عندما ابتسمت ميلاني ترامب

2024-07-22

عندما ابتسمت ميلاني ترامب

“في ميلووكي في الليلة الأخيرة من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، اختارت ميلاني ترامب السيّدة الأولى السابقة عدم التحدّث. ارتدت بدلة حمراء زاهية من ديور، مصمّمة بدقّة. أضاءت شعرها الطويل ومضات ذهبية. وقفت إلى جانب زوجها ولوّحت للجمهور المبتهج دوماً وعلى وجهها ابتسامة متدرّجة. وكان ذلك كافياً للجمهور، في الوقت الراهن، وربّما في المستقبل“، بحسب روبن غيفان، وهي من كبار نقّاد “الواشنطن بوست” في السياسة والفنون.

 

تعتقد غيفان أنّ “رفض ميلاني ترامب لعب دور الزوجة التي تدعم زوجها المرشّح بشدّة، والتي تلجأ إلى الميكروفونات لتروي قصصاً دافئة عن حياته الأسريّة، ونقاط ضعفه وغرابة أطواره، سيسمح لزوجات السياسيين الآخرين برفض هذا الدور إذا أردن. ولكنّ الأهمّ من ذلك أنّه ربّما سيسمح للجمهور، أي الناخبين، بالتوقّف عن التفكير في أنّ العلاقة بين الأشخاص الذين يعيشون معاً ويحبّ بعضهم بعضاً (أو لا يحبّون) تنعكس على العلاقة بين المرشّح وناخبيه، بين المرشّح وغروره، بين المرشّح وطموحه”.

ماذا كانت لتقول؟

تتساءل غيفان: “ما الذي كان من الممكن أن تقوله ميلاني ترامب عن الرجل الذي خدم بالفعل لفترة ولاية واحدة في البيت الأبيض، وهو الآن في خضمّ حملته الرئاسية الثالثة، والذي سجّل رقماً قياسياً من التقلّبات الطويلة بخطابه الذي استمرّ 90 دقيقة بقبول هذا الترشيح؟ ماذا يمكنها أن تقول في أعقاب محاولة اغتيال زوجها غير ما قد قالته في بيان مكتوب مطوّل على وسائل التواصل الاجتماعي؟ ماذا يمكنها أن تقول لأولئك الذين يجدون ترامب فظّاً ونرجسياً لإقناعهم بأنّهم لا ينبغي أن يصدّقوا عيونهم وآذانهم؟ وما الذي يمكن أن تضيفه أكثر لتعزيز مكانته الإلهية بين مساعديه؟”.

تاريخياً، قامت الزوجات السياسيّات بتضليل الناخبين بالكلمات. جهدن لتجميل الظروف الصعبة. وكنّ بمنزلة عوامل تمكين

تشير غيفان إلى أنّه على الرغم ممّا قالته “حفيدة ترامب أمام حشد المؤتمر من أنّه كان الجدّ الذي يتّصل بها في المدرسة للدردشة والذي كان يعطيها الحلوى على الرغم من معارضة والديها، فإنّ هذه الحرارة الشخصية لا تغيّر حقيقة أنّ دونالد جي ترامب، كما أصرّ متحدّثو المؤتمر على مناداته، يصف المهاجرين واللاجئين بالقاتلين والهاربين من المصحّات العقلية، وأنّه أيضاً رجل يشوّه سمعة النساء ويعتدي عليهنّ. فكلّ هذه الأشياء صحيحة كما الأخرى”.

في رأي غيفان، “أوضحت ميلانيا ترامب أنّها لم تكن السبيل أمام الجمهور لفهم تطلّعات زوجها ومخاوفه. قد تعرف هذه التطلّعات والمخاوف عن كثب، لكنّها ليست مترجماً أو رسولاً لأيّ شخص. وربّما تكون هذه حكمة مفيدة لأوشا فانس، التي تحدّثت عن زوجها، السناتور جي دي فانس (جمهوري من أوهايو)، قبل أن يقبل تعيين ترامب نائباً له في الانتخابات. محامية بارعة. دخلت المسرح مرتدية فستاناً أزرق وحذاء بكعب عالٍ. هادئة. تحدّثت ببطء وهدوء على الرغم من أنّها كانت متوتّرة قليلاً. أعربت عن إعجابها بزوجها وأشارت إلى أنّ لحيته قد لا تكون السمة المفضّلة لديها. وتذكّرت فضوله وقبوله لاختلافاتهما عندما أصبحا صديقين. في ذكرياتها عن الوقت الذي قضياه معاً في كلّية الحقوق بجامعة ييل، بدا وكأنّه رجل لطيف لا يصدر أحكاماً. بينما هو اليوم يصف النساء اللاتي يسعين إلى الإجهاض بأنّهن قاتلات”.

