رسالة ترامب لإيران: لا صواريخ ولا أذرع.. وإلا فسقوط النّظام

هل يريدُ الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب ضربَ إيران؟ وما هو الاتّفاق الذي يسعى إلى فرضهِ على طهران؟

 

 

تشير كُلّ الأحداث في المنطقة إلى أنّ الضّربة الأميركيّة – الإسرائيليّة لإيران وبرنامجها النّوويّ باتت وشيكةً. من لبنان إلى اليمَن مروراً بسوريا والعراق، تتهاوى خطوط الدّفاع الإيرانيّة المُتقدّمة التي أنشأها “فيلقُ القدس” في الحرس الثّوريّ الإيراني في عهدِ قاسم سُليماني لحمايةِ جغرافيا إيران وإبعادِ الخطرِ عنها.

مع سقوطِ وتضرّرِ خطوط الدّفاع الإيرانيّة كانَ الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب يُرسِلُ عبر دولةِ الإمارات رسالةً إلى المُرشِد الإيرانيّ علي خامنئي تتضمّن شروط التّفاوض بين واشنطن وطهران. يكشفُ مصدرٌ مسؤولٌ في وزارة الخارجيّة الأميركيّة لـ”أساس” أنّ رسالةَ ترامب إلى خامنئي تضمّنت الآتي:

  • تأكيد رغبة أميركا بإبرام اتّفاقٍ نوويّ جديدٍ، على أن لا تكون لإيران أيّ منشآت نوويّة تحتَ الأرض أو في الجبال.
  • أن يُبرَم الاتّفاق في مدّةٍ أقصاها شهران من بدءِ المفاوضات المباشرة بين البلدَيْن.
  • أن يتضمّن الاتّفاق تركيب أجهزة مراقبة مُتطوّرة، وأن تبقى المنشآت النوويّة مفتوحة أمام التّفتيش من دون أيّ تقييدٍ لعمل المفتّشين.
  • أن يشملَ الاتّفاق التهديد الذي يُمثّله برنامج الصّواريخ البالستيّة، وكُلّ ما يرتبطُ به من صناعاتٍ وأبحاثٍ، وصناعة وتطوير الطّائرات المُسيّرة.
  • وقف الدّعم الماليّ وإرسال السّلاح إلى “الحزبِ” في لبنان وميليشيات الحوثي في اليمَن، والموافقة على حلّ الحشدِ الشّعبيّ في العِراق.
  • أكّدَ ترامب في رسالتهِ للمرشد الإيرانيّ أنّ واشنطن ترغب في الحلول الدّبلوماسيّة لحلّ المشاكل والملفّات العالقة مع إيران، لكنّ هذا لا يعني أنّ ترامب قد لا يلجأ إلى الحلّ العسكريّ “الذي يُمكّنهُ أن يحلّ جميع المسائل”، بحسب ما ورَدَ في نصّ الرّسالة.

تشير كُلّ الأحداث في المنطقة إلى أنّ الضّربة الأميركيّة – الإسرائيليّة لإيران وبرنامجها النّوويّ باتت وشيكةً

رسائل إيرانية من الإمارات

يدأبُ الإيرانيّون منذ لحظة تسلّمهم الرّسالة من مُستشار الرّئيس الإماراتي أنور قرقاش على دراسة الرّد على رسالةِ ترامب. إذ إنّ رسالة ترامب خضعَت لدراسة من قبل 3 لجان تابعة لمجلس الأمن القوميّ الإيرانيّ. دارَ نقاشُ في طهران في جدوى الرّدّ على الرّسالةِ برسالةٍ مكتوبة، على اعتبارِ أنّ المرشد علي خامنئي ردّ في كلامهِ الأخير بشكلٍ غير مباشر على مضمون رسالةِ ترامب.

لكنّ الأجواء الآتية من إيران تشير إلى أنّ طهران باتت قريبة من إرسالِ رسالةٍ مكتوبةٍ تحملُ الرّدَّ على مطالبِ دونالد ترامب، التي لا تختلفُ عن النّقاط الـ13 التي كانَ قد وضعها وزير الخارجيّة الأسبق في ولاية ترامب الأولى مايك بومبيو شرطاً لرفع العقوبات الأميركيّة عن إيران.

يقول مصدرٌ إقليميٌّ على صلة بالإيرانيين لـ”أساس” إنّ الرّدَّ الإيرانيّ على رسالة ترامب سيحملُ الآتي:

  • تأكيد رغبة إيران بالتّفاوض مع واشنطن، لكن من دونِ شروطٍ مُسبقة، ومن دون سياسة “الضّغط الأقصى” التي يعتمُدها ترامب لتشديد الضّغط على النّظام الإيرانيّ.
  • لا مانع لدى إيران من التفاوض غير المُباشر مع الولايات المُتحدة عبر وساطةٍ روسيّة، ولا مانع أيضاً من العودة إلى صيغة 5+1 في حال رغبت واشنطن بهذه الصّيغة.
  • لن تُناقشَ إيران أيّ مسألة تتعلّق ببرنامجِها الصّاروخي، إذ تعتبر صناعة وتطوير الصّواريخ البالستيّة مدماكاً أساسيّاً في سياستها الدّفاعيّة وأمنها القوميّ.
  • يلحظُ الرّدّ الإيرانيّ على رسالة ترامب أنّ كلام المرشد خامنئي عن دعم الفصائل المُسلّحة في لبنان والعراق واليمن هو الرّدّ الرّسمي على طلبِ وقف الدّعم المالي وإمدادات السّلاح. إذ كانَ خامنئي قال في خطابه الأخير إنّ هذه الفصائل لا تُقاتل نيابةً عن إيران ولا هي أذرعٌ لها، ولذا لن تتفاوض طهران بالنّيابة عن “الحزبِ” في لبنان أو الحوثيين في اليمَن أو الحشد الشّعبيّ العراقيّ.
  • إيران تُفضّل الحلّ الدّبلوماسيّ للبرنامج النّوويّ، لكنّها تُؤكّد أنّ أيّ تهديدٍ لمصالحها سيُقابلهُ تهديد إيرانيّ، وأنّ أيّ هجوم عليها سيُقابل بهجوم على مصدر أو مصادر الهجوم.

