يرى قائد أعلى سابق لقوات حلف شمال الأطلسي، جيمس ستافريدس، في مقال له في موقع “بلومبرغ”، أنّه حان الوقت للغرب، لضرب ما أسماه “العدو الإيراني الأخير بالوكالة: جماعة الحوثيين التي تهدد الملاحة في البحر الأحمر”.
يعتبر ستافريدس وهو أميرال متقاعد في البحرية الأميركية شغل منصب القائد الأعلى السادس عشر لقوات الحلفاء في الناتو، حيث أشرف على العمليات في أفغانستان وليبيا وسوريا والبلقان ومكافحة القرصنة قبالة سواحل إفريقيا “أنّه بعد سقوط الدكتاتور السوري بشار الأسد، وكيل إيران الشرير، وانكسار حماس فعلياً في قطاع غزة، والقضاء في لبنان على معظم قيادات “الحزب” العليا وقطع تمويل ودعم إيران له… هناك عدو أخير بالوكالة يحتاج إلى التعامل معه على الفور: الإرهابيون الحوثيون الذين يعملون في اليمن على شواطئ البحر الأحمر، والذين لا يشكلون تهديداً إقليمياً فحسب، بل يشكلون تهديداً للاقتصاد العالمي. ولا يمكن للغرب أن يسمح لهم بذلك”.
وفقاً لستافريدس، وهو أيضاً محلل للأمن العسكري والسيبراني، “لم يتعرض المجتمع البحري الدولي منذ قراصنة البربر في القرن الثامن عشر لتهديد كبير من قبل قوة مارقة كما هو الحال اليوم من قبل الحوثيين.” ويشير إلى “أنّ القراصنة الصوماليين في شرق إفريقيا، الذين قاتلهم بصفته القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي قبل عشر سنوات، كانوا في الغالب من المراهقين الذين ينتعلون الصنادل، ويحملون بنادق AK-47 صدئة”.
يضيف: “لم يكونوا مثل هؤلاء الإرهابيين الحوثيين الذين دربتهم طهران وجهزتهم ونظمتهم ووجهتهم. فقد أغلق هؤلاء إلى حد كبير أحد الطرق البحرية الرئيسية في العالم، من قناة السويس في الشمال إلى مضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر، ما أجبر الناقلات وسفن الشحن على الذهاب طوال الطريق حول القارة الأفريقية. ما أدى إلى اخفاض حركة المرور بنسبة تزيد عن 50٪ منذ هجمات 7 أكتوبر 2023”.
برأيه أنّ أوراق طهران هي الأضعف منذ عقدين من الزمان، منذ أن شرعت في بناء شبكتها المعقدة من وكلائها الإرهابيين
حملة عسكرية ثلاثية العناصر
يرى ستافريدس أنّه لا بدّ بعد سقوط الأسد وتراجع أنصاره الروس، وضعف الموقف العسكري لإيران، والنجاحات الإسرائيلية في جميع أنحاء المنطقة، وإدارة دونالد ترامب القادمة التي لن تخشى استخدام القوة العسكرية، من خطّة لوقف الحوثيين تتطلب كخطوة أولى تحقيق التوافق الكامل للمجتمع البحري العالمي على تكثيف بنيتين دبلوماسيتين قائمتين بالفعل هما:
– عملية حارس الرخاء، الكونسورتيوم العسكري بقيادة الولايات المتحدة الذي يدير عمليات الدفاع عن الشحن التجاري.
– اتفاقات إبراهام لعام 2020، التي جمعت إسرائيل وعدة دول عربية في تعاون متزايد.
يليها اللجوء إلى استخدام القوة الجوية والبحرية والبرية بحيث يتم تنفيذ المستوى المناسب منها من خلال وتوزيع المهام بين مختلف الجهات الدولية لهذين العنصرين.
بهدف مواجهة الحوثيين وإضعاف إيران، يدعو ستافريدس في مقاله إلى أن تتبنى الإدارة الأميركية المقبلة، بالتعاون مع شركاء دوليين، استراتيجية لحملة عسكرية من ثلاثة عناصر:
1- تمركز مجموعة حاملة طائرات أميركية ضاربة في محطة قبالة الساحل الجنوبي لليمن. لا تشمل فقط الطائرات المقاتلة الثمانين التي تحملها حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، بل وأيضاً القوة النارية للطرادات والمدمرات التي ترافقها: صواريخ توماهوك الهجومية البرية، والنيران البحرية، وكوادر القوات الخاصة. على أت تتمركز القوة على بعد 100 ميل من مدخل البحر الأحمر.
