نتنياهو يضمّ ساعر.. تمهيداً لضرب إيران؟

2024-10-04

نتنياهو يضمّ ساعر.. تمهيداً لضرب إيران؟

شكّلت الخطوة التي قامَ بها رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو بتوسيع الائتلاف وضمّ الوزير السّابق جدعون ساعر مؤشّراً إلى ما تنوي تل أبيب فعله في المُقبل من الأيّام. لا تقوم إسرائيل بتوسعة الحكومة إلّا في الحالات الاستثنائيّة، كما حصلَ بعد هجوم 7 أكتوبر الماضي. هذا يعني أنّ نتنياهو يُحصّن نفسه داخلياً للمُضيّ بخطوات كبيرة. فماذا يعني ضمّ جدعون ساعر إلى الحكومة الإسرائيليّة؟ وما هي السّيناريوهات للرّدّ على إيران؟

 

لم تمضِ أيّام قليلة على اغتيال الأمين العام للحزبِ حسن نصرالله حتّى أعلنَ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو عن اتّفاقٍ بينه وبين الوزير السّابق ورئيس حزب “أمل جديد” جدعون ساعر الذي انشقّ عن معسكر الدّولة برئاسة بيني غانتس لضمّه إلى الحكومة بلا حقيبة.

الواضح أنّ نتنياهو كانَ يحسبُ الخطوات التي ستلي اغتيال نصرالله وبدء العمليّة البرّيّة في جنوب لبنان، مع توسعة الضّربات التي تُوجّهها تل أبيب إلى الفصائل المتحالفة مع إيران في اليَمن وسوريا وربّما لاحقاً في العراق. كثيرة هي الأسباب التي دفَعت نتنياهو لاتّخاذ هذه الخطوة. فجدعون ساعر كانَ خصماً لدوداً لرئيس الوزراء الإسرائيليّ داخل حزب الليكود قبل أن ينشقّ عنه ويتحالف مع بيني غانتس.

1- يريد نتنياهو أن يُحصّنَ حكومته داخليّاً، إذ إنّ انضمام ساعر يوسّع نفوذ نتنياهو داخل الكنيست ويحميه من أيّ محاولة لإسقاطه بعد انتهاء عطلة المؤسّسة التشريعيّة الإثنين المقبل في السابع من تشرين الأول الجاري.

2- يطمح نتنياهو بهذه الخطوة إلى أن “يُطوِّعَ” وزير الدّفاع يوآف غالانت، خصوصاً أنّ البعضَ في حزبِ الليكود الذي كانَ يميلُ إلى صفّ غالانت عادَ ليؤيّد نتنياهو بعد اغتيال نصرالله.

تجدرُ الإشارة إلى أنّ جدعون ساعِر كانَ الاسم المطروح لخلافة غالانت حين اختلفَ نتنياهو ووزير دفاعه حولَ الحربِ على الحزبِ في الشّمال. ويعني دخوله الحكومة بلا حقيبة أنّ نتنياهو يقول لغالانت إنّ بديله جاهزٌ في اللحظة التي يُخالف فيها توجّهاته.

يعني ضمّ جدعون ساعر أنّ نتنياهو ماضٍ في تأسيس “اليمين الجديد” وإحكام سلطة اليمين على السّلطة في تل أبيب إلى حين موعد الانتخابات المُقبلة في خريف 2026

3- تُؤكّد خطوة نتنياهو بضمّ ساعر تحرير نفسه من ضغوطات زعيم كتلة “القوّة اليهوديّة” وزير الأمن الدّاخلي إيتامار بن غفير الذي لا ينفكّ يهدّد بالاستقالة وحلّ الحكومة عند كلّ خطوة يُفكّر فيها نتنياهو ولا تلائم بن غفير.

4- يعني ضمّ جدعون ساعر أنّ نتنياهو ماضٍ في تأسيس “اليمين الجديد” وإحكام سلطة اليمين على السّلطة في تل أبيب إلى حين موعد الانتخابات المُقبلة في خريف 2026. وهكذا يكون رئيس الوزراء ضمِنَ بقاءه في المنصِب إلى اللحظة الأخيرة.

