الرواية الإسرائيلية لتوقيت تفجير “البيجرز”

مدة القراءة 7 د

هل كان يمكن لتفجير “البيجرز” لو حدث عام 2023 انهاء الحرب في وقت أبكر؟ سؤال طرحته صحيفة “جيروزاليم بوست” التي كشفت أنّه كان يمكن لتفجير البيجرو لو حصل في 11 تشرين الأوّل 2023، أن يؤدي إلى هزيمة الحزب، ومنع إجلاء 80 ألفاً من سكات الشمال. غير أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي قرّر شن هجوم كبير على الحزب في 12 أيلول 2024، لأنّ الأخير كان على وشك الكشف عن خطّة تفجير الأجهزة، ولم يتمّ تفعيلها على عجل في 17 أيلول كما كات الاعتقاد سائداً.

 

 

وفقاً للصحيفة، ليس هناك أي شك من أن تفجير إسرائيل لأجهزة البيجر والاتصال اللاسلكي لحزب الله دمر الحزب ومهد الطريق أمام جيش الدفاع الإسرائيلي لسحقه خلال الشهر التالي، مما أدى إلى وقف إطلاق النار بشروط أكثر ملاءمة للقدس مما كان متوقعاً خلال معظم الحرب التي استمرت 14 شهراً. ولكن ماذا لو كان هناك سيناريو مختلف تماماً حيث كان يمكن لإسرائيل أن تفعل المزيد ضد الحزب منذ الطلقة الأولى وقبل ذلك بكثير، لكنها لم تفعل؟

وفقاً للصحيفة، ليس هناك أي شك من أن تفجير إسرائيل لأجهزة البيجر والاتصال اللاسلكي لحزب الله دمر الحزب

التفجير عام 2023 كان ليقتل 15 الفاً من الحزب

على الرغم من صحة عناصر السيناريو هذا، تدعي الصحيفة أن مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي كان يتعامل في بعض الأحيان مع مجموعة أكثر تعقيداً من السيناريوهات، بما في ذلك سيناريو كان يمكن فيه لتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية التسبب في أضرار أكبر بكثير للحزب مما قد تفعله أجهزة البيجر على الإطلاق.

في هذا السيناريو – الذي افترض انه سيحقق أقصى قدر من النجاح – كان يمكن أن يؤدي استخدام أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لأجهزة الاتصال اللاسلكية إلى قتل ما يصل إلى 15000 مقاتل من الحزب بضربة واحدة. وكان من الممكن أن يتجاوز هذا العدد مقارنة بنحو 3500 من مقاتلي الحزب الذين أصيبوا في النهاية بمزيج من أجهزة الإنذار أولاً وأجهزة الاتصال اللاسلكية ثانياً في 17-18 ايلول.

تفترض بعض المصادر أنه لو تم تنشيط أجهزة الاتصال اللاسلكية في 11 تشرين الاول 2023، فإن قتل 15000 مقاتل من الحزب دفعة واحدة كان يمكن أن ينهي الحرب في الشمال بسرعة، ويبقي إيران والحوثيين خارج الحرب، وربما حتى يدفع حماس إلى إبرام صفقة أكثر ملاءمة مع إسرائيل في الجنوب.

تفترض بعض المصادر أنه لو تم تنشيط أجهزة الاتصال اللاسلكية في 11 تشرين الاول 2023، فإن قتل 15000 مقاتل من الحزب دفعة واحدة كان يمكن أن ينهي الحرب

لو وقعت التفجيرات في 2023

ينقل جيريمي بوب كبير المراسلين العسكريين وشؤون المخابرات للصحيفة ” ما كشفته له المصادر بشأن ما كان يمكن ان يحدث أو لم يكن ممكناً حدوثه في 11 تشرين الأول 2023 وهو:

1- لو تم تفعيل أجهزة الاتصال اللاسلكية في 11 تشرين الأول 2023، لما كان لها أقصى الأثر المتوقع في ظل الظروف الموجودة انذاك المحددة؛

2- أنه تم بل ثلاث سنوات بالفعل، تحويل أجهزة الاتصال اللاسلكية من كونها “الخطة أ” إلى أن تصبح “الخطة ب”؛

3-  اجمالاً، فإن تأثير استخدام أجهزة االبيجر في 17 أيلول 2024 تجاوز بكثير التأثير الذي كان يمكن أن تحدثه تفعيل أجهزة اللاسلكي عام 2023.

