نجاح سعوديّ في أكبر حشد بشريّ في “عرفة”

2023-06-27

نجاح سعوديّ في أكبر حشد بشريّ في “عرفة”

الحجّ “عرفة”…
أكثر من مليونَيْ حاجّ من مختلف الجنسيّات والقوميّات أدّوا أمس الثلاثاء الركن الأكبر من فريضة الحجّ بوقوفهم على جبل عرفات مكبّرين مهلّلين ومؤكّدين نجاح المملكة العربية السعودية قيادةً وحكومةً وشعباً عبر آلاف من المتطوّعين المدنيين في تنظيم الحجّ هذا العام بكلّ حِرفية وحكمة من دون تسجيل أيّ حادث يعكّر أداء الحجّاج لمناسك فريضتهم.
رقم الحجيج هذا العام قياسيّ بالمقارنة مع الأعوام الثلاثة الماضية التي تراجع فيها عدد الحجّاج بسبب جائحة كورونا مع فرض السلطات في المملكة قيوداً صحّية مشدّدة منعاً للضرر وانتشار الوباء.
منذ ساعات الفجر الأولى من يوم أمس الثلاثاء توجّه حجّاج بيت الله الحرام إلى “مشعر عرفات” بعدما اكتمل وصول مواكبهم إلى “مشعر منى” حيث قضوا يوم التروية وقُدِّمت لهم كلّ أنواع التسهيلات وسبل الراحة والأمان.

التجمّع الأكبر في العالم
يمثّل وقوف الحجّاج على جبل عرفة بلباسهم الأبيض الموحّد، أكبر تجمّع بشريّ في العالم في مكان محدّد وزمن محدّد، وهو ما يجعل وقفة عرفات هذا العام من حيث العدد والتنظيم ظاهرة هي الأولى من نوعها حتى تاريخه. يُشار إلى أنّ درجة الحرارة بلغت 45 درجة مئوية نهاراً. وكانت وزارة الصحّة السعودية قد جهّزت في عرفات 4 مستشفيات هي “جبل الرحمة” و”عرفات العام” و”نمرة” و”شرق عرفات”. وتمّ تجهيز مستشفى ميداني و46 مركزاً صحّيّاً بمشاركة أكثر من 1,700 متطوّع من ذوي التخصّصات المختلفة، وزُوّدت هذه المراكز بأحدث الأجهزة الطبّية والتقنيّات الحديثة وجميع المستلزمات الطبّية. هذا وقامت الهيئة العامّة للطرق باستخدام طائرات مسيّرة من أجل فحص وتقويم شبكة الطرق بالمشاعر المقدّسة، بهدف التأكّد من سلامة وجودة الطرق، وتعمل هذه التقنية بشكل حراري لرصد الملاحظات على شبكة الطرق، بالإضافة إلى دور هذه التقنية في فحص العبّارات والجسور بشكل آليّ وسريع ودقيق.

من جهته، أكّد عضو الوفد اللبناني الرسمي القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي لـ”أساس” أنّ “البعثة اللبنانية للحجّ بألف خير، وكلّ الأمور تسير وفقاً لما خُطّط له، والإخوة الحجّاج يؤدّون مناسكهم بكلّ سلاسة، بخاصة مع المجهود الكبير الذي تقوم به المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ عهده الأمير محمد بن سلمان لتوفير كلّ وسائل الراحة والأمان لكلّ الحجّاج بمختلف جنسيّاتهم ولون بشرتهم”.
أضاف الشيخ الكردي لـ”أساس” أنّ “التنظيم هذا العام يؤكّد أنّ المملكة العربية السعودية التي اتّخذت لقباً لملكها هو لقب خادم الحرمين جعلت هذا اللقب وظيفة لكلّ سعوديّ في أيّ مكان كان أو مركز”.
بدت دقّة التنظيم واضحة عبر تفويج النفرة بعد غروب الشمس إلى مزدلفة حيث يبيت الحجّاج قبل عودتهم مجدّداً إلى منى صبيحة اليوم العاشر لرمي جمرة العقبة الكبرى، والنحر ثمّ الحلق والتوجّه إلى مكّة لأداء طواف الإفاضة.

