً تتحدّث عن إمكان استدانة الحكومة… ولا أحد في الحكومة يخبر الجمهور كيف سيتمّ ذلك؟

ملاحظات وتوصيات الجامعة الأميركية جاءت بعد طاولة مستديرة استضافتها الجامعة مطلع هذا الأسبوع وشارك فيها كوكبة من المتخصّصين وأهل الشأن الاقتصادي وقطاع الأعمال، وبُحث من خلالها في المشروع

7- فرض المزيد من الضرائب والرسوم بخلاف المعقول، هو ردّ فعل سلبي على قرار مصرف لبنان رفضه الموافقة على استدانة الدولة منه.

8- تشير الأرقام إلى أنّ للدولة في حسابات مصرف لبنان قرابة 118 تريليون ليرة، لكنّ هذه الأموال بالليرة اللبنانية وليس بالدولار، لكنّ الدولة بحاجة إلى العملات الصعبة.

9- هناك مصادر بديلة عن الضرائب لم تلجأ إليها الحكومة في مشروع الموازنة، مثل: مكافحة التهرّب الضريبي، وضبط المعابر البرّية والبحرية والجوّية، وتطبيق بعض القوانين التي أقرّها البرلمان ولم تُطبّق إلى الآن، مثل قانون سلامة السير، وقانون منع التدخين في الأماكن العامّة.

10- إذا كانت الحكومة إلى هذا الحدّ متهافتة على تحصيل الإيرادات، فإنّ الوسيلة الأسرع لبلوغ ذلك هي دوائر الدولة. فما عليها إلّا إعادة فتح الإدارات العامّة (النافعة والدوائر العقارية خصوصاً) لأنّ تحسين ظروف الجباية ستكون كفيلة بأن ترفد خزائنها بالإيرادات.

11- أرقام وزارة المالية تشير إلى أنّ بين الأعوام 2010 و2019 كانت نسبة التهرّب الضريبي قرابة 30% من حجم الاقتصاد، وكانت مقدّرة في حينه ما بين 1.2 و1.65 مليار دولار سنوياً. أمّا اليوم فإنّ التهرّب الضريبي يفوق 50%، وهذا يعني أنّ التهرّب الضريبي يُقدّر بما يزيد على 2 مليار دولار سنوياً في أقلّ تقدير.

إقرأ أيضاً: متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

12- تبني الحكومة موازناتها وفق نهج خاطىء وكارثي مبنيّ على عملية حسابية صرف تشبه إحصاء النفقات والإيرادات فقط، لكنّ هذا النهج ازداد سوءاً بعد الأزمة مع تحوُّله إلى ما يشبه “المزايدة” من أجل إحصاء أكبر قدر من الإيرادات في كلّ إدارة من إدارات الدولة بطريقة عمياء وعشوائية.

13- تخالف الموازنة 3 مبادىء في الماليّة العامة، ولا تراعي أنّ زيادة الضرائب ستؤدّي إلى ضعف الاستثمار، وأنّ زيادة الضرائب ستؤثّر سلباً على الاستهلاك وستتسبّب بالتضخّم، وأنّ زيادة الضرائب في ظلّ “اقتصاد الكاش” ستزيد التهرّب الضريبي ولن ترفع الإيرادات بخلاف ما تطمح إليه الحكومة.

لمتابعة الكاتب على تويتر: emadchidiac@

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…