تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في المنطقة قائلاً: “I am in“.
اللقاء الذي جمع الرئيس المنتخب ترامب بالرئيس الذي يتحضّر لمغادرة البيت الأبيض بايدن، كان أكثر من صورة بروتوكولية، إذ حمل رسائل متعدّدة في أكثر من اتّجاه عن أهمّية الديمقراطية الأميركية التي، ورسائل سياسية أهمّها الحرب الإسرائيلية على لبنان. وعلى طاولة الرئيسين حضرت المنطقة، وتحديداً لبنان الذي اكتسب ضوءاً أخضر مشتركاً بتأييد مسعى هوكستين. وإن حصل قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
هوكستين يواصل حراكه
أشارت معلومات “أساس” إلى أنّ اتصالاً حصل بين الموفد الأميركي آموس هوكستين والرئيس ترامب، أبلغ فيه الأخير هوكستين بأنّه يؤيّد أيّ اتفاق لوقف إطلاق النار يمكن أن يتوصّل إليه في الأسبوعين المقبلين. وترامب بحسب المصادر الأميركية لن يعترض على أيّ اتفاق تبرمه الإدارة الحالية، بل يشجّع عليه لأنّه لا يريد استمرار هذه الحرب.
ولكنّ لوقف إطلاق النار شروطاً. وهذه الشروط لن تتغيّر مع تغيّر الإدارة الأميركية. وأكّدت مصادر أميركية مطّلعة على الملفّ لـ”أساس” أنّ هوكستين سيتواصل مع الرئيس بري قريباً ليعرض عليه المسوّدة التي حضّرها للاتفاق، وسيتواصل مع الجانب الإسرائيلي، وفي حال وجد أرضية حاضرة للاتفاق سيتوجّه إلى لبنان في الأسبوعين المقبلين ثمّ إلى تل أبيب. ولكنّه لن يزور المنطقة قبل أن يضمن أرضيّة مشتركة حاضرة للاتفاق، كما تقول المصادر. فيما أشارت مصادر وزارية إلى أنّ لبنان ينتظر جواباً من هوكستين خلال ثمانٍ وأربعين ساعة.
أسبوعان اثنان ويظهر كلّ شيء: إمّا وقف إطلاق نار واتفاق، وإمّا حرب مستمرّة
مضمون الاتفاق
تتحدّث المصادر الأميركية عن أن لا مهرب من تطبيق القرار 1701، وتشير إلى أنّ قول الرئيس بري إنّه يضمن التزام تطبيق القرار ليس كافياً، إذ لا بدّ من التزام أكبر وضمانات أكبر لإسرائيل كي توقف حربها، لأنّ حرب عام 2006 وما بعدها لم يقنعا المجتمع الدولي بأنّ كلّاً من لبنان عبر الحزب وإسرائيل طبّق القرار، وبالتالي تتحدّث المعلومات عن تطبيقه على مراحل:
– ّاولاً: وقف إطلاق نار فوري
– ثانياً: دخول خمسة آلاف عنصر من الجيش اللبناني إلى جنوب الليطاني كدفعة أولى لأنّه لا إمكانية لتجنيد عدد كبير حالياً.
– ثالثاً: انسحاب القوات الاسرائيلية من الجنوب تزامناً مع دخول الجيش.
– رابعاً: مسح الجيش اللبناني لما بقي من سلاح للحزب ومواقع له.
– خامساً: ضمان انسحاب الحزب من جنوب الليطاني
– سادساً: تشكيل لجنة دولية مؤلفة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ودولة رابعة قد تكون عربية لكي تكون لجنة مراقبة تطبيق القرار 1701.
– سابعاً: عدم إعطاء أيّ أحقّية لإسرائيل بالاعتداء على لبنان في حال وجدت أيّ تحرّك مشبوهاً.
– ثامناً: على إسرائيل أن تبلغ عن أيّ تحرّك تراه مشبوهاً إلى اللجنة الدولية التي بدورها تبلغ الجيش اللبناني للقيام بالمقتضى.
– تاسعاً: تكريس دور وسلطة الجيش اللبناني على كلّ الأراضي اللبنانية والمعابر والمحافظة على السيادة اللبنانية على مراحل مع ضمان تنفيذه للقرار 1559.
– عاشراً: استكمال خطّة دعم الجيش وتمويله في مراحل لاحقة ليكون قادراً على بسط سيطرته على كلّ الأراضي اللبنانية.
– وأخيراً في حال وصول أيّ شكوى عن موقع جنوب الليطاني أو في أيّ منطقة لبنانية تعتبره إسرائيل مشبوهاً، ولم يقم الجيش بواجباته، ستعتبر إسرائيل أنّ الاتفاق قد سقط وستعيد شنّ هجماتها على لبنان وسيُفتح باب حرب جديدة.
تتحدّث المصادر الأميركية عن أن لا مهرب من تطبيق القرار 1701، وتشير إلى أنّ قول الرئيس بري إنّه يضمن التزام تطبيق القرار ليس كافياً
فصل الجبهة عن الرئاسة
خارطة الطريق المرجّح أن يعرضها هوكستين على الرئيس بري قريباً، بحسب المعلومات، تتطرّق إلى أمر بالغ الأهميّة، إذ تتحدّث عن أنّه “لا جدوى من التعمية على الـ1559 بعد اليوم. يجب أن يعترف لبنان بأنّ التزامه تطبيق الـ1701 هو أيضاً التزام تطبيق القرار 1559 على اعتباره أحد مندرجات القرار. وبالتالي التعامي عن الاعتراف بوجوب تنفيذ سحب كلّ سلاح غير شرعي هو خرق للقرار 1701 ويعرّض الاتفاق للفشل. ينتظر المعنيون بالملفّ في واشنطن كيف سيتعامل مع هذا الاستحقاق المسؤولون في لبنان، تحديداً الرئيس نبيه بري الذي سبق أن أكّد التزام لبنان القرار 1701 لكن أسقط معه 1559.
وصل التفاوض هذه المرّة إلى طريق النهاية، وليس مرتبطاً بالاستحقاق الرئاسي، كما تقول مصادر “أساس”. القرار بيد الرئيس بري، فهل يوافق أو يؤكّد استمرار حرب الميدان؟ وإلى أن يجيب عن هذا التساؤل، يبقى كلّ شيء معلّقاً حتى التزام لبنان القرار الدولي، وكأنّ البلد وضع أمام خيارين: الأوّل الموافقة على الاتفاق والاكتفاء بهذا الحجم من الأضرار، والثاني الاضطرار إلى الموافقة بعد جحيم أكبر. هكذا تحسم المصادر الأميركية قائلة إنّه لا خيارات كثيرة أمام لبنان، فإيران فقدت قوّاتها الدفاعية، والحزب فقد الكثير من قدرته القتالية، ولا تريد إسرائيل أن تتوقّف قبل ضمان أمنها، وهو أمر على اللبنانيين أن يعتادوه.
أشارت معلومات “أساس”، أنّ اتصالاً حصل بين الموفد الاميركي آموس هوكستين والرئيس ترامب. أبلغ فيه الأخير هوكستين بأنه يؤيّد أيّ اتفاق لوقف إطلاق النار
يقول السفير ديفيد ساترفيلد، صاحب الباع الطويل في ملفّات الشرق الأوسط، إنّه كان الأخير الذي خرج من السفارة عام 1989 قائلاً لقائد الجيش يومها ميشال عون: إقبل الاتّفاق واذهب إلى اتفاق الطائف لأنّ البديل سيّئ جداً. ثمّ حصل ما حصل. اليوم يقول ساترفيلد نفسه للّبنانيين: إقبلوا الـ1701 كما هو لأنّ البديل سيكون أسوأ.
أسبوعان اثنان ويظهر كلّ شيء: إمّا وقف إطلاق نار واتفاق، وإمّا حرب مستمرّة.
إقرأ أيضاً: هوكستين إلى تل أبيب: هدنة خلال أسبوعين؟
بانتظار جواب هوكستين للرئيس برّي يستند الأخير مطمئنّاً إلى مضمون الاتّصال الهاتفي الذي تلقاه من رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف قبل ثلاثة أيام، الذي أكّد فيه وقوف إيران إلى جانب لبنان ومؤازرته في تنفيذ القرار الأممي رقم 1701.
لمتابعة الكاتب على X: