استنفار كويتيّ – خليجيّ تحسّباً للحريق الإقليميّ

2024-08-10

استنفار كويتيّ – خليجيّ تحسّباً للحريق الإقليميّ

كحال الدول الأخرى الواقعة علىخطّ النار”، تتابع الكويت التطوّرات المتسارعة في المنطقة وتتحسّب لما هو أسوأ، من خلال تدابير احترازية داخلية، وتكثيف الاتّصالات والتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي من جهة، وتعزيز التواصل مع الولايات المتحدة على المستويين السياسي والعسكري من جهة ثانية.

اللافت أنّه منذ 20 تموز الماضي، تكثّفت اللقاءات والمحادثات العسكرية الكويتيةالأميركية مع تحرّكات وجولات تفقّدية لرئيس الأركان، وصولاً إلى إعلان الحكومة الكويتية الثلاثاء الماضي اتّخاذتدابير احترازية لمواجهة كلّ الاحتمالات على الصعيدين العسكري والأمنيّ“.

 

تشير تقارير متقاطعة غير رسمية إلى أنّ الكويت مُنخرطة في جهود مشتركة مع دول الخليج، بالتنسيق مع دول عربية وغربية، لمواجهة المستجدّات والتطوّرات المتسارعة، التي يمكن أن تتحوّل فجأة إلى “حريق إقليمي”، سواء بسبب الردّ الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، أو ردّ الحزب على اغتيال القيادي فؤاد شكر، وما يمكن أن يستتبع الردّان من ردود إسرائيلية قد تدفع المنطقة إلى منزلقات حرب واسعة النطاق.

إجراءات احترازيّة

أوقفت الخطوط الجوّية الكويتية رحلاتها إلى بيروت منذ الأحد الماضي بعد أيام من دعوة الكويت رعاياها إلى مغادرة لبنان، وفي يوم الثلاثاء الماضي اجتمعت الحكومة الكويتية وتابعت “الظروف والأحداث المحيطة في ظلّ التطوّرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة”، واستمعت خلال الاجتماع إلى “شرح قدّمه الوزراء، كلٌّ حسب اختصاصه، حول الاستعدادات التي قامت بها الجهات الحكومية المعنيّة في مجال التدابير الاحترازية لمواجهة كلّ الاحتمالات على الصعيدين العسكري والأمني، وكلّ ما يتّصل بتوفير الخدمات الأساسية، وتوفير جميع الاحتياجات والموادّ، وتسهيل سير الأعمال والخدمات والحفاظ على مصالح المواطنين والمقيمين”. وأكّدت الحكومة “ضرورة التعامل مع كلّ ما من شأنه حفظ الأمن والاستقرار في البلاد”.

يُدرك جيّداً المتابع للشأن الكويتي أنّ هذه اللقاءات والمحادثات خلال فترة 18 يوماً ليست اعتيادية، وإنّما تعبّر عن حال من التأهّب والاستنفار

تسارع الاتّصالات

على المستوى الدبلوماسي، تعزّزت الاتّصالات بين الكويت وسلطنة عُمان التي تلعب دوراً حيويّاً في الوساطة من أجل التهدئة بالمنطقة، مع إجراء وزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا اتّصالاً بنظيره العماني بدر البوسعيدي الأحد الماضي، وتلاه بعد ساعات لقاء للوزير أيضاً مع سفير عُمان لدى الكويت صالح الخروصي.

لم يُكشف رسمياً عن مضمون المحادثات، لكن بدا جليّاً أنّ الكويت تتحسّب لكلّ الاحتمالات وتسعى إلى استكشاف المآلات المحتملة، مع تفعيل الخطط وتسريع الاستعدادات لمواجهة أيّ طارئ.

في هذا السياق، جاء اللقاء الذي جمع رئيس أركان الجيش الكويتي الفريق بندر المزين مع رئيس مركز مجلس التعاون لإدارة حالات الطوارئ في الأمانة العامّة لمجلس التعاون العميد راشد المري، الثلاثاء الماضي أيضاً قبل ساعات من اجتماع الحكومة، وهو اليوم نفسه الذي شهد لقاء بين آمر سلاح الدفاع الجوّي اللواء الركن خالد سعد مع قائد مجموعة الدعم بالمنطقة العقيد الأميركي بيلي ريستريبو.

حركة غير اعتياديّة

ما بين السياسي والعسكري، والمعلن وغير المعلن، تنوّعت اللقاءات والاتصالات في حركة غير اعتيادية وبشكل مكثّف في الفترة الأخيرة:

– مساء السبت الماضي تفقّد رئيس الأركان عدداً من المواقع التابعة لسلاح الدفاع الجوّي، وأكّد “ضرورة المحافظة على أعلى درجات الاستعداد واليقظة، وأهميّة مواصلة العمل الجادّ للحفاظ على أمن وسلامة الوطن”.

الكويت

– في 1 آب، أصدرت رئاسة الأركان بياناً نفت فيه “صحّة الادّعاء باستخدام أراضي وقواعد دولة الكويت كمنطلق لاستهداف دول الجوار”، وأكّدت أنّها “لم ولن تسمح باستخدام أو اختراق أجوائها أو أن تكون أراضيها منطلقاً للاعتداء على أيّ من الدول الشقيقة والصديقة”. وجاء البيان ردّاً على مزاعم مجموعات عراقية مسلّحة بأنّ طائرة مُسيّرة اغتالت إسماعيل هنية في شمال طهران، وأنّها أقلعت من قاعدة في الكويت، وهو ما تبيّن لاحقاً عدم صحّته، لا سيّما بعد تراجع إيران عن سيناريو الضربة الطويلة المدى من خارج الحدود إلى ضربة من الداخل بواسطة مقذوف من مسافة قريبة.

لم يُكشف رسمياً عن مضمون المحادثات، لكن بدا جليّاً أنّ الكويت تتحسّب لكلّ الاحتمالات وتسعى إلى استكشاف المآلات المحتملة

في اليوم نفسه، عُقد لقاء بين آمر القوّة البرّية اللواء الركن خالد زايد مع قائد قوّة “واجب سبارتن” الأميركية اللواء تشارلز كامبر والعميد ستيفن لايتفوت قائد لواء المهامّ الـ51 في المشاة البحرية الأميركية (المارينز).

– في 29 تموز الماضي، تفقّد رئيس الأركان التجارب الميدانية لفريق عمل المنظومات ضدّ الطائرات المُسيّرة. واللافت أنّ جولته كانت مسائية تماماً كجولته في مواقع الدفاع الجوّي.

سبق جولةَ رئيس الأركان اجتماعٌ صباحيٌّ في سلاح الدفاع الجوّي لفريق عمل المنظومات ضدّ الطائرات المُسيّرة بمشاركة الجيش ووزارة الداخلية والحرس الوطني، “لمناقشة أطر التنسيق والتعاون وآليّة العمل، والبدء بالتجارب الميدانية”.

في اليوم نفسه، التقى وزير الدفاع فهد اليوسف السفيرة الأميركية كارين ساساهارا، وبحثا “سبل تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين الصديقين”، كما تمّ استعراض آخر التطوّرات والمستجدّات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية.

بعدها استقبل آمر القوّة البرّية اللواء الركن خالد زايد قائد قوّة “واجب سبارتن” الأميركية اللواء تشارلز كامبر.

في اليوم نفسه، جرت مراسم تغيير القيادة العسكرية في مجموعة دعم المنطقة في معسكرَي “عريفجان” و”بيورينغ”، حيث ينتشر “أكثر من 12 ألف عسكري أميركي”، بحسب تصريحات لقائد مجموعة الدعم في الكويت العقيد مارتن ولجيمث في 27 أيار 2023.

– في 20 تموز تفقّد رئيس الأركان عدداً من الوحدات والمواقع العسكرية، وأكّد “ضرورة المحافظة على أعلى درجات الاستعداد القتالي واليقظة العالية”.

إقرأ أيضاً: الكويت والعراق.. معالجة باردة للملفّات السّاخنة

مواكبة واستعدادات

يُدرك جيّداً المتابع للشأن الكويتي أنّ هذه اللقاءات والمحادثات خلال فترة 18 يوماً ليست اعتيادية، وإنّما تعبّر عن حال من التأهّب والاستنفار، ربطاً بالأوضاع المشتعلة في المنطقة، وتشي بأنّ هناك تنسيقاً خليجياً عالي المستوى، غالبيّته وراء الكواليس، بهدف العمل على احتواء أيّ تصعيد مُحتمل قبل وقوعه، والتعامل معه في حال تدهور الأوضاع وعدم نجاح الاتصالات الدبلوماسية المكثّفة في لجم الاندفاعة نحو منزلقات تهدّد استقرار المنطقة برمّتها.

مواضيع ذات صلة

شهران صعبان: أرض محروقة وتصعيد في العمليات

تجمع مصادر متعدّدة أميركية وقريبة من محور المقاومة على أنّ الفترة المقبلة، خصوصاً الشهرين من منتصف أيلول حتى منتصف تشرين الثاني المقبل، ستشهد تصعيداً كبيراً…

“تهريبة” تعليم السّوريّين: هل تتراجع الحكومة عن قرارها؟

عاصفة من الردود أثارها التعميم الصادر عن المديرة العامّة بالتكليف للتعليم المهني والتقني هنادي برّي والذي يسمح للطلّاب السوريين غير الحاملين بطاقة إقامة قانونية أو…

ترهيب الموسوي.. بعد ترغيب فيّاض وفضل الله

بمعزل عن سياقها، حملت تلك العبارات التي قالها مسؤول ملفّ الموارد والحدود في الحزب، النائب السابق السيّد نواف الموسوي، بُعداً تهديدياً واستفزازياً. وكانت عرضة للتأويل…

اختتام “قمّة الـAI العالميّة”: السّعوديّة تقود المستقبل الرّقميّ

اختتمت في 12 أيلول الجاري “القمّة العالمية للذكاء الاصطناعي 2024” في العاصمة السعودية الرياض، بحضور عالمي لا مثيل له، حيث بلغ عدد الذين تسجّلوا لحضور…