أمناء “المقاصد”: الساكت عن الحقّ؟…

مدة القراءة 6 د

في أوّل الكلام ثلاثة أسئلة تملك ثلاثة أجوبة. لا حراجة في الأسئلة، والمصداقية والوضوح بالأجوبة.

– السؤال الأول: هل كذب فيصل سنّو بشأن إزالة اسم “خديجة الكبرى” عن المدرسة الكائنة في منطقة عائشة بكار في بيروت؟

الجواب الأول: نعم كذب فيصل سنّو بعدما كشف موقع “أساس” قرار وزير التربية عباس الحلبي بالإجازة لجمعية المقاصد بناء على طلبها تغيير الاسم من “خديجة الكبرى” إلى “ليسيه مقاصد”.

– السؤال الثاني: هل تطاول فيصل سنّو أوّلاً على مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وثانياً على أمين الفتوى الشيخ أمين الكردي؟

الجواب الثاني: نعم تطاول فيصل سنّو على المفتي دريان، والدلالة في كلام المفتي نفسه عندما قال للوفد البيروتي الذي زاره في دار الفتوى في 7/5/2020: “بخصوص الشعار محلّ الاعتراض فهو أمر يعود للجمعية، وأنا لم تتمّ استشارتي فيه ولم أعطِ رأيي فيه”، ثمّ استأذن تاركاً القاعة لفيصل سنّو لارتباطه بمواعيد، وكأنّ بالمفتي دريان يقول لم أُسأل عن تغيير شعار “المقاصد” كما هو واجب عليهم. ويُنقل أنّ فيصل سنّو أبلغ المفتي دريان في حينه أن لا علاقة لدار الفتوى بجمعية المقاصد. كما تطاول على أمين الفتوى الشيخ الدكتور أمين الكردي عندما خاطبه قائلاً: “السيد الشيخ أمين الكردي”، متّهماً إيّاه بعد ذلك بأنّه “يتحدّث بما لم يسأل ولم يُسأل فيه وعنه وأنّه يستمع للسفهاء”.

نعم كذب فيصل سنّو بعدما كشف موقع “أساس” قرار وزير التربية عباس الحلبي بالإجازة لجمعية المقاصد بناء على طلبها تغيير الاسم من “خديجة الكبرى” إلى “ليسيه مقاصد”

– السؤال الثالث: هل مجلس أمناء “المقاصد” شريك لفيصل سنّو في هذه القرارات؟

الجواب الثالث: إن كان ما يُسمّى بمجلس الأمناء يعلم بذلك فهو شريك بالمسؤولية والخطأ، وإن كان يعلم ولم يعترض فهو مجلس ساكت عن الحقّ والساكت عن الحقّ شيطان أخرس. أمّا إن كان لا يعلم بذلك فهو تقصير منهم أو إهانة من فيصل سنّو لهم.

على خلفيّة هذه الأسئلة الثلاثة وأجوبتها، وكما يقول الإعلان الشهير “هلق جاية تحكي بالليسترين”، لا قيمة لبيان مجلس الأمناء الذي صدر أمس الأول الأربعاء في 22/3/2023 للأسباب التالية:

من حيث الأسلوب:
1- تبنّى مجلس الأمناء مصطلحات قليلة التهذيب وسفيهة وتنال من كرامات البيارتة يتخصّص بها فيصل سنّو، حين أورد العبارات التالية: “يحذّر من محاولات سوء استغلاله، محاولة الإساءة إليها وإلى دورها ورسالتها”.

2- استخفّ البيان بعقول المسلمين والبيارتة عندما قال إنّ الخطأ الإداري أوحى بتغيير الاسم وكأنّ المسلمين والبيارتة يعانون مرض الوهم والوحي، فيما مريض الوهم الوحيد في بيروت هو فيصل سنّو الذي يتصرّف وكأنّه خليفة المسلمين الذي يوحى إليه، وصولاً إلى توهّماته بالوصول إلى المناصب السياسية. هو يشبه بطل الرواية الفرنسية للكاتب موليير: le malade imaginaire.

3- التمرّس بالكذب عندما برّرت إدارة مدرسة الفاروق أمس الأول الأربعاء غياب سنّو عن الحفل القرآني لطلابها بأنّه مسافر خارج البلاد، بعدما علم بتجمهر بعض الشبّان البيارتة الغاضبين أمام باب المدرسة، فيما بيان مجلس الأمناء ذكر أنّه انعقد في التوقيت نفسه برئاسة فيصل سنّو.