5- يعتبر نتنياهو أنّ إسرائيل تواجه حرباً وجوديّة، وهذا يتطلّب توسيع الائتلاف لتحصين القرارات التي ستتّخذها، سواء أكانَ في لبنان أو غزّة أو العراق وحتّى في وجه إيران التي قصفَت إسرائيل بنحو 200 صاروخ بالستي فرط صوتيّ.

هكذا باتَ نتنياهو أكثر أريحيّة في اتّخاذ القرارات الكُبرى. وهو اليوم يرأس ائتلافاً يمينيّاً مدعّماً بجدعون ساعر الذي لا يقلّ يمينيّة عن نتنياهو في مُقاربته لخطوات إسرائيل في لبنان والمنطقة وصولاً إلى إيران.

بزشكيان في الدوحة وعراقتشي في بيروت..

بعد ساعات على الهجوم الإيراني على إسرائيل، توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على رأس وفد ضمّ وزير الخارجية عباس عراقتشي إلى العاصمة القطرية الدوحة في زيارة مقرّرة مسبقاً.

يقول مصدر دبلوماسي عربي لـ”أساس” إنّ القطريين نقلوا رسائل من الولايات المتحدّة تحثّ إيران على ضرورة خفض التصعيد في المنطقة إفساحاً في المجال للتّوصل الى حلول دبلوماسيّة حول لبنان وقطاع غزّة. كما سمع الإيرانيون في الدوحة أنّ واشنطن لن تمنع إسرائيل من الرّد على الهجوم الصاروخي الإيرانيّ، لكنّها تسعى لأن يكون هذا الهجوم مدروساً من دون تقديم تعهّدٍ بشأن إمكانية ثنيّ إسرائيل عن ضرب مواقع استراتيجية إيرانيّة.

يريد نتنياهو أن يُحصّنَ حكومته داخليّاً، إذ إنّ انضمام ساعر يوسّع نفوذ نتنياهو داخل الكنيست ويحميه من أيّ محاولة لإسقاطه

في المقابل أكّد المسؤولون الإيرانيون ما يقولونه في العلن أنّ أي هجوم على إيران سيُقابل بهجوم أكثر قسوة من الهجوم الصاروخيّ الأخير. كما أبلغ الإيرانيّون الولايات المتحدة رسالة مفادها أنّها الجهة الوحيدة القادرة على لجم التصعيد في الشّرق الأوسط، ذلك أنّ أي تصعيد في المنطقة من شأنه تهديد مصالح واشنطن في الخليج العربيّ والعراق وسوريا.

جدعون ساعر

كما كان لافتاً الاجتماع الذي ضمّ وزير خارجية إيران إلى وزراء خارجيّة دول مجلس التعاون الخليجيّ في الدّوحة.

بحسب معلومات “أساس” فإنّ الاجتماع ناقش ضرورة خفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وأنّ عدداً من دول الخليج يعملون على خفض التصعيد بين طهران وتل أبيب. كما حذّروا من أنّ اتساع رقعة المواجهة بين البلدين قد تنعكس سلباً على أسواق الطاقة.

كما أكّد ممثّلو دول التعاون الخليجيّ في الاجتماع أنّ دول الخليج العربيّ ليسوا طرفاً في هذه المواجهة وأنّهم لن يسمحوا لإسرائيل باستخدام مجالها الجوّيّ لمهاجمة إيران. وكذلك بالنّسبة لإيران لمهاجمة إسرائيل.

وأشارت مصادر “أساس” إلى أنّ الاجتماع الذي الذي عُقد في الدّوحة بين الرئيس الإيرانيّ مسعود بزشكيان والوفد المرافق مع وزير الخارجيّة السعودي الأمير فيصل بن فرحان تناول خفض التصعيد وملفّات المتطقة وخصوصاً أمن الخليج واليمن ولبنان وسوريا. ولم تفصح المصادر عن تفاصيل الاجتماع واكتفت بالقول إنّ التنسيق بين الرّياض وطهران يشهد تقدّما غي الملفّات المذكورة.

