لم يكن متوقّعاً سماع غير الذي سمعناه من الرئيس ترامب، فالرجل الذي ينشد نجاحاً في ملفّ غزّة، يدرك أنّ مفتاح النجاح بيد نتنياهو، ولو أنّه شتّت الكرة على “حماس” وإيران.
ليست بحوزتنا حتّى الآن معلومات عمّا جرى وسيجري في الغرف المغلقة بين ترامب ونتنياهو في لقاء فلوريدا، ذلك أنّ ما صدر من تصريحاتٍ علنيّةٍ اقتصر على العناوين، فترامب يُعلن نجاحاً لمواصلة الجهود، دون أن يأتي بقرينة محدّدة تنمّ عن تقدّمٍ في الملفّات المطروحة على البحث، والمفترض أنّها تهيّئ فعلاً لإمكان الانتقال إلى المرحلة الثانية.
لا تغيير في لغة ترامب، فعلى الرغم من الاختلافات التي يتحدّث عنها مساعدوه يتجنّب بصورةٍ ملحوظةٍ أيّ قولٍ أو فعلٍ يشي باستعداده للضغط المباشر على نتنياهو، إذ ما يزال يفضّل إقناعه بإبداء المرونة تجاه بعض الملفّات بما يوفّر لترامب بعضَ صدقيّةٍ لجهوده، وتقدّماً ملموساً في تذليل الصعوبات التي تعترض مبادرته، وخصوصاً في الملفّ الأوّل على جدول أعمال محادثاته مع نتنياهو، وهو ملفّ غزّة.
لم يكن متوقّعاً سماع غير الذي سمعناه من الرئيس ترامب، فالرجل الذي ينشد نجاحاً في ملفّ غزّة، يدرك أنّ مفتاح النجاح بيد نتنياهو
التّقويم المهمّ والدّقيق
لا تصلح التصريحات الترحيبيّة والمجاملات التي تنطوي على نفاقٍ متبادل أن تكون أساساً لتقويمٍ موضوعيٍّ لِما يحدث في فلوريدا، ولذا يتحتّم الانتظار لرؤية المحصّلة النهائيّة للّقاء، وساعتئذٍ سيكون تقويم الوسطاء المصريّين والقطريّين والأتراك هو الأكثر دقّة، فهم لا يقيمون مواقفهم وسياساتهم على التصريحات الإعلاميّة، ولا بدّ أن يعرفوا من المصدر الأميركيّ الشريك ما الذي أفضت إليه المحادثات مع نتنياهو وهل تضمّنت تقدّماً يصلح البناء عليه؟
في التصريحات العلنيّة تحدّث الرئيس ترامب عن الوضع في الضفّة، وكالعادة كان مقلّاً في كلامه، وأشار إلى خلافٍ بينه وبين نتنياهو في هذا الأمر، وفُهِم من أقواله أنّ الإدارة حريصةٌ على أن لا يتمادى نتنياهو في إجراءاته المتصاعدة في الضفّة، خشية انهيار السلطة جرّاء ذلك.
إقرأ أيضاً: قمّة فلوريدا: نتنياهو يتوثّب للحرب وترامب يجنح للحصار
كان ترامب قد أفصح سابقاً أمام العرب والمسلمين عن أنّه لن يسمح بضمّ الضفّة، ولأنّ مسألة الضفّة هي أساس الموضوع كلّه في غزّة والمنطقة، فليس المطلوب من ترامب أن يختلف فقط مع نتنياهو على سياسته تجاهها، وأن يكتفي بتسجيل موقفٍ يبيعه لمن يشتري، بل المطلوب إذا ما أراد أن يكون رجل السلام في المنطقة، كما عيّن نفسه، أن يوقف نتنياهو عند حدّه، بما يتجاوز تسجيل موقفٍ معارضٍ إلى إجباره على وقف سياسته الجراحيّة الخطِرة في الضفّة، فمن دون ذلك سيسجّل نتنياهو موقفَ ترامب نقطةً خلافيّةً دون أن يرتدع عن سياساته المفترض أنّها متعارضةٌ تماماً مع شروط نجاح ترامب ومبادرته ورئاسته لمجلس السلام المفترَض.
على كلّ حال، هذه قراءةٌ أوّليّةٌ لِما وشت به حفلة فلوريدا، وسوف يكون التحليل أوفى عندما تتبلور النتائج النهائيّة للّقاء، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ تقويم الوسطاء هو الأهمّ.