تبنّى مجلس الأمناء مصطلحات قليلة التهذيب وسفيهة وتنال من كرامات البيارتة يتخصّص بها فيصل سنّو

من حيث المضمون:

1- يقول بيان ما يسمّى بمجلس الأمناء إنّ خطأ إدارياً تسبّب بما حصل، وهنا لا بدّ من سؤالهم، إن كانوا جاهلين بالشؤون الوزارية والإدارية وكيفية اتخاذ القرارات، ولا نظنّهم كذلك: كيف تقوم وزارة التربية باعتماد قرار بناءً على طلب جمعية ما إن لم تكن مسجّلة لدى وزارة التربية وإن لم يكن هذا الطلب ممهوراً بتوقيع رئيس الجمعية وفقاً للقوانين التي ترعى شؤونها، إلا إذا كان هناك من سرق توقيع فيصل وهو لا يدري، وعندئذٍ يبرز سؤال آخر: من لا يحمي توقيعه، فكيف له أن يحمي “مقاصدنا”؟

2- القول بإعادة تثبيت اسم المدرسة “خديجة الكبرى ليسيه مقاصد”، فأيّ أحمق أو خبيث هو من طرح هذه التسمية؟ أحمق إن كانت نيّته صافية، لأنّه ما جدوى خديجة الكبرى قبل الليسيه وما جدوى الليسيه بعد خديجة الكبرى؟ وخبيث لأنّه عندما نصف الليسيه بـ”المقاصد” نُسقط عنها أيّ تسمية أخرى. فالمخاطبات والتسميات على ألسنة الطلاب والأهالي والناس ستصبح ليسيه فردان مع الوقت ويسقط اسم السيدة خديجة بالتزامن.

3- قال البيان: “منعاً لقيام البعض بالاستغلال”، وهنا السؤال: من يستغلّ من؟ هل البيارتة وُعدوا بالمال إن هاجموا “المقاصد”؟ أم أنّ أحداً من المنتقدين قد طالب بمنصب أو وظيفة؟ الحقيقة أنّ فيصل سنّو ومن يوافقه ممّن يسمّون بالأمناء هم من يستغلّون “المقاصد” لضرب الهوية الإسلامية والبيروتية. هم من يستغلّون “المقاصد” لتبوّؤ المناصب السياسية الرسمية، وهذا ما قاله فيصل في احتفال تكريم “المقاصد” حين تطرّق إلى خوضه الانتخابات البلدية وصولاً إلى رئاسة الحكومة. اسألوا من يستأجر مكاتب “المقاصد” في الوسط التجاري لبيروت باللولار، فيما يقبض من مرضى مستشفى المقاصد البيارتة بالدولار الفريش.

إقرأ أيضاً: “أساس” تكشف بالوثائق: صَدَق أمين الفتوى وَكَذَب فيصل سنّو

كان الأحرى بمجلس الأمناء أن يصدر بياناً من اثنين. يقول الأول: “حرصاً منه على سمعة “المقاصد” ورسالتها اجتمع مجلس الأمناء بكامل أعضائه وقرّر تنحية فيصل سنّو عن رئاسة الجمعية”، أو أن يصدر البيان الثاني الذي يقول: “حرصاً على جمعية المقاصد ورسالتها السامية قرّر مجلس الأمناء بكامل أعضائه تقديم استقالته لعجزه عن إقالة رئيس الجمعية فيصل سنّو”.

بانتظار  بيان كهذا موعدنا اليوم الجمعة على منابر مساجد بيروت من مسجد محمد الأمين في وسط بيروت وصولاً إلى مسجد الإمام علي بن أبي طالب في الطريق الجديدة، حيث كلمة الفصل ستكون كلمة علماء وأبناء بيروت.

في الختام ومن أجواء شهر رمضان المبارك نذكر هذه السورة الجميلة لتكون عبرة لمن يريد أن يعتبر: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. مَا أَغْنَى? عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ. سَيَصْلَى? نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ. وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ}.

ماذا عن إفطار فيصل سنّو؟ وماذا سيفعل البيارتة بالمشاركين؟

للكلام صلة..

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@

مواضيع ذات صلة

“استقلال” لبنان: سيادة دوليّة بدل الإيرانيّة أو الإسرائيليّة

محطّات كثيرة ترافق مفاوضات آموس هوكستين على وقف النار في لبنان، الذي مرّت أمس الذكرى الـ81 لاستقلاله في أسوأ ظروف لانتهاك سيادته. يصعب تصور نجاح…

فلسطين: متى تنشأ “المقاومة” الجديدة؟

غزة التي تحارب حماس على أرضها هي أصغر بقعة جغرافية وقعت عليها حرب. ذلك يمكن تحمّله لسنوات، لو كانت الإمدادات التسليحيّة والتموينية متاحة عبر اتصال…

السّودان: مأساة أكبر من غزّة ولبنان

سرقت أضواء جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وجرائم التدمير المنهجي التي ترتكبها في مدن لبنان وقراه، الأنظار عن أكبر جريمة ضدّ الإنسانية…

على باب الاستقلال الثّالث

في كلّ عام من تشرين الثاني يستعيد اللبنانيون حكايا لا أسانيد لها عن الاستقلال الذي نالوه من فرنسا. فيما اجتماعهم الوطني والأهليّ لا يزال يرتكس…