كما قال المصدر إنّ زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي إلى العاصمة اللبنانية بيروت اليوم جاءت بعد اللقاءات التي عُقِدت في الدوحة وخصوصاً مع الجانب السّعوديّ.

كيف ستردّ إسرائيل على إيران؟

شكّلَ الهجوم الإيرانيّ المفاجئ على إسرائيل صدمةً في الدّاخل. وضربت إيران في الجولة الأولى التي قرّرتها من دون إنذارٍ مُسبق كما كان الحال عشيّة 13 نيسان الماضي. قد تكون إيران التي سعَت عبر ضربتها لإعادة الرّدع قد سقطت في الفخّ الذي أراده لها نتنياهو صاحب نظرية “اليد الطّويلة”.

شكّلت الخطوة التي قامَ بها بنيامين نتنياهو بتوسيع الائتلاف وضمّ الوزير السّابق جدعون ساعر مؤشّراً إلى ما تنوي تل أبيب فعله

لم يعُد الحديث الدّائر اليوم عن ضربة إيران، بل عن خطوة إسرائيل للرّد. كثيرة هي السّيناريوهات المطروحة لهذا الرّدّ:

1- يحتاج ضرب البرنامج النّوويّ الإيرانيّ إلى تنسيق ومشاركة أيضاً من الولايات المُتحدة. إذ إنّ المنشآت النّوويّة الممتدّة على طول الجغرافيا الإيرانيّة محصّنة بشكلٍ متين في الجبال وعلى أعماق ساحقة. لهذا فإن توجّهت إسرائيل لضربِ البرنامج النّوويّ فهذا يعني أنّها حصلَت على موافقة أميركيّة، وهذا السّيناريو مُستبعدٌ من الإدارة التي تُغادر بعد أسابيع من اليوم.

2- قد تُكرّر إسرائيل الضّربة التي وجّهتها الولايات المُتحدة إلى إيران أثناء الحرب الإيرانيّة – العراقيّة بضرب المنشآت النّفطيّة، وذلكَ بعدما استهدفت إيران سفناً حربيّة وناقلات نفطٍ.

إقرأ أيضاً: لماذا يريد نتنياهو استمرار الحرب؟

3- من الأهداف المطروحة ضرب المنشآت العسكريّة التي انطلقَت منها الصّواريخ الإيرانيّة ومنشآت للحرس الثّوريّ. وهذا قد يدفع واشنطن للدّخول على خطّ التهدئة إذا ما استوعبت إيران الضّربة.

4- قد تلجأ إسرائيل إلى ضربةٍ غير متوقّعة على غرار هجوم “البيجر” في لبنان، وهذا سيناريو مُرجّح نظراً لوجود رئيس الموساد ديفيد برنياع إلى يمين نتنياهو الذي كانَ يُهدّد بعد الضّربة الإيرانيّة.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@IbrahimRihan2

مواضيع ذات صلة

لغز “رئيس الـ86″… ونتنياهو يسوّق خسارته البرّيّة..

بالتوازي بين الميدان والسياسة، كلّ العوامل يتمّ إنضاجها لتترافق مع الحلّ سلسلة خلاصات ستترجم في قرارات دولية ستغيّر المشهد السياسي في لبنان. في الجنوب اشتباك…

الرّئاسة بين “ديل” برّي و”تهريبة” باسيل

يُقال إنّه في خضمّ المعارك لا يتمّ تبديل الضبّاط المشرفين على العمليات. فهل يمكن انتخاب رئيس، بين جولة قتالية وأخرى، على وقع الصواريخ والقذائف؟ على…

الرّئاسة من خرم الحرب: صفر نتيجة

لا تزال لغة الميدان تطغى على أيّ مسعى خارجي أو داخلي للجم كرة نار الحرب الكبرى، وأجّجتها أكثر تصفية الحسابات الإيرانية-الإسرائيلية التي باتت جزءاً أساسيّاً…

1701+… ولجنة رباعيّة لمراقبة التّطبيق

حتى الآن لا صوت يعلو فوق صوت المدفع، أو بالأحرى صوت طائرات F35 والصواريخ البالستية، وبقيّة الأسلحة التدميرية التي لا توفّرها إسرائيل في عدوانها الوحشي…