حرب لم يحصل أن خاضت إسرائيل مثلها. حرب عصابات في “ثقب غزّة الأسود”. والأهمّ أنّ الضربة الأولى لم تكن على توقيت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ولا وزير حربه يوآف غالانت، بل على توقيت ساعة القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، ورئيس حماس في غزة يحيى السنوار.
حصل ما كان الجميع ينتظره. العملية البرّية. مهمّة بالغة الصعوبة. يباغت مقاتلو حماس الإسرائيليين من الأنفاق، ويفاجئونهم من خطوطهم الخلفية، بحسب ما يقول العميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني فادي داوود الذي قاد معركة “فجر الجرود” ضدّ مسلّحي جبهة النصرة وداعش في 2017.
يرى العميد داوود لـ”أساس” أنّ الإسرائيليين يدخلون عبر محورين في شمال قطاع غزّة من ناحيتَيْ الشرق والغرب. يؤكّد أنّ المناطق التي تقدّم فيها الجيش الإسرائيلي كان التقدّم فيها أسهل ما يكون، لأنّها أراضٍ زراعية مفتوحة.
لكنّه في الوقت عينه يرى أنّ تقدّمهم من ناحية الشرق يشكّل خطراً عليهم بسبب دخولهم على شكل “خيط رفيع” من الشرق نحو الغرب في منطقة وادي غزّة. ويشير إلى أنّ الجيش الإسرائيلي حاول في اليومين الأخيرين أن يعزّز وجوده عرضاً في تلك المنطقة لتعزيز إمكانية الدفاع.
يرى العميد المتقاعد أنّ هدف إسرائيل من حصار مدينة غزّة، هو المقدّمة لاحتدام القتال بشكل جدّي في قتال الشوارع، حيث يطمح الإسرائيليون لتقطيع المدن إلى مربّعات والقتال داخلها.
يرى العميد المتقاعد أنّ هدف إسرائيل من حصار مدينة غزّة، هو المقدّمة لاحتدام القتال بشكل جدّي في قتال الشوارع، حيث يطمح الإسرائيليون لتقطيع المدن إلى مربّعات والقتال داخلها
يقرّ قائد “فجر الجرود” أنّه لا يمكن الحديث عن منتصر ومهزوم في بداية المعركة، وهذا مرتبط بتطوّر الأمور على الأرض ويقول: “لا شكّ أنّ الغزّيين في وضع لا يحسدون عليه، لكن لا شكّ أنّهم يصمدون وعندهم مقوّمات القتال وجهوزية للقتال عبر شبكة الأنفاق، التي هي أمر عظيم”.
على التوازي، يرى أنّ ما يحصل خارج الأراضي الفلسطينية من رسائل نارية على شكل صواريخ ومسيّرات تنطلق من لبنان واليمن وسوريا والعراق يمكن أن يقلب الموازين وينبغي أخذه بعين الاعتبار: “لا يمكن أن نقلّل من أهمية بيان المقاومة العراقية عن القرار بإخراج الوجود الأجنبي من العراق”.
من ناحية المبدأ، يؤيّد العميد داوود القول إنّ كلّ يوم من القتال يمرّ يصبّ لصالح حماس لا الإسرائيليين، ويقول: “الجيش الإسرائيلي بُني على مبادئ أسوة بأيّ جيش من جيوش العالم، وأحد أهمّ هذه المبادئ أنّ إسرائيل متفوّقة نوعياً، ومبدأ آخر هو ما يسمّى بالجيش العامل الصغير مع احتياطي كبير”.
إقرأ أيضاً: اللواء الحربيّ لـ”أساس”: من الصعب هزيمة جيل حماس الثاني
يشرح هذه النقطة على اعتبار أنّ عديد السكان في إسرائيل أقلّ من محيطها العربي بكثير، ولا يقارن به. لذلك أسّس الإسرائيليون جيشاً صغيراً نسبياً يقوم بالمهمّات وعند الحروب إسرائيل تستدعي احتياطها الذي هو 400 ألف عسكري.
عند استدعاء الاحتياط يصاب الاقتصاد الإسرائيلي بالشلل، على الرغم من تلقّيها دعماً مالياً من أميركا والغرب، لكنّ هذا لا يعني أنّ اقتصادها يقف على قدميه. لذلك نجد أنّ أغلب الحروب الإسرائيلية لا تتجاوز شهراً مثلما حصل في حرب تموز 2006. حينذاك بدأت تل أبيب تبحث عن حلول بعد 33 يوماً.