يعتبر المحلّل والكاتب السياسي توماس فريدمان أنّه تمّ تجاوز العديد من الخطوط الحمر في الصراع المتنامي بين إسرائيل وإيران والحزب. ويرى أنّه بعد الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل، أصبح كلّ شيء ممكناً، من الانتقام الرمزي إلى قصف منشأة نووية، محذّراً من أنّ هذه هي اللحظة الأكثر خطورة في الشرق الأوسط الحديث.
يرى توماس فريدمان في مقالته في “نيويورك تايمز” أنّ إطلاق إيران الصواريخ على إسرائيل يوم الثلاثاء ردّاً على قتل إسرائيل لزعيم الحزب حسن نصرالله وقائد فيلق القدس بالغ الأهمية ويؤكّد مدى انخراط الإيرانيين مع الحزب حرفيّاً على الأرض. كان هذا انتقامهم وكان الأمر متوقّعاً تماماً. وقعت بعض الأضرار وربّما بعض الإصابات.. لكنّه أدّى إلى اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي لتقرير هل يجب على إسرائيل أن تتّخذ أيّ إجراء انتقامي.
ردّ رمزيّ لإسرائيل
يتوقّع فريدمان أن يراوح الإجراء الانتقامي الإسرائيلي بين انتقام رمزي آخر، كما فعلت بعد هجوم الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية في 13 نيسان، وبين احتمال وإمكانية الشراكة مع الولايات المتحدة في شنّ هجوم إسرائيلي أو هجوم أميركي إسرائيلي على المنشأة النووية الإيرانية، كاشفاً أنّ إسرائيل كانت تعلم أنّ الهجوم الإيراني عليها وشيك، ويقول إنّ مصادر إسرائيلية أبلغته بذلك استناداً إلى مصادر استخبارية إسرائيلية.
يرجع سبب إبلاغه بهذه المعلومات إلى أنّهم “أرادوا أن يروا ذلك في صحيفة نيويورك تايمز لأنّهم أرادوا أن يطّلع الإيرانيون على ذلك. وكانوا يأملون أن يردعهم ذلك عن القيام بالهجوم”. ويوضح استناداً إلى مصادره أنّ هذا الهجوم شنّه الحرس الثوري الإيراني، وليس الجيش الإيراني الرسمي، وأنّ الرئيس الإيراني، الذي يعتبر معتدلاً في هذا السياق، لم يعلم بالأمر إلا قبل ساعة من الهجوم.
يعتبر المحلّل والكاتب السياسي توماس فريدمان أنّه تمّ تجاوز العديد من الخطوط الحمر في الصراع المتنامي بين إسرائيل وإيران والحزب
بالتالي، بحسب فريدمان، “بات من الواضح مع كلّ هذه الاختراقات التي قامت بها إسرائيل لإيران وحليفها بالوكالة، الحزب في لبنان، أنّ المسؤولين الإيرانيين الآن لا بدّ أنّهم يواجهون صعوبة بالغة في ثقة بعضهم بالبعض الآخر لأنّهم لا يعرفون من يعمل لمصلحة الإسرائيليين ومن لا يعمل بعدما تبيّن أنّ نظامهم مخترق إلى هذا الحدّ. ولا بدّ أنّ هذا يتسبّب في تعقيدات. والمخاطر هنا لا يمكن أن تكون أعلى من ذلك”.
الحرب الصّاروخيّة قادمة
يتوقّع فريدمان أنّ “احتمال اندلاع حرب صاروخية بين قوّتين عظميين. وفي الوقت نفسه، تمتلك إحدى هذه القوى، إسرائيل، سلاحاً نووياً بالفعل، وإيران على وشك الحصول عليه. لذا الأمر لا يمكن أن يكون أكثر خطورة من ذلك”.
لكن في الوقت نفسه، تبدو هذه اللحظة مرنة بشكل لا يصدّق، وربّما تكون الأكثر مرونة منذ حرب الخليج عام 1991، التي أدّت بعد ذلك إلى اتفاقيات أوسلو، حيث من الممكن، من خلال الدبلوماسية المناسبة، جنباً إلى جنب مع العمل العسكري، أن نحصل على فرصة حقيقية في المنطقة هنا.
يعتقد فريدمان أنّه “إذا قرّرت إسرائيل الردّ من دون مساعدة أميركية فقد لا تكون لديها كلّ القنابل التي تحتاج إليها للقيام بذلك، فيجب أن تكون أيّ مبادرة أميركية مبادرة عسكرية تجاه إيران مصحوبة باعتراف إدارة بايدن بالسلطة الفلسطينية كدولة فلسطينية وتوضيح أنّه إذا كنّا نسعى إلى تقليص الإمكانات العسكرية الإيرانية فليس لجعل العالم أكثر أماناً للمستوطنات الإسرائيلية وحكومة بيبي نتنياهو المتطرّفة، بل لفعل العكس تماماً بتمهيد الطريق لحلّ إقليمي أوسع”.
يتوقّع فريدمان أنّ “احتمال اندلاع حرب صاروخية بين قوّتين عظميين. وفي الوقت نفسه، تمتلك إحدى هذه القوى، إسرائيل، سلاحاً نووياً بالفعل
يختم فريدمان مقالته قائلاً: “إنّه التحذير الأحمر في الشرق الأوسط، لأنّ ما رأيناه منذ 7 أكتوبر، مع اقترابنا من الذكرى السنوية الأولى، هو أنّ هناك من يتجاوز الخطوط الحمر في جميع الاتجاهات. المستوطنون الإسرائيليون يتجاوزون الخطوط الحمر في الضفة الغربية. حماس تجاوزت خطّاً أحمر رهيباً، بهجومها الوحشي على إسرائيل في السابع من أكتوبر. إسرائيل قتلت 40 ألف ضحيّة من المدنيين والجنود الفلسطينيين. هذا عدد كبير من الناس، وتدمير ربّما 70 في المئة من إجمالي المساكن في غزة. هذا غير مسبوق. ثمّ الهجوم بأجهزة البيجر الذي شنّته إسرائيل على الحزب وقتل زعيمه.
إقرأ أيضاً: جاريد كوشنر: إيران لم تخسر أبداً أي مفاوضات..
لم أكن أتصوّر أبداً أنّ إسرائيل ستتجاوز هذا الخط الأحمر. وفي الوقت نفسه، دخل الحزب الحرب إلى جانب حماس وأفرغ شمال إسرائيل من سكانه، وأجبر 60 ألفاً إلى 70 ألف إسرائيلي على مغادرة منازلهم لمدّة عام. وأخيراً، هذا النوع من تبادل الصواريخ بين إسرائيل وإيران. عندما تبدأ في تجاوز كلّ هذه الخطوط الحمر، فإنّك تعتاد ذلك نوعاً ما. وفي نهاية المطاف، لن يعود من خطوط حمر أخرى. وعندما يحدث ذلك، عليك أن تكون حذراً”.
لقراءة النض الأصلي: إضغط هنا