ما الذي كان من الممكن أن تقوله ميلاني عن الرجل الذي خدم بالفعل لفترة ولاية واحدة في البيت الأبيض، وهو الآن في خضمّ حملته الرئاسية الثالثة

الصمت خير قرار

بالنسبة لغيفان، “نَحّتْ ميلاني ترامب نفسها عن المرافعة عن قضيّة زوجها، وكذلك قضيّة الناخبين. ولا يبدو أنّها مشاركة غير راغبة في طموحات ترامب السياسية بقدر ما تبدو غير مهتمّة. هو تحدّث عنها بحماسة في خطابه: “يشرّفني بشدّة أن تنضمّ إليّ زوجتي الرائعة ميلانيا”. لكنّها لم تتحدّث عنه بحماسة في رسالتها. فما الذي كان سيحقّقه قيامها بذلك؟ فناخبو ترامب الذين يزعمون عدم الارتياح لخطابه أو لديهم قلق بشأن المدى الذي سيذهب إليه إلى اليمين أو مدى طموحه إلى أن يصبح ديكتاتوراً، هل ليوم واحد فقط؟ أم اثنين؟ أم أربع سنوات؟ لا يتطلّعون إلى ميلاني ترامب للحصول على إجابات أو أدلّة. عندما تكون حاضرة، فهي جزء من اللوحة. هي الزهور على خشبة المسرح”.

إقرأ أيضاً: ثلاث نساء قد يغيّرن سياسات أوروبا

تخلص إلى القول: “تاريخياً، قامت الزوجات السياسيّات بتضليل الناخبين بالكلمات. جهدن لتجميل الظروف الصعبة. وكنّ بمنزلة عوامل تمكين. وتشكّل ميلانيا ترامب تذكيراً بأنّ الناخبين نادراً ما يُحرمون من المعلومات الحيوية لأنّ زوجة المرشّح تنسحب ببساطة، لأنّها ترفض التحدّث نيابة عن الباحث عن المنصب. أخبرت جيل بايدن الناخبين أنّ الرئيس قويّ وقادر كما كان في أيّ وقت مضى، بينما عيون الناخبين وآذانهم تقول لهم العكس تماماً. يجادل البعض بأنّ زوجة المرشّح هي الشخص الذي يعرفه بشكل أفضل. ولكن في كثير من الأحيان تكون رؤية الزوجة مشوّشة بسبب الوقت والألفة والعاطفة. في بعض الأحيان، الصورة الأكثر كشفاً ووضوحاً هي تلك التي يتمّ التقاطها من مسافة بعيدة، وهي صورة مليئة بالسياق والفوضى وواضحة للحياة اليومية. ربّما يكون الشيء الأكثر بلاغة وصدقاً الذي يجب أن تفعله الزوجة هو التزام الصمت، والسماح لكلمات المرشّح وصوره بإخبار الناخبين بكلّ ما يحتاجون إلى معرفته..”.

 

لقراءة النض الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…

ماذا تفعل إسرائيل في قلب آسيا الوسطى؟

بينما تتّجه الأنظار إلى الحرب الإسرائيلية ضدّ غزة ولبنان وتتفاقم المخاوف من حرب أوسع نطاقاً تشمل إيران والولايات المتحدة الأميركية، تبرز القوقاز وآسيا الوسطى كساحة…

إسرائيل وأخطاؤها الخمسة.. الطريق نحو الهاوية

“إسرائيل في ورطة خطيرة. مواطنوها منقسمون بشدّة، وهي غارقة في حرب لا يمكن الفوز بها في غزة. جيشها منهك وكذلك اقتصادها ولا تزال الحرب الأوسع…

هل من نهاية للصّراع الإسرائيليّ مع الحزب؟

سيظلّ الحزب يشكّل تهديداً لإسرائيل حتى بعد الحرب المحتملة، بحسب دانييل بايمان أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والأستاذ في كلّية الخدمة الخارجية…