مشعر عرفات
تبلغ مساحة مشعر عرفات نحو 33 كيلومتراً مربّعاً، ويتجمّع فيه أكثر من مليونَيْ حاجّ. وتتّصف أرض مشعر عرفات باستوائها، وتحيط بها سلسلة من الجبال يوجد في شمالها جبل الرحمة الذي يتكوّن من أكمة صغيرة مستوية السطح وواسعة المساحة مشكَّلة من حجارةٍ صلدةٍ ذات لون أسود كبير الحجم، ويقع إلى الناحية الشرقية من جبل عرفات بطولٍ يبلغ 300 متر، ويساوي محيطه 640 متراً، وترتفع قاعدة الجبل عن الأرض المحيطة به بمقدار 65 متراً، ويوجد على قمّة الجبل شاخصٌ يبلغ ارتفاعه 7 أمتار، ويُطلق على هذا الجبل العديد من الأسماء كجبل إلال، وجبل التوبة، وجبل الدعاء، والنابت، وجبل القرين.
يقع عرفات على الطريق بين مدينتَيْ مكّة المكرّمة والطائف، على بعد 10 كيلومترات من مشعر منى الذي قضى فيه الحجّاج يوم التروية أمس الموافق اليوم الثامن من ذي الحجّة.

لماذا سُمّي يوم عرفة بهذا الاسم؟
يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجّة، وهناك عدّة تأويلات لتسميته بهذا الاسم، فيُقال إنّ يوم عرفة سُمّي بذلك لأنّ الناس يتعارفون فيه، أو لأنّ الخلق يعترفون فيه بذنوبهم، وقيل إنّ عرفة سُمّي بذلك لأنّ آدم وحوّاء عندما هبطا من الجنّة التقيا فيه فعرفها وعرفته، حسبما قالت دار الإفتاء في وقت سابق.

فضل يوم عرفة لغير الحاجّ
يوم عرفة هو أكثر يوم يعتق الله فيه عباده من النار، وفيه يباهي الله الملائكة بأهل عرفات فيقول تعالى “انظروا إلى عبادي أَتَوْنِي شعثاً غَبْراً”.
ومن فضائل يوم عرفة أنّ الدعاء فيه مستجاب، ففي يوم عرفة قال رسول الله ?: “ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عزّ وجل فيه عبداً من النار، من يوم عرفة، وإنّه ليدنو ثمّ يُباهي بهم الملائكة”، رواه مسلم.
واتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى استحباب صيام يوم عرفة إِلّا لِلْحَاجِّ لِمَا ثَبَتَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سُئِل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَال: “يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ”، أخرجه مسلم. وفي الحديث: “مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَر مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ”.

[PHOTO]

مواضيع ذات صلة

“الطّوفان” في لبنان.. من الإسناد إلى الحربِ الشّاملة

قبل سنةٍ بالتّمام والكمال استيقظَ العالم بأسره على مشاهِد من غزّة لم يكُن من السّهل تصديقها. مُقاتلون من حركة حماس يعبرون السّياج الأمنيّ الفاصل بين…

بين نيويورك والضّاحية: الجحيم يتكلّم!

شكّل موقف نائب “كتلة الوفاء للمقاومة” حسين الحاج حسن أخيراً على قناة “الجزيرة” الموقف العلني الأوّل والأكثر وضوحاً وتمايزاً عن موقف الحزب العامّ الذي عَكَسه…

فرنسا تسابق الوقت: هل تنجح حيث فشل الأميركي؟

من المتوقع أن تشمل جولة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في الشرق الأوسط بيروت في زيارة هي الثانية له بطلب من الرئيس إيمانويل ماكرون…

هوكستين غائب عن السّمع ومجلس الأمن معطّل والكلمة للميدان

البلد متروك لقدره. بهذه المعادلة البسيطة، القاسية بتداعياتها، يمكن اختصار حال الاتّصالات الدولية مع المسؤولين اللبنانيين حيال العدوان الإسرائيلي المتمادي. لا اتّصالات دولية جدّية قادرة…