2- قطع روابط الإمداد بين إيران والحوثيين. ويمكن إسناد هذه المهمة إلى الاتحاد الأوروبي. ويمكن لقوة عمل أوروبية تتركز على حاملة طائرات بريطانية أو فرنسية، مدعومة بسرب من الفرقاطات والمدمرات، أن تقطع فعلياً إمدادات الأسلحة المتقدمة المتدفقة من طهران إلى الحوثيين. وستعمل هذه القوة في المياه الواقعة إلى الشرق من قوة حاملة الطائرات الأميركية، قبالة المدخل الجنوبي لمضيق هرمز.
حان الوقت للغرب، لضرب ما أسماه العدو الإيراني الأخير بالوكالة: جماعة الحوثيين التي تهدد الملاحة في البحر الأحمر
3- عنصر ثالث تلتزم به الدول العربية وإسرائيل. فمع تجريد إيران من قوتها بشكل حاد، قد تكون المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان ومصر والأردن على استعداد لتوفير قوة برية مشتركة للعمليات في اليمن ضد الحوثيين. ويمكن لهذه الوحدات العربية أن تتلقى معلومات استخباراتية كبيرة، وعمليات خاصة، وان توفر لها مجموعات حاملات الطائرات الأميركية والأوروبية الدعم اللوجستي والدعم الناري المشترك وتوفر لها إسرائيل الدعم البحري والجوي.
أهداف الحملة العسكرية
يحدد ستافريدس الذي قضى 37 عاماً في البحرية، وتمّ ترشيحه في عام 2016، لمنصب نائب الرئيس من قبل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، واقترح عليه الريس دونالد ترامب منصباً وزارياً في عهده الأول، أهداف الحملة العسكرية ضد الحوثيين بالتالي:
1- الهدف الأولي هو القدرة العسكرية للحوثيين ــ القوارب والمروحيات والطائرات من دون طيار والصواريخ ومخابئ الذخيرة ومنشآت الرادار.
2- تشمل الموجة الثانية من الأهداف محطات القيادة والتحكم الأرضي والمراكز اللوجستية المستخدمة لإصلاح وتخزين الآلات العسكرية الحوثية.
3- قد يتبع ذلك تدمير القوات البرية للحوثيين، ما يمنعهم من مهاجمة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي يقاتلونها في حرب أهلية تبدو بلا نهاية.
بهدف مواجهة الحوثيين وإضعاف إيران، يدعو ستافريدس في مقاله إلى أن تتبنى الإدارة الأميركية المقبلة، استراتيجية لحملة عسكرية من ثلاثة عناصر
كما ويقترح ستافريدس أن يتم نشر القوات البرية للتحالف في عمليات مركزة بإحكام، ثم يتم سحبها بسرعة إلى البحر بعد إنجاز مهامها، مشيراً إلى أنّ هذا هو النمط الذي استخدمته قوات حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي لملاحقة القراصنة الصوماليين بنجاح قبل عقد من الزمان.
يشدد أخيراً على أهمية العمل على الجانب الدبلوماسي، معتبراً أنّ تتويج وقف إطلاق النار في غزة سيكون مفيداّ. فقد شن الحوثيون هجماتهم ظاهرياً تضامناً مع حماس؛ وقد يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى دفعهم إلى وقف حربهم على الشحن العالمي. ولا يمكننا أن نسمح لهم بالاحتفاظ بالقدرة على إعادة بدء هجماتهم بسرعة ــ إما من تلقاء أنفسهم أو بناء على طلب إيران.
إقرأ أيضاً: فريدريك هوف: خطوات ترسم مستقبل سوريا
برأيه “أنّ أوراق طهران هي الأضعف منذ عقدين من الزمان، منذ أن شرعت في بناء شبكتها المعقدة من وكلائها الإرهابيين. وأنّ القضاء على التهديد المتبقي على شواطئ البحر الأحمر هو أفضل طريقة لإضعاف النظام الفاسد في طهران وإعادة فتح أحد أهم ممرات الشحن في العالم”.
لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا