المقاصد: مجلس الأمناء بقيادة سنّو “شو اسمك يا بنت؟!”

مدة القراءة 5 د

لا يمكن وصف القرارات الأخيرة الصادرة عن جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ورئيسها فيصل سنّو لجهة إعفاء الطالبات الحاملات لأسماء أمّهات المؤمنين وبنات وحفيدات النبي الكريم من رسوم فتح الملفّ وحسم نسبة مئوية من أقساطهم إلّا بأمر من أمرين:

1- من يدير “المقاصد” ويُسيّر أمورها يفعل ذلك بعقلية بدائية لا تفقه بعلم الإدارة والمنطق والمجتمع شيئاً، بل تتّخذ قراراً بهدف محو سيّئات قرار سبقه، فإذا بالقرار الجديد يزيد الطين بلّة ويضيف إلى السيّئ سوءاً.

2- من يدير “المقاصد” التي تأسّست في العام 1878 يعتقد أنّ المجتمع اللبناني السنّيّ، وتحديداً البيروتي، هو مجتمع سطحي يمكن الضحك عليه بقرار شعبوي من هنا أو هناك عبر مداعبة مشاعره المذهبية والدينية باستحضار أسماء أمّهات المؤمنين.

يشبه سنّو ورفاقه في تعاطيهم مع أمور الجمعية رجلاً يسقط من أعلى السلّم إلى أسفله فيمدّ يده تارة لتجنّب الحائط فيكسرها، وتارة أخرى يرفع أصابعه معتقداً أنّه يحمي وجهه فيجلب الضرر إليها، وتارة ثالثة يستعين بقدمه كي يوقف “دربكته” فإذا بالقدم في خبر كان

الذهاب عبر أيّ مسلك من الاحتمالين يوصل إلى نتيجة واحدة وتتكوّن لدى المتابع رؤية لا لبس فيها، وهي أنّ هناك أزمة كبرى تعصف بجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ومجلس أمنائها وصولاً إلى إدارتها التنفيذية.

يشبه سنّو ورفاقه في تعاطيهم مع أمور الجمعية رجلاً يسقط من أعلى السلّم إلى أسفله فيمدّ يده تارة لتجنّب الحائط فيكسرها، وتارة أخرى يرفع أصابعه معتقداً أنّه يحمي وجهه فيجلب الضرر إليها، وتارة ثالثة يستعين بقدمه كي يوقف “دربكته” فإذا بالقدم في خبر كان.

الالتزام بالمعادلة المقاصدية

عندما انتُخب فيصل سنّو رئيساً لمجلس أمناء جمعية المقاصد لولاية ثانية في أواخر شهر آذار 2022 بحضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي ألقى كلمة بارك فيها للمجلس الجديد وقال: “عندما نتحدّث عن جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية نتحدّث عن تاريخ بيروت المشرّف بدايةً من الفجر الصادق لانطلاقة جمعية المقاصد واستكمالاً لهذا اليوم. جمعية المقاصد من عنوانها الأساسي وتسميتها هي جمعية خيرية إسلامية وواجبنا جميعاً أن نقف إلى جانبها، وبخاصة في هذه الظروف القاسية والصعبة التي نعاني منها جميعاً وتعاني منها أيضاً جمعية المقاصد بمؤسّساتها المتنوّعة. نحن إلى جانب جمعية المقاصد كنّا دائماً هكذا وسنبقى لأنّها تمثّل نبض الحياة في بيروت ومجتمعنا الإسلامي”. وختم المفتي دريان قائلاً: “الحمل كبير، لكن بهمّتكم إن شاء الله تهون كلّ الصعاب طالما أنّ البيروتيين الأصلاء هم إلى جانبكم وإلى جانب جمعية المقاصد الخيرية”.

لن يتوقّف سنّو عن ارتكاباته بحقّ “المقاصد” وأهلها، ولن يتحرّك مجلس الأمناء لثنيه عن أفعاله، فليس سنّو بأفضل من المجلس ولا المجلس بأفضل من سنّو

لقد اختصر المفتي دريان المعادلة المقاصدية التي عندما يتمّ الالتزام بها تسير الأمور وفقاً لما قال الله وقال رسول الله، وعندما يتمّ الإخلال بها ينهار الهيكل على أصحابه. لقد حدّد المفتي هدف المقاصد وجدواها عندما قال إنّ جمعية المقاصد من عنوانها وتسميتها هي جمعية خيرية إسلامية. وحدّد سرّ استمرارها عندما قال إنّها نبض الحياة لبيروت ومجتمعنا الإسلامي منذ أكثرمن مائة وأربعون عاماً، ثمّ كتب عنوان بقائها عندما ختم قائلاً إنّ الصعاب تهون طالما أنّ البيروتيين الأصلاء إلى جانب “المقاصد”.

لقد تخلّى سنّو ومجلس أمنائه عن هذه المعادلة وعناوينها، فحاول بداية تغيير الاسم تمهيداً لنسف المضمون فكان إسقاط الشعار والآية الكريمة التي كان يحملها، ثمّ كانت محاولة فاشلة لإسقاط صفة الخيرية والإسلامية. لم يُسقط فشلُ المحاولة النيّةَ المبيّتة، ففي لقاء لسنّو في أحد المنازل البيروتية بعد شهر رمضان وإثر الحملة الشعواء التي شُنّت عليه من المسلمين بعد محاولته إسقاط اسم السيّدة خديجة عن إحدى مدارس “المقاصد”، قال وهو غير آبه بكون البعض يسجّل كلامه: “هذه الجمعية لا تبغي الربح، لكنّها ليست خيرية كيفما كان. لن أعيد الشعار القديم ولن نتوقّف في مسيرتنا. نحترم دار الفتوى، لكنّنا لسنا بوقف، ونحن أحرار بالقرار الذي نتّخذه”. أمّا الطامة الكبرى فوقعت عندما تمّت مراجعة أحد المسؤولين في الجمعية في ما يتعلّق بالأقساط المرتفعة في مدرسة خالد بن الوليد، فقال للمراجع: “من لا يعجبه ذلك فلينقل أولاده إلى مدرسة أخرى”.

إقرأ أيضاً: لماذا أخفى فيصل سنّو خطاب الإفطار؟

ماذا بعد يا سنّو؟

لن يتوقّف سنّو عن ارتكاباته بحقّ “المقاصد” وأهلها، ولن يتحرّك مجلس الأمناء لثنيه عن أفعاله، فليس سنّو بأفضل من المجلس ولا المجلس بأفضل من سنّو، وكما يقول المثل البيروتي “طنجرة ولقيت غطاها”. وأمّا المفتي دريان فقد فعل ما فعله ولا يبدو أنّه “مستعجل” أن يفعل أكثر من ذلك.

حذار حذار من سابقة شعبية ستصحّح المسار، وعندها لن يكون سنّو وصحبه فقط في هذا المسار، بل كلّ مؤسّسة إسلامية بيروتية أصابها الفساد وسوء الاختيار.

لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@

مواضيع ذات صلة

الحروب ليست حلّاً…  

عالم الحروب اليوم أعمق وأخطر، وقد وصل إلى قلب أوروبا بهجمة روسيا على أوكرانيا عام 2022 التي استمرّت حتى اليوم. وكأنّما كانت إسرائيل تنتظر مسوِّغاً…

“الحزب” يتموضع مسبقاً شمال اللّيطاني؟

يتحضّر “الحزب” لـ”اليوم التالي” للحرب. لا يبدو أنّ بقيّة لبنان قد أعدّ عدّة واضحة لهذا اليوم. يصعب التعويل على ما يصدر عن حكومة تصريف الأعمال…

كيف استفاد نتنياهو من تعظيم قدرات الحزب للانقضاض؟

كلّما زار آموس هوكستين بيروت في الأشهر الماضية، كان المسؤولون اللبنانيون وبعض المتّصلين به من السياسيين يسرّبون بأنّها “الفرصة الأخيرة”. لكنّه ما يلبث أن يعود،…

نتنياهو هزم الجنرالات…

ما حكاية الخلاف الشديد بين بنيامين نتنياهو وجنرالات الجيش والأمن في إسرائيل؟ لماذا يبدو أبطال الحرب أقرب إلى التسويات السياسية مع الفلسطينيين، بل مع حلّ…