غزّة: ناخب أساسيّ في الأردن.. ومهمّ في أميركا

2024-09-16

غزّة: ناخب أساسيّ في الأردن.. ومهمّ في أميركا

تقدّمت جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات النيابية الأردنية على كلّ قوائم الأحزاب التي شاركت في انتخابات البرلمان العشرين. وإلى جانب اعتبارات تنظيمية، تميّزت بها الجبهة (الإخوان المسلمين) من خلال نفوذها التاريخي في المملكة، وتحالف الجماعة مع النظام في العديد من التحدّيات التي واجهها، إلا أنّ التقدّم هذه المرّة يعزى إلى الدور النشط والمواظب الذي أدّته الجبهة في دعم غزة ومقاومتها، وهو ما جعلها الطليعة المنظّمة في هذا المجال.

يتميّز الأردن بإجماع شعبي ورسمي ظهر جليّاً في الموقف من الحرب على غزة وامتدادها إلى الضفة. فالأردن كلّه بمن فيه من قطاعات شعبية واجتهادات سياسية، ينظر للحرب ليس على أنّها تشتعل وراء حدوده، بل كما هي بالفعل تشكّل تهديداً مباشراً للدولة والشعب والنظام والمجتمع.

تقدّمت جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات النيابية الأردنية على كلّ قوائم الأحزاب التي شاركت في انتخابات البرلمان العشرين

وكون “الإخوان المسلمين” هم الحزب الأكثر تجذّراً في الأردن، والأقوى تنظيماً من الأحزاب الأخرى، فقد تصدّر الفعّاليات الشعبية، واستطاع الاستفادة من الحالة لتطوير حضوره في البرلمان الذي هو أحد أسس النظام السياسي الملكي الدستوري في الأردن.

هذا على صعيد الانتخابات التي تمّت وعرفنا نتائجها النهائية. أمّا على صعيد الانتخابات التي ستتمّ بعد شهرين، أي الأميركية، فقد أثبتت حرب غزة كعنوان للقضية الفلسطينية حضوراً قويّاً لم يقتصر على التظاهرات التضامنيّة التي اجتاحت الولايات الأميركية بل وصلت إلى داخل المؤسّسات الرئيسية وأهمّها الكونغرس، حيث شوهدت لأوّل مرّة مقاعد خالية أثناء خطاب بنيامين نتنياهو الأخير أمامه، وسمعت أصوات صريحة تدعو إلى توازن في مواقف الإدارة تجاه الحرب على غزة.

صحيح أنّ الأمر لم يصل حدّ التأثير الجوهري المباشر في سياسة وسلوك الإدارة الديمقراطية تجاه الحرب وتطوّراتها… إلا أنّ حضور غزة – فلسطين في الرأي العامّ الأميركي لدرجة الاستعانة بها في المناظرات التي جرت بين المتنافسين الرئاسيَّين، يعتبر بكلّ المقاييس تطوّراً نوعياً لمكانة القضية الفلسطينية وحقوق شعبها في عقر دار الحاضنة الأولى وربّما الأخيرة لإسرائيل واحتلالها واستيطانها وحروبها.

يتميّز الأردن بإجماع شعبي ورسمي ظهر جليّاً في الموقف من الحرب على غزة وامتدادها إلى الضفة

أصوات المسلمين بين ترامب وهاريس

يجري الآن صراع واضح بين من ينشد أصوات اليهود الداعمين لإسرائيل مهما فعلت، وبين من ينشد أصوات العرب والمسلمين في انتخابات سيفعل فيها الصوت فعله في الحسم. وفي كلتا الحالتين، “المع والضد”، فإنّ غزة هي بطلة المشهد في هذا الجانب من الحملات.

الانتخابات “الأردنية” التي تمّت تصلح لأن تكون مؤشّراً دقيقاً إلى الحاضنة الشعبية التي تتّحد فيها كلّ الجماهير العربية من أقصى الوطن الكبير إلى أقصاه. فما من انتخابات ستتمّ على مستوى البرلمانات، وما دون ذلك من مؤسّسات، إلا وستكون القضية الفلسطينية حاضرة كناخب أساسي. وهذا تطوّر إيجابي يستحقّ البناء عليه بعدما كانت القضية في زمنٍ مضى مجرّد مطيّة للانقلابات العسكرية وغطاءٍ للتقصير الظاهر في العمل الجدّي لنصرتها.

إقرأ أيضاً: انتخابات الأردن: الاقتراع على إيقاع “الطوفان”

ملاحظة أخيرة لا بدّ منها..

الانتخابات الأردنية وإن كانت جبهة العمل الإسلامي هي المتفوّقة فيها على كلّ الأحزاب، إلا أنّ جميع النواب الذين فازوا والمرشّحين الذين لم يفوزوا لم تغادر غزة بياناتهم وبرامجهم ووعودهم. وهذا هو الزاد الأهمّ الذي تتغذّى عليه القضية الفلسطينية لتتكرّس وتتقدّم.

مواضيع ذات صلة

لبنان ضحيّة المفهوم الخاطئ للانتصار!

يُخشى تحوّل لبنان ضحيّة أخرى للمفهوم الخاطئ للانتصار، وهو مفهوم رائج لدى قسم كبير من الأنظمة السياسية في المنطقة. ليس مفهوماً إلى الآن كيف يمكن…

“علوّ اليهود في الأرض”.. كيف نواجهه؟

“إعصار البايجر” هو النقطة الفاصلة في هذه الحرب، الإسنادية في شكلها، الاستنزافية في جوهرها. هو ليس تفصيلاً بسيطاً، بل رأس الجبل من تجويف خطير لخطاب…

بزشكيان ابن مهاباد يفعّل كرديّته في العراق !

لا تطلب إيران المساعدة من أحد لمعالجة مشاكلها الداخلية والخارجية، لكنّها لا تتردّد في فرض خدماتها على الآخرين في الإقليم.   قرار الرئيس الإيراني مسعود…

نكسة لبنان الرقمية

هل يمكن، بالمعنى العسكري، إلحاق الهزيمة بإسرائيل، من طرف “حزب الله”، أو حتى الأم الراعية، إيران، ناهيك، حتى لا ندخل في دائرة المزح، من طرف…