قضيّة الطفلة لين: الجدّ بريء… والخال هو المُتّهَم

مدة القراءة 5 د


بقيت قضيّة اغتصاب ووفاة الطفلة لين طالب ابنة السنوات الستّ، تتصدّر اهتمام الرأي العامّ اللبناني، خصوصاً إثر شكوك حامت حول قيام أحد أفراد عائلتها بهذا الفعل، والتزام والدتها وجدَّيْها الكتمان بعد معرفتهم بما حصل وإخفائهم معلومات تفيد التحقيق.

بلغ عدد الموقوفين في القضية حتى الساعة أربعة أشخاص، آخرهم كان خال الطفلة المدعوّ نادر بو خليل (26 عاماً) الذي تمّ توقيفه يوم الخميس الماضي لوجود شبهة حوله، إضافة إلى والدتها وجدَّيها المشتبه بارتكابهم جرم إخفاء معلومات وإهمال الوضع الصحّي للطفلة التي عانت من مضاعفات بعد الاغتصاب وجرت محاولة لمعالجتها بـ “المغاطس” التقليدية بعد امتناع أهلها عن إدخالها المستشفى.

تشير المعالِجة النفسية التحليلية الدكتورة غادة سلامة إلى أنّ “الجميع متواطئ في قضية لين طالب، بدءاً من الأمّ التي تستّرت على الفاعل، وكأنّها تستثمر رغبات أقرب الناس إليها، غير آبهة بالخوف الذي كانت تشعر به طفلتها الصغيرة

علم “أساس ميديا” من مصدر مواكب للتحقيق أنّ الشبهات باغتصاب الطفلة تحوّلت من الجدّ إلى الخال، بعدما تطابقت عيّنات الحمض النووي التي أُخذت من الطفلة الضحيّة مع تلك المأخوذة من الخال، بالإضافة إلى معلومات أخرى موثّقة في محضر التحقيق. واستبعد المصدر أيّ دور للجدّ في الاعتداء الجنسي، إنّما اقتصر دوره مع زوجته وابنته (والدة لين) على التستّر على فعل الخال، الذي تناقض خلال استجوابه أمام قاضي التحقيق الأوّل في الشمال سمرندا نصّار، وكان يتصبّب عرقاً، وأعطى معلومات غير صحيحة لجهة مكان وجوده عندما تعرّضت الطفلة للاغتصاب، وذلك بخلاف المعلومات التي أُخذت من هاتفه الخلوي وحدّدت موقعه الجغرافي في تلك الفترة.

هذا وتستكمل القاضية نصّار يوم الثلاثاء المقبل تحقيقاتها لتستمع إلى الجدّ والجدّة وبعض الشهود. وقد حفلت التحقيقات المطوّلة التي خضع لها المدّعى عليهم بتناقضات جمّة، وتمّ التوصّل استناداً إلى تقارير طبّية إلى تحديد التاريخ الفعليّ لحصول الاعتداء الجنسي على الطفلة، وأنّ فعل الاغتصاب أدّى إلى مضاعفات والتهابات وفقر دم حادّ بلغ أدنى مستوياته عند الطفلة الضحيّة، التي عانت بنيتها الطريّة من صدمة أدّت إلى وفاتها، ولو تمّ استدراك الأمر وتلقّت العلاج الطبّي الفوري لأُنقذت حياتها بالتأكيد.

ترجّح المعلومات أن يُماط اللثام عن الحقيقة كاملة قبل نهاية الشهر الحالي، بعد دراسة داتا الاتصالات بين المشتبه بهم، إن كان لجهة اغتصاب الطفلة أو التستّر على معلومات. وتمّ تفريغ الرسائل النصية والصوتية من عدّة هواتف خلوية تدور في إطار الحلقة الضيّقة لأقرباء المجنيّ عليها، ومقاطعتها بعضها مع البعض الآخر، وتبيّن أنّ العديد من الرسائل و”الفويسات” تمّ حذفها من قبل أصحابها.