يدأبُ الإيرانيّون منذ لحظة تسلّمهم الرّسالة من مُستشار الرّئيس الإماراتي أنور قرقاش على دراسة الرّد على رسالةِ ترامب

ضربة وشيكة؟

على الرّغم من أنّ ترامب يسعى إلى حلٍّ دبلوماسيّ مع إيران، يؤكّد ما يحصلُ في المنطقة منذ أسبوعَيْن إلى اليوم أنّ أسهُمَ الحلّ العسكريّ ترتفع شيئاً فشيئاً. تتصرّفُ إسرائيل في المنطقة بصفتها المُنتصِر وبفائضِ قوّةٍ عسكريّة وسياسيّة.

منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يُمكن ملاحظة عدّة مؤشّرات تؤكّد ارتفاعَ أسهم الحلّ العسكريّ، ويُمكنُ أيضاً وضعها في خانة الضّغط لتحسين الشّروط الأميركيّة – الإسرائيليّة ضدّ طهران:

  • العمليّة العسكريّة الأميركيّة غير المسبوقة ضدّ الحوثيين في اليَمن.
  • ارتفاع وتيرة الهجمات الإسرائيليّة على أهدافٍ لـ”الحزبِ” في جنوب لبنان والبقاع كانت في غالبيّتها مخازنَ وورش تصنيع ترتبط بالصّواريخ الاستراتيجيّة التي يُمكن أن تُستخدم في أيّ ردّ في حال تعرّض إيران لهجوم.
  • تكثيف الهجمات ضدّ منشآت ومخازن الجيش السّوريّ السّابق في مناطق درعا وحمص، خشية أن تصلَ محتوياتها إلى “الحزب” في لبنان.
  • الاجتماع الاستراتيجي بين أميركا وإسرائيل في واشنطن لبحثِ آليّات التّعامل العسكريّ مع إيران في حال فشلِ المساعي الدّبلوماسيّة.
  • استئناف الحربِ على قطاع غزّة بوتيرةٍ غير مسبوقة، واستهداف القادة السّياسيين والإداريين لحركة حماس في القطاع.
  • استقدام 3 حاملات طائرات وعددٍ من القطع البحريّة الأميركيّة إلى المنطقة، وتعزيز الوجود العسكريّ الأميركيّ في الشّرق الأوسط، الذي يضمّ قاذفات استراتيجيّة من طراز B2 وB52 قادرة على حمل عددٍ هائلٍ من القنابل الخارقة للتحصينات.
  • وصول أكثر من 2,000 قذيفة خارقة للتحصينات إلى إسرائيل، وكانت الإدارة الأميركيّة السّابقة قد امتنعت عن تسليمها لتل أبيب.

إقرأ أيضاً: الشّرق الأوسط في قلب لعبة الأمم

هكذا باتت إيران محاصَرة بعد سقوط خطوطها الدّفاعيّة. فهي أمام خياريْن مرَّيْن: إبرام اتّفاقٍ يحملُ تنازلات غير مسبوقة يُشبه في توقيته وظروفه “كأس السّمّ” الذي تجرّعه مرشدها السّابق ومؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة رَوح الله الخميني عام 1988، وإمّا ضربات قاصمة تأخذُ إيران إلى سيناريو سقوط نظامها على وقع الضغوط الاقتصاديّة الدّاخليّة، وليسَ سقوط نظام البعثِ في سوريا وقبله نظام البعث في العراق ببعيد عنها جغرافيّاً ولا سياسيّاً.

مواضيع ذات صلة

“اتّفاق جدّة”: أمن الحدود تحت الاختبار

عَكَست الرعاية المباشرة من وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان للقاء جَدّة بين الوفدين اللبناني والسوري انخراطاً أكبر للمملكة في الملفّ اللبناني وفي “سوريا…

البيت الأبيض يُحمّل الحكومة مسؤولية سياسة “الحاكم”

جاء رد الفعل الأميركي سريعاً وملتبساً على تعيين كريم سعيد حاكماً لمصرف لبنان، بدعم مطلق من رئيس الجمهورية. لم يتضمّن تعليق البيت الأبيض أي ترحيب…

بعد “الحاكِم”: معارك رئاسيّة مقبلة

لم تنتهِ تماماً ذيول تعيين الحاكم الجديد لمصرف لبنان، والأرجح سيُمهّد التضارب في التوجّهات بين الرئيسين جوزف عون ونوّاف سلام لمزيد من جولات الكباش داخل…

الكويت “نظيفة”.. بـ “ثوب ديمقراطيّ جديد”

10 خطابات رمضانية لأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد هذا العام، أعادَت ترتيب المشهد والأولويّات، بعد حوالي 10 أشهر على الخطاب التاريخي في 10 أيّار 2024،…