ممكن لتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية من الناحية النظرية أن يقتل المزيد من مقاتلي الحزب فقط إذا حدثت جميع الظروف العسكرية المناسبة في نفس الوقت

من اللاسلكي إلى البيجرز

يضيف: بدأ اللجوء الى الأجهزة الإلكترونية المفخخة الجماعية خلال العقد السابق باستخدام أجهزة اللاسلكي لكن عندما تم تطوير أجهزة البيجر، تم إجراء تحديثات على طول الطريق، لكن اهمها كان قبل بضع سنوات عندما تقرر دفع برنامج تفجير أجهزة البيجر إلى الأمام قبل برنامج تفجير أجهزة اللاسلكي.

كانت الفكرة أن أجهزة البيجر ستشكل بالنسبة لقوات الحزب أداة تواصل أكثر موثوقية لاستخدامها في جميع الأوقات، حتى خلال وقت السلم أو الصراع منخفض الحدة. بينما وعلى النقيض من ذلك، يمكن لتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية من الناحية النظرية أن يقتل المزيد من مقاتلي الحزب فقط إذا حدثت جميع الظروف العسكرية المناسبة في نفس الوقت.

وفقاً للصحيفة فإن “ما إذا كان يجب على إسرائيل شن هجوم كبير على الحزب في 11 تشرين الأول/اكتوبر 2023، كما أوصت القيادة العليا للجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع يوآف غالانت في ذلك الوقت، لا يزال موضع نقاش. ولهذا النقاش جانبان معقدان:

1- كان يمكن لضربة ضخمة ناجحة أن تهزم الحزب في وقت أبكر بكثير ومنع اخلاء 80 ألفاً من سكان الشمال.

2- لكن كان من الممكن أيضاً أن تأتي بنتيجة عكسية وتتسبب في مقتل العديد من المواطنين والجنود أكثر عدداً ممن قتلوا عندما أمرت القدس بالضربة في أيلول من هذا العام.

في كلتا الحالتين، كان من الممكن أن تكون انفجارات أجهزة البيجر هي الطلقة الافتتاحية، وكانت أجهزة الاتصال اللاسلكية، التي أصبحت بالفعل الخطة البديلة قبل بضع سنوات، هي الطلقة الثانوية.

وهناك قضية رئيسية أخرى، القت الصحيفة عليها المزيد من الضوء، وهي” الظروف التي أدت إلى تفعيل أجهزة البيجر في 17أيلول. فقد ذكرت الصحيفة في 22 أيلول، أن الاعتقاد القائل بأن أجهزة الإنذار تم تفعيلها على عجل في 17 أيلول فقط لأن الحزب كان على وشك الكشف عنها كان خاطئاً. وكانت هذه الرواية المغلوطة منطقية ولها معنى مع مدى المفاجأة التي بدت على كل من الجمهور الإسرائيلي واللبناني إزاء هذه الحادثة بعد أن كانت إسرائيل قد سمحت للحزب بإطلاق الصواريخ على جبهتها الشمالية لمدة أحد عشر شهراً دون اتخاذ أي خطوات رئيسية متسقة لفرض تغيير يتجاوز الانتقام المحدود.

الصحيفة، أقرت انها علمت أن إسرائيل اختارت التوقيت بعناية وليس فقط بسبب الاكتشاف المفاجئ من جانب الحزب

 توقيت التفجير تم بعناية ولم يكن عرضياً

لكن الصحيفة، أقرت انها علمت أن إسرائيل اختارت التوقيت بعناية وليس فقط بسبب الاكتشاف المفاجئ من جانب الحزب.. وكشفت أن نتنياهو كان قد قرر بالفعل شن هجوم كبير على الحزب في 12 أيلول. ففي الأيام التي سبقت انفجارات البيجر، تحدث كل من نتنياهو وغالانت علناً عن تكثيف الضغط لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم كأحد المهام الأساسية للحرب المستمرة.

جاء ذلك بعد أن أعلن غالانت هزيمة آخر كتائب حماس من بين 24 كتيبة في رفح في 21 آب. بل أن إسرائيل وخلال الأسابيع والأيام التي سبقت التفجيرات، نقلت قواتها البرية والجوية بشكل كبير نحو الحدود الشمالية بعد أن كانت قد ركزت معظمها على غزة منذ تشرين الأول 2023.

الرواية الإسرائيلية

في هذه الرواية، يضيف كبير مراسلي الصحيفة، مهدت الأجهزة المتفجرة الموقوتة بعناية الطريق لجعل الحزب يرتبك ويتراجع إلى الخلف، مما أدى إلى الهجمات الأكثر أهمية، والتي اعترف بها جيش الدفاع الإسرائيلي لاحقاً. ففي غياب أجهزة البيجر والهواتف المحمولة للتواصل، أصبح قائد قوات “الرضوان” إبراهيم عقيل ونحو عشرين من كبار قادته الفرعيين في حاجة إلى الاجتماع شخصياً لوضع خطط للانتقام. وعندما تمكنوا من ذلك بعد بضعة أيام، قتلت قوات الدفاع الإسرائيلية عقيل وما بين 13 و15 من كبار القادة الفرعيين الآخرين.

هذا لا يعني، وفقاً للصحيفة، أن الحزب لم يكن أبداً على وشك كشف المخططات المتعلقة بأجهزة البيجر أو أجهزة الاتصال اللاسلكية. فقد كانت بعض المصادر قد أشارت إلى أنه في شهر أيلول، وفي أوقات سابقة أخرى، كانت هناك مخاطر محتملة من التعرض لخطط الأجهزة المفخخة.

إقرأ يضاً: فريدمان لفريق ترامب: ما حدث في سوريا لن يبقى في سوريا

بدا أن بعض المخاوف المتجددة المتكررة، ولكن ليس بالضرورة إلى مستوى أزمة حقيقية في الكشف عن الخطة، والتي ظهرت في منتصف أيلول، ربما أدت إلى اتخاذ قرار ببدء التفجيرات والهجمات قبل أسبوع أو أسبوعين من حدوثها على أي حال.

غير أن الصحيفة تؤكد ” أن هذا الاعتقاد هذا لا يتطابق مع الصورة التي رسمها البعض بأن قرار شن هجوم كبير على الحزب كان عرضياً تقريباً بعد أن كانت خطة أجهزة البيجر على وشك الكشف للمرة الأولى. بل على العكس من ذلك، فقد اتخذ نتنياهو القرار قبل عدة أيام من ظهور أي خطر جديد من الكشف عن الخطة.

 

لقراءة النص بلغته الأصلية اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

فريدمان لفريق ترامب: ما حدث في سوريا لن يبقى في سوريا

تشكّل سوريا، في رأي الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان، نموذجاً مصغّراً لمنطقة الشرق الأوسط بأكمله، وحجر الزاوية فيها. وبالتالي ستكون لانهيارها تأثيرات في كلّ…

ألكسندر دوغين: إسقاط الأسد فخّ نصبه بايدن لترامب

يزعم ألكسندر دوغين الباحث السياسي وعالم الفلسفة الروسي، الموصوف بأنّه “عقل بوتين”، أنّ سوريا كانت الحلقة الأضعف في خطّة أوسع نطاقاً لتقويض روسيا، وأنّ “سقوط…

إغناتيوس: قطر تقود جهود تشكيل حكومة انتقاليّة في سوريا

كشف ديفيد إغناتيوس المحلّل السياسي في صحيفة واشنطن بوست أنّ “قطر، التي كانت لفترة طويلة داعمة سرّية لهيئة تحرير الشام، تقود الجهود العربية لإنشاء حكومة…

“سي إن إن”: مصير بشّار صُنع في جنوب بيروت ودونيتسك

حربان غيّرتا مصير سوريا، وفقاً لمراسل الأمن الدولي الرئيسي لشبكة CNN نيك باتون والش. في رأيه أنّ “مصير بشار الأسد لم تتمّ صناعته في سوريا،…