في علم النفس يُطلق على هذا التحرّش الجنسي اسم pedophilia” ” أو “الغلمانيّ”، حيث يُستخدم الطفل لإشباع رغبات البالغ أو المراهق وتكون الفروقات العمرية كبيرة أحياناً، فيستغلّ المتحرّش قدرته على السيطرة على الطفل لأنّه الحلقة الأضعف

الكتمان والخوف من الفضيحة

سجّل لبنان ارتفاعاً ملحوظاً في حالات العنف الجنسي ضدّ الأطفال في العامين الماضيين، وتوزّعت حالات العنف المسجّلة لهذا العام بين 46% للإناث و54% للذكور.

في الغالب يُحيط الكتمان بأمور الزنى بسبب تخوّف العائلة من الفضيحة الاجتماعية، لكن في قضية طفلة مورس عليها هذا العمل الشنيع، ما الذي يدفع أمّاً للسكوت عن جرم وقع على فلذة كبدها؟ وما الذي يحضّ عائلة بأكملها على التواطؤ على أذيّة طفلة بريئة يفترض أن تشعر بالأمان بقربها؟

الجميع متواطئ

تشير المعالِجة النفسية التحليلية الدكتورة غادة سلامة إلى أنّ “الجميع متواطئ في قضية لين طالب، بدءاً من الأمّ التي تستّرت على الفاعل، وكأنّها تستثمر رغبات أقرب الناس إليها، غير آبهة بالخوف الذي كانت تشعر به طفلتها الصغيرة، التي كانت تطلب من جدّتها أن تبقى مستيقظة بقربها”. وتقول سلامة: “لا شكّ أنّ كلّ أفراد العائلة تآمروا على الطفلة، ويرجّح أن تكون هناك اضطرابات جنسية رافقت حياة أفرادها، فهم يعتبرون أنّ هذا أمر طبيعي، وقد يكون مردّ الأمر إلى خلل جينيّ عابر للأجيال أو سلوك مكتسب أو ميول جنسية داخل الأسرة نفسها”.

في علم النفس يُطلق على هذا التحرّش الجنسي اسم pedophilia” ” أو “الغلمانيّ”، حيث يُستخدم الطفل لإشباع رغبات البالغ أو المراهق وتكون الفروقات العمرية كبيرة أحياناً، فيستغلّ المتحرّش قدرته على السيطرة على الطفل لأنّه الحلقة الأضعف، فيما يظنّ الطفل أنّ ما يفعله المتحرّش هو أمر عاديّ، فيخال أنّ “هذا هو الحبّ” بصرف النظر عن الأضرار الجسدية والنفسية التي يعاني منها.

أمّا بالنسبة للضحيّة فترى سلامة أنّها “تلتزم الصمت في الكثير من الحالات خوفاً من المعتدي ومن ردّة فعل الوالدين أو الأقارب وألّا يصدّقها أحد منهم، وقد تشعر بعقدة الذنب، فتفكّر أنّها هي التي أخطأت، وتعيش صدمة قويّة تؤثّر على نشاطاتها الاجتماعية ويخيّم عليها شعور التوتّر الشديد”.

عقوبة المغتصب والمتكتّم

في القانون، تشير المحامية هاله حمزة لـ “أساس” إلى أنّ قانون العقوبات اللبناني نصّ على معاقبة مرتكب فعل الاغتصاب وفقاً لأحكام المادّة 502 المعدّلة. وتقول إنّ “من جامع قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره عوقب بالأشغال الشاقّة المؤقّتة لمدّة لا تقلّ عن 5 سنوات، ولا تنقص العقوبة عن 7 سنوات إذا كان القاصر لم يتمّ الـ 12 من عمره، أمّا إذا كان دون الـ 12 عاماً وجامعه أحد أصوله وكلّ شخص يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية، فلا تنقص العقوبة عن 9 سنوات أشغالاً شاقّة سنداً للمادة 506 عقوبات”.

وتنصّ المادة 408 من القانون عينه على “أنّ من شهد أمام سلطة قضائية أو قضاء عسكري أو إداري فجزم بالباطل أو أنكر الحقّ أو كتم بعض أو كلّ ما يعرفه من وقائع القضية التي يُسأل عنها عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات”، وتُشدّد المحامية حمزة على “ضرورة التبليغ عن مثل هذه القضايا التي ما تزال بمنزلة “تابو” في بعض المناطق”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…