بعدما نشرت وكالة “رويترز” تقريرها عن اهتمام شديد تُوليه الولايات المتحدة الأميركية لمنصب حاكم مصرف لبنان، وإجرائها عدد من المقابلات مع مرشّحين للمنصب، لا بدّ من تأكيد الأهميّة المطلقة التي أولتها الإدارة الأميركية في العهود السابقة ولا تزال لحاكمية المصرف المركزي على اعتبارها منصباً يكاد يوازي الرئاسة أهمّية، وأحياناً يفوقها تأثيراً.
في هذا العهد، وبعدما أصبح لبنان تحت رعاية دولية خماسية، لكن أميركية بامتياز، يجب أن يوازي منصب الحاكمية القرار 1701 بمفاعيله. ففي وقت ذكرت “رويترز” أنّ شخص الحاكم يجب أن يكون مشروطاً بمكافحة الإرهاب، ربطاً بمنع وصول الأموال إلى “الحزب”، تقول مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ السياسة النقدية هي جزء من القرار 1701 بمفاعيله الماليّة. فإذا كان القرار الدولي بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، فإنّ سياسة الحاكم الجديد يجب أن تحصر المال بيد الدولة أيضاً.
بين واشنطن وباريس والرياض لائحة مواصفات يضعونها شرطاً أساسيّاً للدعم. فبالإضافة إلى مواصفات الحاكم الذي يفترض أن يطبّق شروط صندوق النقد، عليه أن يعمل على النظام الماليّ الجديد كي لا يسمح بتمويل “الحزب”. واحد من تداعيات الانهيار المالي الذي حصل أنّه عطّل حسابات كانت تموّل “الحزب”. لذا منصب الحاكم في هذه المرحلة مرتبط بشكل مباشر برسم سياسات مالية ترفع السرّية المصرفية وتكشف الحسابات لتكون مراقَبة من أجل مكافحة تمويل “الحزب” أوّلاً، ومكافحة تبييض الأموال ثانياً.
تشير معلومات “أساس” إلى جهد كبير يُبذل للاتّفاق على اسم لتعيينه حاكماً هذا الخميس
لودريان في بيروت..
في 28 هذا الشهر سيزور رئيس الجمهورية جوزف عون باريس حيث يلتقي الرئيس إيمانويل ماكرون. قبل ذلك سيصل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان. وفي المعلومات أنّ فرنسا هي أيضاً على خطّ الحاكمية. دبلوماسياً لا أحد يدخل في الأسماء. في الكواليس، تدعم باريس سمير عسّاف باعتباره يؤيّد الإصلاحات. وفي المعلومات أنّ عسّاف مقرّب من الإدارة الأميركية الجديدة ويمكن أن يحظى بدعم دولي لمهمّته، إذا قبل بها. فكما هو معلوم عنه أنّه حتى الساعة غير مقتنع بالدخول في المعترك اللبناني. بعض المقرّبين منه يراهنون على إقناعه في حال نضوج تعيينه.
على الرغم من التحفّظ الدبلوماسي على التدخّل بالأسماء، إلّا أنّ مصادر أميركية قالت لـ”أساس” إنّ ثلاثة أسماء متقدّمة لمنصب الحاكم هي جهاد أزعور وسمير عساف وفراس بوناصيف. هذا لا ينفي وجود أسماء أخرى على طاولة البحث الحكومية المقبلة، ككميل أبو سليمان أو عصام أبو سليمان أو فيليب جبر أو كريم سعيد. إلّا أنّ الاسم الأخير لا توافق داخليّاً عليه بسبب تحفّظ رئيس الحكومة نوّاف سلام على اسمه، ولا توافق خارجيّاً عليه بسبب تحفّظ واشنطن وباريس والرياض على اسمه، كما قالت مصادر دبلوماسية لـ”أساس”.
تقول مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ تعيين حاكم مصرف لبنان سيعكس المسار الذي تريد السلطة السياسية الجديدة في لبنان أن تسلكه
حاكم مصرف لبنان: ثقة المجتمع الدّوليّ
تقول مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ تعيين الحاكم سيعكس المسار الذي تريد السلطة السياسية الجديدة في لبنان أن تسلكه. وبناء على اختيارها، سيكون تفاعل المجتمع الدولي على مستوى الدعم والتمويل والاستثمار. في باريس سيناقش ماكرون مع عون مؤتمر الدعم الأوروبي لإعادة الإعمار، وواشنطن تشترط لدعمها لبنان سياسةً ماليّةً واضحة وتعيين حاكم ينفّذها، وكذلك الرياض. وعليه العين الدولية مفتوحة على هويّة الحاكم الجديد ليُبنى على الشيء مقتضاه.
إقرأ أيضاً: باسيل: لا تطبيع من دون حقوق!
تشير معلومات “أساس” إلى جهد كبير يُبذل للاتّفاق على اسم لتعيينه حاكماً هذا الخميس. ولكن قد لا تنضج التسوية الموضوعة على نار حامية، والتي يخاف عليها المعنيون أن تحترق لأنّ امتحان حاكمية مصرف لبنان يشبه امتحان الرئاسة. والتعويل على العهد الجديد أن يختار جيّداً رجل المرحلة الصعبة المقبلة على البلد.
لمتابعة الكاتب على X: