ناخبٌ “غير مبالٍ” بالخارج يقرّر مصير العالم!

مدة القراءة 7 د

يترقّب العالم قرار الناخب الأميركي، غير المهتمّ في أغلبيته، بالسياسة الخارجية في انتخابات رئاسية تشهد انقساماً كبيراً في المجتمع الأميركي… في وقت يشهد العالم تحوّلات كبرى.

أزمات وملفّات دولية، من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، إضافة إلى مواضيع المناخ والطاقة والتجارة الحرّة والتكنولوجيا، سيكون لساكن البيت الأبيض الجديد دور أساسيّ في تحديد مسارها، ومع ذلك قد لا نعرف هويّة الفائز لأيّام عدّة.

 

استعدّت المؤسّسات الأمنيّة وتلك المعنيّة بتنظيم الانتخابات على المستويين الفدرالي والمحلّي لاحتمال اندلاع أعمال عنف خارج مراكز الاقتراع وداخلها. وهذه الاحتمالات دفعت المسؤولين عن تنظيم الانتخابات إلى إخضاع العاملين لدورات تدريب على الحالات الطارئة، خصوصاً أنّ الأسلحة منتشرة في الولايات المتحدة وهناك تاريخ من عمليات العنف المحلّي.

صحيح أنّ عمليات الاقتراع تنتهي في 5 تشرين الثاني، لكنّ النتائج لن تحسم قبل أيام، إلا إذا كان هناك اكتساح من أحد المرشّحين، وهذا ما لا تشير إليه أيّ من استطلاعات الرأي. الولايات المتحدة هي الديمقراطية الغربية الوحيدة التي تتّسم فيها المدّة بين الانتخاب وتسلّم الرئيس لمنصبه بأنّها طويلة. إذا كان الرئيس المنتخب من الحزب الحاكم فقد لا تكون الفترة الانتقالية موضع رصد دوليّ كما لو كان الفائز من الحزب الآخر.

في حال تمّ انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب، سيترقّب العالم كلّ موقف أو كلمة أو احتمال تعيين شخص قد تصدر عن الرئيس المنتخب. حتى إنّ شركات العلاقات العامة واللوبيات تبدأ بالتعاقد مع أشخاص مقرّبين من الحزب الفائز على أمل أن يكون لديها وصول إلى مواقع القرار الجديدة. في الولايات المتحدة، لا يمنح الدستور الرئيس المنتخب أيّ سلطات رسمية حتى يوم التنصيب في 20 كانون الثاني، حين يؤدّي القسم ويصبح الرئيس الرسمي، لكنّ هناك بعض الممارسات والبروتوكولات التي تتيح انتقالاً سلساً للسلطة.

بعد الانتخابات، يُمنح الرئيس المنتخب حقّ الوصول إلى الموارد والدعم الفدراليَّين لضمان الانتقال السلس

صلاحيّات الرّئيس المنتخب قبل تسلّمه

بعد الانتخابات، يُمنح الرئيس المنتخب حقّ الوصول إلى الموارد والدعم الفدراليَّين لضمان الانتقال السلس. يمنح قانون الانتقال الرئاسي لعام 1963 أموالاً حكومية، ومساحات مكتبية، ومساعدة الموظّفين لدعم هذه المرحلة الانتقالية.

– يحصل الرئيس المنتخب على إيجازات استخبارية يومية مشابهة لتلك المقدّمة للرئيس الحالي، وهو ما يساعده على التعرّف على القضايا الأمنيّة الوطنية والمسائل العالمية الجارية. كما يُمنح حقّ الوصول إلى المعلومات السرّية للتحضير لأيّ أزمات قد تنشأ.

الانتخابات

– يمكن للرئيس المنتخب البدء بتسمية وزرائه وترشيح مسؤولين للأدوار الإدارية الرئيسية، مع العلم أنّ هذه التعيينات تتطلّب مصادقة مجلس الشيوخ بعد التنصيب. كما يمكنه بدء تطوير جدول أعماله السياسي وتحديد الإجراءات التنفيذية التي يخطّط لتطبيقها فور تولّيه المنصب.

– لا يمتلك الرئيس المنتخب سلطات دبلوماسية رسمية، إلا أنّه يبدأ بإجراء اتّصالات غير رسمية مع قادة الدول وكبار المسؤولين المحلّيين. وتكون هذه الاتصالات محدودة بتقديم التعارف بدلاً من المشاركة في علاقات دبلوماسية رسمية، حيث تظلّ السياسة الخارجية من اختصاص الرئيس المنتهية ولايته.

يحاول الجمهوريون إجراء تعديلات على الفترة الانتقالية لكي يشارك فريق الرئيس المنتخب في اتّخاذ القرارات مع فريق الرئيس الحالي، لكن لا يبدو أنّ هناك حماسةً لتعديل كهذا ويقتصر الأمر على مبدأ التشاور من  باب اللياقة بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس المنتخب، لكنّ (الرئيس الحالي) الأوّل يبقى صاحب الصلاحيّات الكاملة حتى الساعة الأخيرة من ولايته.

راهناً، يبدي العالم اهتمامه بمعرفة هويّة الفائز بسبب التقارب الحاصل في الأصوات ونظراً لما حصل في الانتخابات السابقة حين رفض دونالد ترامب الاعتراف بالنتائج. وهو أمر قد يتكرّر هذه المرّة أيضاً في حال خسارته، وهو ما سينقل المعركة الرئاسية إلى مسار قضائي.

يترقّب العالم قرار الناخب الأميركي، غير المهتمّ في أغلبيته، بالسياسة الخارجية في انتخابات رئاسية تشهد انقساماً كبيراً في المجتمع الأميركي

المحطّات الأساسيّة بعد يوم الانتخاب

– 16-17 تشرين الثاني، إعلان النتائج الأوّلية لأنّ النتائج النهائية قد تستغرق وقتاً أطول، خاصة في الولايات التي تعتمد بشكل كبير على التصويت بالبريد. خلال الفترة بين 6 و17 تشرين الثاني، سيقوم المسؤولون المحلّيون في جميع أنحاء البلاد بالتحقّق من الأصوات وفرزها، بما في ذلك الأصوات البريدية والاحتياطية وغيرها التي تتطلّب التدقيق. وقد يستغرق إعلان النتائج وقتاً أطول في الولايات المتأرجحة والحاسمة، وقد تؤدّي بعض الحالات إلى إعادة فرز الأصوات.

– 20 تشرين الثاني، بدء المهل النهائية لتصديق الولايات على النتائج.

غالباً ما تتمّ هذه العملية بين 15 إلى 30 يوماً بعد يوم الانتخابات. من المتوقّع أن تصادق معظم الولايات على نتائجها بحلول 20 تشرين الثاني، على الرغم من أنّ بعض الولايات قد تستغرق وقتاً أطول في حال  إعادة الفرز أو وجود طعون قانونية.

– 10 كانون الأوّل، موعد انتهاء إعادة الفرز وصدور قرارات المحاكم في الولايات الرئيسية في السباقات المتقاربة، حيث قد يتمّ تفعيل إعادة الفرز تلقائياً، أو قد يطلبها المرشّحون. وقد تظهر أيضاً تحدّيات قانونية تتعلّق بعمليات التصويت وأهليّتها ونتائجها، خاصة في الولايات الحاسمة. من المتوقّع أن تنتهي معظم عمليات إعادة الفرز والطعون القانونية بحلول أوائل كانون الأوّل للوفاء بمتطلّبات التصديق.

– 10 كانون الأوّل، الموعد النهائي لحسم الولايات لأيّ نزاعات تتعلّق بالانتخابات وتقديم نتائجها المعتمدة بشكل نهائي. الالتزام بهذا الموعد يساعد الولايات على تجنّب أيّ صراعات خلال التئام المجمع الانتخابي، وضمان الاعتراف بمندوبيه من دون اعتراضات فدرالية.

– 16 كانون الأوّل، يلتئم أعضاء المجمع الانتخابي في عواصم الولايات للإدلاء بأصواتهم. يتمّ اختيار المندوبين من خلال مزيج من تعيينات الأحزاب وقوانين الولايات، ويعكسون الإرادة الرسمية للناخبين في كلّ ولاية. وبعد الإدلاء بالأصوات، تنتقل العملية إلى الكونغرس.

استعدّت المؤسّسات الأمنيّة وتلك المعنيّة بتنظيم الانتخابات على المستويين الفدرالي والمحلّي لاحتمال اندلاع أعمال عنف خارج مراكز الاقتراع وداخلها

– 6 كانون الثاني 2025، ينعقد الكونغرس ويقوم الأعضاء بفرز الأصوات الانتخابية رسمياً. وعادة ما يكون هذا الإعلان رمزياً، إلا أنّ ما حصل في الانتخابات الأخيرة سيعيد التركيز على هذا الموعد بسبب إمكانية أن تشهد عملية الفرز اعتراضات كبرى من المشرّعين. في حال ظهرت أيّ اعتراضات، يجب أن يتمّ حلّها من قبل مجلسَيْ الكونغرس خلال الجلسة المشتركة، التي تختتم بالإعلان النهائي عن الرئيس المقبل للولايات المتحدة.

إقرأ أيضاً: أميركا: الذّكاء الاصطناعيّ يستهدف النّاخب “الجاهل”

– 20 كانون الثاني، يتمّ تنصيب الرئيس الجديد إيذاناً ببداية رسمية لفترة الولاية.

الانتخابات الرئاسية الأميركية معقّدة، لكنّ الرأي العامّ العالمي سيتابع هذه التفاصيل المحلّية الأميركية لما لها من تأثير كبير على القضايا التي تهمّه.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@mouafac

مواضيع ذات صلة

مشروع إيران التّوسّعيّ: ما بُنيَ على متغيِّر.. سيتغيَّر

لا خلاف في أنّ لدى إيران مشروعها التوسّعي في المنطقة. وكلمة “توسّعي” ليست استنتاجاً، إنّما حقيقةٌ تعكسها التصريحات الغزيرة والصادرة عن الكثير من القيادات الإيرانية…

جنبلاط يقبض على اللّحظة الإقليميّة

كان الرئيس السابق لـ”الحزب التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في طليعة من قاربوا بالتعليقات الرمزية وبالمواقف، وبالخطوات العملية، مفاعيل الزلزال السوري على لبنان.   يتميّز جنبلاط…

سليمان فرنجيّة: رئاسة الحظّ العاثر

ـ عام 2004 سأل بشار الأسد سليمان فرنجية: “هل للرئاسة في لبنان عمر معيّن كما عندنا؟ لا يُنتخب رئيس الجمهورية قبل بلوغه الأربعين؟”. ـ مرّتين…

الشّرع وسوريا: الرّسم بالكلمات

لم نسمع من أحمد الشرع أو أيّ وزير من الحكومة المؤقّتة في سوريا أيّ رفع لشعار “الإسلام هو الحلّ” الذي درجت جماعة الإخوان المسلمين على…