الحزب من “الجبهة” إلى الرّئاسة: انتظرونا!

مدة القراءة 5 د

الفرصة التي أتيحت للنائب في كتلة الوفاء للمقاومة إبراهيم الموسوي للظهور على محطة CNN الأميركية وسرد رؤية الحزب لمسار الحرب في غزة وجنوب لبنان قد تتقدّم برمزيّتها “الشكليّة” على الإطلالة الأخيرة للأمين العام للحزب، إذ طرح المعادلة الأوضح للمقاومة في ظلّ التهديدات الإسرائيلية بالحرب: “لسنا على وشك اندلاع أيّ نوع من الحرب الشاملة والحرب المفتوحة. لا يريد الإسرائيليون ذلك، ولا يريد اللبنانيون ذلك. حتى القوى الإقليمية والدولية لا تريد ذلك”. لكن مع لازمة: “أيّ نوع من المغامرات الإسرائيلية سيكون مكلفاً للعدوّ، وترسانتنا جاهزة لكلّ الاحتمالات“.

 

أكثر من مرجعية رسمية وسياسية في لبنان باتت متيقّنة من ابتعاد شبح الحرب الكبرى مع تقدّم المفاوضات حول مصير غزة على خطّ واشنطن-الدوحة-القاهرة. يردّد مرجع رسمي كبير أمام زوّاره: “التسوية آتية حتماً والمسألة مسألة وقت فقط وربّما لا تتعدّى نهاية الصيف”.

الرئاسة أحد استثمارات الحزب

قد يُفسّر ذلك زحمة الحراك الداخلي تحت سقف مبادرات لم تُنتِج طحيناً رئاسياً بعد. حتى اللحظة لم يكشف الحزب ورقته السياسية في ما يخصّ الترتيبات الأمنيّة في جنوب لبنان ولا في ما يتعلّق بالتسوية الرئاسية التي يؤكّد العارفون، على الرغم من نفي الحزب، أنّها لن تكون سوى أحد “استثمارات” المقاومة في الداخل بعد وقف تشغيل ترسانة الحزب العسكرية.

قرار الحزب المُعلن بإقفال جبهة الجنوب لحظة وقف إطلاق النار “من دون نقاش”، كما قال السيّد نصرالله، شيء وتقرير مصير “جبهة الجنوب” في زمن التسوية والعودة إلى الانخراط في الشأن الداخلي شيء آخر.

ثمّة من يؤكّد أنّ خيار الحزب بالوقف التلقائي لإطلاق الصواريخ والمسيّرات من جنوب لبنان فور وقف إطلاق النار في غزة قد يعني تشدّداً في فرض شروطه لاحقاً كي يبقى ورقة عاصية على التفاوض حول الترتيبات الحدودية وفي الداخل.

حتى الآن يمكن التسليم بأنّ ما نجح دعاة انتخاب رئيس الجمهورية في فعله هو تكريس “الحوار حول الفراغ” والحزب يتفرّج

في هذا السياق برزت في خطاب السيّد الأخير مفارقة لافتة حين قال: “إذا حصل وقف إطلاق نار، جبهتنا ستوقف إطلاق النار بلا نقاش بمعزل عن أيّ اتفاق أو آليات أو مفاوضات أو أيّ شيء. هذا هو التزامنا، لماذا؟ لأنّها جبهة إسناد”، مضيفاً: “لكن ما الذي سنقوم به؟ كيف نُكمّل وكيف نعمل؟ هذا يأتي الحديث عنه لاحقاً”.

تكتمل الصورة أكثر مع قول نصرالله: “هل إبعاد الحزب ثمانية كلم أو عشرة كلم من شأنه أن يحلّ المشكلة التي يتحدّث عنها “الإسرائيلي”؟ هذا لا يحلّ المشكلة، هو في مأزق وليست لديه خيارات في الجبهة اللبنانية”.

الحزب

إذاً يُشكّل موقف الحزب لاحقاً المفتاح الأساس لأيّ خارطة طريق للحلّ الرئاسي الذي يبدأ أصلاً من “الجبهة” العسكرية. وهو الحلّ الذي يجزم أحد سفراء اللجنة الخماسية “أنّنا لا نتدخّل بتفاصيله إطلاقاً بل نحثّ دوماً على البدء بتحديد ورسم إطاره والالتزام به بمعزل عن الضغوط الدولية”.

حتى الآن يمكن التسليم بأنّ ما نجح دعاة انتخاب رئيس الجمهورية في فعله هو تكريس “الحوار حول الفراغ” والحزب يتفرّج. حتّى “نَفَس الاعتدال” لم يجد مكاناً له على طاولة القبول بمبدأ الحوار، و”بَرمة” نواب المعارضة حالياً قد تستثني نواب الحزب، فيما تفيد المعلومات عن لقاء محتمل بين وفد المعارضة والرئيس نبيه بري، وهو ما قد يشكّل إشارة إيجابية لا تشجّع القوات عليها.

كيف يمسك جبران العصا؟

تكرّست الاصطفافات في متن المبادرة الأخيرة لقوى المعارضة التي قرّبت مجدّداً النائب جبران باسيل من خيار الانضمام مجدّداً إلى معسكر التوافق مع أخصام الثنائي الشيعي في حال عدم كسر حالة المراوحة، وذلك بعد إعلان التيار “تجاوبه مع ما تمّ عرضه من اقتراحين من قبل نواب المعارضة في سبيل التشاور لانتخاب الرئيس”. والأهمّ أنّ باسيل لم يقف ضدّ مبادرة المعارضة بالحدّة نفسها التي انتهجها برّي والحزب الاشتراكي.

ثمّة من يؤكّد أنّ خيار الحزب بالوقف التلقائي لإطلاق الصواريخ والمسيّرات من جنوب لبنان فور وقف إطلاق النار في غزة قد يعني تشدّداً في فرض شروطه

تجزم أوساط التيار الوطني الحر لـ “أساس” أنّ “رئيس التيار حتى الآن مصرّ على إمساك العصا من النصف في محاولة لجذب المعارضين إلى ملعب الحوار والتشاور من دون تكريسهما كعرف. لكن في نهاية المطاف لا بدّ من موقف حاسم إذا طالت الأزمة”. هنا تتردّد معلومات عن محاولة باسيل خلق الفرصة الملائمة لطرح اسم أو أكثر للرئاسة يطوي من خلاله تجربة جهاد أزعور ولا يستفزّ “حليفه” الجديد نبيه بري.

أكثر من ذلك، واقعيّة “التيار” قد تدفعه إلى عدم الذهاب بعيداً بأيّ وعد مع المعارضة راهناً بعد وقوف الرئيس بري والحزب ووليد جنبلاط وباقي نواب المعارضة والمستقلّين بوضوح ضدّ المبادرة الأخيرة التي طُبِخت في معراب. كما أنّ باسيل نفسه يرفض بالمطلق منح سمير جعجع امتياز إنجاح مبادرة يدرك رئيس التيار مسبقاً أنّ مصيرها الفشل.

إقرأ أيضاً: ما هو موقف الحزب من “أزمة الحربيّة”؟

الواقعية الكبرى ستفرض، وفق مصدر سياسي، على باسيل عدم التفريط بورقة تقاربه المستجدّ مع الرئيس برّي ومحاولة الإبقاء على جسور تواصل متينة مع حليفه الحزب، ولذلك تنقسم الآراء حول احتمال توفير باسيل غطاء لترشيح يقلب صفحة جهاد أزعور ويضع الثنائي مجدّداً أمام ترشيح معارض جديد من ضمن معسكره.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@MalakAkil

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…